دراسات

العلاقات الاجتماعية (٥) المحبة والتربية ...


  د.مسعود ناجي إدريس ||   الحب من أهم أسس التربية في الإسلام. يعتبر القرآن الكريم ، وهو المعلم الأخلاقي ، أن الحب هو أهم محاور الفضائل الأخلاقية. يقول الإمام الصادق (ع) بصوت مرتفع: 《إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ 》 ، ( الکافي ، ج ۱ ، ص ٣٦٥ ، ح ۱ )  وبما أن أدب الرسول (ص) يقوم على المحبة وان هذا النبي أسوة لأتباع مدرسته، فمن الضروري أن يتطلع المسلمون إلى اللطف وحب الناس في السلوك الاجتماعي؛ لأن نبي الإسلام هدى الناس ودعاهم وهداهم إلى الأخلاق الحميدة. إذا لا قدر الله عامل المسلم الناس بقسوة وغلظة،   فإن قسوته ستجعل أقاربه ومن حوله يلجئون إلى الغرباء. وهذا أكبر خطر وهزيمة تلحق بالمؤمن. قال الإمام علي (ع): 《مَنْ ضَيَّعَهُ الْأَقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الْأَبْعَدُ.》 ، ( نهج البلاغة ، حكمة ١٤ . )  على مر التاريخ، كان العلماء والسالكون طريقهم إلى الله، بالتعبير عن الحب والتسامح، يرافقون الناس دائمًا ويعبرون عن نصائحهم التربوية، ولهذا السبب أحبهم الناس كحبهم لأب حنون أكثر من حياتهم وكانوا يعملون بأوامرهم. في حالة آية الله السيد محمد كاظم اليزدي رحمه الله، وشعبويته، ولا سيما حبه للناس، يُروى أنه أحب الناس والناس أحبوه لدرجة أن أهل النجف نادوه (بالأب). وكان مدى حب الناس وإيمانهم بهذه الشخصية الإلهية لدرجة أن أهل البدو أخذوا حفنة من تراب قدميه، إلى الخيمة، وسكبوها في كيس، وأقسموا به حينما أرادوا أن يثبتوا حقانيتهم قائلين: 《بحق تراب قدم السید 》 وهذا الأمر يدل على حسن سلوكه مع عباد الله وأن ذلك الفقيه الحكيم استطاعة أن يتوغل في أعماق نفوس الناس ومساكنهم لنشر دين الإسلام.  ▪︎التواضع  جاء التواضع من أصل « الوضع » . في حالة المرأة التي تلد ، تسمى « وضع الحمل » وعندما تستخدم كسمة أخلاقية "، فهي تعني أن يضع المرء نفسه في مرتبة أدنى من مكانته الاجتماعية .  أحيانًا يفسر شخص ما التواضع على أنه يعني الإذلال والتواضع والتسليم والخضوع. يقول الراحل نراقي : 《التواضع عبارة عن نفس محطمة لا تسمح للإنسان أن يرى نفسه فوق الآخرين ويتطلب بعض الأفعال والكلمات التي تدل على تعظيم الآخرين وإكرامهم.》( معراج السعادة ، ص ۳۰۰ )  وفي كلا المعنيين ورد في الروايات أمثلة على ذلك. قال الإمام الباقر (ع): «التَّوَاضُعُ الرِّضَا بِالْمَجْلِسِ دُونَ شَرَفِهِ وَانْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيتَ وَانْ تَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَانْ كُنْتَ مُحِقّاً»، ( بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ١٧٦ )  قال الإمام الرضا (ع):《 اَلتَّواضُعُ أنْ تُعْطَيَ النّاسَ ما تُحِبُّ أنْ تُعْطاهُ 》( الکافي ، ج ۲ ، ص ١٢٤ ، ح ۱۳ ؛ منتخب میزان الحکمة ، ص ٥٣٦ )  وفي رواية ثانية لما سأله ابن الجهم الإمام: 《ما حد التواضع الذي إذا فعله العبد كان متواضعا؟  قال الإمام:التواضع درجات: منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه، إن رأى سيئة درأها بالحسنة، كاظم الغيظ، عاف عن الناس، والله يحب المحسنين 》 ( الکافي ، ج ۲ ، ص ١٢٤ )  ▪︎أهمية التواضع  كما أن التكبر مضرّ وخطير ، فإن التواضع ضروري ومفيد. لذلك من المهم جدًا ذكر الأمثلة في الآيات والأحاديث. • أمر التواضع لشخص الرسول رغم أن خاتم الرسل (ص) كان بعيدا عن التكبر ، إلا أنه بسبب أهمية التواضع ، يأمره الله بالتواضع تجاه المؤمنين ؛ كما يقول: <وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ> ( الشعراء/ ٢١٥)  • التواضع علامة على العبودية  <وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً> ( الفرقان/ ٦٣) • حلاوة العبادة  قال النبي (ص) : 《مالي لا ارى عليكم حلاوة العبادة قالوا و ما حلاوة العبادة قال التواضع》 ، ( منتخب میزان الحکمة ، ص ٥٣٦ ، محجة البيضاء ، ج ٦ ، ص ۲۲۲ . )  • اكبر العبادات  قال الإمام علي (ع): 《عليك بالتواضع فإنه من أعظم العبادة » ( بحار الانوار ، ج ۷۲ ، ص ۱۱۹ ، ح ٥ ).  •أفضل حسب قال الإمام علي (ع): 《لا حسب كالتواضع》 ، ( نهج البلاغة ، حكمة ۱۱۳)  • نعمة لا حقد فيها قال الإمام حسن العسكري (ع): 《التواضع نعمة لا يحسد عليها 》، ( تحف العقول ، ص ٣٦٣ )   • مباهات الله بالمتواضعين قال الرسول الكريم(ص) 《ومن تواضع مع المتواضعين، فاعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وولاية علي والطيبين من آلهما، ثم تواضع لاخوانه وبسطهم وآنسهم، كلما ازداد بهم برأ ازداد لهم استيناسا وتواضعا، باهى الله عز وجل به كرام ملائكته من حملة عرشه والطائفين به. فقال لهم: أما ترون عبدي هذا المتواضع لجلال عظمتي؟ ساوى نفسه بأخيه المؤمن الفقير، وبسطه؟ فهو لا يزداد به برأ إلا ازداد له تواضعا؟ أشهدكم أني قد أوجبت له جناني، ومن رحمتي ورضواني ما يقصر عنه أماني المتمني. ولأرزقنه من محمد سيد الورى، ومن علي المرتضى، ومن خيار عترته مصابيح الدجى، الايناس والبركة في جناني، وذلك أحب إليه من نعيم الجنان ولو تضاعف ألف ألف ضعفها، جزاء على تواضعه لأخيه المؤمن》.( مکارم الاخلاق ، ص ٥١ )...

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك