د.حيدر سلمان||
تشهد اليوم واشنطن عاصمة القرار السياسي، قدوم ادارة الرئيس المنتخب جوزيف بايدن لتنهي حقبة اكثر الرؤساء الامريكيين جدلا وتطرفا وحماقة وهي ادارة دونالد ترامب التي شهدت ميولا غير مسبوقة نحو اسرائيل والسعودية والامارات مع ضغط كبير على حلقاء اخرين منها العراق والاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا واستراليا، ناهيك عن الداخل الامريكي الذي انقسم على اللون والدين والعرق بشكل لافت.
ادارة ترامب كانت اكثر ادارة تم فيها الاقالات والتبديل مع محاولات مستمرة من ترامب للسيطرة على القضاء والادعاء العام، ما تسبب في محاولتي عزل للرئيس وقضايا اتهام متفرقة تنتهي بانتصاره بشراء الذمم والاقتصاص لاحقا من الشهود برغم مكانتهم المرموقة في مفاصل الدولة تراوحت بين تلفيق تهم لهم ومحاولة تجريمهم وفصلهم كاقل تقدير.
كانت كذلك ادارته الاكثر تطرفا حيث عاد مجددا مصطلح "الرجل الابيض" تارة وكونه "المبعوث الالهي" لصيانة الدين ومن ينسى رفعه الانجيل ردا على مجلس النواب الامريكي اثناء فترة محاولة عزله، وكيف وضع قرارات اصدرها بنفسه وهو يتفاخر انها ضد المسلمين، وكيف وصف حكام الدول ذات البشرة السوداء بالقذرين او كيف يتحدث عن اعراق وانساب بتطرف لافت وغير مسبوق من اي رئيس امريكي.
كذلك كانت اكثر فترة من الانسحابات من الاتفاقات والالتزامات الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة في ادارات وعهود سابقة منها اتفاقية حقوق الانسان والتجارة الحرة والمناخ والاتفاق النووي مع ايران واتفاقية الصورايخ واتفاقية انتشار الاسلحة النووية وغيرها الكثير.
كذلك اوصلت العالم ولعدة مرات لشفت اندلاع حروب عالمية واقليمية في عدة اماكن بالعالم واستخدام الجيوش والجيوش البديلة في سياسة غير مسبوقة كنت قد اسميتها سابقا "سياسة حافة الهاوية" من دون حساب مدى المخاطر المترتبة عن ذلك.
ادارة ترامب كذلك قامت باستخدام القانون الداخلي الامريكي لتجريم و وضع عقوبات على كل من عاكسها داخل الولايات المتحدة وخارجها، و استخدمت سلاح العقوبات المالية تمهيدا لوضع اسماء كل من يناوئها على لائحة الارهاب، و كأن الارهاب موجه ضد ادارة ترامب وليس استخدام عنف ضد مدنيين او ما شاكل.
كذلك قامت باستخدام عملة الولايات المتحدة "الدولار" بشكل بشع كنوع جديد غير مسبوق من العقوبات، وهذا الامر غير شرعي، حيث العقوبات الدولية فقط تستمد شرعيتها من قرارات مجلس الامن، وقام مع ذلك بمحاصرة دول كثيرة وتجويع شعوبها بشكل متعمد بطريقة حصار لم يشهدها العالم سابقا.
كذلك قام ترامب بمنح اراضي دولا، لدول اخرى كما حدث مع الجولان و القدس وباقي الاراضي الفلسطينية معاكسا الارادة الدولية ومهمشا ومصتغرا قرارات مجلس الامن الدولي، وكل قراراته بالمطلق كانت لصالح اسرائيل دونما الاهتمام او سماع راي حتى الحلقاء.
ادارة ترامب كذلك قامت بمباركة حروب تعد الاقذر والاكثر دموية برغم الصيحات العالمية لضرورة ايقافها كونها غير انسانية واعتداء على دول ذات سيادة كما في اليمن وسوريا.
في عهده نمت حركات التمرد حول العالم نتيجة السياسة التي اعتمدت القوة والضغط غير المبرر معطيا اسبابا كافية لنمو تلك الحركات ذات الطابع المسلح حول العالم، مشرعا بشكل غير مباشر ذلك السلاح المنفلت والتي نالت منها الولايات المتحدة نفسها جزء يسير، ومن منا لم يرى سلاح منفلت ومليشيات داخل امريكا وامام الكاميرات وهي توالي ترامب.
في عهد ادارة ترامب انتشرت جائحة الكورونا COVID19 وبدلا من محاولة احتواء انتشارها وهي مسؤولية اخلاقية معروف عنها انها على عاتق الولايات المتحدة لكونها لديها كل الامكانيات والموارد البشرية والمالية وبدلا من احتواء المرض كان فرحا بانتشاره في بداية الامر في الصين ثم ايران وكانها لن تصل لبلاده، والنتيجة انتشار واسع في الولايات المتحدة بل ان ثلث الحالات والوفيات في امريكا وحدها ناهيك عن تعمد واضح في فتح الاقتصاد والدولة والاماكن العامة والمدارس، ومنع الاغلاق العام وانتشار الجائحة لمراحل خطرة ووفيات لا تعد ولا تحصى وحديثه المستمر بطريقة هزيلة وكانه طبيب وعدم انصاته لذوي الخبرة ومضايقته غير المسبوقة للصحة العالمية.
في عهده، لم تشهد اي من الادارات الامريكية السابقة هذا الكم الكبير من معاداة الصحافة وحريتها حيث لم تبقى وسيلة اعلام الا و قام بمضايقة اعلامييها بشكل لافت واغلب الاحيان علنا وامام الكاميرات.
في عهده لن ينسى العالم كم الميول للامير محمد بن سلمان برغم فضيحة هزت العالم ببشاعتها بتقطيع اوصال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده في اسطنبول، برغم الادانات الدولية وكم الدلائل التي قدمت، بل و قام بتبرئته بنفسه معللا السبب بنجاح صفقات بيع السلاح الى المملكة العربية السعودية في حربها في اليمن التي لم تبقى نداءات انسانية لايقافا الا وصدحت.
كما انهى ترامب مسيرته السياسية بانتحار سياسي بمحاولته الطعن بالديمقراطية الامريكية التي كانت تعد انموذجا لباقي الدول واستمراره بالطعن بالانتخابات واستخدامه لمناصريه في وضع الدولة، و ولاياتها تحت وضع امني غير مسبوق، و دعمه لجماعات مسلحة داخل امريكا اقتحمت ولعدة مرات مباني حكومية واخرها مبنى الكونغرس وسابقا حاصرت مباني حكومية منعا للاغلاق في عدة ولايات ضد حكامها في اوج فترة انتشار مرض الكورونا COVID19.
هناك الكثير من التطرف مما لايعد ولا يحصى في ادارة دونالد ترامب التي تعد اسوء ادارة في تاريخ أمريكا والتي لن يذكر منها العالم غير التطرف والحروب والتفاهة والمشاكل والاغتيالات، نالت الولايات المتحدة نفسها منها الكثير.
• ما على الرئيس جوزيف بايدن؟
بالتاكيد لن يكون الطريق معبداً امام الرئيس الامريكي المنتخب جوزيف بايدن لاعادة التزامات الولايات المتحدة للاتفاقات والالتزامات الدولية كما لن يكون سهلا السيطرة على الداخل الامريكي البيه متفرق، كما لن يكون سهلا اعادة السياسة الامريكية العامة الخارجية بما يعكس كفاءة الادارة، ولكن كلنا نعلم جيدا ان بايدن يحمل من القدرة والخبرة السياسية ما يؤهله لذلك.
نهي مقالي بمستوى التاثر المحلي العراقي تحت ادارة ترامب حيث المعروف ان العراق يتاثر تاثيرا مباشرا بما يحدث في الولايات المتحدة بسبب علاقته معها وكونها متداخلة معه عسكريا وسياسيا وماليا واقتصاديا، حيث ساعدت ادارة ترامب العراق في حربها ضد داعش، ولكن سرعان ما انقلبت ادارته ضد كل ماهو عراقي، وتسبب بمشاكل كبيرة فرقت العراق فوق ماهو متفرق اصلا، ناهيك عن تهديد ترامب المستمر بوضع العراق تحت العقوبات، مرورا باغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي "ابو مهدي المهندس" والجنرال الايراني "قاسم سليماني" في قلب العاصمة بغداد بطائرات مسيرة بخوة غير محسوبة العواقب، كذلك حديثه المستمر عن سيطرته على كامل ثروة العراق النفطية، وحتى سوريا، في حالة عدم حياء غير مسبوقة، مرورا بضرب قطعات عسكرية بشكل متفرق، مرورا بوضع اسماء عديدة تحت لائحة العقوبات، ما اعطى اسباب كافية لحمل السلاح الغير شرعي لعدة جهات حزبية، واخر ما فعله في ايامه الاخيرة عفوه الرئاسي عن قتلة عراقيين مدنيين، في قلب العاصمة بغداد والذين تم تجريمهم مسبقا من قبل القضاء الامريكي نفسه.
اليوم وفي فترة كتابتي للمقال اعلن ترامب الذي لم يبقى له الا ساعات قليلة عن نيته انشاء حزب اسماه "حزب الوطنيين" ما يعني نبذه حتى من الحزب الجمهوري الامريكي وهو من رشحه اصلا الى سدة الرئاسة، متحدثا عن انجازات لا وجود لها، متفاخرا بمحاربته جائحة الكورون،ا التي اكثر من اذت، هو الشعب الامريكي نفسه وقتلت منه مالم تقتله اي حرب قبلها.
انهي حديثي بمقاربة عامة لكل القراء حول شخص ترامب الذي اضر الولايات المتحدة اكثر من الضرر على اي امة اخرى:
ليس كل من يدعي الوطنية وطني
ليس كل من يدعي محاربة التطرف وسطي
ليس كل من يمنع الارهاب غير ارهابي
ليس كل من يحارب الفساد غير فاسد
واخيرا:
ليس كل ما يلمع ذهباً
٢٠ يناير ٢٠٢١
ـــــــ
https://telegram.me/buratha