🖊ماجد الشويلي
ستظل كل دساتير العالم وقوانينه الوضعية عرضة للخطأ والاشتباه وسوء التقدير ، وان اخضعناها لآلاف التعديلات والتغييرات.
لانها من صنع البشر ؛هذا البشر المحدود بكل امكانياته وقدراته ،المنشغل بغرائزه وميولاته ،المتشحط بشهواته، لايمكنه ان يقدم نظاما سياسيا عصمويا لقيادة العالم وتنظيم شؤون البلدان دون ان يعتريه الخلل والنقصان والشواهد على ذلك غفيرة وكثيرة على طول خط التاريخ.
فلا غراوة ان نجد بعض البلدان التي كافحت وناضلت لاجل الحرية والديمقراطية والاستقرار، بتغيير نظامها من برلماني الى رئاسي. ذاقت الامرين من بعد ذلك وابتليت بدكتوريات مقيتة ومرعبة.
ومن امثلة هذه الدول التي انتقلت من النظام البرلماني الى الرئاسي
🔷اولا : زيمبابوي التي انتقلت من النظام البرلماني الى الرئاسي بتعديل الدستور الذي تم عام 1957 فحكمها (موجابيي)الذي اصبح دكتاتورا في النهاية
🔷ثانيا: ملاوي وهي الاخرى تحولت الى النظام الرئاسي عام 1966 فاصبح رئيس الوزراء (باندا) رئيسا للبلاد بعد ان كان يشغل منصب رئيس الوزراء فحولها الى دولة حزبية مقيتة بل واعلن نفسه رئيسا دائما للبلاد عام 1971
🔷ثالثا:غانا التي تحولت من النظام البرلماني الى الرئاسي حسب الاستفتاء العام الذي اجري عام 1960 فالغيت جميع الاحزاب ومنعت بعدها من العمل الى ان تمت الاطاحة بالرئيس واعيد العمل بالنظام البرلماني عام 1969
ولاباس هنا بذكر عيوب كل من النظام الرئاسي والبرلماني لكي نتمتع برؤية اوضح وادق لما يمكن استخلاصه من هذا الطرح
⛔إن من عيوب النظام النيابي:-
- إنه قد يؤدي إلى ظاهرة عدم الاستقرار للحكومة،
2- في ظل الاتجاهات الحزبية المعارضة والمتضاربة من الصعوبة بمكان الحصول على تأييد قوي لعمل الحكومة
3- إن رئيس الحكومة قد لا يتمتع بشعبية كبيرة كشخص مما قد لا يفضي عليه من الهيبة والرمزية العالية كرمز للأمة.
4- إن الحكومة ستكون خاضعة لتأثير جماعات مصالح مهمة وستكون الولاءات الحزبية الضيقة بارزة على السطح.
5- إنه نظام غير فعال في الدول ذات التجربة السياسية الحديثة فهو يحتاج إلى وعي وإدراك سياسيين عاليين، إضافة إلى تعمق التجربة الحزبية.
⛔اما عيوب النظام الرئاسي فان منها
- إن تطبيق هذا النظام الذي يقوم على الفصل بين السلطات غير ممكن لأنه يعني كالفصل بين أجزاء الجسم البشري، لان الاتصال بين السلطات الثلاث اتصالاً عضوياً.
2- إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
3- يرى (روسو) أن فيه تجزءة للسيادة، وذهب آخرون إلى القول، إن الفصل بين السلطات يؤدي إلى هدم وحدة الدولة.
4- أنه يؤدي إلى استبداد أي السلطة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسياً ودستورياً في الحياة الوطنية وإعادة انتخابه لأكثر من مرة.
مرة.
إن ما نود قوله ان تردي الاوضاع في البلد لايعني بالضرورة ان يكون مرده لطبيعة النظام السياسي السائد فيه، وقد تبين من الامثلة التي سقناها آنفا ان بعض البلدان اضطرت للعودة الى النظام البرلماني الذي استبدلته بالرئاسي .
ولا اريد القول بان النظام البرلماني افضل من الرئاسي او العكس ،فبعض الدول لم تشهد الاستقرار الا في ظل النظام الرئاسي واخر ى استقرت في ظل النظام النيابي البرلماني وغيرها اختار النظام المختلط(شبه الرئاسي)
وانما اريد ان اوضح بان النقطة الاهم في الموضوع متعلقة بثقافة الشعب وثقته بالنخب السياسية الحاكمة فيه
جاء رجل للامام علي ع وساله : لماذا استقامت الامور لابي بكر وعمر ولم تستقم لك؟!
فاجابه امير المؤمنين ؛ان ابا بكر وعمر حكما انسا مثلي وانا حكمت اناسا مثلك ...
هذه مسالة مهمة وليست اعتباطية
اما المسالة الاخرى والتي قد تكون اعقد واصعب من سابقتها حين يفرض عليك النظام شركاء في الحكم يجاهرون ليل نهار ان مهمتهم الرئيسية وعلة دخولهم العملية السياسيةتتمحور حول افشال الحكم والاجهاز عليه!!
فما معنى ان يصرح عدد من القادة السياسيين الذين ينتمون الى مكون مهم في البلاد وكتلة سياسية كبيرة انهم مادخلوا في الحكومة الا ليخربوها بتوجيه من دول الثراء النفطي
وسواء اصبح النظام رئاسيا ام برلمانيا فان هذه النماذج واجندات تلك الدول ستظل حجر عثرة في طريق تقدم البلاد واستقرار نظامها السياسي علاوة على مافيه من علل
وكما يقول الشاعر
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
اذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ
بل لعل النظام السياسي في بلد كالعراق وبحجم تعقيداته اذا ما انتقل الى نظام رئاسي قد ينسف الديمقراطية التي تقوم على اساس حكم الاغلبية
ليس لجهة احتمال تحول رئيس الجمهورية الى دكتاتور فحسب بل للحتمالية الكبيرة ان يعود البلد لحكم الاقلية في ظل رئيس يتمتع بسلطات واسعة دون رقابة برلمانية وكوابح
فالاحزاب التي حكمت العراق بعد 2003 كانت مسؤولة عن تشكيل الحكومات فيه تراجع دورها وتاثيرها الجماهيري وقد يسهم الحراك الشعبي الحالي والتظاهرات الاخيرة بسلبها الهالة التي كانت عليها والمكانة التي لها في نفوس الجماهير
فضلا عن كون ابعادها عن العملية السياسية بات من اهم ترويجات المرحلة واشتراطات التعديلات والاصلاحات الدستورية المزمعة عند البعض.
فما الذي يضمن عدم تشتت اصوات المكون الاكبر في البلاد وانحسار تاثير الكتل والميانات الممسكة بالسلطة وعجزها عن تقديم مرشح يتم التوافق عليه بينهم او ان يكون مقبولا من جمهورهم ؟
نعم ، من يدري يضمن ان جمهورهم سيؤيد مرشحهم بعد خيبات الامل المتوالية التي مني بها منهم ؟
الامر الذي تجد فيه المكونات الاخرى فرصة سانحة لتقدم مرشحا واحدا متفق عليه بينها ليصل الى سدة الحكم بيسر وسهولة
انا لا اقول ان النظام الرئاسي سئ وخطر لهذه الدرجة وليس فيه حسنات لكنني احذر من الاندفاع نحوه دون مقدمات حقيقية واهمها العودة الى التحالف الوطني لبقاء الاساس الاول للديمقراطية وهو حكم الاغلبية المهدد الان بطريقة واخرى وشعارات براقة منمقة لتذويبها (الاغلبية) بعناوين جذابة مثل (اريد وطن) وكان حكم الاغلبية قد اضاع الوطن ولذا لابد من الغاء شرط حكم الاغلبية في الاصلاحات المرتقبة بطريقة او اخرى .
وهذا مانخشاه ونحذر منه
https://telegram.me/buratha