الخبير القانوني فيصل ريكان ||
المحكمة الاتحادية العليا من اهم الاجهزة القضائية في العراق لما لها من اختصاصات مهمة وخطيرة نص عليها الدستور العراقي في المادة 93 ومن هذه الاختصاصات الرقابة على دستورية القوانين والانظمة وتفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة من السلطة الاتحادية.
ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الافراد وغيرهم حق الطعن لدى المحكمة وكذلك اختصت في الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية والفصل في المنازعات التي تحصل بين حكومات الاقاليم او المحافظات وللمحكمة الاتحادية مهمة الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء واختصت ايضا بالمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب وللمحكمة الاتحادية مهام تختص بالقضاء منها الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات.
وكذلك الفصل في تنازع الاختصاص بين الهيئات القضائية للأقاليم او المحافظات من هذا العرض السريع لاهم اختصاصات المحكمة الاتحادية المنصوص عليها في الدستور تتضح لنا اهمية وخطورة هذه المحكمة ولكن الاهم والاخطر من ذلك هو ان قرارات هذه المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة استنادا الى احكام المادة 94 من الدستور.
وهذا النص الدستوري اعطى استثناء لهذه المحكمة من مراحل التقاضي المتبعة في محاكم السلطة القضائية الاخرى من استئناف او تمييز او غيرها لذلك فان قراراتها غير قابلة للطعن او الاعتراض او المراجعة وواجبة التنفيذ من جميع السلطات بعد صدورها والسؤال الذي يطرح نفسه هل ان المحكمة الاتحادية الان كاملة الصلاحيات وباستطاعتها ان تقوم بواجباتها ومهامها على اكمل وجه؟ للإجابة على هذا السؤال يجب ان ننظر اولا الى الالية التي يعين فيها عضو هذه المحكمة وهل ان المحكمة مكتملة النصاب يرى مجلس القضاء الاعلى ان نصاب المحكمة الاتحادية غير مكتمل النصاب لإحالة عضو من المحكمة على التقاعد ولعدم وجود نص قانوني يحدد الية ترشيح وتعيين بديل بسبب الغاء نص المادة 3 من الامر رقم 30 لسنة 2005.
ولعدم قيام مجلس النواب بتشريع نص بديل لهذه المادة لذلك فأن تعيين أي عضو بديل لا سند له من الدستور والقانون ونتيجة لذلك يرى مجلس القضاء الاعلى ان نصاب المحكمة غير مكتمل وان ما يصدر عن هذه المحكمة يعد معدوما من الناحية القانونية .
مما تقدم يتبين ان المحكمة الاتحادية غير مكتملة النصاب لذلك فان اعمالها وقراراتها يمكن الطعن بها ولان هذه القرارات مهمة جدا وبالتالي لا يمكن الركون الى تعطيلها والعراق بحاجة ماسة الى صوتها الملزم للجميع وهذا يعني ازمة دستورية وخصوصا ان البلد بحاجة ماسة الى هذه المحكمة في الايام القادمة وخصوصا للمصادقة على الانتخابات البرلمانية القادمة سواء كانت مبكرة او انتخابات تجري في موعدها الطبيعي بالإمكان اعادة الحياة والنشاط الى هذه المحكمة.
اما بتشريع مادة قانونية بديلة عن المادة الملغاة من بالأمر رقم 30 لسنة 2005 والمتضمنة الالية المناسبة لترشيح وتعيين قضاة المحكمة او بتمرير قانون المحكمة الاتحادية الجديد الموجود في مجلس النواب والمعطل حاليا والذي قرأ قراءة اولى وهنالك اعتراضات كثيرة داخل مجلس النواب على هذا القانون بسبب الطريقة التي يتم فيها اختيار وترشيح فقهاء الدين من قبل الوقفين الشيعي والسني واعتبارهم اعضاء اصليين في المحكمة لهم حق التصويت على قرارات المحكمة.
وهذا ترفضه بعض المكونات التي ترى ان هذا الاتجاه قد يعطي صبغة دينية على قرارات المحكمة وبسبب عدم تمثيل الديانات والطوائف الاخرى ايضا وهنالك اعتراض من مجلس القضاء الاعلى على طريقة اختيار القضاة واشراك السلطة التشريعية والتنفيذية في ذلك يعده مجاس القضاء الاعلى مخالفة دستورية والغاء لمبدأ الفصل بين السلطات.
لهذه الاسباب نعتقد ان تمرير القانون في الوقت الحاضر بات صعبا الا اذا اعيد النظر في بنوده واذا لم نشهد اليوم اي تداول لموضوع المحكمة الاتحادية على المستوى الاعلامي او السياسي او حتى على المستوى القضائي فاعتقد ان مرده الى عدم وجود قرارات مصيرية او مهمة يمكن اتخاذها في الوقت الحاضر .
وكذلك لانشغال الجميع بوباء الكورونا وتشكيل الحكومة ولكن اذا ما استجدت الحاجة الى المحكمة الاتحادية وخصوصا المصادقة على الانتخابات القادمة فسنشهد احتدام الجدل حينها عن شرعيتها او عدم شرعيتها ولأجل الابتعاد عن ذلك على الجميع ان يعمل على ايجاد الحل المناسب للشريان القانوني الرئيسي للبلاد قبل فوات الاوان.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha