ضياء المحسن
يختلف السيد عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة العراقية القادمة عن سابقيه بميزة، هذه الميزة تتمثل بانه رجل إقتصاد، ولديه طروحات إقتصادية تتعلق بمعالجة الآثار السيئة في مسار الإقتصاد العراقي.
ساهم السيد عبد المهدي في تخفيض نادي باريس لدوين العراق بحدود 80%، عندما شغل منصب وزير المالية في العام، 2004، كما شغل منصب وزير النفط في حكومة السيد العبادي، لكنه قدم إستقالته من المنصب، بعد أن قام بتغييرات كبيرة في عمل الوزارة، عندما منح مدراء شركات النفط في المحافظات المنتجة صلاحيات واسعة، بالإضافة الى انه ساهم في تخفيض المبالغ المستحقة على العراق بموجب عقود التراخيص التي وقعها الوزير السابق الدكتور حسين الشهرستاني.
اليوم وهو يمضي حثيثيا في تشكيل الحكومة القادمة، ماذا يمكن ان يقدم السيد المنتفجي للعراق وللإقتصاد العراقي، هل يمكن ان نرى طروحاته التي يطرحها في الندوات والمقالات موضع التطبيق.
1ـ يعاني العراق من إعتماده على النفط في تمويل ميزانية الدولة بشقيها التشغيلي والإستثماري، هنا نجد الضرورة ملحة في التفكير جديا بتنشيط بقية القطاعات الإقتصادية؛ خاصة تلك القريبة من القطاع النفطي ونقصد به قطاع الصناعات التحويلية (البتروكيمياويات) بالإضافة الى ضرورة الإستفادة من الوفرة المالية المتحققة عن الفارق بين سعر النفط في الموازنة وسعره في السوق العالمي، في تنشيط القطاعات الإقتصادية (الزراعية، الصناعية)، خاصة مع وجود بنية تحتية تستطيع النهوض بهذه القطاعات المهمة، والتي لها مساس بحياة المواطن اليومية.
2ـ تعاني اغلب المحافظات العراقية بما فيها العاصمة بغداد من ضعف الخدمات وتهالك البنى التحتية لها، والمشكلة هنا مركبة، حيث تتشابك التعقيدات مع بعضها، فالميليشيات تسير جنبا الى جنب مع الفساد الذي يستشري في مفاصل الدولة، وهذا ما يمنع تقديم مشاريع ذات جودة عالية، مقارنة بالموال المرصودة لهذه المشاريع.
ما يتطلب من رئيس الوزراء القادم التفكير جديا في نزع السلاح، وهذا الأمر يتطلب قوى أمنية تعمل لمصلحة البلد، وليس لصالح الأحزاب التي ساعدت في إنخراطها في هذه المؤسسات.
3ـ مالكية النفط والغاز: بموجب الماد 111 من الدستور فإن النفط والغاز ملك للشعب العراقي، هذه المالكية لا تعني منح كل فرد مبلغ من المال كما تروج بعض الكتل السياسية في برامجها الإنتخابية والوعود التي أطلقتها في هذا الجانب؛ فهو مع عدم واقعيته وتسببه في هدر المال العام بدون جدوى إقتصادية، فإنه يفتح بابا واسعا للفساد المالي، ونرى هنا ضرورة ان تكون الدولة موظف لدى المواطن وليس العكس.، وبإفتراض أن تعداد العراقيين هو (30) مليون نسمة، وواردات النفط كانت (90) تريليون دينار سنويا، سيكون على الحكومة أن تضع في حساب مصرفي لكل مواطن مبلغ (3) مليون دينار، وهو ما يطلق عليه (الحساب الأساس).
من هنا ستبدأ الحكومة عملها، ذلك لأن المواطن سيحتاج الى أن يكون أولاده يدرسون في مدارس تعطي للطالب دروسا منهجية يستطيع من خلالها أن ينمي قدراته ويستكشف مواهب، بالإضافة الى حاجته للخدمات الطبية وكثير من الخدمات التي يحصل عليها اليوم مجانا ـ لكنها ليست بالمستوى المطلوب ـ
تقوم الدولة بإستقطاع جزء من المبلغ الموضوع في حساب المواطن، لقاء توفير جميع الخدمات التي يحتاجها، بحيث أن المستقطع من المبلغ المدخر لا يتجاوز ال 70%، والمتبقي 30%، فمع إفتراض أن متوسط العائلة العراقية، هو (6) أشخاص، سيكون لدى العائلة مبلغ يقدر بنحو (5) مليون دينار عراقي، بملاحظة أنه لن يدفع شيئا عند تمتعه بأي خدمة تقدمها له الدولة.
تبقى مسألة الغاز والتي هي مرتبطة بقانون النفط والغاز، والذي لم تستطع رئاسة مجلس النواب في دورات سابقة من تمريره، نجد ضرورة جلوس الحكومة مع مجلس النواب والعمل على تمرير القانون خدمة للصالح العام.
4ـ الإستفادة القصوى من الثروة النفطية، خاصة مع توجه العالم الى الطاقة النظيفة خلال السنوات المقبلة، فعندما نستثمر هذه الثروة الأن لكي تكون الفائدة المتحققة منها مزدوجة لصالح الجيل الحيل والأجيال اللاحقة، من هنا فإن إستثمار الواردات المتحققة من بيع النفط اليوم، يمكن إستثمارها في تطوير القطاعات الإقتصادية التي تساهم في توفير الأمن الغذائي للمواطن (القطاع الزراعي) بالإضافة الى تطوير الصناعات العراقية المتوقفة عن العمل (القطاع الصناعي).
5ـ ملفات الفساد والتي تعتبر التحدي الأكبر في وجه السيد عبد المهدي، خاصة إذا ما علمنا أن المورطين في الغالب الأعم ينتمون لأحزاب السلطة، بما يمنع وصول هذه الملفات الى المحاكم، وإذا ما سار رئيس الوزراء القادم قُدماً في إحالة هذه القضايا الى المحاكم؛ سيكون عليه مواجهة هذه الأحزاب وسطوتها.
6ـ بالحديث عن الإستثمار وهيئتها في بغداد والمحافظات، نجد ضرورة الإبتعاد عن المغالاة في فتح الأسواق والتي تعد باب من أبواب تهريب العملة، كونها لا تقدم اي جديد للإقتصاد العراقي، فهي عبارة عن أسواق إستهلاكية 100%، يجب التفكير جديا في إستثمار المناطق السياحية في جميع محافظات العراق، والإلتفات الى المراقد الدينية (خاصة للأديان الأخرى)، لأن العالم ليس كله مسلمين، فهناك اليهود والمسيح، ولدينا من المزارات التي يروم أتباع هذه الديانات زيارة هذه الأماكن المقدسة لديهم بالملايين، ما نحتاجه هنا مستثمرين يعرفون كيف يستقدمون هؤلاء السياح؛ بالإضافة الى بناء فنادق ومنتجعات سياحية يستطيع هؤلاء السياح قضاء وقت لطيف فيها، بما يعود بالنفع على الإقتصاد العراقي.
https://telegram.me/buratha