دار الإنسان في تكوينه الأولي الذي أوجده به الله عز وجل في عدة مراحل فهو في رحم أمه عاش عدة أطوار كما تورده الآيات الكريمة. وكل هذه الأطوار ما هي إلا مؤشرات للتغيير الذي يعيشه الجنين في رحم أمه، وكذلك بعد الولادة يعيش الفرد مراحل مختلفة من الطفولة ثم شاباً فكهلاً إلى آخره. كما تتغير مسؤوليات الإنسان بتغير مرحلية حياته، ففي زواج الفرد تختلف مسؤولياته. ونجد أن الباري تعالى قد أوجد متغيرات في محيطنا الذي نعيش فيه، حيث يتعاقب الليل والنهار وتتعاقب الأشهر والأيام وتتعاقب الفصول الأربعة، بل حتى ساعات النهار وساعات الليل في حالة تغير مستمر وقيمة ساعات السحر تختلف عن غيرها من الأوقات، ومن هنا نجد أن هذا النظام الكوني المتغير يفرض علينا ضرورة أن يكون التغيير جزء من حال الإنسان؟ وأن لا يعيش في حالة واحدة ومستوى حياتي واحد، وأن يعيش ويستشعر التغيير في كيانه. تعريف التغيير: قالوا أن التغيير ما هو إلا عملية تحول من واقع نعيش فيه إلى حالة منشودة نرغب فيها. حيث يتجسد التغيير في التحول من (1) إلى (2) أي الانتقال من حالة يعيشها كل واحد منا إلى طموح ورغبة وحلم وأمنية ينشد تحققها. وهذا قمة التفكير الفعال، أي أن الإنسان يرغب في تغيير ذاته وفي تغيير واقعه وصناعة الأجواء والمناخات التي تحفز الذات والآخرين نحو التغيير. هل يختلف علم التغيير عن وسائل المساعدة الذاتية ؟ ربما أن ما يجول في ذهنك حالياً فيما يتعلق بكتب المساعدة الذاتية بهذا الشكل: { إنها تقدم ادعاءات قوية للغاية!}. أو ربما تحتج في صمت وتقول لنفسك: { إنها الادعاءات المعتادة لكتب المساعدة الذاتية الرائجة}. إن كلا الرأيين صواب، فهذه ادعاءات قوية ومعظم كتب المساعدة الذاتية تقدم نتائج غير واقعية وغير مثبتة. ولكن عقوداً من البحث والممارسة تؤكد صحة الأساليب المتبعة في علم التغيير، وهذا هو الفرق الجوهري بين كتب علم التغيير وكتب المساعدة الذاتية. أنني آسف بسبب المادة المهينة وغير العلمية الموجودة في معظم كتب المساعدة الذاتية، والتي يمكن تلخيصها، أي العيوب الأساسية الموجودة في مصادر المساعدة الذاتية بأربعة جوانب: 1. إنها ليست مركزة على الأبحاث. 2. لا تقدم استراتيجيات محددة وعملية. 3. تركز فقط على جانب واحد من الحل. 4. لا تقدم النصائح المناسبة للقارئ العادي. والآن دعنا نبين كل عيب من هذه العيوب، وفي الوقت نفسه كيف يمكن تصحيحه: إن نسبة مذهلة تزيد على 95% من كتب المساعدة الذاتية لا تقدم أبحاثاً علمية تثبت أنها مفيدة في المساعدة الذاتية، حتى أن بعض الكتب الأكثر مبيعاً تقدم نصائح مضمونها أن الأبحاث المتوافرة تناقض ما تحتويه. فكتب المساعدة الذاتية التي تنقل العلم فقط لن تثبت فائدتها، سيكون الأمر فعالاً بنفس درجة فاعلية تقديم قائمة طعام لشخص يتضور جوعاً. وهناك مشكلة أخرى في معظم كتب المساعدة الذاتية تتمثل في أنها تحصر تركيزها في جانب واحد فقط من عملية التغيير. تخيل لو أن شخصاً وعد بأن يساعدك على تأدية ضرائبك ولكنه أعطاك نصائح فقط بشأن كيفية ترتيب فواتيرك. سيظل الجزء المتبقي من العملية محبطاً وناقصاً. هذا يصف بشكل ملائم معظم كتب المساعدة الذاتية، فهي تعرض جزءاً واحداً من العملية: (تحديد الهدف أو إيجاد الإلهام أو ضمان الاستمتاع أو تعلم بعض الاستراتيجيات السلوكية). ولكن ينتهي الأمر بالقارئ مثل الرجال المكفوفين والفيل في القصة الشهيرة حيث تكون جهوده ناقصة وعقيمة. وعليه فأننا سنتناول في حلقاتنا هذه عملية التغيير بأكملها وفق منهجية علم التغيير وليس وفق ما تبينه كتب المساعدة الذاتية، سنبدأ بتغيير النفس وبتطوير الذات وما يتعلق بهما من مباحث مهمة، ثم نأخذكم إلى خطوات التغيير التي تستطيعون استخدامها بأنفسكم وتكييفها لتناسب حياتكم بأجمعها بإذنه تعالى.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha