فاطمة حسين إبراهيم
اسلفنا في بحثنا الذي نحن بصدد اتمام جزئه الثاني عن الحركة الاصلاحية الجبارة التي قام بها الامام علي ع
في ارساء النظام الاسلامي الحاكم وتطرقنا الى جانبين من تلكم الحركة في الجزء الاول من بحثنا ( الادارة المالية )( والجانب السياسي)
و ها نحن نضع بين اياديكم سادتي تتمة ما ابتدأنا راجين رضا الباري والقربى من الرسول واهل بيته الاطهار والمنفعة العامة ان شاء الله .
ثالثاً.:
( الجانب الاقتصادي)
انتهج الامام علي ع سياسة اقتصادية راقية وعظيمة نابعة من صميم الاسلام المحمدي من شأنها ان تطور الواقع الاقتصادي والربحي للفرد المسلم وللحكومة الاسلامية على حد سواء وذلك من خلال الانفاق على تطوير المشاريع الحكومية وتنميتها بما يتلائم و الوضع المعاشي ولظمان حياة كريمة تليق بالانسان عموماً و الارتقاء بالارباح النظيفة الخالية من الشبهات والمحرمات نحو النماء والازدهار لدعم خزين بيت المال .
لقد اكد الامام علي على تطوير المشاريع الاقتصادية ورفدها بموجبات ذلك التطور نتحدث هنا عن المشروع الزراعي الذي كان من اصول الاقتصاد العام في تلك الحقبة الزمنية .
فمن عهده سلام الله الى مالك الاشتر على رعاية الارض واصلاحها قبل اخذ الخراج منها فيقول ع: ( وليكن نظرك في عمارة الارض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يدرك الاّ بالعمارة ومن طلب الخراج بلا عمارة اخرب البلاد واهلك العباد ولم يستقم امره الاّ قليلاً ) .
فكان اهم ما يعنى به الامام هو وجوب الانفاق على تطوير الاقتصاد العام .
ولا يوجد وجه مقارنة بين الفكر الاقتصادي العلوي الطاهر وبين الخلل الفكري و المادي البشع الذي يمتلكه حكامنا في العراق .
من يصدق ان العراق بلد الخمسة وثلاثون مليون نخلة بات ينعى تلكم العمة الطيبة التي لطالما استظللنا بظلالها وانتشينا بحلاوة رطبها وحسدنا الكون على لطفها لم يتبق منها الاّ اعواد تبكي ماضيها و تأن مستقبلها وتستجدي العطف لأنتشالها من واقعٍ مرٍ احالها لينة متيبسة وحشرة الدوباس منعها حلمها بالعود من جديد وحكومتنا كالعادة
اتخذت موقف الصمت المخزي .
اما المحاصيل الزراعية فقد تذبذب انتاجها كثيراً عن السابق ولأسبابٍ عدة في مقدمتها التقصير الحكومي في دعم الفلاح بالبذور و السماد و المبيدات الزراعية وما الى ذلك ما من شأنه ان يطور الواقع الزراعي وينمي المحاصيل الزراعية .
كما ان عدم السيطرة على المنافذ الحدودية والتي فتحت على مصراعيها لتستقبل الانتاج الخارجي وبسخاء كان له الدور الفاعل في اغراق الاسواق بالمحاصيل الغريبة .
احياناً نسمع ان وزارة الزراعة تمنع استيراد بعض انواع الفواكه والخضر بسبب وفرة المنتوج المحلي الا ان هذه القرار لا يجد حيزاً من التنفيذ بسبب عدم وجود الرقابة القانونية والمتابعة الحكومية الجادة في تطبيق تلكم القرارات على الحدود .
كما ان حالة الاحباط التي يعيشها الفلاح بسبب عدم تلقيه الدعم الكافي و التشويق المطلوب بغض النظر عن قلة وفرة مياه الري قياساً بالجهد والعناء الكبير الذي يعانيه الفلاح في زراعة الارض كلها اسباب دفعت بالفلاح الى هجرة ارضه والتوجه نحو المدينة بحثاً عن مصدر كسبٍ آخر ، بالتالي سيؤدي ذلك اولاً الى زيادة في اعداد العاطلين عن العمل من المزارعين والفلاحين جراء هجرتهم الى المدينة
وزيادة في نسبة المساحات المتصحرة جراء تضاعف نسبة الاراضي البور الموات في البلد .
بالاضافة الى الاهمال والتقصير الحكومي الواضح في دعم القطاع الصناعي والذي بات يشكل خطراً كبيراً في تعطل الكثير من المشاريع الصناعية والتنموية المؤجلة كالمصانع و معامل الانتاج الغذائي والغزل والنسيج وغيرها والتي تنتظر رحمة المسؤول واصحاب الشأن لأنقاذها من الاندثار والتصدأ والدمار .
اضف الى ذلك المجمعات السكنية الغير مكتملة والمبعثرة هنا وهناك والتي تأن من تقطيع اوصالها حتى اصبحت ملاذاً آمناً للمتسيبين ومقرات لطمس آثار الجرائم الجنائية و غرفاً لتعاطي المخدرات والممنوعات وما الى ذلك في وقتٍ لو ان هذه المجمعات قد مولت من قبل الدولة وتم صرف مستحقات بنائها وتسليمها أيادٍ امينة ونزيهة حريصة على اعمار الوطن ، فأنها ستحل جزءاً كبيراً من معظلة ازمة السكن المتفشية والمستشرية لشريحة كبيرة من الناس التي تلتحف السماء وتقطن بيوت الصفيح والعشوائيات كما ان المباشرة بأستكمال هذه المجمعات ستوفر فرص عملٍ اخرى للكثير من الشباب العاطلين عن العمل وانتشالهم من حالة الضياع والتخبط الذي يعيشونها بعض الشيء .
ومرة اخرى نقول أينكم من ابي الحسن و مواساته للانسان ؟
والله من وراء القصد
https://telegram.me/buratha