أمجد سالم
لا يوجد تعريف محدد ودقيق ومتفق عليه للمشاريع الصغيرة ، حيث اختلف تعريفها من دولة لأخرى ومن فترة زمنية لأخرى ، تعرف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) المشاريع الصغيرة بأنها تلك المشاريع التي يديرها مالك واحد ويتراوح عدد العاملين فيها ما بين (10 – 50) عاملاً . أما البنك الدولي فيصنف المشاريع التي يعمل فيها اقل من (10) عمال بالمشاريع المتناهية الصغر والتي يعمل فيها ما بين (10 – 50) عامل بالمشاريع الصغيرة وتلك التي يعمل فيها ما بين (50 – 100) عامل بالمشاريع المتوسطة ، وفي #العراق تعرف المشاريع الصغيرة بأنها تلك المشاريع التي تستخدم ما بين (1 – 9) عمال وتكون قيمة المكائن اقل من (100) ألف دينار وهو التصنيف الذي سيتم نبنيه في هذا البحث والذي يرتكز على معيار العمالة فقط .
ويعزى التباين في تحديد مفهوم المشاريع الصغيرة إلى وجود معايير عديدة يمكن الاستناد إليها في تحديد مفهوم المشاريع الصغيرة وتباين تلك المعايير من دولة لأخرى بتباين إمكاناتها وقدراتها وظروفها الاقتصادية ومراحل النمو التي حققتها فالمشاريع التي تعد صغيرة أو متوسطة الحجم في دولة صناعية قد تعتبر مشاريع كبيرة الحجم في دولة نامية كما قد يختلف تقييم حجم المشروع داخل الدولة نفسها حسب مراحل النمو الذي يمر به اقتصاد تلك الدولة ، ومن المعايير المستخدمة : معيار العمالة ، معيار رأس المال ، معيار الإنتاج ، معيار حجم ونوعية الطاقة المستخدمة لكن أكثر المعايير استخداماً في الدول الصناعية والدول النامية على حد سواء هو معيار العمالة نظراً لسهولة الحصول على البيانات وإمكانات تحليلها ومعالجتها إحصائيا والخروج بنتائج كمية تدعم متخذي القرار الاقتصادي ومصممي السياسات الاقتصادية .
تتميز المشاريع الصغيرة عموماً:
♦️بانخفاض حجم التكاليف الرأسمالية اللازمة للبدء في المشروع
♦️ وسعة الانتشار مما يجعلها تغطي مناطق مختلفة وأعدادا كبيرة من السكان
♦️إنها كثيفة العمالة بحيث تساهم في توفير فرص عمل كثيرة
♦️ كما أن المشاريع الصغيرة تكون ذات ملكية فردية أو عائلية
♦️إنها ذات متطلبات تكنولوجية محدودة وتعتمد على المواد الأولية والقروض غير الرسمية
♦️ تعتمد على مستوى منخفض من التخصص وتقسيم العمل
تتمثل أهمية المشاريع الصغيرة في دورها الحيوي في مقاومة الفقر والبطالة واحتواء الآثار الاجتماعية السلبية لبرامج الإصلاح الاقتصادي المطبقة في العديد من الدول ، كما تتمثل أهميتها في قدرتها على المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية من خلال تأثيرها على بعض المتغيرات الاقتصادية الكلية مثل الناتج المحلي الإجمالي ، الاستهلاك ، الاستثمار ، العمالة ، الصادرات ، فضلاً عن مساهمتها في تحقيق العدالة الاجتماعية ، وتحقيق التكامل بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة الحجم ، وتنويع بنية الإنتاج ، فضلاً عن اعتبارها آلية فعالة في مواجهة الفقر والعوز والفاقة من خلال وصولها إلى صغار المستثمرين من الرجال والنساء ، فضلاً عن ذلك فقد أصبحت المشاريع الصغيرة اليوم القوة الدافعة وراء عدد كبير من الاختراعات ، وتسد هذه المشاريع فراغاً كبيراً في السلسلة الإنتاجية حيث أنها تغذي إنتاج الشركات الكبيرة وتزودها بما تحتاجه من مواد ومنتجات تكميلية تفي بحاجات السوق المحلي والتصدير
فرغم أهمية هذه المشاريع وحيوتها بالقضاء على أهم مشاكل العراق وهي البطالة الا انها في أغلب الأحيان تتجه للفشل أو عدم التفكير بها اصلا.
يرى الكثير من الاقتصاديين والخبراء في مجال تمويل هكذا نوع من المشروعات، ان الاسباب تكمن في إن المشكلة لا تكمن في التمويل ذاته، بقدر ما هي متعلقة في (ادارة هذا التمويل) ، فعلى سبيل المثال ليست العبرة من تمويل هكذا مشاريع هو تقليل حجم البطالة بين المواطنين وحسب، وانما يجب أن تكون لهذا التمويل اهداف ستراتيجية بعيدة المدى، تتمثل في أن يكون هذا التمويل متجه نحو مشاريع قادرة على خلق قيمة مضافة للناتج المحلي وأن تزيد من وتيرة عجلة التنمية الاقتصادية وأن تخلق حالة من التفاعل والتشابك الانتاجي بين المشاريع كافة.
هذا من ناحية ومن ناحية، إن اطلاق هكذا برامج تمويل وأي كان حجمها، لأبد أن يسبقه دراسة وبحث لنفسية وسلوك أفراد المجتمع فيما يتعلق بميولهم الانتاجية والاستهلاكية، فكما نعلم أن الفرد العراقي كان يعيش في ظل دولة ريعية، أعتاد فيها أن توفر له كل شيء، فالموظف سواء أنتج أم لا هناك أجر يستحصل عليه في نهاية كل شهر، بل والأكثر من هذا يعيش المواطن العراقي في تبعية مقيته للحكومة من أجل أن توفر له فرص التعيين، وبالتالي فأن هناك اتجاه سلوكي ونفسي في أن لايتقبل الفرد العراقي القطاع الخاص وأن يكون همه الوحيد هو العمل في القطاع العام.
هذه الحالة من السلوك الاقتصادي والاجتماعي ولدت حالة من الكسل والخمول لدى أفراد المجتمع العراقي في خلق المبادرة وتحقيق ذاته بمجهوده وبحثه الشخصي، وبالتالي كيف نفكر أن نشركه في القطاع الخاص وهو غير مؤمن فيه بالمرة. هذا من جهة ومن جهة أخرى بطبيعة الحال فأن العراق وبسبب ريعية الدولة جعلته استهلاكياً أكثر مما هو انتاجي، فلا غرابة أن نجد ان الكثير من المواطنين يتجهون نحو القروض الاستهلاكية حتى وإن تجاوزت نسبة الفوائد عليها أكثر من 10%، وحتى القروض الانتاجية التي تخص القطاعات الاقتصادية كالقطاعات الصناعية والزراعية فأن المستفيدين منها اغلبهم لم يقم بتوجيهها نحو قنواتها الانتاجية الصحيحة.
نحن نعلم إن ثمة مشاكل عديدة تواجه عملية الحصول على كثير من هذه القروض منها التشريعات والقوانين وكثيرة التعقيدات الادارية، فضلاً عن نسب الفوائد المرتفعة نسبياً، وكذلك انعدام البنى التحتية التي تساعد في نجاح هذه المشاريع، لكن الكثير من حصل هذه القروض سيما الانتاجية منها قام بتوجيهها نحو مسارات طفيلية وهامشية وبالتالي ضياع الفرص على البلد في تطوير قاعدته الانتاجية مستقبلاً.
وهنا يجب أن يفهم القائمون على هذه المسألة في إن جزء كبير من حل هذه المشكلة يكمن في علاجها علاجاً اقتصادياً اجتماعياً لا اقتصادياً وحسب، فمثلا يمكن الاستفادة من التعليم في هذا الجانب، فالتعليم الجامعي سيما فيما يتعلق بكلية الادارة والاقتصاد فيه الجانب التنظيري يأخذ حيز كبير على حساب الجانب التطبيقي، فتخيل خريج قسم الاقتصاد لا يملك القدرة ولا المبادرة على خلق فرصة عمل له، و لا خريج الادارة إن يقود مجموعة من الافراد سواء من الاصدقاء او الزملاء لخلق او صنع مشروع ما، و لاخريج العلوم المالية قادر على الاستفادة من فرص التمويل والقروض في الاستفادة منها في تمويل مشروع معين!!.
الخلاصة:
المشاريع الاقتصادية الصغيرة مهمة جدا ويجب العمل على نشر ثقافة العمل بها بين الشباب وخصوصا المتخرجين.
أن الفرد العراقي فرد استهلاكي لا إنتاجي بسبب ريعيه الدولة التي جعلت تفكيره محصور بالتعيين ووظائف القطاع العام وعدم التفكير في مشاريع القطاع الخاص.
الطبيعة الاستهلاكية للفرد العراقي ولدت له الكسل والخمول وقتل الإبداع، وهذا ما يرتبط علاجه بالثقافة العامة للمجتمع، وتصحيح مسار العملية التعليمية في العراق.
تمويل المشاريع الاقتصادية الصغيرة ممكن من خلال تمويل الجهات المختصة من البنوك ووزارة التجارة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهذا يصبح سهلا إذا استطاعت الحكومة الحالية التخلص من البيروقراطيه الإدارية، وتقليل نسبة الفوائد على هذه القروض.
إذا لم يتمكن الشاب من الحصول على التمويل من الجهات المختصة فله أن يفكر بالطريقة التسهامية في المشروع عن طريق إشراك عدد من الراغبين بالمشروع.
يجب نشر ثقافة العمل بالقطاع الخاص والمشاريع الاقتصادية الصغيرة لما لها من فاعليه حقيقة في القضاء على البطالة.
من أمثلة المشاريع الصغيرة مشروع زراعة محصول معين كالطماطة مثلا، او مشروع صناعي مثل صناعة الصابون، او تجاري مثل الطباعة على الملابس او صناعة الملابس.... الخ
ضرورة التسويق الإبداعي لهذه المشاريع في حال قيامها.
https://telegram.me/buratha