كي تصبح الفرضية كتاب مقدس ودين كوني
لقد اوجد المنظران فوكوياما وهنتينغتون التابعان للبنتاكون مسارا للعقل التكنتروني للتنبؤات بل والسعي لإيجاد الاسباب الواقعية لتحقق تلك اهدف تمتد لنهاية التاريخ كما في أطروحتهما وهو رافد يصب لصالح أمريكا أو الحضارة الاوربية , كما وان الافتراضات هي انعكاس لوجهة النظر السياسة الأمريكية لتحقيق أهدافها ومصالحها الاستراتيجية المتمثل بمسرحية صراع الحضارات وبشكلها الطائفي والعنصري المعلن من دون تحفظات ، ورغم ما يشوب هذه النظرية من خلط بين الخصوص والعموم وما بين الاختلاف والصدام وما بين الثقافة والحضارة , الا اننا نجد السياسة العالمية وبالذات في المجال الاقتصادي تفتح لهذه الفرضيات الطرق المعبدة بالتسهيلات لفرض واقع افتراضي ملموس , مع انه ليس من الضرورة اعتبار الممانعة الثقافية هي ممانعة حضارية ولا الممانعة السياسية هي صراع وتحدي للقوى الكبرى او تهديد ارهابي بقدر ما تعني الحفاض على خصوصية الهوية والسيادة الوطنية , وهناك الكثير من الخلط الذي يغض العقل الغربي الطرف عنه لغايات توسعية وتسلطية منها مشاكل الحضارات الموجودة اصلا بطبيعتها ! أن هذه الفرضيات هي لأجل تصوير فكرها في الأذهان ليتطبع ويصبح من البديهيات او المسلمات التي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار في اي تغير او تعديل وبعدها تكون من الاسس الحاكمة والحاضرة على سياسة البلدان وعلى البناء الثقافي والاقتصادي لديها , فهي فروض لا ترتبط بجذور الحدث الزماني او المكاني بقدر ما هي مرتبطة بوهم فوضى الاحتمالات , وهي قابل لتغير خططها حسب متطلبات الوضع الذي يدور في فلك الصراع المصلحي السياسية والاقتصادية . أن فكرة التصادم بين الغرب من جهة والإسلام والكونفوشية هو لانهما حضارتين مختلفتين وغير متجانستين في هويتهما الثقافية وارثهما الوحي من جهة والمادين من جهة اخرى واللذان سيرفضان بطبيعة الحال الانصياع لتوحد ثقافي اجباري , وهذا من الامور البديهية والتي لا تحتاج الى فرضيات ، فأي هجوم غير متمازج يقابل بالدفاع والعزل واي فعل يقابل بردة فعل اخرى ، وما اريد قوله بصدد الفرضية انها جاءت للغاية الاستعمارية الجديدة أو لنقل بلغة عصرية انها فرضيات جاءت لتمكين المفاهيم التكنترونية المتآمركة المتعالية من تسهيل الهيمنة الاستعمارية الجديدة , اذ ان هذه البلدان الإسلامية والكونفوشي بطبيعتها تمثل للغرب كما كانت في السابق سوقا استهلاكيا لمنتوجها الصناعي ، لهذا تعتبر ان ظهورها كقوة صناعية جديدة تشكل تهديدا ومنافسة خطرة لاقتصادها ، وخصوصا أن هذه الدول تتوفر لديها موارد بشرية وموارد أولية كافية لاستمرار نموها الصناعة , اضافة الى امتلاكها لعصب صناعة العالم وهو مصادر الطاقة من نفط وغاز وغيرها من المصادر الطبيعية النظيفة , لهذا يمكن القول ان القوى الكبرى صادقة في ادعائها من انها لا تريد احتلال هذه البلدان ولا مصادرة النفط والغاز منها , لان هذه المسائل هي موروث استعماري قديم قد اكل عليه الدهر وشرب وما عادت تتناسب ومطالبات العصر الحالي بالتحرر والديمقراطية , بل انها تريد خلق فوضى مسيطر عليها تمكنها من التحكم بأسعار الطاقة وجعلها بإفلاس لا تساوي حتى قيمتها الاستخراجية ولا تتناسب مع السلع المصدر لبلدان النفط , حتى وصل سعر البرميل لأقل من سعر لتر من الماء , نعم هذه هي الحقيقة التي جعلت من ( الكنفوشية والاسلامية ) خصم خطر على الرأسمالية العالمية مع انها بلدان يمكنها محاربة العدو الاول , وهو الجهل مما سينتج عقل شعبي أو مجتمعي تحرري من كل هيمنة وتبعية بل وتكون له القدرة على حل اغلب مشاكل من بطالة وازمة سكن وسوء الخدمات . ان ما يحدث اليوم هو حرب باردة تخفي ادوات التقاتل رغم وجود القتلى والجرحى والخسائر فيها , وقد تكون هناك الكثير من الدول ادركت بهذه الحقيقة بعد ان حمى الوطيس، وبعد ان استسلم العالم الغربي لتلك المخاوف وتلك الفرضيات والاستنتاجات واصبحت تمثل هاجسه والخطوط الكاشفة لمستقبله المجهول بل عقيدة جمعية لتفسير سياستها الخارجية وفقس لديها فلسفة تعبر عن حجم النكبات التي ستلاحق مجتمعها بسياستها هذه وانعكاس افكارها الى الداخل وكما يظهر من تفشي العنصرية من عدوى الكراهية التي تحدثنا عنها في بداية هذه الدراسة كل هذا ينعكس على المستوى الفردي من تفسخ فكري وتفكك مجتمعي بعد ان زعزعت الثقة المجتمعية بشعارات عدائية وبالتالي ينعكس على عصب الاقتصاد ليتفشى الركود الاقتصادي وهو ما تشهده ازمة عملة ( اليورو ) حتى ابدت العديد من الشركات الاوربية العملاقة في نقل معداتها الى اماكن الاستهلاكفي غير بلدانها الاصلية , وهي ظاهرة تحاول الدول الكبرى وعلى رأسها امريكا ان تحجم من خطورتها عبر محمية الدولار الذي تغامر امريكا به اليوم عبر حروبها الاقتصادية , وهو ما يحتم على الدول المتضررة ان تتوحد امام همجية تلك العقوبات لتكون على الاقل درعا حامي من غطرسة ومزاجية الامريكان , هذا ان لم تحاول تكوين سلاح بديل عن الدولار لتعاقداتها المالي وهو ما سيتسبب في انهيار الثقة بالدولار شيء فشيء , ومع اشتداد المحنة يتضح لهم وهم تلك الفرضيات لتلك الدول كلما رفعت الغشاوة عنها وتبينت ديماغوجية الاعلام المسلط عليها , ثم أن مأزق عقل الفرد الغربي اليوم مرتهن بمشاكل المستقبل الصناعة في الغد القريب والتي ستحوله الى العزلة السياسية ومشاكل الركود اقتصادي بسبب ما انتجت تلك الفرضيات على المدى البعيد من عقد لا حل لها واصبح امتداد تأثيريها على المجتمعات الاوربية ككل . ان تلك الفرضيات تعطي مقدار غرور ذلك العقل الذي قاد الثقافة الى اغتراب الأنسان وقاسم العمل فانتج فائض المنتوج وخلق ثقافة الاستهلاك وارتهن مصير الانسانية للمعاملات الاقتصاد ، وهي فرضيات تثقب الوعي حتى يتسرب منه المنطق فيكون التفكير بلا جدوة وسعي لينحدر بالإنسان نحوى العواطف العنصرية والطائفية وغرائز التحيون , وهذا هو ما سنشهده قريبا بعد ان طبق تلك الفرضيات الى شكل ازمات لتسليع القيم والثقافة وتعقيد الفكر السياسي وخلق فوضى يقال انها مسيطر عليها لصالح العقل التكنتروني , لكن ما حصل في ربيعنا العربي والصراع الاسلامي والحرب الاقتصادية مع الصين واخرها ازمة الجمهورية الايرانية ما هو الا فوضى سرعان ما ستنتظم في عمل موحد من اجل الخلاص عاجلا ام اجلا . بل اننا نجد ان تلك الفرضيات اصبحت فكر امريكي متشدد وهو يشابه الى حد بعيد الفكر السلفي المتشدق بالنص دون العقل الذي استمد المساندة من امريكا لتمرير سياستها القمعية على شعوب المنطقة لتطاحن فيما بينها , ان ما يجري هو فوضى لكن هذا بسبب تشعب خيوط المؤامرة من جهة وايمان تلك النظريات بمنظومة الفوضى الخلاقة المسيطر عليها من جهة اخرى ، لهذا نجد أن مسالة سورية وايران وما يجري لهما اليوم هو بسبب تلك السياسة الرعناء , لكون امريكا تريد واقع متأزم قادر على استحلاب الخليج ، من خلال ايجاد بعبع دائم يهدد اطفال العروبة وبهذا امريكا لن تهدد ايران بشكل حقيقي فهي لن تجد وهم اكثر خوفا مما خلقته حول الجمهورية من اكاذيب وادعاءات اما الخليج وامام الغرب الذي يأخذ سياسة المتفرج طالما استمرت تطمينات حارس البلطة لتامين الطاقة , ثم ان تدخل دول أوربا بشكل مباشر سيشكل مصدر مهم لتوحد العالم الشرقي الإسلامي والكونفوشي او ( الماوي والاركوني ) بحسب تسمية الفرضية ، اضافة الى أن التجربة القريبة في العراق وافغانستان لازلت حاضرة ومرارتها لم تغادر بلعوم العالم المتآمرك ، وكذلك روسيا لاتزال تحن الى مجدها بعد ضياع طويل فهي تسير بحذر شديد ودون استفزاز مباشر لمصيدة امريكا ، وهذا ما تتقاسمه معها الصين حليفها المذهبي والاقتصادي اما احصنة طروادة الغربية , فتركيا تعيش اسوء ايامها اذ انها لا تجد طوق نجاة من أوربا لفرارها من كماشة اميركا الاقتصادية وتهديداتها المستمرة بعد ان تكشفت عورتها الاقتصادية مع ازمة رؤوس الاموال الخليجية فهي قادرة على هدم اقتصادها في يوم واحد كما شهدته ازمة الخاشقجي , وهذا ما لا تريده امريكا ولا أوربا كون تركيا الحصن الحصين من الشرق كما اثبتت حملات المهاجرين الى اوربا في الآونة الاخيرة , فالكل يريد من تركيا ان تبقى العجوز المريضة بعد ان تطاولت على اسيادها في اول انتعاش سياسي , نعم على ما يبدو ان الامور متشابكة وشائكة .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha