دراسات

العلاقات الاجتماعية (١)،حسن الخُلق...


  د.مسعود ناجي إدريس ||   من نعمة الله -عز وجل- على نبيه الكريم (ص) أن قلبه المبارك عطوف ورحيم على الناس على الرغم أنه كان تحت ضغط وحزن بسبب الناس < لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ> ( التوبة / ۱۲۸) في الأساس ، كان لجميع الأنبياء السماويين علاقة ودية وأخوية مع الناس وتأثروا بمشاكل الناس. عندما يذكر القرآن الكريم أعظم الأنبياء في تعريفهم ذكر "الأخوة" من خصائصهم البارزة: <وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا> ( الأعراف / ٨٥ )  <إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ> ( الشعراء/ ١٢٤ )  تشير هذه التعبيرات إلى أن السفراء الإلهيين كانوا مساويين مع الناس في عصرهم. بعبارة أخرى ، تعرّفوا على جماهير الناس من خلال معرفة ثقافة الناس في زمانهم ، لأنهم كانوا أفرادًا في عائلة كبيرة في أفراحهم وأحزانهم.  (الانس بالناس) يعني أن تكون مع الناس ، وأن تكون للناس ، وأن تكون في خدمة الآخرين ، وأن تكون شريكًا في معاناة الآخرين وراحتهم وحزنهم ،هذا الأمر من أحد ضروريات الأخلاق الإسلامية. وهذا هو سر الحياة الاجتماعية للمسلم  وفي ضوئه يبني لنفسه قاعدة شعبية تنعم بلطف الناس ورحمتهم وودهم له.  في نهج البلاغة ، يصف الإمام علي "الشعبية" و "الانس بالناس" على النحو التالي: 《خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ 》، ( نهج البلاغة ، حكمة ۱۰)  يعطي الناس قلبهم لشخص على دراية بألمهم ومعاناتهم ومقرب من أحزانهم ويسعى جاهداً لخدمتهم.  ▪︎ قيمة الانس بالناس هناك تفسيرات جميلة في المصادر الدينية ، كل منها بدوره ، تعبر عن أهمية وقيمة الانس والصداقة مع الناس ويشجع الجميع على هذا الأمر، ومن ناحية أخرى ، ينبذ النفور من الناس ، وعدم احترام إخوانهم من البشر  والهروب من الحياة الاجتماعية. يقول الإمام علي (ع) في هذا الصدد:《أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ.... » ( نهج البلاغة ، حكمة ۱۲ )  المؤمن الذي يحبه الناس يضيء كالشمس على الخير والشر مثل مطر الرحمة يسقي المستنقعات المالحة  ولا يسمع منه إلا الحب والرحمة والخير ويحب الآخرين من كل قلبه وبكل كيانه. وهو مثال واضح لقول الإمام حسن المجتبى (ع) الذي قال:  《 إِنَّ أَحْسَنَ الْحُسْنِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ » ( خصال الصدوق ، ج ۱ ، ص ٥٣ ، ح ۱۰۲ )  كما قال الرسول الكريم (ص): 《الْمُؤْمِنُ آلِفٌ مَأْلُوفٌ وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ》 ، ( وسائل الشیعة ، ج ۱۲ ، ص ۱۸ ، ب ۷ ، ح ۸ )  عندما يكون الهدف هو خدمة المزيد من إخوانه البشر، يجب على المرء أيضًا أن يتعلم كيفية العمل  لكسب الناس. كسب الناس من إحدى الطرق التي من خلال التعرف على مظاهرها ومؤشراتها يمكن مضاعفة النجاح والتوفيق في الخدمة والتعاطف. بعض هذه المظاهر هي كما يلي: • حسن الخلق • العفو والمغفرة • العطاء والمحبة • التواضع • سعة الصدر (الصبر والتحمل) • التفقد وفك العقد • و..  ▪حسن الخلق كان الوجه السمح وحسن السلوك من أبرز سمات رسول الله (ص) مما كان له دور كبير في جذب الناس إلى الإسلام وانبهارهم بشخص نبي الإسلام. لقد جذب قداسته القلوب بهذا الإكسير الأعظم وزرع بذور الحب والعاطفة بدلًا من الاستياء والعداوات. هذا هو السبب في أن الله تعالى أعطاه وسام الشرف <وَإِنَّك لَعَلَّىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ>، (القلم / ٤) واختصه به. لتحقيق أهدافه التربوية، استخدم الأخلاق الاجتماعية والمبادئ الإنسانية والأخلاق الحميدة. كانت معاملته للناس من النوع الذي جذبهم بسرعة إلى أهدافه وتغلغل في أعماق نفوسهم. يقول القرآن عن هذه الصفة الشعبية للنبي: <فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اَللَّه لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ > ( آل عمران / ١٥٩ .) لا شك في أن سر الشعبية يعتمد على حسن الخُلق ورمز محبة الناس هو الوجه السمح. السلوك في التعامل مع الناس مثل المغناطيس الذي يجذب معدن الوجود البشري ويربط القلوب المبعثرة...

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك