خالد جاسم الفرطوسي ||
الحلقة الثانية:
· سلسلة وهن الإلحاد
· قراءة سريعة في (٤) حلقات
ذهب الكثير من الفلاسفة الغربيين أن مصدر الأخلاق هو الزمان والمكان؛ وهذا مذهب من قال في نسبيتها.
وقال البعض أن مصدر الأخلاق هو الوجدان، وهو مذهب الفيلسوف كانط، وعلى مبتناه ذهبت الكثير من المذاهب الغربية ومنهم الملاحدة، ويطلق عليهم (الحدسية)، ذلك أنهم قالوا أن القيم والواجبات الأخلاقية يمكن إدراكها بالبداهة، وإن الحقائق تدرك بالحس.
ولو أننا سألنا هؤلاء: من برأيكم الذي أودع تلك الأخلاق في وجدان الإنسان؟
بدون أدنى ريب ستختلف الأجوبة بحسب عقيدة كل منهم، فالإسلاميون سيقولون أن ذلك من خالقنا وبارئنا جل وعلا وبواسطة وسائل طبيعية، وكذلك الكثير ممن يعتنقوا العقائد السماوية.
وغيرهم سيقول لك أنها بفعل البيئة أو عامل الوراثة من دون أن يكون لها أرتباط غيبي.
أما مذهب العاطفية، فقد ذهب إلى أن الأحكام الأخلاقية تعبير عن تعجب عاطفي بدلاً من دعوات الحقائق.
أما الملاحدة ممن غشيَّ على بصره وبصيرته فتجد منهم من يعتقد بما ذهب إليه الفيلسوف كانط ومنهم من يذهب إلى القول بالنظرية العاطفية.
وهناك من الإسلاميين ممن قال أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، هما مصدر الأخلاق.
وقد اعترض بعض فلاسفة الغرب وغيرهم على ذلك بالعديد من الاعتراضات كان منها:
إن كان مصدر الأخلاق هو القرآن والسنة النبوية، فهل من الممكن توضيح كيفية تخلق غير الإسلاميين ومنهم الملاحدة بالأخلاق الحسنة ونفورهم من سيئها ؟
ومجموعة أخرى اشتهر عنها القول بأن للإنسان قوى ثلاث وهي القوى الفكرية والشهوية والعصبية؛ وإن حد الوسط في تلك القوى الثلاثة هو أصول الأخلاق ومصدرها.
وسمي حد الوسط في القوة الفكرية بالحكمة والافراط فيها بالجربزة والتفريط فيهما بالبلادة، وحد الوسط في القوة الشهوية سمي بالعفة وطرف الافراط بالشّره والتفريط فيهما بالخمود، وفي القوة الغضبية سمي الحد الوسط بالشجاعة والجانبان منها بالتهوّر والجبن.
وتحصّل من اجتماع هذه القوى الثلاث قوة رابعة سميت عندهم بالعدالة.
وقيل أن الفضائل كلها ناشئة من تلك الأصول الأربعة كما أن الرذائل كلها ناشئة من الأصول الثمانية الواقعة في طرفي الافراط والتفريط.
وفي مقالتي الموجزة هذه لا يمكن التعرض في الرد على سقيم القول منها وبيان صحيحها ولو في جزء منه، مكتفياً بسردها وعرضها، آملين أن يديم الباري علينا نعمه وتوفيقه لضمها بين دفتي كتاب مستقل يبحث في مصدر الأخلاق ونسبيتها من إطلاقها.
التتمة في حلقة أخرى..
https://telegram.me/buratha