عباس هلال الزاير ||
أختلف الباحثون، المختصون، بالقضيةِ المهدوية ،مؤخراً، بين رأيين ،
الرأي الأول: والسائد لعقود من الزمن، بأن السفياني ،ناصبي تكفيري.
والرأي الثاني : وهذا الرأي ظهر حديثاً، بأن السفياني علماني ، وليس ناصبي، ولهذا الرأي أدلته.
عاش الفكر الأسلامي ، والشيعي بالخصوص، لأكثر من ألف عام، وهو يعتقد، بأن السفياني، عليه لعائن الله، ناصبي تكفيري ، كونه من نسل آل أبي سفيان، الذين عُرفوا بنصابِهم العداوة، لأهل البيت صلوات الله عليهم، وكذلك مقاتلته للشيعة ، أبان أحتلاله للكوفة ، والذين يقاتلون الشيعة عادة من المسلمين ، هم النواصب.
إلى أن جاء عصرُنا الحالي، عصر الفتوحات الفكرية، في القضية المهدوية ، لأننا شهدنا بعض أرهاصات الظهور ، وفهمنا النصوص ، أكثر من غيرنا ، من الأجيال التي مرت ،وكلّ ما أقرتبنا من الظهور ، أزداد الفهم أكثر ،
ومن تلك الفتوحات الفكرية، هو الرأي الذي ظهر مؤخراً ، بأن السفياني ، رجل علماني ، وليس ناصبياً، وقدموا أصحاب هذا الرأي، أدلة مفصلة.
من تلك الأدلة، ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، لم يعبد الله قط، لم ير مكة ولا المدينة، يقول يا رب ثاري والنار) (البحار:52/354) .
فالرواية تتحدث، عن كون هذا الرجل، لم يعبد الله قط ،
والمراد هُنا بالعبودية، ليست العبودية الحقيقية، التي مائزها الأخلاص ، وإنما إشارة لم يعبد الله قط ، كونه ليس منافق، مثل النواصب، الذين يُظهرون العبودية لله، ويُبطنون الكفر ، والإشارة الثانية، كونه لم يرى مكة ولا المدينة قط، وهذا يُشير إشارة واضحة، كونه لم يؤدي، مناسك العبودية لله ، مما يعضد الرأي بعلمانيته.
ومن تلك ألأدلة أيضاً، السفياني سيُقاتل العشائر السنية، في سوريا والعراق،
عن الإمام علي (عليه السلام) قال: «يظهر السفياني على الشام ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسياء حتى يشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم»
(شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٩ - الصفحة ٥٠٩)
عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال لميسر: (يا ميسر كم بينكم وبين قرقيسا؟ قلت: هي قريب على شاطئ الفرات فقال: أما إنه سيكون بها وقعة لم يكن مثلها منذ خلق الله تبارك وتعالى السماوات والأرض ولا يكون مثلها ما دامت السماوات والأرض مأدبة للطير تشبع منها سباع الأرض وطيور السماء، يهلك فيها قيس ولا يدعى لها داعية)
(الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٢٩٥)
نستنتج من خلال الروايتين السابقتين، إنَّ السفياني، سيُقاتل بني قيس ،ويكون هلاكهم بهذه المعركة ،
والمراد ببني قيس، مناطق بني قيس، ومَنْ يسكن فيها،
وهذه المناطق،تمتد من جنوب الموصل ، إلى شمال الأنبار شرقاً، ومن الرقة، إلى دير الزور غرباً، وعامة من يسكن هذه المناطق، هم قبائل بني قيس وهم قبائل (الدليم، الجبور، العزة، العبيد، الكبيسات، الجميلات، الجورانيين، الكرطان، الكرويين، الداينيين، الكميعات، الجنابات، شمر، القيسيين ...الخ) ، فتلك القبائل ، هي قبائل سُنية معروفة ،
وسيقوم السفياني ، بمقاتلتهم وستهلك الجماعات المسلحة منهم ، مما يتضح إنَّ قتاله لهؤلاء، كاشف على كونه ليس ناصبياً.
ومما يعضد الكلام سابقاً، إنَّ السفياني سيُقاتل أعداء الشيعة ،ورد في موثقة محمد بن مسلم، عن الإمام الباقر عليه السلام ،قال: (ألستم ترون أعداءكم يقتتلون في معاصي الله، ويقتل بعضهم بعضاً على الدنيا دونكم، وأنتم في بيوتكم آمنون في عزلة عنهم، وكفى بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهراً أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم منه بأس، حتى يقتل خلقاً كثيراً دونكم .(البحار:52/141).
فالرواية المتقدمة ، تشير إشارة واضحة ، على كون السفياني ، يقاتل أعداء الشيعة ، وأعدائهم هم النواصب،
ومقاتلته لأعداء الشيعة، لا ينافي مقاتلته للشيعة ، لانه في ما بعد يتوجه ، نحو العراق ، لقتال الشيعة ، إلا أنه يُهزم ، شر هزيمة، كما أن الرواية أشارت، على كون السفياني فاسق، ومن المؤكد إنَّ مصطلح الفاسق، لا يطلق على الناصبي، وإنما يُطلق، على المتجاهرون بالفسق ، والنواصب منافقون، فتأمل .
ومن تلك الأدلة أيضاً ، على أن السفياني، يتخلق بأخلاق الغرب، وهو صاحبهم ، ورد في الرواية عن بشر بن غالب قال: (يقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب وهو صاحب القوم)(غيبة الطوسي ص278).
تتحدث الرواية ، على كون السفياني، رجل يعيش في بلاد الغرب ، ويتخلق بأخلاقهم ، وهو صاحبهم ، وتلك إشارة واضحة ، على كونه لا يمد للناصبية بصلة ، لأن عادة النواصب، يتظاهرون بعداء الغرب.
فيتضح مما تقدم ، بأن السفياني ، رجل ليس ناصبياً ، وإنما هو رجل علماني ، لا يمت للناصبية بشيء ، وهو سيحمل المشروع الغربي المدني، لان المشاريع الناصبية ، أدرك الغرب ، بفشلها ، لذا سيتخذون أسلوب آخر، لتحقيق رغباتهم، عبر بوابة السفياني اللعين.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha