د. علي المؤمن ||
بناء على الفرق الجوهري بين المذهب وبين مجتمع المذهب؛ فإن هناك فرقاً جوهرياً أيضاً بين الشعائر الدينية للمذهب، وبين طقوس مجتمع المذهب، أي بين الظواهر التي تحظى بأصول تشريعية دينية، وبين الظواهر التي أوجدها المجتمع الديني لإحياء ذكرى دينية أو واقعة تاريخية مصيرية ترتبط بأصول المذهب. بمعنى أن هذه الطقوس المجتمعية المتمذهبة؛ تحمل هوية منسوبة الى الدين أو المذهب أيضاً، بصرف النظر عن مستوى قبولها أو عدم قبولها من الشريعة.
وتمثل الطقوس هوية المجتمع بالدرجة الأساس، وليست هوية المذهب؛ بينما تمثل الشعائر هوية المذهب وليس المجتمع. والفرق الأساس بينهما هنا يتمثل بدرجة الإلزام والقدسية في الإيمان والممارسة. فعقيدة المذهب الشيعي وشعائره - مثلاً - تجسدان جوهر المذهب وبنيته الدينية، كأصول التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد، وكذا فروض الصلاة والصوم والحج وغيرها، ولايجوز نكرانها وتركها؛ لأن ذلك يشكل معصية وإثماُ دينياً؛ بل كفراً أحياناً إذا كان إنكاراً بيّنا، وفيه عقوبة أخروية، بل عقوبة دنيوية في حال كانت هناك سلطة لتنفيذ أحكام الشريعة.
أما ممارسة الطقوس والعادات والتقاليد المجتمعية الصحيحة المنتمية الى المذهب؛ فهي ممارسة مستحبة، وليست واجبة، ولا يترتب على تركها جزاء أخروي أو دنيوي. ولكن قد يكون تركها مكروهاً ــ أحياناً ــ إذا ارتبطت بأصل شرعي واضح، بل تكون واجبة ــ أحياناً أخر ــ بالعنوان الفقهي الثانوي، إذا ما كانت تؤدي الى تقوية المذهب وتحمي دعائمه وتواجه الظالم الطائفي، استناداً الى حكم الفقيه وفتواه.
https://telegram.me/buratha