د. هاتف الركابي ||
فاجأنا مجلس الوزراء بإصدار قرارين ، للاسف الشديد كانا مجحفين بحق الموظفين والمتقاعدين ، ولا أعلم كيف وقع الوزراء على هذين القرارين، واين هم المستشارين من ذلك ، فلم نجد حكومة تعاقب شعبها بهذا الشكل ، فقد تضمن القرارين فرض ضريبة دخل بنسبة تصاعدية على راتب ومخصصات جميع الموظفين والمتقاعدين، فجاءت هذه القرارات صادمة للشعب ومخالفة للدستور والقوانين النافذة،، فالاستقطاعات من رواتب الموظفين و المتقاعدين كضريبة دخل بحد ذاتها مخالفة دستورية وقانونية ، فمن باب أنها مخالفة دستورية نرى ان الدستور العراقي نص في المادة ( ٢٨/ اولا ) بأنه ( لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يعفى منها، الا بقانون.) وهذا لم يحدث ، لان مجلس الوزراء أصدر قرار ولا يمكن للقرار وحسب قاعدة التدرج الهرمي للتشريعات أن يسمو على النصوص الدستورية والقوانين . اي ان القوانين يجب ان تعدل بقوانين وليس بقرارات. . ومن باب ثان فأن الاستقطاعات هي مخالفة قانونية لنصوص قانون ضريبة الدخل رقم ١١٣ لسنة ١٩٨٣ إذ نصت المادة السابعة من قانون ضريبة الدخل على إعفاء مدخولات المتقاعدين او عيالهم الخلف الناجمة من الراتب التقاعدي أو المكافاة التقاعدية أو مكافأة نهاية الخدمة أو رواتب الاجازات الاعتيادية.
لذلك جاء قرار مجلس النواب رقم ٢٤ بهذا اليوم ، برفض اي استقطاع لرواتب الموظفين والمتقاعدين ورفض اي ضرائب جديدة غير منصوص عليها قانوناً ، فالبرلمان بهذا القرار أراد ان يوصل رسالة الى مجلس الوزراء بأن لايمنح نفسه صفة التشريع والتنفيذ في آن واحد ، وأن النصوص القانونية لاتعدل ولا تلغى الا بموجب قوانين وإلا أصبحت هناك فوضى تشريعية ، لذلك فمن باب الرقابة على أداء السلطة التنفيذية اصدر البرلمان هذا القرار ، وربما يسأل سائل بان هناك قرار للمحكمة الاتحادية بأنه ليس من اختصاصات مجلس النواب اصدار القرارات الملزمة للحكومة ، هنا تكون الاجابة ان قرار البرلمان جاء كاشفاً وليس منشئاً لمخالفة الحكومة للدستور والقوانين .. وتطبيقاً للدور الرقابي المنصوص عليه دستورياً .
وصفوة القول وتأسيساً لما تقدم أرى أن هناك نصوص دستورية وقانونية فاعلة لحماية حقوق الموظفين والمتقاعدين، و لكن هذه النصوص لا تتحرك وحدها بل لابد من الدفع بهذه النصوص من قبل الجهات المختصة والمتضررين أمام القضاء ..فليس من الصحيح أن نلقي اللوم على القانون وهو كتلة جامدة ، فنحتاج الى من يحركها.لذلك أوصي بما يأتي :-
١- بناءً على القرار النيابي في اعلاه يمكن لمجلس النواب توجيه سؤال برلماني للحكومة وفق النصوص الدستورية وقانون مجلس النواب والنظام الداخلي ومن ثم ايقاف اجراءات قرار ات الحكومة.
٢ إمكانية إقامة الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية والدفع بعدم دستورية الاستقطاع ويمكن أن تقام الدعوى من قبل رئيس مجلس النواب إضافة لوظيفته أو أي نائب من اعضاء البرلمان او أي شخص متضرر من الاستقطاع من الموظفين والمتقاعدين .
٣- إمكانية إقامة دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري من قبل اصحاب المصلحة المتضررين من القرار من الموظفين او المتقاعدين أو من ينوب عنهم .
واخيرا نصيحتي للحكومة أن تبحث عن بدائل اخرى غير ذلك ، فلايمكن معاقبة المواطنين بسبب اخطائها المتعاقبة ، ولا يمكن الانتقام بهذه الطريقة من فقراء الوطن ، وأن تعمل الحكومة بشكل مستفيض على قياس الاثر من خلال الاعتماد على خبراء ومستشارين أكفاء في عملية صنع القرارات..
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha