دراسات

الخطوط العامة للحضارة الاسلامية في عهد الامام عجل الله فرجه 


طالب رحمة الساعدي ||

 

·        خطوات شبابية  تجاه الحضارة الإسلامية ح13 ج2//

 

الخطوة الثالثة عشر : الخطوط العامة للحضارة الاسلامية في عهد الامام عجل الله فرجه 

قد تضمنت الروايات بعض الإشارات إلى الخطوط العامة لذلك المجتمع، وأنّها حقًّا لعبارات حية ورائعة على الرغم من كونها وردت قبل ثلاثة عشر قرنًا.

ونشير هنا إلى بعض:

التطور الاقتصادي والعدل الاجتماعي:

تتمتع الأرض التي نعيش عليها بإمكانات ضخمة تسعنا وسائر الأجيال القادمة وما لا يحصى من السكان البشري، إلاّ أنّ عدم الاط ع الكافي على المصادر المتوفرة بالفعل ومصادر الطاقة بالقوة، من جانب، وعدم وجود النظام الصحيح لتوزيع الثروات، من جانب آخر، أدّى إلى بروز مختلف الأزمات والحاجات؛ إلى درجة أنّ عصرنا يشهد يوميًا موت العديد من المحرومين جوعًا.

فالنظام الذي يحكم الاقتصاد العالمي الراهن نظام استعماري وإلى جانبه نظام حربي ظالم يستهدف القضاء على الطاقات الفكرية والبشرية التي ينبغي استغلالها في البحث عن المصادر والمنابع الضرورية لتحسين حياة الإنسان والنهوض بمستواه المعيشي.

والواقع ما إن ينهار هذا النظام حتّى تتكاتف الجهود لاستخراج المصادر الضرورية، والتي تعتمد الوسائل العلمية المتطورة لتحقق تلك الإنجازات العملاقة التي تسهم في إنعاش الاقتصاد العالمي.

ولذلك نرى بعض الإشارات إلى هذه السعة الاقتصادية المتعلقة بحكومة المصلح العظيم في بعض الروايات الإسلامية ومنها: «إنّه يبلغ سلطانه المشرق والمغرب؛ وتظهر له الكنوز؛ ولا يبقى في الأرض خراب إلاّ يعمره»

والحقّ، لا بدّ أن يكون الأمر كذلك، ذلك لأنّ خراب الأرض ليس بسبب قلة الطاقة البشرية ولا الأزمة المالية، بل وليد خراب الإنسان وهدر الطاقات الإنسانية وعدم الشعور بالمسؤولية،

فإن غيبت هذه الأمور في ظلّ النظام الاجتماعي الصحيح، فإنّ العمارة ستكون قطعية، سيّما أنها تستند إلى طاقات خارقة جديدة.

وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيّامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كلّ حقّ إلى أهله...، وحكم بين الناس بحكم داود وحكم محمّد ، فحينئذٍ تظهر الأرض كنوزها، وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعًا لصدقته ولا لبره لشمول الغنى جميع المؤمنين»

ويفيد التركيز على ظهور بركات الأرض واستخراج الكنوز ازدهار القطاع الزراعي حتّى يبلغ ذروته، إلى جانب اكتشاف المصادر الجوفية والاستفادة منها. وسيرتفع الدخل السنوي للأفراد بحيث لا يبقى في المجتمع فقير، والكلّ يعيش حالة الاكتفاء وعدم الحاجة.

وممّا لا شك فيه أنّ إجراء مبادئ العدل والقسط واستقطاب الطاقات البشرية واستغلالها بالشكل الصحيح يفرز تلك النتائج الإيجابية؛ وذلك لأنّ الجوع والفقر والفاقة ليست من إفرازات الأزمة والقلّة، بل هي نتيجة مباشرة وغير مباشرة للمظالم والتمييز وانعدام العدالة وهدر الطاقات وتضييع الثروات.

وورد في حديث آخر في مصادر العامة عن أبي سعيد الخدري. قال رسول الله « :صلى الله عليه واله       "أُبشركم بالمهدي يم الأرض قسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يرضى عنه سكان السماء والأرض، يقسم الماء

صحاحًا؛ فقال رجل: ما معنى صحاحًا، قال بالسوية بين الناس؛ ويملأ قلوب أمّة محمّد صلى الله عليه واله  غنى؛ ويسعهم عدله، حتّى يأمر مناديًا ينادي ويقول من له بالمال حاجة فليقم فما يقوم من الناس إلاّ رجل واحد، ثمّ يأمر له بالمال فيأخذه ثمّ يندم ويرده  . (»

ولا بدّ من الالتفات إلى بعض الأمور في تفسير هذا الحديث.

-1 المراد من رضى سكان السماء عن حكومته ربّما يكون إشارة إلى ملائكة السماء وملائكة الله المقربين، أو إشارة إلى سعة حكومته إلى سائر الكرات المأهولة وافتتاح طرق السموات والرحلات الفضائية إلى نقاط العالم النائية.

2- المراد من التقسيم العادل للثروة بالسوية - بالاستناد إلى علمنا بأنّ الإمام المهدي | حافظ ومروِّج لأحكام الإسلام التي تقرّ بضرورة العطاء الأ كثر بالنسبة إلى الجهود الأ كثر والكفاءات الأعمق - إمّا إشارة إلى أموال بيت المال والأموال العامّة بصورة كلية التي يتساوى فيها الجميع في الحكومة الإسلامية - كما ورد ذلك في سيرة النبي صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام  على العكس ممّا ورد في سيرة أغلب الخلفاء كعثمان الذي اعتمد صنوف التمييز - أو إشارة إلى التسوية في العطاء في ظلّ الظروف المتساوية، بالعكس ممّا عليه الوضع الآن حيث يتقاضى عامل مث في منطقة من العالم عشرة دولارات مقابل الساعة من العمل، بينما لا يتقاضى عامل آخر في منطقة أُخرى وفي ظلّ ذات الظروف دولارًا واحدًا إزاء عمل عشر ساعات، وهذا قمة الظلم والإجحاف.

-3 النقطة الأُخرى التي نستفيدها من الحديث المذكور هي عدم وجود حتّى فرد واحد معدم ومحتاج في ذلك العصر، بدليل أنّ ذلك الفرد الذي يقوم لم يكن غنيًا على صعيد الروح ويشعر بالحرص والطمع، وإلاّ لم يكن محتاجًا من الناحية المادية، والمهم أنّ ذلك الزعيم يملأ القلوب بالغنى المعنوي والنفسي ويستأصل منها جذور الحرص المقيتة؛ ذلك الحرص الذي يعد المصدر الرئيسي لتلك الجهود الجبّارة التي يبذلها ال هثون وراء الثروة والذين لا يكفّون عن طلب المزيد،  وكأنّهم مصابون بمرض الاستسقاء الذي يجعلهم يرتوون من الماء مهما نهلوا منه. ولعلّ العامل الآخر الذي يقف وراء جمع الثروة هو عدم الوثوق بالمستقبل، وهو الأمر الذي يزول بالمرة في ظلّ عدالته الاجتماعية، ف يرى شخص في نفسه من

حاجة لجمع الثروة، ذلك لأن يومه وغده مضمونان.

كما ورد في حديث آخر عن النبي الأ كرم صلى الله عليه واله  أنّه قال: ...« حتّى تملأ الأرض جورًا فلا يقدر أحد أن يقول: الله! ثمّ يبعث الله عزَّ وجلَّ رج منّي ومن عترتي فيملأ الأرض عد كما ملأها من ا ل كان قبله جورًا وتخرج له الأرض أفلاذ كبدها ويحثو المال حثوًا ولا يعدّه عدًا (( . (»

«أفلاذ »: جمع )فلذ( بمعنى القطعة. ويقال للأشياء النفيسة، أفلاذ الكبد، وهي هنا إشارة إلى المصادر الثمينة والقيمة تحت الأرض.

كما يحتمل أن تكون إشارة إلى أنّ الإنسان سيظفر بالنواة المذابة داخل جوف الأرض وهي عبارة عن قطعة نار وحرارة يمكن أن يستفيد منها كمصدر مهم للطاقة، كما يمكن أن يستخرج منها مصادر حيوية أخرى من فلذاتها ومعادنها.

وهكذا السُمو الأخلاقي وضمان الحاجات المستقبلية واتساع مصادر الدخل. والخ صة، إنّ جمع الغنى الروحي والمادي  سيؤدي إلى عدم الحاجة إلى عدّ الأموال، فلكلّ محتاج أن يقصد بيت المال ويسحب ما يشاء دون عناء.

كلّ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ هنالك بعض الأخبار التي تشير إلى تمتع عصره بحركة عمرانية من قبيل بناء المدن وشق الطرق وبناء المساجد المتواضعة البعيدة عن التكلّف الظاهري، إلى جانب هَدْم المباني التي تسبب بعض الحرج للناس. ومن ذلك:

-1 قال الإمام الصادق عليه السلام " ويبنى في ظهر الكوفة مسجدًا له ألف باب ويتصل ببيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة ») . ونعلم ))أنّ المسافة بين هاتين المدينتين تبلغ أكثر من 7 كيلومترًا. 0

2- قال الإمام الباقر عليه السلام " إذا قام القائم...، تكون المساجد كلها جماء لا شرف لها كما كان على عهد رسول الله ،ويوسع الطريق الأعظم فيصير ستين ذراعًا، ويهدم كلّ مسجد على الطريق، ويسد كلّ كوة إلى الطريق، وكلّ جناح وكنيف وميزاب إلى الطريق (( . (»

-3 وورد في حديث طويل عن الصادق عليه السلام  أنّه قال: ...«

)وليصيّرنَ الكوفة أربعة وخمسين ميلا وليجاورن قصورها  كربلاء، وليصيرن الله كربلاء معق ومقامًا "

-4 وكثيرة هي الروايات الواردة بشأن تقدم الزراعة ومضاعفة المنتجات الزراعية ووفرة المياه والعمران في كافة المجالات .

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك