رياض البغدادي ||
ثالثا ۔ ان أمامنا تحديات واسعة و كبيرة بطبيعة الحال ، قد لا نشعر بها شعورا مباشرا . . هذه التحديات هي في سيادة او شيوع مفاهيم واعراف ، ولا نقول قيم ومبادىء لا تتصل بقيم ومبادىء الاسلام اتصالا حيا او اتصالا طبيعيا من قريب أو بعيد ، وهذه المفاهيم إذا لم نستطع أن نحاربها بشكل دائم ، وأن نستخدم الوعي والثقافة والممارسة الجهادية المقترنة بهما لابد ان تشكل مخاطر جسيمة علينا وأن تثقلنا باعباء كبيرة ، وربما نجد أنفسنا يوما ما مثقلين بها ، فتعطل حركتنا وتعوقها ، إن لم نقل تقتلها كليا ، لابد للمجاهد المقاوم ان يشعر اذن ۔ ان التحديات الجديدة ، والاغراءات الجديدة والمستمرة ، هي محاولات لحرف مفاهيمنا ، وايقافنا عند الحدود التي وصلنا اليها من التقدم ، واقناعنا باننا حققنا كل الاهداف التي نريد ، والهائنا بمشاكل صغيرة وجزئية ، تلك كلها لا بد أن تصب في مجرى واسع و عميق ، مجرى مضاد لنا لا نستطيع ردمه واذا لم نبادر قبل أن يُحفر وقبل ان يتسع ويتعمق ، واذا استطعنا ردمه فلابد أن تكون الخسائر كبيرة ، وقتاً وجهداً ومالاً ، ومجاهدين في كثير من الأحيان .
رابعا ـ لا بد لنا و نحن نعالج هذه المسألة أن نضع الاهتمام بالعمل الثقافي بصورته الجوهرية ، وليس بصورته الشكلية ، وما لم يكن على رأس العمل الثقافي والجهادي المقاوم شخص مجاهد مقتنع بأهمية العمل الثقافي ـ فكرا واسلوبا وممارسة - فأنه لا يمكن أن ينجح في عمله هذا ، لأنه لا يستطيع ان يعكس على المقاومين الا اهتماماته الحقيقية ، مهما حاول تغطيتها ، والتي ليست هي اهتماماته الثقافية والفكرية .
خامسا ـ لابد ان نؤكد ان المسؤولية لا تنحصر في المجاهدين المسؤولين عن العمل الثقافي ، او العمل الفكري ، اذا جاز لنا الفصل ، لان العمل الفكري أو الثقافي هو عمل جهادي ، وان العمل التنظيمي أو الجهادي هو عمل فكري وثقافي بالتأكيد ، فلابد أن يكون هذا العمل اساسا راسخا وقويا ، وأحد المكونات المركزية للعمل الجهادي ، وبالتالي لابد ان يدخل في عملية التقييم ، صعودا او نزولا في المواقع الجهادية ، ولا بد أن يدخل في عملية التقييم هذه ، كعامل مركزي حاسم ، ودون اغفال لكل العوامل ، لان مكونات المجاهد المقاوم لا يمكن أن تنحصر في عامل واحد ، مهما بدا قوياً في مرحلة من المراحل ، أو مهما كانت ارجحيته غالبة ، في هذه المرحلة او تلك .
سادسا - لابد أن يواكب عملنا الثقافي التطور في استخدام كافة الوسائل الحيوية في العمل الثقافي كإستخدام القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والمنبر الحسيني وخطب الجمعة اضافة الى النشرات والكتب وباقي الأجهزة الثقافية والاعلامية ، مسموعة كانت أو مرئية أو أليكترونية، ولا بد من رفد ثقافة المقاومة بالمعارف الاساسية ، وخصوصا معرفتنا بتاريخنا ، وعلى مدى متابعتنا واعتمادنا هذه العوامل المركزية ، لابد أن نكون قريبين ، ان لم نقل متطابقين ، في السبل او المعالجات التي تؤدي بنا الى خلق مجاهد واع ، مقاوم يعطي لتجربته كل يوم من خلال السلوك ، من خلال القدرة ، من خلال النموذج ، مقاوم يضيف الى تجربته تعميقا وتطويرا ودفعا الى امام ، لا مجاهد يساهم في تعويقها ، اراد أم لم يُرد . ان المجاهد الذي يحمل كتابا في ثقافة العمل الاسلامي الثوري ، والمقاوم الذي يحمل كتابا ثقافيا لا تقتصر حصيلته عليه وحده ، هذه الحصيلة لابد ان تمتد إلى اخوته الاخرين ، ولا نقول بدافع العدوى ، لان ثقافة المقاومة ليست مرضا كما نعتقد ، وانما بدافع القدوة الحسنة ، وبدافع الاقتداء بالنموذج الأمثل نموذج اهل البيت عليهم السلام ومن تبعهم من العلماء المجاهدين وسيرة المقاومين الاوائل ولا نأتي بجديد ، إذا قلنا اننا جميعا ازددنا اهتماما بالعمل الثقافي والفكري ، وأزددنا اهتماما بالرجوع الى ادبيات المقاومة ، لا بسبب التجربة الجهادية وحدها ، وانما بسبب دافع آخر هو النموذج الأمثل الذي يتجسد أمامنا دائما ، نموذج المجاهدين المقاومين المتدينين الذين نرى الجهاد والارتباط بالله في حركاتهم وسكناتهم ، في منطقهم وصمتهم في تحديهم في شجاعتهم في اصرارهم على ان يكون الجهاد اولاً في حياتهم بالرغم من رأفتهم بعوائلهم واولادهم وضغط بهارج الدنيا التي حولهم وبريق السلطة والمال ...
(انتهى)
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha