كندي الزهيري ||
في ضوء ما تشهده العلاقات السياسية من تعقيد، واعتماد الحكومات والدول للإساليب الحديثة ، في مجال الإدارة العامة، وتوافق والإتحاد بين أصحاب النزعة الشمولية ، لإبتلاع المستضعفين، فإن موقع هذه الاستراتيجية يتوضح أكثر فاكثر، ويكتسي أهمية على الرغم من إنتشار عبارات الفكر الاستراتيجي والتخطيط إستراتيجي ، خلال السنوات الأخيرة، لكن المؤسف أن المجتمعات الشرقية والمسلمين، قلما أبدوا إهتمام إتجاه ذلك، في حين أن إتخاذ القرار لتحريك القوى في أي ميدان، وردع الخصوم ومنعه من شن الهجوم في أي ميدان ، رهن أمتلاك استراتيجية وتخطيط عملياتي، بما يتناسب مع تلك استراتيجية، ولذلك فان هذه المجتمعات تغفل في حساباتها في مجالات الٔادارة موقع ومكان الخصم المتربص بها، أو أن تمر عليها مرور الكرام ، يقول "سونو وو" في كتاب (قانون القتال) الذي يعد من أشهر الأعمال الكلاسيكية في مجال استراتيجية (2500 قبل الميلاد)، أن أحد المبادئ الأساسية للحرب " أن لا يجب الرهان على عدم المجيء العدو ، ويمكن الرهان فقط على جهوزيتنا لمواجهة العدو، كما أنه لا يمكن أبدا الرهان على عدم شن العدو هجوماً ، ويمكن فحسب الرهان على قوتنا وجهوزيتنا " . أن حكم البلد ما ؛ هو أكثر تعقيداً وصعوبة ، من القيادة في ساحة القتال العصيبة ، أن التعقيدات والمخاطر الحكم منطقة ما، أصعب بأربعة مرات من قيادة الجيش ما في ساحة القتال ، إن جميع القواعد التي تعتمد في مجال استراتيجية ، والتكتيكات القتالية الميدانية، يمكن إعتمادها واتباعها في مجال الحكم والملك، بل بما أن الحكام يضطرون في المواقع محدودة ، الجوء إلى الحروب وجها لوجه، ويتواجهون في سنوات الحكم في ميادين أخرى سياسية والإقتصادية وغيرها، فإنهم مرغمون على تحديد أنماط الضغينة ، والحقد والعداءات الداخلية والخارجية ، تلك التي تعرض بلادهم للخطر، وأن تم إدراك هذا فان جميع الأشخاص الذين يرتدون في زمن السلم والصلح رداء الملك والحكم، يتحاشون التواجد في ذلك الميدان لأنهم سيلقون بأنفسهم فضلاً عن شعوبهم إلى التهلكة ، بسبب انتقادهم و افتقادهم للكفاءة ، وفي أي ظرف سلم والحرب فان العدو الحقود يسعى من خلال تغيير الأرض وساحة القتال، لإلحاق الصدمة بالطرف الآخر ، وإيقاف وتظليله، وإستنزاف وتقويضه وتدميره، ويستخدم أي وسيلة وحربة، لتحقيق مآربه ، ولهذا السبب فان الحكماء أعتبروا (الحكم والملك ) فرعاً للحكمة ، وأن رداء السياسة والحكمة؛ تناسب أهل الحكمة فحسب. أن الفكر استراتيجية يمنح المسؤولين بأي مستوى و موقع ما، إمكانية التحليل المنتظم وأكتشاف الموقع الحالي الذي يخضع لأمرتهم ، وضبط المسار المستقبلي وتحضير أنفسهم للتحرك ، ولا ننسى بأن حياة في الأرض ليست بمعزل أبدا عن مجموعة من العوامل الرادعة، والمقيدة للحركة ، ويمكن القول إن أي أمر قادر على أن يكون عقبة أمام نفسه ، العقبة التي تحول دون تجربتها للكمالات.
أن النفس الإمارة ، هي مرافقة للإنسان في وقت ذاته، عقبة ومشاكس لا يمكن إنكارها ، في سلوك الطريق، ما عدا ذلك؛ ثم أعداء من الخارج يتهددون الإنسان والمجتمعات البشرية ، لذلك يجب القول إن أي إنسان وأي مسؤول وحاكم، لا بد من أن يجهز نفسه لتواجد فيما لا يقل عن أربعة ميادين، ومواجهته أربع جيوش سنذكرها لاحقاً....
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha