د. علي المؤمن ||
ظل العلامة الشيخ محمد علي التسخيري، طيلة فترة ما بعد العام 2003، يحاول مع الشيخ يوسف القرضاوي؛ للتخفيف من غلوائه وهياجه الطائفي وهلعه مما يسميه (( المد الشيعي))، وخاصة الفترة التي كان فيها آية الله التسخيري نائباً لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ويشارك القرضاوي إدارة الاتحاد، فضلاً عن علاقة الصداقة القديمة التي تربطهما، لكنه لم يفلح في محاولاته، وكنت شخصياً شاهداً على بعضها، وأسمع من الشيخ التسخيري تحليله لحالة الشيخ القرضاوي المستعصية، وهو ما أدى الى القطيعة بينهما، ثم انسحاب الشيخ التسخيري من الاتحاد وهيئة رئاسته. ومن يراجع بيان العلامة التسخيري بهذا الخصوص، والأدلة التي ساقها؛ سيندهش من مستوى الانحدار الذي بلغه الشيخ القرضاوي.
وفي الوقت نفسه؛ ظل القرضاوي مصراً على التباكي على صدام حسين وسنة العراق، واحتضان الجماعات الإرهابية المسلحة، وكذلك التباكي على سنة سوريا من ممارسات النظام (العلوي)، وعلى النظام السني البحريني الذي تريد الأكثرية الشيعية (إصلاحه)، وعلى سنة أفريقيا الذين تشيعهم إيران؛ لكنه لم يحرك يوماً ساكناً ضد أي من الحكام العرب والمسلمين الطائفيين، ومنهم أغلب النظم الخليجية كما ذكرنا، وقبلها نظام صدام حسين. فبالرغم من الممارسات الوحشية التي ارتكبها صدام وضج لها أهل الأرض والسماء، ولم يعرف تاريخ البشرية مثيلاً لها؛ فإن القرضاوي لم يصدر أي فتوى أو إدانة أو إشارة ولا حتى تحريك حاجب ضد صدام حسين، وكأن العراق لم يكن له وجود في عقل الشيخ القرضاوي وقلبه وضميره؛ إلَا بعد العام 2003، حين انتبه الى وجود بلد اسمه العراق، يتعرض فيه أهل السنة الى الظلم والتهميش والقتل على يد الحكومة الشيعية الطائفية!. ولكن حين كانت طائفية صدام تقتل يومياً مئات الشيعة، وتغتصب نساء الشيعة، وتصادر أموال الشيعة، وتهدم مساجد الشيعة، وتلاحق فكر الشيعة ومعتقداتهم؛ فإن الشيخ القرضاوي لم يكن يرى أو يسمع أو حتى يشم رائحة الدم.
ولم يزعج الشيخ القرضاوي نفسه يوماً لحل تناقضاته الطائفية، أو المقارنة بين مواقفه حيال الأنظمة والحكام، لأن مواقفه الطائفية الثابتة هذه تنطلق من عقدة نفسية يسميها هو: (( المد الشيعي))، وهو مادفعه للترحم على صدام حسين واستنكار إعدامه، كما اعتبر أن اعدام المالكي لصدام هو إعدام لكل السنة. وهنا تلتقي طائفية القرضاوي بطائفية صدام حسين، وبكل الطائفيين الذين نصَبوا القرضاوي مفتياً بأمرهم.. يحلل ويحرم، ويستبيح الدماء والأعراض؛ ليدمر بيديه تاريخه الحركي والفكري الكبير، وليتحول الى مجرد واعظ سلاطين ومفتياً للطائفيين. ولعل بيعته المخجلة لحاكم تركيا (أردوغان) في العام 2014 كخليفة للمسلمين ووريثاً للسلطنة العثمانية؛ دليل إضافي على شخصية القرضاوي المتحولة، أو التي كشفت عن نفسها، كما يقول صديقي المصري.
https://telegram.me/buratha