دراسات

حول تأثر السيد محمد باقر الصدر بجماعة الإخوان المسلمين/ 1

1701 2023-08-20

د. علي المؤمن ||

 

    اطّلعت على رأي للأخ الشيخ حيدر حب الله، يصف فيه آية الله السيد محمد باقر الصدر بأنّه كان متأثراً بجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير، واستغربت جداً أن يستسهل الشيخ حب الله تكرار مثل هذا الافتراء، وكأنّه من المسلمات التي لا تحتاج إلى دليل وقرينة. وربما ليس هناك من تفسير لهذا الاستسهال، سوى تأثّر الشيخ حيدر بمرسلات الشيخ علي الكوراني وتحليلاته الشخصانية التي يتفرد بها، وهو الذي يتّهم أُستاذه الشهيد الصدر بالفكر الالتقاطي، والمعرفة المشوّهة بالتشيع، وبأنّه كان متأثراً بالمناهج السنية في قراءة التاريخ وفهم حركة أئمة آل البيت، كما يتّهمه بالتأثر بأفكار جماعة الإخوان المسلمين.

    وإذا كانت مقولات الشيخ علي الكوراني قد لقيت ترحيباً من خصوم السيد محمد باقر الصدر وخصوم حركة الوعي والتجديد والإصلاح الإسلامي الشيعي المعاصر، كما انطلت على بعض المترددين والبسطاء، فكيف تنطلي على عالم محقق، معروف بالدقة والرصانة الفكرية، كالشيخ حيدر حب الله؟!

    وقد دلتني إلى رأي الشيخ حيدر حب الله، رسالة وصلتني من الأُستاذ حسين رضا، من المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، هذا نصها:

((الدكتور المكرم السيد الفاضل علي المؤمن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..

    تحية عطرة نبعثها إليكم من المنطقة الشرقية، أرض العلّامة الكبير الراحل الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي(رض). وفي هذه العجالة والأسطر الموجزة أبعث إليكم بسؤالي؛ لأنّكم الأجدر والأليق والأئمن على الإجابة، ولأنّك المختص الأقدر والألصق بحزب الدعوة الإسلامية والإمام الشهيد الصدر(قدس).

    والسؤال ليس بغريب ولا هو بالأول مرة يطرح، ولكني أطرحه لغرابة من قائله، ألا وهو الشيخ حيدر حب الله، الذي نسب إلى الإمام الشهيد الصدر التأثر بجماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير، في مقام بيان مفارقة بينه وبين السيد موسى الصدر. وإليكم نص كلامه مع رابطه من موقعه الرسمي، وأملي الكبير أن ألقى الإجابة الوافية منكم، مع إيماني الأكيد بعدم صوابية هذه الدعوى، وأنّها بعيدة كل البعد عن شخصية عملاق ومفكر عميق وفقيه فذ ومبدع خلّاق بحجم الإمام السيد محمد باقر الصدر:

    ((ويقوم مشروع الصدر الثقافي والفكري على مبادئ دينية محدّدة، فلم يتأثر موسى الصدر ـــ خلافاً لابن عمّه الشهيد محمد باقر الصدر ـــ لم يتأثر فيما يبدو بالحركات الإخوانية في مصر أو حزب التحرير في بلاد الشام، ولا بالتيارات الثورية الإسلامية في إيران والعراق، ولم ينادِ بإقامة نظام إسلامي في لبنان، كما لم يكن من ضمن أولوياته تأسيس أحزاب دينية بالمعنى الذي بتنا نعرفه اليوم)).

    ولكم مني جزيل الشكر ووافر الامتنان دكتورنا العزيز  حسين رضا)).

    انتهت رسالة الأُستاذ حسين رضا.

    وقبل الكشف عن تهافت الزعم المذكور، رجائي من الأخ الشيخ حيدر حب الله، وبإلحاح، أن يتحمل مسؤولية رأيه، ويظهر أدلته وقرائنه العلمية على تأثر السيد محمد باقر الصدر بجماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزب التحرير في الشام، وأن لا يكون الردّ عاماً وشكلياً.

    وإلى الأُستاذ حسين رضا والشيخ حيدر حب الله، وعموم المهتمّين والمختصّين، أقول:

    تزامن ظهور شبهة تأثر السيد محمد باقر الصدر وحزب الدعوة الإسلامية بفكر جماعة الإخوان المسلمين، مع الهجمة الشرسة التي قام بها حزب البعث ضد حزب الدعوة خلال الأعوام 1971 و1972 و 1974؛ فكانت أجهزة المخابرات والأمن البعثية تروّج في أوساط المتدينين، وخصوصاً في النجف الأشرف، بأنّ محمد باقر الصدر والمعتقلين والمعدومين هم من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بهدف خلق ردود فعل سلبية من الحوزة العلمية والشارع المتدين ضد خط السيد محمد باقر الصدر، وتسويغ حملات الاعتقال والإعدام والقمع، بل أنّ هذه التهمة هي أساساً من موروثات حزب البعث، قبل أن يصل إلى السلطة ويصطدم بالإسلاميين الشيعة، أي منذ أن اكتشف في أوائل الستينات وجود حراك إسلامي منظم جديد وفاعل في النجف الأشرف يتصدّره السيد محمد باقر الصدر؛ الأمر الذي دفع أحد أقطاب حزب البعث (وهو معمم من النجف) إلى الذهاب إلى المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم، ليحذّره من هذا الحراك الذي يتشبه بالإخوان المسلمين والفكر السني، وأنّه يشكل خطراً على النجف والحوزة. وحينها أجابه السيد الحكيم بلغة الحكمة والفهم العميق: ((وهل أنت أحرص من السيد محمدباقر على الحوزة والنجف؟)). وهو نفس ما قاله المرجع الخوئي لمحرضين آخرين: ((إذا كان السيد محمدباقر الصدر قد أسس حزباً فأنا أول من ينتمي إليه)).

    إلّا أنّ تهمة تأثر الشهيد الصدر وحزب الدعوة بالسنة والإخوان، لم تتوقف عند هذا الزمن والموقف المرجعي الحازم، بل اشتد مع اشتداد حملات القمع والاعتقال والإعدام التي ظل حكم البعث يشنها ضد الإسلاميين الشيعة في سبعينات القرن الماضي. والمفارقة أنّ الشيوعيين في النجف الأشرف حينها، وتحديداً في فترة تحالفهم مع حزب البعث؛ كانوا يشيعون التهمة ذاتها، ويبدون حرصهم على التشيع والحوزة النجفية من الفكر الإخواني الذي يحمله السيد الصدر وحزب الدعوة!!

(للموضوع تتمة)

الواح طينية، الشهيد الصدر، د. علي المؤمن

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك