د.مسعود ناجي إدريس ||
• سؤال: كم عدد الأطفال الذي يجب أن ننجبه؟
• جواب: بشكل عام ، في الإسلام ، يعتبر إنجاب الأطفال وزيادة تعداد المسلمين أمرًا مهمًا ومرغوبًا وبحسب ما جاء في الروايات أن الأولاد مصدر لزينة الدنيا (1)، نصرة وقوة وعون (2)، وفي الآخرة فخر لنبي الإسلام صلى الله عليه واله وسلم (3)، نعمة من الله، زهرة من أزهار الجنة (4)، صديق ومساعد للإنسان (5)، سبب مغفرة وشفيع للوالدين في الآخرة (6). تظهر هذه التوصيات بجلاء أهمية إنجاب الأطفال وزيادة تعداد المسلمين ، وخاصة الشيعة. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الإسلام يذم الإجهاض ومنع الحمل. في القرآن الكريم قتل الأطفال ورفض الإنجاب محكوم عليه بالخوف من الفقر. (7) هذا سبب واضح لإدانة تحديد النسل والإجهاض أو منع الحمل. كما تنص السنن بوضوح على أن الخوف من الرزق لا ينبغي أن يمنع الزواج والإنجاب ؛ لأن الله قد ضمن الرزق للجميع.
«کتبت إلى أبي الحسن(ع): إنّی اجتنبت طلب الولد منذ خمس سنین، و ذلك أنّ أهلي کرهت ذلك، و قالت: إنّه یشتدّ علَي تربیتهم لقلّة الشيء، فما ترى؟ فکتب(ع) إلَی: «اطلب الولد، فإنّ اللّه یرزقهم»(8)
في الثقافة الدينية والقرآنية ، يعتبر إنجاب الأطفال أمرًا مهمًا للغاية لدرجة أن الأنبياء والاولياء اعتادوا الدعاء من أجل إنجاب الأطفال وطلبوا من الله الرحمن الرحيم ان يرزقهم نعمة للذرية .
«فَهَبْ لی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا یَرِثُنی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوب». (٩) ودعاء النبي زكريا (عليه السلام): «هُنالِکَ دَعا زَکَرِیَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لی مِنْ لَدُنْکَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّکَ سَمیعُ الدُّعاءِ». (١٠)
ثم يقول: «وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا» (١١) او يقول: «وَ أَصْلِحْ لي في ذُرِّیَّتی» (١٢).
و روي عن الحسن البصري أنه قال: بئس الشيء الولد إن عاش كدني و إن مات هدني فبلغ ذلك الإمام زين العابدين (عليه السلام) فقال: هذا رأي حسن البصري.«کَذَبَ وَ اللَّهِ نِعْمَ الشَّیْ ءُ الْوَلَدُ إِنْ عَاشَ فَدَعَّاءٌ حَاضِرٌ وَ إِنْ مَاتَ فَشَفِیعٌ سَابِقٌ» (١٣)؛
في القرآن والإسلام ، يعتبر الزواج شكلاً من أشكال العبادة ، والطفل الذي هو ثمرة الزواج ذخر ليوم القيامة للوالدين. الطفل هو رمز السعادة البشرية والعطاء الإلهي. يقول الإمام الصادق عليه السلام:«مِیرَاثُ اللَّهِ مِنْ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ الْوَلَدُ الصَّالِحُ یَسْتَغْفِرُ لَهُ» (١٤). الذرية الصالحة ميراث من الله. مثلما يترك الأب ميراثًا لأولاده وبناته يقول الله: تركت لك ميراثًا ، فإن ميراث الله هو الذرية الصالحة.
يقول رسول الإسلام الحبيب صلى الله عليه واله وسلم:«مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْخُلَطَاءُ الصَّالِحُونَ وَ الْوَلَدُ الْبَارُّ» (١٥)؛ وايضا يقول : «الْوَلَدُ الصَّالِحُ رَیْحَانَةٌ مِنَ اللَّهِ قَسَمَهَا بَیْنَ عِبَادِه» (١٦). أراد الإمام الحسن العسكري (ع) الدعاء لأحد فقال:«اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ وَلَداً یَکُونُ لَهُ عَضُداً» (١٧).
قال الامام الصادق (علیه السلام): «إِنِّی کُنْتُ زَاهِداً فِی الْوَلَدِ حَتَّى وَقَفْتُ بِعَرَفَةَ فَإِذَا إِلَى جَنْبِی غُلَامٌ شَابٌّ یَدْعُو وَ یَبْکِی وَ یَقُولُ یَا رَبِّ وَالِدَیَّ وَالِدَیَّ فَرَغَّبَنِی فِی الْوَلَدِ حِینَ سَمِعْتُ ذَلِکَ» (١٨).
وبحسب ما قيل، فإن الإنجاب من نعم الله التي لها بركات عظيمة وقيمة في حياة الإنسان، حياً كان أو ميتاً. تعرف على هذه النقطة أيضًا، على الرغم من أن الإسلام قد أكد على تكاثر المواليد وزيادة تعداد المسلمين، وأن القيادة الحكيمة قد نصحت وشجعت مؤخرًا على ذلك، إلا أن العديد من الأدلة تظهر أن الزيادة الوحيدة في عدد السكان ليست الهدف في الإسلام. ينبغي النظر في الزيادة الكمية والنوعية؛ أي: ما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تكاثر الأولاد الصالحين.
لذلك، فإن الاهتمام بالتعددية العددية لا يعني أنه لا يجوز تطبيق أي ضوابط وقيود. بطبيعة الحال، فإن التعددية العددية والكمية فقط هي التي تكون فعالة في خلق السلطة والعظمة للمسلمين أمام أتباع الديانات الأخرى في العالم. لأنه حتى العقود الأخيرة، كان القادة السياسيين وعامة الناس دائمًا ما يعتبرون العدد الكبير من السكان علامة على الثروة والسلطة؛ لكن تفسيرات مثل «لأباهي بکم الأمم غداً» تدل على أن ما يفتخر به الرسول هو تكاثر المسلمين في الآخرة. ومع ذلك، في سياسة الزيادة السكانية، من المهم والضروري الاهتمام بالتعليم ونوعية الموارد البشرية.
بعد قولي هذا، إذا لم تكن لديك أي مشكلة معينة وكنت أنت وزوجتك مستعدين وقادرين نِسْبِيًّا على إنجاب المزيد من الأطفال، فمن المستحسن اتخاذ إجراء في هذا الصدد وزيادة عدد سكان المسلمين. لا ينبغي أن تمنع المشاكل الاقتصادية والفقر ونقص المال هذا الخير أبدًا. خاصة في السنوات الأخيرة انخفض النمو السكاني وقوة الشباب بشكل كبير مما سيخلق العديد من المشاكل في طريق تقدم البلاد وسلطتها.
ينبغي الإشارة إلى أنه إذا كان لدى شخص ما عدد أقل من الأطفال لأي سبب أو لا يريد إنجاب المزيد من الأطفال فلن يعتبر مذنبا.
أسأل الله التوفيق وحسن العاقبة للجميع
• المصادر:
١. «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِینَةُ الْحَیاةِ الدُّنْیا وَالْبَاقِیاتُ الصَّالِحَاتُ خَیرٌ عِندَ رَبِّکَ ثَوَابًا وَخَیرٌ أَمَلًا» (الکهف، ٤٦).
٢. «وَیمْدِدْکُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِینَ وَیجْعَل لَّکُمْ جَنَّاتٍ وَیجْعَل لَّکُمْ أَنْهَارًا» (نوح، ١٢).
٣. «أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنِّی أُبَاهِی بِکُمُ الْأُمَمَ- یوْمَ الْقِیامَةِ حَتَّى بِالسِّقْطِ..» (الکلیني، محمدبن یعقوب، اصول الکافي، ج٥، ص٣٣٤).
٤. «الْوَلَدُ الصَّالِحُ رَیحَانَةٌ مِنَ اللَّهِ قَسَمَهَا بَینَ عِبَادِه » (الکلیني، محمدبن یعقوب، اصول الکافي ، ج٦، ص٢).
٥. «وَیمْدِدْکُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِینَ وَیجْعَل لَّکُمْ جَنَّاتٍ وَیجْعَل لَّکُمْ أَنْهَارًا» (نوح، ١٢).
٦. «أَوْلَادَ الْمُسْلِمِینَ مَوْسُومُونَ عِنْدَ اللَّهِ شَافِعٌ وَ مُشَفَّعٌ...» (حر العاملي، محمدبن حسن، وسائل الشیعة، قم: مؤسسة آل البیت علیهم السلام، ١٤٠٩ق، ج٢١ ص٣٥٥).
٧. «وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ خَشْیةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیاکُمْ، إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً» (الاسراء، ٣١).
٨. (حر العاملي، محمدبن حسن، وسائل الشیعة، قم: مؤسسة آل البیت علیهم السلام، ١٤٠٩ق، ج٢١، ص٣٥٥).
٩. مریم (١٩)، ٥ و ٦.
١٠. آل عمران (٣)، ٣٨.
١١. مریم (١٩)، ٦.
١٢. الاحقاف (٤٦)، ١٥.
١٣. المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحارالأنوار، بیروت: دار إحیاء التراث العربی، ١٤٠٣ق، ج٧٩، ص١٣٢.
١٤. الشیخ صدوق، ابن بابویه، محمد بن على، من لا یحضره الفقیه، ج٣، ص٤٨١.
١٥. بحارالأنوار، ج١٠٠، ص٨٦.
١٦. حر العاملي، محمد بن حسن ، وسائل الشیعة، ج٢١، ص٣٥٨.
١٧. بحارالأنوار، ج٥١، ص١٦٢.
١٨. وسائل الشیعة، ج٢١، ص٣٥٥...
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha