ماجد الشويلي ||
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
السمة الابرز والتحول الحقيقي الذي طرأ على العالم يكمن بالحضور الفاعل للاسلام متمثلا بالجمهورية الاسلامية وهي تشق عباب الركامات الهائلة من قرون الهيمنة والاستحواذ الغربي على مقررات العالم ومقدراته والتحكم بمصيره.
لم يحدث أن كان الاسلام فاعلا بمقتضيات صياغة النظام العالمي كما هو الحال اليوم.
لم يكن الاسلام حاضرا في مؤتمر وستفاليا الذي انبثقت عنه الدولة القومية في العالم الغربي وظهرت بعده
ثلاث امبراطوريات هي امبراطورية النمسا و الامبراطورية الروسيا وامبراطورية الميجر تحمت في العالم حينها
ولم تكن الامبراطورية العثمانية من مخرجات ذلك النظام العالمي ولا مؤثرة فيه الا بالتبع .
ثم اندلعت الحرب العالمية الاولى وتغيرت معها موازين القوى ثانية وتوزعت على معسكرين غير متكافئين فرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة والنمسا والمجر والمانيا من جهة اخرى صاغا النظام العالمي بمسمى عصبة الامم المتحدة .
ولم يكن فيه للاسلام أي حضور يذكر بل إنه قد شهد انهيار الامبراطورية العثمانية وجرى الحديث حينها حول تقاسم تركتها الى أن انهارت عصبة الأمم ولم يكن للعالم الاسلامي أي تأثير فيها وانما العكس فقد كان ضحية لهيمنة العقلية اليهودية الجاثمة على المؤتمرات الدولية من ذلك الحين الى وقتنا الحالي.
واندلعت الحرب العالمية الثانية وانحسر الدور الاسلامي شبه التام وتحول عالمنا الى كانتونات متناثرة بعضها تابع للغرب والآخر للشرق لاتملك من امرها شيئا ولا حتى التصرف بثرواتها.
وانهار المعسكر الاشتراكي وانتصر المعسكر الغربي عليه ولم يكن للعالم الاسلامي الا ان يعلن بيعته وانقياده التام متنازلا عن هويته القومية وخصوصية الوطنية حينما هرع للتطبيع سرا وعلانية
في خضم ذلك كله كانت هناك الجمهورية الاسلامية التي تمكنت من التمسك بالاسلام وتحملت لاجل ذلك من المشاق والصعوبات والتحديات مالايمكن حصره في هذه العجالة
حتى تمكنت من انتزاع اعتراف العالم
بانها قوى اقليمية عظمى لم تخف سر قوتها المتمثلة بالاسلام
الذي فرض عليها الالتزام بدعم كل المستضعفين في العالم من منطلقات العقيدة الدينية والخلق الاسلامي الرفيع.
فليس اعتباطا ان تكون ايران عضوا رئيسا في منظمة شنغهاي وليس اعتباطا ان تخشاها اسرائيل وتعلم انها تقضم بأصل وجودها ولا تملك القدرة على الرد عليها أن تتطور العلاقة حتى تصل الى المناورات المشتركة بين الجمهورية الاسلامية وروسيا والصين في الخليج فذلك يعني ان ايران باتت بمصاف الدول العظمى وهي شريكة في اعادة صياغة النظام العالمي الجديد
سواء اكانت تلك الصياغة مستلزمة للقوة التي توفرت فيها ايران على درجات متقدمة ام على مستوى الرؤية الحضارية بمقتضياتها العلمية والثقافية والاقتصادية .
ولنكن اكثر وضوحا فالنظام العالمي الجديد سينبثق من هنا من غرب اسيا وليس هنا من فاعل حقيقي الا الاسلام الذي تقدمه ايران وقدمته من قبل بديلا
لنظام الهيمنة الاستكبارية بكل جدارة.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha