دراسات

أوثان اللادينيين/2/جدلية الصراع بين الحق والباطل


جمعة العطواني ||

 

مقدمة

لاول مرة، وتحديدا بعد عقود من الزمان تتجلى صورة الصراع الوجودي بين الدين الإسلامي واعدائه، وبخاصة بعد ان ارتدى الإسلام الاصيل ثوبه الحقيقي، واخذ جزءا مهما من مساحته التي كان ينبغي ان يتخذها منذ انظلاقته في الوجود الإنساني بوصفه المنهاج الروحي والمادي والعملي المرافق لمسيرة الإنسان في هذه الدنيا.

بالمقابل فان اعداء الإسلام ايضا تنبهوا لنهوض الدين واخذه مساحته المطلوبة، هذه المساحة بالتاكيد ستكون على حساب مساحتهم وحيزهم الذي يتحركون فيه، وهو امر طبيعي في طبيعة صراع الاضداد.

عقود وعقود واعداء الإسلام يتحركون بمفردهم في الوجود الإنساني الا بمقدار هامش من المساحة للدين التي لا تتعارض مع اصل مشروعهم، بل وهامشية  الدين هذه ربما تعطيهم زخما اضافيا في التقدم والسيطرة على عقول وعواطف وغرائز المجتمعات، بحكم (الهوّة) في الاداء.

كنا نقرا عن الاصنام التي تعبد من دون الله، والطواغيت التي تحارب الله في وحدانيته ووجوده، وترفض اصل وجوده، وربما كنا نبرر ذلك الانكار الوجودي لله وعبادة غيره بسبب جهل وتخلف المجتمعات البشرية انذاك، وبساطة الحياة وحاجات المجتمعات، وعدم تواصل المجتمعات البشرية فيما بينها.

اليوم نرى حالة الاستنساخ لتلك الاصنام والطواغيت بشكل اوضح واجلى، وبمساحة اكبر واوسع تغطي كل الارض والاغلبية الساحقة من بني البشر.

الفراعنة اوالطواغيت او الاصنام قد تكون بشرا او حجرا او انظمة، وعلى حد وصف القرآن الكريم هي كل معبود ومطاع لغير الله، او يامر بمعصية الله جهرا او من خلال السلوك والتشريعات .

يقول الامام محمد الجواد (عليه السلام): (من اصغى الى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وان كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس).

فقد يكون الناطق تعبيرا عن نظام وتشريعات، او شخصا يقنع الناس بمشروعه او فكرته، فان كان هذا الناطق يدعو الى التوحيد وقيم الإسلام ومكنون فطرة الإنسان فانه بالنتيجة يدعو الى عبادة الله تعالى، وان كان يدعو الى محاربة الدين وتشويه قيم الإنسان والفطرة السليمة التي فطر اللهُ الناسَ عليها فانه يعبر عن اوضح مصداق للصنم او الطاغوت البشري.

جذر المشكلة التي يعيشها العالم اليوم هي مشكلة التوحيد، والاخلاق، والقيم، وان كانت تتمظهر بمظهر اقتصادي او سياسي او عسكري او ثقافي ايضا.

طبيعة المواجهة اليوم، وطبيعة الالحاد في المواجهة ليست تقليدية كما كانت تحصل في العصورالغابرة ابتداءا من هبوط ادم وحواء الى الارض مرورا بصراع ومواجهة الانبياء مع طواغيت وفراعنة عصورهم، فالمواجهة اليوم هو مواجهة انظمة وقوانين وضعية، وتربية شعوب واخضاعها لتلك القوانين، وهذه القوانين تحارب الله تعالى ليس في عباده واخلاقهم وقيمهم فحسب، بل في اصل وجوده ايضا.

ان احدث الانظمة السياسية والاقتصادية التي تتحكم بمصير وحركة بني البشر هي انظمة اسست على اساس الالحاد ومحاربة دين الله في اغلب مفاصله، وثوابته، لان هذه الانظمة في حقيقتها انظمة طاغوتية فرعونية.

وفي الواقع ان هذه الانظمة هي ليست حديثة، بل مر عليها قرون من الزمان اذا ما عرفنا اعمار مؤسسيها، فما بين 300 الى 400 سنة قد مرت على تاسيس هذه النظريات الالحادية اوالعلمانية، وبعض مؤسسيها ماتوا بالجنون، ولكن اتباعها لا زالوا يعدونها من ارقى الانظمة السياسية والفكرية، بينما لم يمر على بعثة رسول الله الا بضعة مائة عام حتى انهال الشرق والغرب على عَدِّ هذه الرسالة والدين غير صالح لاكثر من زمانه ومكانه، وبداوا منذ ذلك الوقت بشن الحملات العدائية على الدين بمختلف الاساليب العسكرية والاعلامية والفكرية والنفسية وغيرها.

بالمقابل هنالك في مجتمعاتنا الإسلامية، فضلا عن المجتمعات التي تاسست فيها تلك الانظمة من يعتبر تلك الانظمة واولئك المؤسسين الذين يتربعون على عروش الدول هم البديل الحقيقي عن الدين والقيم والاخلاق.

بتعير اخر فان ما توصلت اليه الانظمة العلمانية او الليبرالية في نظر اصحابها واتباعهم هو البديل الحقيقي عن الدين وعن الوحي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك