خالد جاسم الفرطوسي ||
هل يختلف علم التغيير عن وسائل المساعدة الذاتية الأخرى؟
في هذه المرحلة ربما تفكّر بهذا الشكل: {إنه يقدّم ادعاءات قوية للغاية!}.
أو ربما تحتج في صمت وتقول لنفسك: {إنّها الادعاءات المعتادة لكتب المساعدة الذاتية الرائجة}.
إن كلا الرأيين صواب، فهذه ادعاءات قوية، ومعظم كتب المساعدة الذاتية تقدّم نتائج غير واقعية وغير مثبتة.
ولكن عقوداً من البحث تؤكّد صحّة الأساليب المتبعة في علم التغيير، وهذا هو الفرق الجوهري بين كتب علم التغيير وكتب المساعدة الذاتية.
إنني أتأسف على المادة المهينة وغير العلمية الموجودة في معظم كتب المساعدة الذاتية.
يمكن القول إن العيوب الأساسية الموجودة في مصادر المساعدة الذاتية تتمثل في خمسة جوانب:
1- إنها ليست مركزة على الأبحاث.
2- لا تقدّم استراتيجيات محددة وعملية.
3- تركّز فقط على جانب واحد من الحل.
4- لا تقدّم النصائح المناسبة للقارئ العادي.
5- تعتمد في الطرح والحل على نماذج قليلة، مما لا يجعلها كظاهرة، وإنما كتجربة شخصية تختلف من شخص لآخر.
والآن دعنا ندرس كل عيب من هذه العيوب، وفي الوقت نفسه كيف سوف نصححه في سلسلتنا التي بين يديك.
إن نسبة مذهلة تزيد على 95% من كتب المساعدة الذاتية لا تقدّم أبحاثاً علمية تثبت أنها مفيدة في المساعدة الذاتية، حتى أن بعض الكتب الأكثر مبيعاً تقدّم نصائح مضمونها أن الأبحاث المتوافرة تناقض ما تحتويه.
فكتب المساعدة الذاتية التي تنقل العلم فقط لن تثبت فائدتها، سيكون الأمر فعّالاً بنفس درجة فاعلية تقديم قائمة طعام لشخص يتضور جوعاً.
وهناك مشكلة أخرى في معظم كتب المساعدة الذاتية تتمثل في أنها تحصر تركيزها في جانب واحد فقط من عملية التغيير.
تخيل لو أن شخصاً وعد بأن يساعدك على تأدية ضرائبك، ولكنّه أعطاك نصائح فقط بشأن كيفية ترتيب فواتيرك..
سيظل الجزء المتبقي من العملية محبطاً وناقصاً.
هذا يصف بشكل ملائم معظم كتب المساعدة الذاتية، فهي تعرض جزءاً واحداً من العملية:
(تحديد الهدف، أو إيجاد الإلهام، أو ضمان الاستمتاع، أو تعلّم بعض الاستراتيجيات السلوكية).
ولكن ينتهي الأمر بالقارئ مثل الرجال المكفوفين والفيل في القصة الشهيرة حيث تكون جهوده ناقصة وعقيمة.
وعليه فإننا في الحلقات القادمة سنتناول عملية التغيير بأكملها بشكل علمي ومنهجي، خطوة أثر خطوة، ثم نأخذك - عزيزي القارئ - إلى خطوات التغيير، وفقاً لما يحدده علم التغيير، وليس كما تجده في كتب المساعدة الذاتية، التي تنقل أو تعتمد على تجارب فردية من المؤكد أنها تختلف من فرد لآخر ومن ظرف لآخر، مما قد يحوّلها إلى تجربة فاشلة ممن لا تتلاءم معه، فتسيء حياته وتدمرّها بشكل قد يجعله يعيش الأسوأ، تاركاً تطوير الذات بسبب فشل المنهج الذي اتبعه ظنّاً منه أنه الأصح والأنسب علمياً وعملياً.
وستلاحظ - أيها القارئ اللبيب - أن خطوات التغيير التي اعتمدناها، بالرغم من أنها عامّة - حيث أن علم التغيير لا يدخل دائماً في مثل ذلك إلى التفاصيل والجزئيات التي تختلف من شخص لآخر - إلا أنه - سترى أنّك - تستطيع استخدامها بنفسك وتكيّفها؛ لتناسب حياتك بأجمعها بإذنه تعالى.
وهذا جزء من فائدة الاعتماد في منهجية التغيير وبناء الذات على قواعد علمية تستمدها من علم التغيير لا من تجارب شخصية تأخذها بواسطة كتب المساعدة الذاتية.