دراسات

افتراض ما يمكن أن يحدث..!


" أن الحرب هي الفن الوحيد الذي يحتاجه الأمراء " ماكيافيل

جاسم الصافي

 

 

لقد ظهر مصطلح التكنتروني الذي عرفه الكاتب الأمريكي "توفلر" بأنه الثورة الثالثة "على اعتبار أن الثورة الأولى هي الزراعية، والثانية هي الصناعية، أمَّا الثالثة فهي ثورة التكنولوجيا والمعلومات" التي تجعل العالم قرية كونية واحدة ، يتوجه الإنسان فيها نحو الجانب العلمي التجاري ( التكنولوجي ) والذي يدفع نحو حالة من الحرب الذاتية ، للحاق بالسوق فيكون بذلك نموذجا تجاريا ومنتجا كميا لا يعير أهمية للنوع فيه ، ياباني ، أميركي ، كوري ، صيني ... اذ لا يهم ما فيه من ثقافة أو معرفة .

 هذا ما جعل فلسفته القرن العشرين فلسفة تكنولوجية أو لنقل فلسفة تفكيكية وهوسا نقديا الى الحد الذي تهدمت فيه أركان كل الحضارات والهويات والثقافات القديمة مما أوجد مسافة او فجوة بين الحضارة والثقافة وعزل مطلق عن القيم والمبادئ الإنسانية .

 في المقابل نجد تطور الاقتصادي والتكنولوجي قد اختصر على العالم الحاجة للغة بكم هائل من المصطلح والأرقام والألوان المشتركة وهذا ما جعل من المعاصرة ثقافة علامات ( ثقافة استهلاكية ) وهذه مشكلة عالمية تواجهها كل النظم الاشتراكية والليبرالية والإسلامية على حد سواء .

 بتوازي وتد هذه الإيديولوجيات نكون أمام منهج ثقافة يوحد العصر الصناعة والاقتصاد ويعمل على تسيس ثقافة المجتمعات نحو وعي إعلامي دعائي قصدي يستنزف أدوات التمنطق العقلي عند الإنسان ولا يترك له مجال لإعادة النظر أو التصحيح في القيم والاعتبارات الذاتية .
 قد توهم الجميع حين اعتبروا أن تباشير العولمة التي ينادي لها النظام العالمي الجديد ترتكز مقوماتها على سلطة القطب الواحد الذي سيس العالم بأكمله لمفهوم الراس مالي البراغماتي , من غير أن نعي أن أدوات العصر الحديث ( التكنتروني ) هي اهم وحد لغوية بالعالم تهتم بالآلية المعاصرة وقد يقول قائل أن هذه الأدوات هي منتج لهذا النظام العالمي الذي نتحدث عنه ؟

 هذا صحيح .. لكن أولا وأخير هو منتج أنساني جاء للنفع العام وهو ليس ملك لشخص أو لنظام دون أخر مثله مثل اكتشاف النار أو الكتابة أو الموسيقى وقد استغل ايما استغلال من قبل السلطة الرأسمالية والمتمثلة بالغرب ، واستباح الحدود لينشر فوض في عالم الشرق لتنظيم الغرب عبر امتلاك كل الامكانيات واستعباد شعوب العالم بالحاجة المستمرة وهذا أضعف لأثر الدولة ككيان مستقل بل تبقى السيادة مرتهنة للاستعمار الجديد عبر وكلائهم من سلاطين وملوك ودمج للخصوص بالعموم وحقوق الفرد بالأسرة والمجتمع ، لتقفز بعدها النظم والتقاليد على كل الاعتبارات الحضارية والإنسانية ليكون الشرع و القانون مجرد عادات يمكن التخلي عنها إذا ما تحول الإنسان الى رجل ألي أو إنسان غائي منفذ للأوامر فقط أو ترس في العلمانية والرأسمالية العالمية.

 لهذا جاء إعلان "فوكوياما" الياباني الأصل أمريكي الجنسية ، لنهاية التاريخ ، وبداية مرحلة ما بعد الحداثة ندفن فيها منجزات الحضارات العالمية السابقة ووقائعها المادية والروحية مدعيا ( أن ما عايشته البشرية فيما مضى ما هو إلا أضغاث أحلام طفوليه ، وما على البشر إلا الخضوع لواقع الحال ، والانصياع إلى البنية المادية الجديدة أي ( العولمة ).

بعدها جاء صموئيل هنتينغتون ليعلن عن صدام الحضارات وهو صراع مع الثقافات القومية والهوية وقد حدد هذا العدو بالاسم وهو: الثقافة العربية والإسلامية وتلتها دعوة جاءت في بيان ستين كاتباً أمريكياً في فبراير من العام 2002، لتؤكد خطورة هذا التوجه الثقافي , بعدها ظهر النقد والصقل لما عرف من صراع أو صدام أو فيما بعد حوار حضاري وقبل الدخول بهذا الجدل يتبادر الى أذهاننا سؤال وهو أن هذا المصطلح أصبح تأصيل لمقدس أخر يجب أن تمشي علية سياسات دول العالم كي لا تكون في محور الشر أو مع ( غول الإرهاب ) الذي يفقس اليوم تهم واصطلاحات ونظم .

 أن الجدل الذي دار في زمن ما بعد إعلان فرضية صراع الحضارات اخذ روجا منقطع النظير مما حد بالكاتب لان يحول فرضيته من مقال الى كتاب ولا أريد أن أعيد أو اصقل بتلك المحاورات التي ملاءة العالم بضجيجها لكن ما دعانا للحديث عنه هو الجديد العربي والاسلامي والإقليمي والعالمي وعودة الحرب الباردة الى سطح الصراع العالمي وفي محاورها وسيناريوهاتها مثل الربيع العربي وقضية سورية وحزب الله وما تواجهه إيران من حصار جائر مع تغاضي واضح عن تسلح كوريا أمام الصين وتسلح باكستان أمام الهند ولماذا صعدت امريكا من موقفها تجاه البرنامج النووي الإيرانية الى الحد الذي ينبئ بحرب قريبة وخصوصا أن الكاتب هنتينغتون اعتبر من البداية ان الصراع غربي إسلامي وليس ايراني امريكي.

 ان ما يجري اليوم في العلاقات الدولية يؤكد خطورة المخطط الهنتينغتون وخصوصا أنه يسحب الصراع بينه وبين السلفية الإسلامية الى بلدان الإسلامية نفسها ليوظفها لصراع طائفي , فما أن انتهت حرب أفغانستان حتى بدأت حرب العراق وما أن استقر العراق حتى اندلعت الحرب في سورية ولن تهدئ هذه الحروب بل تمول لتفقس إرهابا من جيل جديد من صنيعة الغرب الاسلاموية الوهابية نفسها .

هنا نسال ما هو السبب لكل هذا أليس من الأجدر بنا أن نجد أجوبة لكل ما يحصل ، على أن تأتي هذه الأجوبة من ذواتنا ومن بديهيات عقولنا وأن نرسم خريطة تجمع خطوط التقارب الروسي والصيني والإيراني والعالم العربي ، بدل أن نكون طعما سهلا للتعشق بالنظام العالمي الجديد والذي ينحدر الى الهاوي لهرمة وعمق تعقيداته التي أن توقف فيها ترس واحد سيحرق الأخضر واليابس كما في إحداث سبتمبر أو سونامو في اليابان , يجب من وجود محور وسطي وقطب ثاني للعالم لا يرغب أن يكون مع الشر ولا الخير الرأسمالي العالمي ، محور يثقف لأدوات العصر من غير ادلجة أو تسيس ومن غير ثقب اسود يسحب العالم الى الوراء الى حرب مفترض من افكار هنتينغتون و فوكوياما

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك