سميرة الموسوي ||
*الحرب الناعمة المدمرة قائمة في العراق والمنطقة .
نحن.. أنتم ،لا فرق ؛ تدور علينا وعليكم حرب بالغة النعومة ؛ عديمة الرحمة والانسانية طيبة الرائحة كعطور شانيل الممزوجة بال c4 ،ولذيذة المذاق كما أطباق ماكدونالد المدافة بسم الكوبرا،
، وممتعة المشاهدة كما سوبرمان المثلي الجنس بنسخته الحديثة المرسلة الى دول لا تدري لماذا إنحرف سوبرمان منقذ الضعفاء وأصبح مثلي الجنس ، ولماذا لم يتخذ زوجة كرجل ؟!
.. ستراتيجية الحرب الناعمة المشتعلة في بيوتنا وجيوبنا يشنها علينا أعداؤنا التقليديون بلا هوادة وتنهمر علينا الان كرماد بركان هائجة لا نريد أن نراه واذا رأيناه ، نقول أن لكل شيء نهاية ، وعلينا ألّا نقع فريسة نظرية المؤامرة .
لن ينقذنا توسل ،ولا دعاء ، ولا حتى صلاة ،ما دمنا نتلبد في داخل شرانق ؛ نأكل ونتناسل لكي نكاثر بعديدنا الامم دون أن نعمل ،أو نتوكل قبل أن ( نعقلها ) ،ونتركهم هم ( يعقلونها ) لنا ، ونصلي صلاة الاستسقاء ولم نبادر قبلها بحفر الابار ، وننتظر الامطار الرعدية لكي نجني الكمأة ثم نعدد فوائده ، ولم نفكر بزراعته ..
الاعداء متمرسون بإشعال الحرائق ،وبارعون بصناعة سيارات الاطفاء ومعداتها ، ومن معداتها أنهم بلا إنسانية ، ولا ضمير ولا أخلاق، عندما يتعلق الامر بمصالحهم ،ونحن نعلم ذلك ولكن لا نعي دلالاته ، بل نسعى اليهم سعي الظامئين لتكون علاقاتنا معهم ( طبيعية ) .
القوة الناعمة .. الحرب الناعمة ،ومعها الحرب النفسية قائمة بارزة كأسنان الضبع ،لا ندري أهي تضحك أم تزمجر ؟ فإذا أردنا أن نجلب الماء لانهارنا أغرقونا بقناني الماء المحلي والمستورد المنقّى بالاوزون ، وهم يعلمون أن القناني والاواني البلاستيكية ستحشو أرضنا وتسممها لمئات السنين ، ولكننا لم نحفل بذلك فنحن على قناعة بأن نفطنا سوف لا يضطرنا الى الحاجة للزراعة ، ولم نتذكر ما حصل لبعض الدول الافريقية التي اقنعوها بترك الزراعة والانهماك بتربية الخنازير وغيرها لتزويد مطاعم ماكدونالد باللحم ،وفرح القوم وتزاحموا وكدوا سنوات قبل أن يعلموا أنهم أصبحوا أسرى خنازيرهم وأصحاب المطاعم ، جعلوهم خدما لحضائر الخنازير.
أول من صاغ أساليب الحرب الناعمة هو الفيلسوف الصيني ( صان تزو ) المتوفي عام ٤٩٦ قبل الميلاد ، ولكن الحرب الناعمة ظهرت ستراتيجية بعد تراجع سمعة أمريكا في العالم عموما والعالم الاسلامي خصوصا نتيجة الاستخدام المفرط للقوة العسكرية فلجأت الى إستخدام ستراتيجية جديدة للنفوذ أقل تكلفة وأقل عنفا ولا يثير أحدا ولا تخالف القوانين والاعراف الدولية .
وأول من صاغ هذا المصطلح الاستاذ في جامعة هارفارد الامريكية،ومساعد وزير الدفاع للشؤون الامنية الدولية السابق ( جوزيف ناي ) في كتابه الصادر عام ٢٠٠٤ بعنوان ( القوة الناعمة ) .
وعرف ناي القوة الناعمة بأنها ( القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلا من الارغام ،وهي القدرة على التأثير على سلوك الاخرين للحصول على النتائج والاهداف المتوخاة بدون الاستعمال المفرط للعوامل والوسائل العسكرية ، وهذا ( مثلا ) ما حصل مع الاتحاد السوفيتي حيث تم تقويضه من الداخل لان القوة لا تصلح إلا في السياق الذي تعمل فيه الدبابة ، فالدبابة لا تصلح للمستنقعات والصاروخ لا يصلح لجذب الاخرين نحونا ) ، ولا نحتاج للكثير من الجهد لكي نعرف أن ما يحدث في العراق من حرب ناعمة ستودي به ربما الى ما هو أبعد مما حصل للاتحاد السوفيتي.
ينبغي لنا أن نفرق بين الحرب الناعمة والحرب النفسية والاعلان ؛وللحرب النفسية عشرات التعريفات ونختار تعريف الباحث فخري الدباغ : شن هجوم مبرمج على نفسية وعقل العدو سواء كان فردا أو جماعة لغرض إحداث التفكك والوهن والارتباك فيهما وجعلهما فريسة مخططات وأهداف الجهة صاحبة العلاقة مما يمهد للسيطرة عليها وتوجيهها الى الوجهة المقصودة ضد مصلحتها الحقيقية أو ضد تطلعاتها وآمالها في التنمية والاستقلال أو الحياد أو الرفض ) ، أما أساليب وتكتيكات الحرب النفسية المعروفة تاريخيا فمنها : الدعاية ضد معتقدات الخصم ، الاشاعة ،بث الرعب ،الخداع ، إفتعال الازمات ، ، إثارة القلق ، إبراز التفوق المادي والتقني والعسكري .. الخ ) .
أما الحرب الناعمة فتعتمد نفس الاهداف مع إختلاف في التكتيكات التي أصبحت تكتيكات ناعمة فبدلا من تكتيكات التهديد تعتمد الحرب الناعمة على الجذب والاغواء ، بمعنى أنها تلعب معنا لعب الاخ الاخ الاكبر والمصلح والمنقذ مع تقديم النموذج الثقافي والسياسي وزرع الامل بأن الخلاص على يد أمريكا المانحة لحقوق الانسان والديمقراطية وحريات التعبير وما شاكل من عناوين مضللة للعقول ومداعبة الاحلام وملامسة المشاعر ،وبدلا من إستعراض الصواريخ أو بث الرعب عبر الاذاعات يتم إرسال أشرطة فيديو وأقراص ممغنطة أو صفحات فيسبوك للشباب والاطفال والنساء والرجال ، (فالحرب الناعمة ليست منهجا جديدا من مناهج الحرب النفسية والدعاية بل هي نتاج تطور كمي ونوعي في وسائل ووسائط الاتصال والاعلام وهي إفراز طبيعي للجيل الرابع من وسائط تكنولوجيا الاتصال والاعلام ، إذن ؛ الحرب النفسية والحرب الناعمة يسيران بإتجاه واحد في الاهداف ويتعاكسان في الوسائل والاساليب.
( الحرب الناعمة هي أجدى البدائل لامريكا ، بعد أن كانت الحرب النفسية تسري في مجال التوجه نحو الحكومات والجيوش والمقاتلين ) .
__ وحول عناصر ومقومات القوة الناعمة فإنها تقوم على مجموعة من العناصر والمقومات وتعتبر الاساس في وجودها إذ بدونها لا يمكن لطرق ممارسة حرب ناعمة على الاخرين وهذا يعني أن كل من أراد ممارسة هذه الحرب لا بد أن تتوافر لديه هذه المعلومات والعناصر :
++ القيم ، وهذه تشكل العنصر الاساس للحرب الناعمة .والقيم هي : المبايء التي تشكل ماهية وهوية الفرد والمجموعة ..الخ.
++ _ الشباب ، عنصر الشباب هو العنصر الاهم في الحرب الناعمة من حيث الاستهداف.. وكما نرى إشتغالات الحرب الناعمة على الشباب في العراق ، وتوجيه ستراتيجيتها وتكتيكاتها بأدق الاشكال وبكل الوسائل ٢٤ ساعة في اليوم .
تعريف الحرب الناعمة من وجهة نظر القائد الايراني الولي الفقيه علي الخامنئي .
يبدو لنا من خلال بحثنا أن للسيد علي الخامنئي الكثير من الاهتمام الخاص بالحرب الناعمة، وقد جاء في تعريفه لها :
( إنها حرب بواسطة الادوات الثقافية ،وهي حرب يراد منها إيجاد الشك في القلوب من منطلق أن الحرب الناعمة تحفر أولا وقبل كل شيء في البعد المعرفي للانسان .)
( والحرب الناعمة أي الحرب بواسطة الادوات الثقافية والتغلغل والاندساس في الكذب وبث الشائعات بواسطة الادوات المتطورة الموجودة حاليا )
( والحرب الناعمة هي حرب حقيقية وموجودة ولا يمكن الشك في أن البعض يعتمد عليها لتحقيق مآربه ، ثم يقول / نحن نواجه هجوما ثقافيا وعقائديا وسياسيا شاملا وغير معلن / وأنا على علم بما يجري من أحداث ،وأرى أن العدو قد جيّش جيش الثقافة والسياسة بكل ما أوتي من وسائل ومعدات وشن هجوما علينا لإضعاف معتقداتنا الدينية والسياسية وتعزيز حالة السخط في داخل البلاد وإستمالة الشباب نحوه وخاصة الناشطين والمؤثرين منهم في مختلف المستويات لتحقيق مآربه / وخصائص الحرب الناعمة /أ_ طويلة الامد .ب_ غير منظورة وغير ملموسة .ج معقدة ،وواسعة ، وشاملة / فالعدو يتقدم الينا بما هو جذاب وبما يحتل مكانا في أفكارنا وعقولنا ،فالحرب الناعمة لا تستهدف شخصا أو مجموعة دون أخرى بل تستهدف كل من يحمل القيم المعاندة للعدو / ثم يقول السيد الخامنئي أيضا إن الاولوية الرئيسية في البلاد اليوم هي مواجهة الحرب الناعمة للعدو ... وإن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ البصيرة ،والروح المعنوية والامان الكامل في المستقبل والمراقبة الجادة في حالات التشخيص ثم معرفة العدو ثم الشجاعة وامتلاك أدوات المواجهة ثم إظهار نقاط القوة ثم المبادرة الى المواجهة وعدم إنتظار الاخر )
أزاء هذا الخطر الداهم المدمر الذي جعله قائد دولة مجاورة ( السيد الخامنئي ) من أولويات المواجهة ما الذي يحدث في العراق بسبب إستعار الحرب الناعمة في كل ماذكره السيد الخامنئي وما ذكره جوزيف ناي في كتابه القوة الناعمة ، بل في كل ما كتبه المفكرون والباحثون والاساتذة العراقيون
لم نسمع من مسؤول عراقي رفيع يتحدث عن الكيفيات التي تنخر بها الحرب الناعمة مجتمعنا ، أطفال شباب ،رجال ،نساء .
تأثير الحرب الناعمة على العراق بكل مفاهيمها وعناصرها وأدواتها غير مدروس بصورة جدية في المؤسسات العراقية ، وعلى الرغم من الجهود التي لا تنكر من الباحثين العراقيين إلا أن البحوث ما زالت تأخذ طريقها الى الرفوف.
ينبغي لنا أن نطرح السؤال الاوجب : ما العمل ؟ .
من وجهة نظرنا نرى أن نسارع الى التعاون مع جارتنا إيران الاسلامية التي جعل قائدها السيد الخامنئي مواجهة الحرب الناعمة من أولويات العمل ومضوا في تلك الاولوية وقطعوا شوطا محمودا فيه على الرغم من تكالب الاعداء عليها ، ويتم الاتصال عن طريق جهة متخصصة يتم تشكيلها وتعطى صلاحيات وإمكانات واسعة .
إن دولا كبرى وذات إمكانات غير محدودة تنفق أموالا طائلة لمواجهة الحرب الناعمة ، فكيف بنا ؟ .. هذه دعوة لإنقاذ العراق .
هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون .