دراسات

اسباب الفشل ـ الجزء الأول ..!


 

عبد الحسين الظالمي ||

 

القضية ليس  سهلة ابدا وليس نزهة، القضية قضية حكم بلد اسمه العراق تاريخا وموقعا ومقدسات و شعب يمتاز بصفات تختلف عن بقية الشعوب .

خرج من اتون حكم دكتاتوري مقيت على يد  دولة عظمى لها خططها ومأربها .

تركت كل من الدكتاتورية والاحتلال  اثارا كبيرة على مجمل امور البلد وفي جميع مناحي الحياة في البنى التحتية والعلاقات الاجتماعية واسلوب وطريقة الحياة

وحتى البديل الذي اختير كنظام لم يكن ملائما من حيث الظرف الزمني ومن حيث الارضية المناسبة فمن (قهر وظلم وقتل الى حرية وفوضى مطلقه) .

 فمن يريد ان يبحث اسباب  فشل تجربة الحكم الجديد ما بعد ٢٠٠٣ ويقف على اسباب الفشل بانصاف وحيادية لابد له من مراجعة كل هذه الملفات واهمها - ملف تركت النظام السابق - دور الدولة المحتلة للعراق (امريكا) وصراعها الاقليمي ومصالحها ومصالح حلفائها - موقع العراق الجغرافي - هوية النظام الجديد - التعدد  الطائفي والقومي.

هذه الملفات مهمة جدا لمن يريد ان يخوض في اسباب فشل التجربة السياسية الجديدة في العراق  ومن غير المهنية والانصاف ان نحمل الفشل كل الفشل لواحد من هذه الملفات دون الملفات الاخرلانها  متداخلة ومشتركة في عملية الفشل  ولابد من الاعتراف ان الخوض في هذه الملفات يخرج البحث من مساحة المقال الى مساحة الدراسة ولكون النشر يجر في كروبات غالبا ما يمتازاغلب اعضائها بالقراءة الخاطفة والسريعة للمواضيع ناهيك عن صعوبة ربط حلقات الدراسة مع بعضها  لسرعة النشر في الكروبات ومرور المواضيع بسرعة.

لذلك قررنا المرورعلى هذه الملفات بشكل يعطي القارىء فكرة في الربط  بين حلقات الموضوع.

اولا - تركة النظام السابق  -

لاشك ان التركة التي خلفها النظام لخصها نفس رأس النظام بعبارة موجزة (من يريد  ان يستلم  العراق نسلموا تراب) وفعلا سلم العراق مدمر تدميرا كاملا وخصوصا البنى التحتية الخدمية والصناعية وحتى البنية الاجتماعية ناهيك عن ترك ذيل طويل من اتباعه وانصاره منتشرين  في جميع مناحي الحياة وقد ضربت مصالح البعض منهم فيما تسلق البعض منهم الى مواقع مرموقة في النظام الجديد ناهيك عن الارتباط السياسي مع الحزب وخصوصا في مناطق محسوبة على النظام .

هذا النظام الذي ترك علاقات اقليمية ودولية متشنجه جدا وديون بالمليارات تثقل كاهل الدولة مع مئات الالالف من الضحايا وبشكل عام دولة محسوبة على بدايات القرن العشرين وليس على بداية القرن الواحد والعشرين وهذا  يعني تخلف زمنه قرن كامل . فهل يترك اثار على الوضع الذي بعده ام لا ؟.

ثانيا -

ساهمت سياسات النظام السابق المتشنجة مع المحيط الاقليمي والدولي وخصوصا مع دول الخليج في التحشيد ضده لغرض اسقاطه، وقد تولت الولايات المتحدة الامريكية هذه المهمة لتظرب عصفورين في حجر تلبي رغبة حلفائها من  دول الخليج  وان تكون قريبة من خصمها التقليدي ايران وان تضع يدها على كامل نفط الخليج الذي يعتبر العراق ثاني اكبر احتياط نفطي  مما جعلها تدخل بقوة حاملة معها نموذج خاص لحكم العراق ربما شبيه بالحكم في باكستان  وفق فصالها ولكنها اصتطدمت بالواقع الذي رفض  هذا النموذج  وكان على راس الرافضين المرجعية مما جعلها ترضخ للواقع الذي فرض نفسه عليها.

ولكنها اضمرت سياسة بديلة وهي (سياسة افشال البدي ) الذي فرض عليها وقد نهجت سبل شتى في سبيل تنفيذ كل حلقات نظرية الافشال الذاتي مما جعلها تجند كل ماهو ممكن في سبيل تهيىء الاجواء للخلاصة التالية والتي تقول فيها امريكا ( بديلكم فاشل وهو سبب مشاكلكم لذلك على العراقين طرده والعودة الى ما خططت له ).

ثالثا - الموقع الجغرافي للعراق ... يعتبر العراق ممرا رابطا بين الشرق والغرب وصمام امان الخليج وعنق الزجاجة فيه  بالاضافة الى ما يحتوي علية هذا الموقع من ثروات بالقوة والفعل موجوده ما يجعله موقعا مهما يطمع فيه من يريد التخطيط لمستقبل المنطقة بالاضافة الا انه مجاور لدولتين مهمة جدا لامريكا والخليج وهما ايران العدو التقليدي للخليج وامريكا وتركيا المنافسة للسعوديةفي ارتداء العباءة الاسلامية وقيادتها ، بالاصافة الى وجود حليف في  شمال العراق وهم اكراد العراق بما يسمى اقليم كردستان والذي يحضى بدعم وحماية امريكية منذ عام ١٩٩٠وهو واقع حال .

رابعا- نوع وهوية النظام الجديد ..

  خرج العراق عام ٢٠٠٣ من نظام قمع مركزي يحكم بالحديد والنار تاركا خلفه الالالف من الضحايا والذي يتوق اغلبهم للانتقام من الوضع السابق لينتقل البلد من هذا النظام الى نظام لا مركزي ديمقراطي دفعة واحة وبدون مقدمات مع تدمير لكل البنى التحتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعقد ومخلفات نفسية وتركة ثقيلة من افكار الماضي  ما جعل نوع النظام الجديد يميل الى لون جديد من انظمة الحكم وهو النظام الديمقراطي  الامركزي ومع تطور وسائل الاتصال والانفتاح تحولت الحرية الى شبه فوضى مما ادى الى استغلالها اشد انواع الاستغلال  من خصوم العراق الداخلين   والخارجين لندمير البلد بدلا من بنائة .

وقد اتسم النظام الجديد بحكم الاغلبية المضطهدة سابقا ليكون النظام الجديد ذا طابع شيعي بحكم كونهم الاغلبية وان لم يكن المذهب الشيعي هو من يحكم بل مجرد وجود قيادات في الصف الاول للنظام هم من الشيعة وهذا  ما جعل  النظام في العراق مختلفا و يسبح في بحر من الطائفه السنية في الدول المجاورة ماعدا ايران.

ما جعل الكل يتربص بهذا النظام ويتعاطف مع اتباع النظام السابق متناسيا خلافاته معهم ومع  نظامهم  خصوصا وان الاغلبيةالانظمة تختلف مع ايران وهذا النظام اكثر قربا  معها مما جعل العلاقات بين العراق وهذه الدول في مد وجزر وخلافات ومؤمرات مستمرة .

وقد جندت بعض هذه الدول كل امكانياتها لغرض افشال واسقاط هذا النظام واثبات فشلة وعلى راسها العربية السعودية  لكون النظام الجديد في العراق اقرب لايران من قربه لها سياسيا وعقائديا وسلوب حكم .بالاضافة الى الهوية تاتي طريقة ادارة الدولة والذي اثبت التجربة فشل قيادات الصف الاول  في ادارة الدولة نتيجة حجم الخلافات بين الشركاء الشيعة انفسهم وبينهم وبين شركائهم من المكونات الاخرى اذا اصبح الحال في ادارة الدوله ينطبق عليه المثل القائل ( كل يجرالنار الى قرصه) ما خلق اجواء كانت ملائمة جدا لانجا اي مشروع يهدف الى تقويض النظام الجديد وافشاله وكاد ينتهي النظام الجديد عندما جندت الاطراف الاخرى تنظيم داعش للقيام بهذه المهمة ولكنهم فشلوا بفضل الله وحكمة المرجعية  .

  ولم ينتهي المسلسل بفشل داعش بل استمر باشكال واللوان اخرى ومنها اغراق اغلب الاحزاب والشخصيات المتصدية بالخلافات  والفساد واشغالهم بمعارك جانبية  جعلتهم ينشرون  غسيل بعضهم البعض  مما جعل الانقضاض عليهم قاب قوسين او ادنى ، حرقت اغلب مقراتهم  بدافع الفشل والفساد وسوء الادارة  ثم اجتثاث اغلبهم من المواقع المهمة والمسلسل مستمر لبلوغ نقطة النهاية المعدة لسياسة الافشال بالادوات الذاتية ( نظرية الضد النوعي ) .

خامسا : التركيبة الطائفية والقومية للبلد .

الاختلاف الطائفي والقومي في العراق وتوزيعة جغرافياعلى مناطق محدد بكل مكون او قومية(شمال اكراد. والغرب سنة والوسط والجنوب شيعة) شجع على اثارت الخلافات بين الشركاء مما وسع من مساحة فقدان الثقة بين هذه الاطراف واصبح الكل يسعى من احل استغلال الطرف الاخر ما استطاع لذلك  دون النظر الى مصلحة البلد العليا والمصير المشترك، الاكراد حاولوا استغلال الفرصة الذهبية لهم لذهاب الى ابعد ما يستطيعون من تحقيق اهدافهم  مستغلين شركاتهم مع الشيعة في قضية قهر النظام للطرفين فيما حاولوا استغلال عملية التوازن بين الشيعة والسنة افضل استغلال .

فيما استغل السنة قضية التهميش والاقصاء  لفرض المحاصصة والتي تخدمهم وتخدم الاكراد

مما جعلهم يضعو  العصا في دولاب عجلة الحكم كلما سنحت الفرصة لهم بذلك .

وفي الخاتمة نقول مايلي:

اولا-- في بداية  التغير كان المستفاد الاول  الاكراد والشيعة  لنجاحهم  بتغير النظام مستفادين من الاحتلال الامريكي .

ثانيا - المستفيد الثاني الجمهورية الاسلامية لكون النظام الجديد نظام اقرب لها من النظام السابق والانظمة المجاورة الاخرى رغم وجود الامريكان على حدودهم الغربية .

 اما الخاسرين فهم امريكا ودول الخليج والباقين من البعثين  باعتبار ان الامور جرت بغير ما تشتهي السفن . ل

ذلك وضعوا الخطط وجندوا كل الامكانيات  لنجاح مخطط افشال العملية السياسية  بقيادة الشيعة واثبات هذا الفشل عمليا  وللاسف نقول هذا ما تحقق  فعلا على ضوء التحليل المادي  للامور  وقد انقلب ميزان الامور لتكون على الشكل التالي

اولا : احتفظ  الاكراد  بالموقع الاول لكونهم  اكثر المستفيدين  وقد استغلوا ذلك افضل استغلال.

ثانيا:  حول الامريكان واتباعهم ومعهم البعثين

ومن معهم  خسارتهم السابقة الى نجاح  للمشروعهم  والذي يتظمن افشال وابعاد  القيادات الشيعية من المشهد السياسيي ليعودا ويتصدرون المشهد  في العراق  من خلال شخصيات موالية لهم ولمنهجهم  والذي ينسجم مع رغبة بعض من دول الخليج  وبذلك تكون بعض من دول الخليج هي الرابح الثاني بعد الامريكان  في نجاح مخطط افشال الشيعة  في الحكم ثم ياتي دور السنة ليكونون هم الورقة الوسطية في الربح والخسارة في المشهد فبعظهم خسر نتيجة خسارة حلفائة الشيعة وبعضهم ربح نتيجة تقدم حلفائة من المعسكر الامريكي  وكلا حسب مصالحه ومنطلقاتة طائفية كانت ام مصالح سياسية . وكل هذا وفق  التحليل المادي  والذي يعني واحد زائد واحد يساوي اثنان .  هكذا المشهد الان  المشروع الامريكي يتقدم  ويمضي باتجاه اكمال حلقات اثبات فشل الحكم الشيعي في العراق الذي اجهض المشروع الامريكي  الجاهز لحكم العراق  في بداية السقوط  .

اما من وجهة نظر اخرى تنظر ابعد من التحليل المادي المجرد فقد اثبتت التجربة ولاحداث  ومنها قضية داعش ان هناك امور وابعاد يمكن ان تغير الامور وتقلبها راسا على عقب  وتحول الخسارة الى انتصار رغم فشل البعض وفسادهم وسوء تصرفهم  وعبثهم بثروات البلد ومقدراته ولكن هذا  لا يعني ان الاخرين اشرف وانزه  واعدل منهم بل ربما يكون الاخرين هم اصلا سبب كارثة العراق وما يجري فيه الان من اثاروهم اكثر فساد وراقة دماء ومكر واستغلال ولكنهم   نجحوا في تكوير ذلك براس الحكام الشيعة من حيث الظاهر اما عند الله فهم شركاء وربما اكثر جرما .

 لذلك نقول دماء الشهداء وحرمة المقدسات وظلامة الناس البسطاء وما يعانون في حياتهم اليومية وارادة الله سبحانه وتعالى التي لا تخفى عليها نويا الاخر واهدافه وما سفك من دماء وهدر من اموال قادرة على قلب الخسارة ربحا وانتصارا بفضل وجود المرجعية الرشيدة ورجال صدقوا ما عاهدوا الله علية فمنهم من قضى  نحبة ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم .

فلا تستبعدوا النصر والغلبة والله ولي الصادقين المتوكلين حقا والمعتمدين على قوته  والعاملين من احل مرضاته .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك