أ. محمد كاظم خضير ـ كاتب وباحث سياسي
المقدمة
قال ممثل المرجعية العليا، السيد احمد الصافي، إن البلاد تحتاج الى تأسيس مبادئ اجتماعية حقيقية و هناك جهل في استخدام مواقع التواصل بهذه الكلمات بعثت رسائل إلى المجتمع وبذلك المرجعية تذكر بعدة هذه الرساله الإيمانيةِ بقولُ اللهُ سبحانه وتعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}(الإسراء ـ 36)، أتتْ هذهِ الآيةُ المُبَارَكة ضمنَ الآياتِ الواردةِ في سُورةِ الإسراء، والتي تضمّنتْ توجيهاتْ في غايةِ الأهمية، توجيهاتٍ مِن اللهِ سبحانه وتعالى مُلزِمَةٌ ومُهِمَةٌ وحكيمةٌ لصلاحِ حياةِ الإنسان، وتُمثِّلُ ـ ضِمنَ التزاماتِنا الإيمانيةِ والدِينيةِ ـ مسألةً مُهِمَةً، أي مِن أهمِ مَا في التزاماتِنا الإيمانيةِ والدِينيةِ التي إنْ أخلَّ الإنسانُ بشيئٍ مِنها كانَ لذلك تأثيرٌ سيئٌ وضَرَرٌ كبيرٌ على مُستوى إيمانِهِ ومِصداقيتِهِ معَ اللهِ سبحانه وتعالى وعلى مُستوى التزامِه الدِيني، وكانَ لذلك تأثيرٌ سيئٌ في نفسيةِ الإنسانِ وأعمالِه.
وهذهِ الآيةُ المُبَارَكةُ ـ كمَا الآياتِ السابقةِ ـ تُحَقِّقُ لِمُجتَمَعِنا المُسْلِمِ الاستقرارَ في واقِعِه الداخلي على المُستوى الاقتصادي والأمني والاجتماعي، وتُساعِدُه في النهوضِ بمسؤولياتِه في هذهِ الحياة، والتصدي لمشاكلِ هذهِ الحياة، وهي مِن الآياتِ المُهِمَةِ والعظيمةِ التي نحنُ في هذا العصرِ بالذات أكثرُ حاجةٍ إليها مِن كلِ مَا قد مَضى، البشرُ يحتاجون إلى هذهِ التوجيهاتِ في كلِ العُصورِ المَاضية، في كلِ المَراحلِ الماضية، لكن في هذا الزمَنِ عِندَمَا نتأملُ في قولِهِ تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، فنحنُ في عَصْرِ وسائل التواصل الاجتماعي ، والعَصْرِ الذي انتشرتْ فيهِ الوسائل التواصل الاجتماعي ووسائلُ التأثيرِ على الإنسان، والحربُ الدعائيةُ بأكثرَ مِن أي وَقتٍ مَضى، نحنُ في أمَسِّ الحاجةِ إلى أن نهتديَ بهذهِ الآيةِ المُبَارَكة، وأن نلتزمَ بهذا التوجيهِ الإلهي.
المبحث الأول.
(( تنبيه المرجعية الشريفة حالاتِ التأثيرِ المُعتَمِدِ على وسائل التواصل الاجتماعي مِن الدعاية، ومِن الشائعات، ومِن الحَربِ التضليليةِ بكلِ أشكالها))
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، {لَا تَقْفُ} لا تَتبعْ ولا تَتبَنَّ ولا تعتمِدْ على {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، هذا يشملُ أشياءً مُتعدِدَة، ويُحصِّنُ المُجْتَمَع المُسْلِمَ مِن كلِ حالاتِ التأثيرِ المُعتَمِدِ على وسائل التواصل الاجتماعي مِن الدعاية، ومِن الشائعات، ومِن الحَربِ التضليليةِ بكلِ أشكالِها، ومُجتمَعُنا اليومَ في هذا العصرِ وفي هذهِ المرحلةِ بالتحديدِ أكثرُ حاجةٍ إلى أنْ يتحصَّنَ مِن تأثيرِ الإعلام، ومِن تأثيرِ الشائعاتِ والدعايات لأنّها حاضرةٌ اليومَ بشكلٍ كبيرٍ في واقِعِ الحياة، وَسائلُها مُتعدِدَة، وهي حاضرةٌ أيضاً لأنّها بحدِّ ذاتِها أيضاً سلاحٌ يَعتمِدُ عليه الآخرون اعتماداً رئيسياً في التأثيرِ علينا كمُجتمعٍ مُسلم، في التأثيرِ على أفكارنِا، وبالتالي التأثيرُ على اهتماماتِنا وأعمالِنا ومَواقفِنا.
وسائل التواصل الاجتماعي اليومَ سياسةٌ أساسيةٌ يَعتمِدُ عليها أعداءُ الأمَّة، وبالتالي يَصنعون بها المواقفَ والتوجّهات، وهذا مِن أخطرِ الأمورِ علينا كأمَّةٍ مُسْلِمَة، وعلى شعوبِنا الإسلاميةِ، هي أحوجُ ما تكونُ إلى أن تتحصنَ بالوعي، والفَهمِ الصحيح، والإدراكِ لطبيعةِ هذهِ الحَربِ، ولوسائلِها، وأساليبِها، المسألةُ في غايةِ الأهمية، الإنسانُ قد يتأثرُ بِما يتلقاه، بما يَصِلُ إليهِ، بِما يَسمعُه، ويَعتمِدُ عَليه، يَثِقُ بِما وَصَلَ إليهِ أو يَتبناهُ ويتأثرُ به، وقد يكونُ مَا وَصَلَ إليهِ مِن دِعايةٍ أو شائعةٍ أو فِكرةٍ قد يكونُ غيرَ صحيح، غيرَ صحيح، لا يستنِدُ فيهِ إلى عِلم، وإلى حقيقةٍ، وهذا يترتبُ عليهِ أن يَتبنى الإنسانُ بالتالي المواقفَ السيئةَ، الإنسانُ إذا تأثّرَ بدعايةٍ أو تأثَّرَ بشائعةٍ أو تأثَّرَ بفكرةٍ فتأثيرُها ينعكسُ عليهِ في مَواقفِه، في توجهاتِه، في ولاءاتِه، في عداواتِه، في نَظرتِه، في عَملِه، فلذلكَ المسألةُ في غايةِ الخُطورةِ، وفي أكبرِ مُستوى مِن الأهمية.
والمرجعية اليوم في الخطبة تحذِّرُ تَحذيراً مُهِماً هُنا، فلذلكَ الإنسانُ لا بدَّ أن يَبني على التَثبُتِ والتُحَقُّقِ والتأكد، وأن يَحمِلَ الوعيَ مُسبَقاً تجاهَ تلك الفئاتِ وتلك الفِئاتِ التي تُطلِقُ مِثلَ هذهِ الشائعاتِ والدِعاياتِ أو تُقدِّمُها، هذا جانبٌ فيما يتعلّقُ بالشائعاتِ والدعايةِ والأفكارِ الأفكارِ غيرِ الصحيحةِ، الأفكارِ الباطلةِ والضالةِ التي تُقدِّمُ فَهماً خَاطِئاً تجاهَ الأحداث، تِجاهَ القضايا، تِجاهَ أسبابِها، تِجاهَ المَواقف، تِجاهَ كَثيرٍ مِن الأمورِ التي يَجبُ أن نَنظُرَ إليها بمسؤولية، وأن نتعاملَ معَها بمسؤوليةٍ، وأن نقفَ تجاهَها بمسؤولية، لا نكونُ عُرضَةً للتأثيرِ بكلِ بَسَاطة، وبالتالي نَتبنَّى أيَ مَوقفٍ، ونتحركُ في أي اتجاه
.المبحث الثاني
((تمتعَ بالتماسُكِ والحَصَانةِ الفِكريةِ والثقافيةِ المُسبَقةِ تجاهَ هذهِ الوسائلِ))
اليومَ عِندَمَا نأتي المرجعية الشريفة في خطبتها إلى ما يتعلقُ بمواقِعِ التواصلِ الاجتماعي والإنترنت والشبكةِ العنكبوت
ية ومَا يُقدَّمُ عبْرَها، ربَّما الملياراتُ في عَصْرِنا هذا وفي زَمنِنا هذا يتأثرونَ بشكلٍ كبيرٍ بهذهِ الوسائلِ، مواقِعِ التواصلِ الاجتماعي والشبكةِ العنكبوتية بشكلٍ عام، ويتأثرون بِها في مُعظَمِ أفكارِهم، وفي أكثرِ توجهاتِهم، ويَبنون على ذلك مَواقفَهم.
قبلَ المَوقفِ الانطباعُ، مِن مَحبَّة، أو كَراهية، أو بُغضٍ، أو ولاء، أو عِداء، ثم المَوقف، وهذهِ المسألةُ مُهِمةٌ جدًّاً وخطيرةٌ للغاية، نحنُ أمَّةٌ مُسْلِمَة نُؤمِن باللهِ، ونؤمِن باليومِ الآخر، ونُؤمِن بتوجيهاتِ اللهِ سبحانه وتعالى التي تُعلِّمُنا أنْ نكونَ مَبدئيين في مَواقفنا، أن ننطلقَ على أساسٍ مِن المبادئِ والقِيَمِ والأخلاقِ والتعليماتِ والتوجيهاتِ التي أتتنا مِن اللهِ سبحانه وتعالى، وأن نعيَ أنَّ أعداءَنا يَجعلونَ مِن الإعلامِ وسيلةً رئيسيةً للتأثير، وسلاحاً رئيسياً وفَعَّالاً في إخضاعِ الشُعوبِ والسَيطرةِ عليها، وأخطرُ شَكلٍ مِن أشكالِ السَيطرةِ هو السيطرةُ الفكرية، هو السيطرةُ النفسية، عِندَمَا يُسيطِرُ العدوُ على أفكارِنا، على مَشاعرِنا، على مُيولِنا وتَوجهاتِنا، فهذا هو أخطرُ احتلال، وهذهِ أكبرُ سَيطرةٍ يُسيطِرُ بِها العدوُ علينا، وهذهِ الوسائلُ يَعتمِدُ عليها أعداءُ الأمَّةِ، الأمريكيون، الإسرائيليون، الحركةُ الصهيونيةُ واليهوديةُ في العالَمِ، كلُ فئاتِ الضَلالِ التي تَستهدفُنا كأمَّةٍ مُسْلِمَة، وتسعى إلى التأثيرِ علينا، وإلى تغييرِ أفكارِنا وتوجهاتِنا ومَواقفِنا والسيطرةِ علينا، هي تشتغلُ بِشكلٍ رئيسي عبرَ هذهِ الوسائل {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}(الصف ـ مِن الآية 8)، وفي آيةٍ أخرى {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}(التوبة ـ مِن الآية 32)، ودائماً كانَت الوسيلةُ الرئيسيةُ للتضليلِ هي بالتخاطبِ معَ الإنسانِ والتأثيرِ عليهِ فِكرياً وثَقافياً، هذهِ وسيلةٌ كانَتْ قائمةً مُنذُ التاريخ، الشيطانُ يَعتمِدُ الوَسْوَسة، وأولياؤه مِن الجنِّ والإِنْسِ يشتغلونَ في التأثيرِ في نُفوسِ الناسِ وفي مشاعرِهم، وأتتْ في القرآنِ الكريمِ سُورةٌ مُهِمَةٌ تُعلِّمُنا خُطورةَ هذا التلقي العشوائي وما يَحرِصُ عليهِ الآخرون مِن تأثيرٍ علينا، عِندَمَا أتتْ السُورةُ المُبَارَكة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِن الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}(الناس)، الناسُ مُشترِكون في عمليةِ الوَسْوَسَةِ، في عمليةِ التأثيرِ النفسي والفِكري على الإنسانِ في مواقفِه، وفي توجهاتِه، وتجاهَ أشياءٍ كثيرة، البعضُ مِنها يستهدفُ الإنسانَ لإفسادِهِ، إفسادِه، اللَعِبِ على غَرائزِه، السعي لإثارةِ مُيولِهِ في شَهوتِهِ نحوَ الفَسادِ الأخلاقي بكلِّ أشكالِه، الفسادِ الأخلاقي بمختلفِ الجرائم، ويحصلُ هذا عبرَ هذهِ الوسائلِ عبرَ مَواقِعِ التواصلِ الاجتماعي وغيرِها، لكنَّ الكثيرَ أيضاً يتجهُ إلى التأثيرِ على الإنسانِ في تفكيرِه، في أفكارِه، في قناعاتِه، في مَواقفِه، في مَواقفِه.
والمَواقفُ مِن أهمِ الأمورِ في الدِين، الدِينُ مواقف، الإنسانُ إمّا أن يَقِفَ موقفَ الحقِ وإمَا أن يَقِفَ مَوقفَ الباطلِ، والمسألةُ مُهِمَةٌ جدًّاً، مِن أهمِ مَا نُسأَلُ عنهُ يومَ القيامةِ ونُحاسَبُ عليهِ يومَ القيامةِ هو هذا مَواقفُنا في هذهِ الحياة، المواقفُ التي يترتبُ عليها أشياءٌ كثيرةٌ جدًّا، التزاماتٌ مبدئيةٌ وأخلاقيةٌ وتوجيهاتٌ وتشريعاتٌ وفرائضُ مِن اللهِ سبحانه وتعالى.
فنحنُ مَعنيون أنْ نتمتعَ بالتماسُكِ والحَصَانةِ الفِكريةِ والثقافيةِ المُسبَقةِ تجاهَ هذهِ الوسائلِ التي يَعتمِدُ عليها الأعداء، وأن نَحمِلَ مُسبَقاً وعياً يُحصِّنُنا مِن التأثرِ بالدِعاياتِ والشائعات، ألَّا يكونُ الإنسانُ مَفتوحاً يتلقى أيَّ شيئٍ ويتأثرُ بأيّ شيئٍ بكلِ بَساطة، مُجرَّدُ أنْ يَجِدَ في مَواقِعِ التواصلِ الاجتماعي دِعايةً مُعيّنَةً، وعَادةً ما تأتي دِعاياتٌ تَستهدِفُ الناسَ الذين هُم على الحقِ في مَوقفِهم، تستهدفُهم بشكلِ تشويهٍ، فيأتي البعضُ يتأثرُ بِها فَوراً، وقبلَ أيّ تأكدٍ وتَبيُنٍ يتبنى مَوقفاً سَلبياً، ويتفاعلُ مع تلكَ الدِعايةِ أو تلكَ الشائعة، فإذا بِه يُطلِقُ أيضاً مَوقفاً سلبياً، أو يتأثرُ وينعكسُ ذلك حتّى في مَدى تفاعُلِه معَ الحقِ، ومع مَوقفِ الحَقِ، وهذهِ النتيجةُ التي يَسعى إليها الآخرون.
.الخاتمة
تدرك المرجعية الشريفة في خطبتها ان الاستخدامِ لهذهِ الوسائلِ التي زَودَنا اللهُ بها لتكونَ وسائلَ للمعرفةِ الصحيحةِ، للاهتداءِ بها، للانتفاعِ بِها في مُختلفِ شؤونِ الحياةِ، إذا أساءَ الإنسانُ استخدامَها فعليهِ مسؤوليةٌ يومَ القيامة، كيفَ تُسخِّرُ سمعَك حاسةَ السمعِ لسَماعِ الباطلِ، لسماعِ المعَاصي، لسماعِ ما تأثمُ بسماعِه، لسماعِ ما تَضِلُ بسماعِه!؟، مِن السَماعِ ما تَضِلُ بسماعِه، ومِن السماعِ ما تَفسدُ بسماعِه، ومِن السَماعِ ما تتخذُ المواقفَ الباطلةَ بسماعِه، وكذلك ما يأتي عبرَ البَصر، عبرَ حاسةِ البَصر، حاستان مترابطتان في دورِهما في تلقي المعلومات، وفي تلقي ما يصلُ إلى الإنسان، والفؤادُ هو الذي يتأثرُ في الداخل، انطباعاتٌ ومشاعرُ وتصوراتٌ وأفكارٌ ثم مواقف، ثم مواقف هذا الذي يَحدُث.
أيضاً تدرك المرجعية الشريفة في خطبة الأخيرة تدرك مسؤوليةٌ في أن نستخدمَ الحَواس ـ السمعَ والبصرَ والفؤادَ ـ الاستخدامَ الصحيح، نأثَمُ نَضِلُ نَفْسُدُ باستخدامِها الاستخدامَ السيئَ عِندَمَا تكونُ مُجرَّدَ وسائلٍ لتلقي كلِ مَا يصلُ إلينا مِن ضَلالٍ ودعاياتٍ وباطلٍ ومَعاصي وأشياءٍ تؤثرُ علينا سَلباً، وعلينا أيضاً مسؤوليةٌ في أنْ نستخدمَها بدلاً مِن ذلك بدلاً مِن الاستخدامِ السيئ الاستخدامَ الصحيح، على الإنسانِ مسؤوليةٌ في أن يستخدمَ حواسَّهُ هذهِ وفؤادَه للحصولِ على المعرفةِ الصحيحة، لفَهمِ ما هو صحيح، لسماعِ ما هو مفيدٌ ونافعٌ وصحيح، هنا مسؤولية أيضاً، لأنّها أيضاً تَحمي الإنسانَ، ما يحتاجُه الإنسانُ لكي يتحصَّنَ مِن الباطلِ ومِن الضَلال، وما يحتاجُه الإنسانُ لكي يقفَ الموقفَ الصحيح، ويتبنى الموقفَ الصحيح، ويعتمدَ على المواقفِ الصحيحةِ والتصرفاتِ الصحيحة، يحتاجُ إلى أن يستخدمَ هذهِ الحواسَ كحواسٍ للمعرفة، وتلقي المعرفةِ الصحيحةِ مِن قنواتٍ صحيحة، مِن مصادرَ صحيحة، وأن يعتمدَ التأكدَ حتّى يكونَ على عِلمٍ وعلى بَيّنَةٍ وليسَ على أوهامٍ، وليس على دعاياتٍ وشائعات، وليسَ على أفكارٍ غيرِ صحيحة، وليسَ على سُوءِ ظَن، لا يعتمدُ على كلِ تلك الأشياء، لا يعتمدُ عليها بكلِها، وإنّما يعتمدُ ما هو عِلم، ما هو بيّنة، في مواقفِك اعتمدْ على هُدى اللهِ سبحانه وتعالى واعتمدْ على حقائقَ في واقِعِ الحياةِ واضحةٍ وبيّنةٍ ومُؤكدة، هذا هو الشيئُ الصحيحُ الذي تَبني عليهِ مواقفَكَ الصحيحةَ واتجاهاتِكَ الصحيحة، حتّى تكونَ بمَنْجاةٍ مِن الحسابِ والسؤالِ والجَزاء، وحتّى تفوزَ وتقِفَ المواقفَ التي تُرضي اللهَ سبحانه وتعالى.
فهذه الخطبة الشريفة مُهِمَةٌ جدًّاً، نحنُ في هذا الزمِن في أمسِّ الحاجةِ إليها في كلِ مواقِعِ المسؤولية، وفي كلِ مَجالاتِ الحياة، وفي كلِ ميادينِ الحياة، أينَما أنتَ وأينَما كنتَ تحتاجُ إلى هذهِ الآيةِ المُبَارَكةِ التي تجعلُكَ تتعاملُ بمسؤوليةٍ معَ ما تَسمعُ، معَ ما ترى، وتتعاملُ بمسؤوليةٍ لتسمعَ الحقَ، ولترى الحقَ، ولتصلَ إلى مَوقفِ الحق.
نكتفي بهذا المِقدار، ونسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يُوفقَنا وإياكم لما يُرضيهِ عنّا، وأن يرحمَ شهدائَنا الأبرارَ،
https://telegram.me/buratha