دراسات

القواعد القرآنية  للمجتمع التوحيدي  ح7


الشيخ طالب رحمة الساعدي ||

 

رحلة تدبّرية مع خطاب " ايها الذين امنوا ....." في مضان بعض التفاسير

القاعدة السادسة : الأمن الاجتماعي الكامل‏

! إنّ الأوامر أو التعليمات الستة الواردة في الآيتين ،

يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى‏ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى‏ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإيمانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحيمٌ (12)

 (النهي عن السخرية و اللمز و التنابز بالألقاب و سوء الظن و التجسس و الاغتياب)  إذا نفّذت‏

في المجتمع فإنّ سمعة و كرامة الأفراد في ذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع الجهات، فلا يستطيع أحد أن يسخر من الآخرين- على أنه أفضل- و لا يمدّ لسانه باللمز، و لا يستطيع أن يهتك حرمتهم باستعمال الألقاب القبيحة و لا يحقّ له حتى أن يسي‏ء الظن بهم، و لا يتجسس عن حياة الأفراد الخاصة و لا يكشف عيوبهم الخفية (باغتيابهم).

و بتعبير آخر إنّ للإنسان رؤوس أموال أربعة و يجب أن تحفظ جميعا في حصن هذا القانون و هي: «النفس و المال و الناموس و ماء الوجه».

و التعابير الواردة في الآيتين محل البحث و الروايات الإسلامية تدل على أنّ ماء وجه الأفراد كأنفسهم و أموالهم بل هو أهم من بعض الجهات.

الإسلام يريد أن يحكم المجتمع أمن مطلق، و لا يكتفي بأن يكفّ الناس عن ضرب بعضهم بعضا فحسب، بل أسمى من ذلك بأن يكونوا آمنين من ألسنتهم، بل و أرقى من ذلك أن يكونوا آمنين من تفكيرهم و ظنّهم أيضا ... و أن يحسّ كل منهم أنّ الآخر لا يرشقه بنبال الاتهامات في منطقة أفكاره.

و هذا الأمن في أعلى مستوى و لا يمكن تحقّقه إلّا في مجتمع رسالي مؤمن.

يقول النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم في هذا الصدد: «إنّ اللَّه حرّم من المسلم دمه و ماله و عرضه و أن يظنّ به السوء» .

إنّ سوء الظن لا أنّه يؤثر على الطرف المقابل و يسقط حيثيّته فحسب، بل هو بلاء عظيم على صاحبه لأنّه يكون سببا لإبعاده عن التعاون مع الناس و يخلق له عالما من الوحشة و الغربة و الانزواء كما

ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام أنّه قال: «من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد» .

و بتعبير آخر، إنّ ما يفصل حياة الإنسان عن الحيوان و يمنحها الحركة و الرونق‏ و التكامل هو روح التعاون الجماعي، و لا يتحقق هذا الأمر إلّا في صورة أن يكون الاعتماد على الناس (و حسن الظن بهم) حاكما ... في حين أنّ سوء الظن يهدم قواعد هذا الاعتماد، و تنقطع به روابط التعاون، و تضعف به الروح الاجتماعية.

و هكذا الحال في التجسس و الغيبة أيضا.

إنّ سيئ النظرة و الظن يخافون من كلّ شي‏ء و يستوحشون من كلّ أحد و تستولي على أنفسهم نظرة الخوف، فلا يستطيعون أن يقفوا على ولي و مؤنس يطوي الهموم، و لا يجدون شريكا للنشاطات الاجتماعية، و لا معينا و نصيرا ليوم الشدّة! و لا بأس بالالتفات إلى هذه اللطيفة، و هي أنّ المراد من «الظن» هنا هو الظن الذي لا يستند إلى دليل، فعلى هذا إذا كان الظن في بعض الموارد مستندا إلى دليل فهو ظنّ معتبر، و هو مستثنى من هذا الحكم، كالظن الحاصل من شهادة نفرين عادلين‏.

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك