✍️ خالد جاسم الفرطوسي ||
التبرير أو السبب الثاني: (إن الخطة الستراتيجية والتي لا تقل عن خمسة سنوات، تحتاج إلى قراءة واقعية دقيقة، ونحن نمر بمنعطفات سياسية واجتماعية واقتصادية سريعة لا تتحمل تنظيم خطة تشغيلية لا تزيد عن سنة، فضلاً عن الخطة الستراتيجية التي تتعدى الخمسة سنوات).
هذا التبرير أو السبب والذي سيليه هو أقل تأثيراً من الأول، كان من الممكن أن أزيد في البيان والسبل فيما تقدم في الحلقات المتقدمة، إلا أن ما دفعني عن ذلك هو أن واقع كل مؤسسة يختلف عن الأخرى وبالتالي أهدافها تختلف وكذلك وسائل تحقيقها، مما سيجعل البحث فيها مطولاً، فاكتفيت بما تقدم.
بلا أدنى ريب أن السبب الثاني واقعي ودقيق، فالمنعطفات التي نمر بها سريعة وبعضها خاطف، لا يتحمل أن نرسم خطط استراتيجية بل حتى التشغيلية منها، ولكن ما ليس بواقعي وصحيح هو أننا نعرض عن التخطيط كلياً، فما لا يدرك كله لا يترك جله ..
من شروط الخطة العلمية الصحيحة أن تكون مرنة، أي من الممكن أن نقوم بالتغيير في أهدافها ووسائل تحقيقها؛ بل من الممكن أن نغير رسالة المؤسسة على شرط أن يكون ذلك بمنهجية وواقعية ولأسباب ترجح ذلك.
أي أن كل خطة لا تتميز بالجمود بل أنها مرنة، وإلا ماذا تفسرون وضع بعض الدول خطط استراتيجية لخمسين عام ومائة عام.
كل ما في الأمر أن على كل مؤسسة أن يكون لديها فريق تخطيط ناجح يجمع بين العلم والخبرة في ذلك.
هذا الفريق سيتمكن من تغيير ما يمكن تغييره في الخطة من دون أن يؤثر على مسير المؤسسة، وسيكون هذا الفريق عامل إزدهار وفخر لتلك المؤسسة.
ومن هنا يتوجب على كل مؤسسة أن تقوم بإعداد وتأهيل فريق للتخطيط، فالأمر ليس سهلاً كما تتصورون، وهو ليس بصعب كما تتصورون، أنه بحاجة للسعي والإخلاص الجادين، وسترون كل ذلك يتحقق أمام ناظريكم في مستقبل هو أمل وطموح كل مدير ومنتسب، الأمر لا يحتاج سوى العزيمة والسعي، فتوكل على الله ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فلا تعلم نفس ما يخبأ لها الغد.
التبرير أو السبب الثالث هو: (إن الإدارة العليا والتي هي أعلى من مدير المؤسسة لا ترسم خطة استراتيجية، فضلاً عن أنها لا تحدد أهداف للمؤسسة، فكيف والحال هذا يتطلب من مدير المؤسسة أن يضع الخطط والأهداف التي ربما لا توافق عليها الإدارة العليا، فضلاً عن عدم صرف الموازنة لها).
وهذا هو أهون مما تقدم، وهو في غاية السهولة، كل ما نرجوه من مدير المؤسسة المعنية أن يفهم من الإدارة العليا مهمة المؤسسة أي رسالتها، وبالتالي يستلزم من ذلك المدير إحالة تلك المهمة إلى فريق التخطيط وأن لم يكن يمتلك ذلك الفريق، يتعين عليه عمل جلسات للعصف الذهني مع بعض أو كل المنتسبين، يحدد من خلالها ما يتمكن من تحديده من أهداف ووسائل لتحقيقها، وما لم يتمكن منه من قبيل الرؤية والرسالة والقيم، فمن الممكن أن يراجع فيه أهل الخبرة والاختصاص؛ على شرط أن يتم وضع الخطة بتحليل واقعي ودقيق للبيئة المحيطة والمؤثرة بالمؤسسة؛ بعد الانتهاء من ذلك يتم رفع تلك الخطة للمصادقة أو للتعديل عليها من قبل الإدارة العليا، لتكون منهاجاً يستضاء به ومناراً تسير به المؤسسة، بدلاً من السير في ظلمات لا يعرف بدايتها من نهايتها تجعل المؤسسة تدور في دائرة مفرغة فتبدأ من حيث تعود وتعود من حيث تبدأ، وهي أما جاهلة بذلك أو أنها تتجاهله، وكلاهما يرجع بالسلب على المؤسسة وعلى مديرها وعلى كادرها بل وعلى المجتمع الذي هي فيه، وبالتالي ستكون سوءاً ونيراناً على صاحبها في الدنيا والآخرة، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فلا نتهاون بمؤسساتنا حتى لا تكون وبالاً علينا وعلى الأجيال التي ستلينا وحتى لا تكون لنا حطباً تتوقد منه نار جهنم علينا وعلى من كان سبباً في ذلك.
ختاماً لا أريد الإطالة في ذلك، صحيح أن الموضوع مهم، إلا أن في ذلك كفاية لمن لديه ولو خبرة بسيطة في عالم الإدارة وإدارة المؤسسات بالذات.
https://telegram.me/buratha