محمد البدر ||
بينما كان السفسطائيون يحتفلون بموت سقراط معتقدين خلاصهم من أكبر تحدي فكري لهم، كان هناك تلميذاً لسقراط قدر له أن ينهي النفوذ الفكري للسفسطائيون وإلى الأبد، وهذا التلميذ هو أفلاطون.
ولد الفيلسوف أفلاطون في أثينا عام (427 ق.م) وتوفي فيها عام (347 ق.م) وكان ينتمي لعائلة ارستقراطية.
اسمه الحقيقي (ارستوكليس) وأفلاطون لقبه ويعني عريض الأكتاف لأنه كان قوي الجسد وشارك وفاز في الألعاب الأولمبية التي كانت تقام في ذلك الوقت، سافر لعدة دول وممالك وكون رصيد فكري معرفي من خارج منظومة الفكر الأغريقي.
تأثر أفلاطون بأستاذه سقراط وحصلت له ردة فعل على الطريقة التي مات بها سقراط وانعكس ذلك على مؤلفاته وفلسفته.
طرح آراءه السياسية في كتابيه (الجمهورية) و (القوانين)
في كتابه الشهير (الجمهورية) طرح نظريته لشكل نظام الحكم والدولة التي يراها
وقسم المجتمع في هذه الجمهورية إلى ثلاث طبقات
الحكماء و الجنود والحرفيين والتجار
وقال إن كل شخص لديه مؤهلات وقابليات تختلف وبالتالي فمكانه ودوره في مجتمع الجمهورية يكون تبعاً لمؤهلاته فتكون مسؤولية ومهام المواطن في هذه الجمهورية وفق مؤهلاته.
حرَم الزواج والتملك على طبقة الحكماء والجنود لأنهم سوف ينشغلون بذلك عن ممارسة واجباتهم في الجمهورية ويقل ولاءهم للدولة.
ومفهوم العدالة عند أفلاطون هو أن يقوم كل فرد بأداءه دوره كما يجب.
وقال إن من يستلم الحكم يجب أن يكون حكيماً وعارف ولديه قابليات فريدة من نوعها ويجب أن يكون الأفضل من بين الآخرين من الحكماء وحدد مواصفات ومميزات للحاكم.
كما وضع نظام إجتماعي صارم لمواطني هذه الجمهورية مثل نظام الزواج وعمر الزواج للذكر وللانثى ونظام تعليمي.
وهو يرى إن أصحاب الأموال ممكن أن يصلوا للسلطة ويسخروها لفائدتهم فتنقلب أحوال المجتمع ويتبع ذلك ثورة من الطبقات الأخرى وتحصل أعمال عنف وقتل وضياع القانون ثم يعقبها ديمقراطية لكن الديمقراطية مضرة فهي تمنح الناس أقدار متساوية وفرص متساوية للوصول إلى الحكم بينما الواقع يقول إن الناس تختلف طباعهم ومؤهلاتهم وقابلياتهم وبالتالي ليس من المعقول إتاحة الفرصة للكل وإنما الحل هو بتسلم الحكماء والفلاسفة لمقاليد الحكم.
وحذر من الحاكم الذي يمدح الشعب للوصول إلى الحكم لأنه سوف يستبد ويطغى بمجرد تمكنه من الحكم.
ونتيجة لهذه المثالية المفرطة في الطرح والتنظير وعدم إمكانية تنفيذها على أرض الواقع وضع حواريته الشهيرة بإسم (رجل الدولة) حيث يقلل فيه أفلاطون من مثاليته في كتاب (الجمهورية) ودون أن يتناول ويغير من آراءه بخصوص الجمهورية المثالية لكنه قدم تنظير مغاير أقل شروطاً ومواصفات وغير رأيه في الديمقراطية فبعد أن كان ضدها في كتاب (الجمهورية) عاد ليقسم الديمقراطية إلى قسمين
- ديمقراطية جيدة وهي الديمقراطية الدستورية.
- ديمقراطية غير جيدة وهي الديمقراطية الغير دستورية
وبعد نضوجه الفكري نتيجة تقدمه في العمر وضع أفلاطون كتابه المهم الآخر وهو (القوانين) وتناول فيه مباحث عن الحكومة والقانون وهذا الكتاب يمثل ذروة التنظيرات السياسية في فلسفة أفلاطون والمتَغير الفكري الأبرز فيه هو دعوته إلى نظام حكم مختلط (ملكي/ديمقراطي) وهو اشبه بما يعرف اليوم (النظام الملكي الدستوري).
أسس أفلاطون أول أكاديمية علمية في العالم الغربي في أثينا وكان من أبرز تلاميذه فيها أرسطو.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha