دراسات

الأمن الجيوإقتصادي


 

 د.سيف الدين زمان الدراجي *||

 

إبان فترة الحرب الباردة وماتلاها، كان الاقتصاد والأمن القومي مجالين منفصلين نسبياً لاسيما في ظل فترة الصراع التي شهدها كل من المعسكرين في كل من مراحل وخطوات صنع السياسات وتحديد الاستراتيجيات. الا ان السنوات الأخيرة شهدت تقارباً واضحاً في القضايا ذات الأبعاد الأقتصادية والأمنية للسياسات والتحديات التي تنظم شكل علاقة الدول بمحيطها الدولي والأقليمي.

ولما كان لعلم الأقتصاد الجغرافي أهمية كبيرة في تحديد المساقات والأطر التي تتحرك وفق محددات جغرافيتها السياسية لتتقاطع مع كل من الأقتصاد والأمن، أدركت الدول أهمية استكشاف الطرق والخطط والسياسات والإستراتيجيات التي تعزز تفوقها وتدفع نحو تأمين مرتكزات أمنها الجيوإقتصادي.

يُقصد بالأمن الجيوإقتصادي " إستخدام عنصر القوة الإقتصادية كأحد عناصر القوة الوطنية لتأمين المصالح الوطنية والدفاع عنها وتحقيق نتائج جيوسياسية" حيث يدرس هذا المفهوم إستراتيجيات الدول الإقتصادية وفق ماتتمتع به من قوة سياسية ضمن موقعها الجغرافي كسلاح يوازي ويضاهي بقدرته السلاح العسكري - الذي اصبح من الصعب التعويل عليه في ظل تعقيدات المشهد العالمي وانعكاساته على ردود افعال الرأي العام الداخلي فضلا عن الخارجي- لتحقيق الأهداف.

لعل من بين الأمثلة الواضحة فيما يتعلق بشكل علاقة الدول التنافسية الإقتصادية فيما بينها وفرض الهيمنة العالمية هو طبيعة الصراع المستمر ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. حيث يشير عدد من الباحثين الى ان الصين حققت نجاحاً بتميزها في إنشاء مؤسسات دولية كالبنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهي مؤسسة موازية ومنافسة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذين تهيمن عليهما بلدان متقدمة كالولايات المتحدة.

كما اشار عدد أخر من الباحثين الى   " دبلوماسية فخ الديون"، التي تتبعها الصين كجزء من إستراتيجيتها لفرض سياساتها لتطويع الدول ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يؤكد إن إستراتيجيات الأمن الجيوإقتصادي لم تكن أُحادية الجانب ولم تقتصر على الولايات المتحدة فحسب.

إن تعزيز مقومات الأمن الجيوإقتصادي لم يكن حكراً على الدول المتقدمة او المهيمنة على النظام العالمي متعدد الاقطاب، بل يتسع ليشمل دولاً لابد ان تُركز في أولويات إستراتيجياتها الوطنية على قدرة توظيف عناصر قوتها الوطنية الدبلوماسية والعسكرية والإقتصادية والمعلوماتية وبما متوفر لديها من امكانيات إقتصادية وموقع جغرافي ومكانة سياسية دولية وإقليمية، للحيلولة دون أن تكون عُرضة لما قد تفرضه دول أخرى متفوقة أو متماسكة إقتصادياً لإتباع سياسات مُعينة قد لاتصب بالضرورة في دعم مصالح البلد العليا، وإستقلالية قراراته السياسية على المستوى الداخلي والمستويين الدولي والأقليمي.

وفي سبيل تحقيق ذلك، لابد من:

السعي الى تعزيز الشراكات الاقتصادية والتعاون الدولي وفق مقومات "دبلوماسية إقتصادية" ناجحة.

تحليل العوامل الجيوستراتيجية التي تهتم بأثر المكان على تحديد المعوقات وتقدير المواقف المتعلقة بسياسات الدول الأقتصادية الخارجية.

تطوير الجهد الاستخباري وجمع وتحليل ومشاركة المعلومات الإقتصادية بين الأجهزة الوطنية المتخصصة.

تطوير القطاع الخاص وتوفير البنى التحتية الملائمة لتنفيذ سياسات وإستراتيجيات إقتصادية تسهم في إنشاء وتنسيق وتعزيز جهود التصرف والتنظيم الجغرافي الإقتصادي الوطني.

 

*باحث في شؤون السياسة الخارجية والامن الدولي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك