خالد جاسم الفرطوسي ||
نتخذ القرار لنحقق أمراً نريده في حياتنا، أو لنخرج من مشكلة تواجهنا. وهذه القرارات التي تُتخذ قد تكون قرارات مصيرية تؤثر في حياة الشخص كالطلاق فهو قرار صعب لأن تأثيره يتعدى على جميع أفراد الأسرة وقد يلحق بهم الضرر، وكالالتحاق بكلية واختيار التخصص فهو قرار صعب لأن تأثيره يستمر معك مدى الحياة.
وهناك قرارات لا تؤثر كثيراً كاختيار وجبة الغداء أو الذهاب لبعض الأصدقاء. فالقرارات تتفاوت في درجتها وخطورتها ولهذا لابد أن تكون هناك آلية صحيحة يستخدمها المرء في اتخاذ القرارات وخصوصاً القرارات المصيرية التي يترتب عليها تغيير مواقف وبناء الحياة.
وبقدر ما يكون المرء قادراً على اتخاذ القرار الصائب بقدر ما يكون نجاحه.
ونحن نرى كثير من الناس دقيقين جداً في تجميع المعلومات، ووضع الأسئلة، ودراسة الأحوال والمتغيرات، ولكن عندما تأتي لحظة القرار فإنهم لا يعرفون إلا طريقاً واحداً، وهو الارتجالية وسرعة البديهة.
والقرار البديهي ليس مذموماً مطلقاً، بل هناك حالات تتطلب من المرء أن يتخذ فيها قراراً سريعاً، كالقضايا الطارئة، فالدكتور يتخذ قراراً في صرف الدواء للمريض ويتطلب أن يكون القرار سريعاً لكنه يجب أن يكون مبني على علم مسبق.
إن صناعة القرار لا تعتمد فقط على البديهة أو الحدس وإنما تبنى كذلك على إجراءات تساعد على اتخاذ القرار الصائب، هذا وأن اتخاذ القرارات الإدارية من المهام الجوهرية والوظائف الأساسية للمدير، فإن مقدار النجاح الذي تحققه أية منظمة إنما يتوقف في المقام الأول على قدرة وكفاءة القادة الإداريين وفهمهم للقرارات الإدارية وأساليب اتخاذها، وفي هذه المادة سأذكر بعض اللمحات بشكل مختصر عن عملية صناعة القرار، نسأله تعالى التوفيق والهداية.
من المؤكد أن أول ما ينبغي علينا توضيحه هنا هو تعريف عملية اتخاذ القرار لننتقل منه إلى بيان أهميته مروراً بالمواضيع الأخرى ذات الصلة.
من التعاريف التي عُرفت بها عملية اتخاذ القرار، أنها عبارة عن اختيار بين مجموعة حلول مطروحة لمشكلة ما أو أزمة ما أو تسيير عمل معين.
ومن التعريف المذكور يتضح لدينا أن هناك فرقاً بين عملية اتخاذ القرار وعملية صناعة القرار، فالأولى هي عملية اختيار بين البدائل، أما العملية الثانية فهي الخطوات التنفيذية له.
أما عن أهميته فلا يخفى على الجميع الدور البالغ لاتخاذ القرار في الحياة الشخصية والمهنية، أذ إن اتخاذ القرار هو محور العملية الإدارية والحياتية، ذلك أنه عملية متداخلة في جميع وظائف الحياة والإدارة ونشاطاتهما.
فعندما تمارس الإدارة وظيفة التخطيط فإنها تتخذ قرارات معينة في كل مرحلة من مراحل وضع الخطة سواء عند وضع الهدف أو رسم السياسات أو إعداد البرامج.
ويعتبر القرار الإداري تصرفاً قانونياً أو نظامياً ووسيلة من وسائل الإدارة لتحقيق أغراضها وأهدافها، حيث يقوم القرار الإداري بدور كبير في مجال العملية الإدارية، فالقرار هو الذي يؤمن القوى البشرية والوسائل المادية اللازمين للعملية الإدارية، كما أن القرار هو الذي يبلور التوجهات والسياسات إلى أمور محسوسة، كما يعدل الأخطاء ويقوم الاعوجاج في مسار تلك العملية، كما أنه يوضح الالتزامات ويكشف الحقوق، مضافاً أن هذه العملية تضمن طابعاً تنظيمياً لكون القرار وإن كان يصدر باسم أحد المسؤولين إلا أنه ناتج عن جهود مجتمعة.
وتمر عملية تحليل القرار (مجموعة من العمليات المنطقية للتعرف على العناصر المؤثرة في قرار ما) بمجموعة من المراحل، هي:
1-حصر العناصر المؤثرة وتصنيفها.
2-تحليل علاقة أثر كل عنصر على الهدف من القرار.
3-تحليل العلاقة بين العناصر ذاتها وآثارها على القرار.
وهناك مجموعة من المعايير التي يجب مراعاتها عند تحليل القرار، هي:
1-الشمولية: فيجب إن يحرص متخذ القرار على شمولية كل المحاور المؤثرة في قراره.
2-الموضوعية: أي أن يكون هادف وليس نابع عن هوى النفس.
3-مراعاة الزمن: بمعنى أنه كلما مر الزمان وتأخر القرار أدى إلى ضعف أو تلاشي الأهداف المراد تحقيقها من القرار.
4-التفكير العلمي: وأهم سمات التفكير العلمي (التنظيم، البحث عن الأسباب، اليقين أن أمكن وإلا فالظن، الدقة، التركيز).
5-الابتكار والإبداع: رغم قيمة وأهمية دراسة تجاربنا للاستفادة منها في قراراتنا فإن التميز يحتاج إلى الإبداع والابتكار للخروج من القرارات التقليدية.
6-الادراك: وهو إسقاط ما لدى الإنسان من معرفة على الموقف أو الحالة التي هو بصدد اتخاذ قرار بشأنها.
https://telegram.me/buratha