خالد غانم الطائي ||
بينما كُنت جالساً في مكتبتي المتواضعة متصفحاً احد الكتب اقبل الي ابن اخي ( هُشام ) وبعد ان القى السلام وجلس بين يدي قلتُ له : كيف هي همتك في طلب العلم ؟ فأجابني بثقة :
ان همتي عالية ولله الحمد فقلت لهُ : بارك الله فيك ورزقك علماً نافعاً , فقال يا عم : بعد ان تأملنا في آي القران الكريم ارتسمت في ذهني بعض الاسئلة فهلا أجبتني عنها فرددت عليه : على الرحب والسعة , تفضل سل :
قال هُشام : لماذا عبر القرآن الكريم عن النور بصيغة المفرد وعن الظلمات بصيغة الجمع ؟
فالتفت اليه قائلاً : ان النور واحد وهو من الله عز وجل وهو نور مُطلق بينما تتعدد الظلمات لأن منبعها من الشياطين ( شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غروراً ... ) سورة الانعام الآية 112 قال تبارك اسمهُ ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ) سورة البقرة الآية 257 .
هُشام :طيب يا عم ولماذا جاء التعبير القرآني المبارك عن السمع بالأفراد وعن الابصار بالجمع وكذلك تقدم السمع على الابصار ؟
فأجبته : انهُ سؤال لطيف , اعلم يا عزيزي ان السمع واحد والأبصار يشمل البصر الظاهري ( وهو حاسة النظر ) والبصيرة الباطنة وهي رؤية الحق والأستئناس بهِ والخضوع لهُ وقدم السمع على الابصار كون الأنسان يسمع الصوت اولاً ثم يعقبهُ بالنظر ويستطيع ان يسمع من الاتجاهات كلها،
بينما لا يستطيع النظر والأبصار الا الى جهة واحدة وكذلك اذا اغمض الأنسان عينيه لا يُبصر ناهيك عن كونهُ لا يُبصر بالظلام بينما حال السمع واحد فأنه يسمع في الظلام ( ناهيك عن النور ) وبأمكانهُ ان يرى اكثر من شخص في آن واحد بينما اذا تكلم اكثر من شخص فأنه لا يستطيع ان يفقه كلامهم جميعاً الا اذا تكلم واحد منهم وسكت الاخرون...
وأول حاسة تعمل في الأنسان بعد ولادتهِ هي السمع ومن المُستحبات بعد ولادة المولود ان يُؤذن ( للصلاة ) في اذنه اليمنى ويُقام في اذنه اليسرى هذا وان آخر حاسة تعمل لدى الانسان في حال احتضارهِ هي السمع ايضاً لذلك يُعمد الى تلقين المُختصر بالشهادتين
, فقال هُشام : حسناً , ولماذا تقدم ذكر الرجل على المرأة في القرآن الكريم الا في مورد واحد وهو قوله تبارك اسمه ( .. والزانية والزاني فأجلدوا ....... ) سورة النور الآية 2 ؟
فأجبته بوركت انها ملحوظة دقيقة ومردُ ذلك الى الوجود الطبيعي لأبينا آدم ( عليه السلام ) الذي خلقهُ الله سبحانهُ قبل ام البشرية حواء ( عليها السلام ) وقد تقدم مجئ ذكر الزانية على الزاني في الآية السابقة التي ذكرتها لأن الزنا سببهُ المرأة اكثر من الرجل لكونها الفاتنة للرجل وكذلك فأن الأغراء والأغواء والمراودة يبدآن من المرأة لأيقاع الرجل في الفاحشة عموما ( والعياذ بالله ) .
...... ....... .......
حوارية عن لغة القرآن /1
ثم قال هُشام : في الآية الشريفة ( شياطين الأنس والجن .... ) قد تقدم الأنس على الجن رغم ان الجن قد خلقهم الله عز وجل قبل الأنس قال عز وجل من قائل ( وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون ) سورة الذاريات الآية 56 ؟
فأجبتهُ : ان فتك وخطورة وتأثير الشيطان الأنسي اكثر وابلغ من الشيطان الجني في اغواء الناس وابعادهم عن الحق والسير بهم الى هاوية الخسران المُبين .
هُشام : اشكر لك هذا كثيراً يا عم على ردودك التي انارت لي شموعاً من المعرفة .
فقلت لهُ : بوركت , ولتكن قراءتك للقرآن الكريم دوما قراءة تدبر قال تبارك وتعالى ( افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها ) سورة مُحمد الآية 4 .
....... ........
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
