د.مسعود ناجي إدريس ||
المحبة في الواقع حالة تنشأ في قلب كائن يمتلك الشعور والمشاعر نحو شيء لطيف معه ومتناسب مع رغباته.
يمكننا القول: 《الحب هو عامل جذب إدراكي تمامًا مثل عوامل الجذب غير الإدراكية؛ يقصد بعوامل جذب غير الإدراكي بقوة الجذب في الكائنات المادية غير الواعية، مثل الحديد والمغناطيس، وكيفما يجذب المغناطيس الحديد، توجد قوة جذب بين الكائنات الذكية أيضًا، الحب هو الحالة التي ينجذب القلب إلى كائن من الكائنات ويجذب قلب الطرف الآخر إلينا》.
الحب هو أقوى قوة دافعة للإنسان في جميع مظاهر الحياة المختلفة. الحب شعور لطيف عندما يمر الإنسان بالمشاكل ويخفف الألم. يقود الحب والعاطفة الإنسان إلى طريق التضحية بالنفس، حيث يمر بكل شيء من أجل إرضاء حبيبه.
ما يقوي العلاقة الودية بين المؤمن والناس هو التعبير عن المحبة والمودة. المفتاح الوحيد لـ (الحب) هو فتح القلوب المغلقة. للحب أربعة عناصر أساسية:
• من يعطي الحب
• شخص أو موضوع الذي يحبه ( المحبوب ) .
• المحبة
• الدافع وراء الحب ، الذي يحدد كيف وإلى أي مدى يستمر وقيمته.
بالنسبة للعنصر الرابع ، تم ذكر الدوافع مثل قوانين الجبر الطبيعية ، والحاجة ، والمنفعة ، والرغبات النفسية ، وما إلى ذلك. ( ر . ك : شرح نهج البلاغة ، محمد تقي جعفري ، ج ٤ ، ص ٣٥ ) لكن أهم دافع يدفع المؤمن إلى حب الناس هو قوة "الإيمان".
في ظل الإيمان والعمل الصالح يقترب الإنسان من الله ويصبح حبيب الله. لما صار حبيب الله ، لأن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يحب الناس لضرورة اكتساب النفع أو الرغبات النفسية والمادية وغيرها، بل في سبيل الله، لذلك لم يتجاهل التعاليم السماوية وعندما أداروا ظهورهم على التعاليم الدينية كان النبي يحزن ويمتنع عن الطعام.
من الطبيعة والفطرة البشرية أن من يصنع الخير ويغفر تنجذب إليه قلوب الآخرين. لأن الإنسان عبد للإحسان، ولن ينسى أبدًا من ساعده في أوقات الشدة وأخرجه من المتاعب، ويشعر على الدوام أنه مدين له بنفسه. المؤمن الذي يحسن للآخرين يطيعه الجميع وينصاعون إليه وينصرونه. كما أشار الإمام علي (ع) إلى ذلك: 《بِالْإِيثارِ تُسْتَرَقُّ الْأَحْرارُ》( غرر الحکم و درر الكلم ، ص ٣٩٦ ، ح ٩١٦٧ . )
القرآن يخاطب نبي الرحمة (ص) : 《فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ》، ( آل عمران / ١٥٩ )
تعتبر هذه الآية الشريفة أن سبب ميل الناس إلى الرسول الكريم هو اللطف والحب الذي أظهره لهم الرسول الكريم (ص). أمير المؤمنين، علي (ع) في أوامره لمالك للأشتر، عندما عينه والي مصر، نصحه بشأن معاملة الناس فقال له: 《أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم.... فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه》 (نهج البلاغة ، رسالة ٥٣)
يمكن التعبير عن هذا الإحسان والتسامح والمحبة للناس بطرق مختلفة؛ من خلال أخذ بيد الناس، وحل عقدة مشاكلهم، بالإرشاد والنصح وأحيانًا اكتساب القلوب بإسعاد المؤمن. نُقل عن الإمام الصادق (ع) قوله: 《 قال الله عز وجل: الخلق عيالي فأحبهم إلي ألطفهم بهم واسعاهم في حوائجهم》، (الکافي ، ج ۲ ، ص ۱۹۹ ، ح ۱۰)
وروي عن ذلك الإمام أن أحب المؤمنين عند الله هو الذي أعان المؤمن الفقير من الفقر في دنياه ومعاشه 《ومن أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين》 ( تحف العقول ، ص ٣٧٦)
يجب أن يكون قلب المسلم مركز المحبة والحنان عند الناس. وبحسب الشهيد المطهري رحمه الله ، 《يمكن دفع الناس مثل الغنم بالقوة والغصب ، ولكن لا يمكن إيقاظ واستعمال قواهم الخفية .
ليس فقط القوة والغصب غير كافيين ، فالعدالة لا تكفي إذا تمت بإدارة جافة ؛ بدلاً من ذلك ، مثل الأب الطيب ، يجب أن يحب أبنائه ويحبه قلوب الناس ، كما يجب أن يتمتع المرء بشخصية جذابة ومخلصة حتى يمكن استخدام إرادة الناس وجهودهم البشرية الكبيرة وقوتهم في دفع أهدافه المقدسة. » ( الجاذبية والنفور مرتضی مطهري ، ص ۷۰) الإحسان والحب يجعلان القلب مقدسًا وذا قيمة. إن المحبة والمغفرة التي يعبر عنها المؤمن تجاه الناس تقضي على الأحزان والمصائب التي سببها الناس والشخص لنفسه....
ــــــ
https://telegram.me/buratha