ضياء المحسن
معلوم لدى المختصين في الشأن الإقتصادي أهمية الإستثمار، خاصة مع الهوة بيننا وبين دول العالم والتي تسببت في ضياع فرصة لتقدم البلد، وأهمية الإستثمار تتأتى من أنه يستطيع نقل التكنولوجيا التي يمتلكها المستثمر الى البلد، بالإضافة الى تطوير الكوادر التي تعمل في المشاريع التي تنفذها الشركات المستثمرة، ما يعني ضرورة منح الفرص الإستثمارية لشركات رصينة لها باع طويل في مجال عملها.
لكن الإستثمار ورأس المال المستثمر من الناحية العملية يعد جبان، فهو لا يعيش في بيئة مضطربة امنيا وسياسيا، بالإضافة الى أنه بحاجة الى قوانين وتشريعات تمكنه من العمل بسهولة، ناهيك عن مقومات تمكنه من أداء المهمة الموكلة إليه؛ من قبيل اليد العاملة والسوق والمعادن والطاقة، بالإضافة الى التنوع البيئي في المنطقة التي يستثمر فيها.
لو ناقشنا هذه المقومات ووجودها في العراق، نكاد نجزم انها معدومة، فالقوانين التي تنظم عملية الإستثمار تسيطر عليها البيروقراطية وكثرة التعليمات التي لا جدوى منها، سوى أنها تعمل على عزوف المستثمر عن الدخول في السوق العراقي، والدليل لاحظناه في مؤتمر الكويت؛ فمع الوفد الحكومي الذي حضر المؤتمر، لكنه لم يستطع إقناع الشركات الكبرى للدخول الى السوق العراقية حتى مع كثرة الفرص الإستثمارية، والسبب ببساطة شديدة تعقيد القوانين والتعليمات النافذة، بالإضافة الى البيروقراطية وأمور اخرى.
ما يتعلق بالناحية الأمنية والسياسية، عند أول قدم يضعها المستثمر على أرض العراق يلاحظ يالإجراءات الأمنية المعقدة، الأمر الذي يوحي له بأن الأمن غير مستتب، ثم هناك الفساد المستشري في المفاصل المهمة والتي تنظم العملية الإستثمارية، لذلك فإن من واجب الحكومة القضاء على الفساد والذي يعد سبب أساسي في عدم إستتباب الأمن، بالإضافة الى ضرورة تعديل القوانين التي تختصر كثير من الوقت الذي يقضيه المستثمر لإنجاز المعاملة الإستثمارية، والتي تتجاوز في بعض الحالات العام ونصف العام.
من العوامل الجاذبة للإستثمار هو اليد العاملة، والعراق يمتلك أيدي عاملة شابة ومثقفة بالإضافة الى ان هؤلاء الشباب الغالب الأعم حاصل على شهادة جامعية أولية على أبعد التقديرات، بما يمنح المستثمر أيدي عاملة لا تحتاج الى فترة طويلة لتدريبها، كما يحصل مع كثير في دول العالم الأخرى، ثم أن المستثمر لا يغفل اهمية السوق العراقي الذي يستحوذ على اكبر قدر من المنتجات وهذا يعود الى عدد سكانه المتنامي.
ولا ننسى هنا أن الطاقة تلعب دورا مهما في الإستثمار، فكلما كانت مصادر الطاقة متوافرة، كلما قلت النفقات التي يحسب لها المستثمر حسابات دقيقة، بالإضافة الى ما موجود في باطن الأرض من معادن يمكن إستثمارها في مشاريع عديدة، الأمر الذي يساعد في تأهيل مصانع ومعامل متوقفة عن العمل بسبب عدم وجود جدوى إقتصادية من إعادتها للعمل، بسبب عدم وجود التكنولوجيا المتطورة فيها، كمعامل الزجاج والسيراميك والبتروكيمياويات، هذا بالإضافة الى معامل الفوسفات والكبريت ومعامل الحديد والصلب.
يمتلك العراق نهرين عظيمين يخترقانه وصولا الى الخليج، بالإضافة الى وجود أراضي زراعية شاسعة غير مستثمرة، وإذا ما اخذنا بنظر الإعتبار وجود أيدي عاملة متعلمة (خريجي كليات الزراعة والمعاهد الزراعية) فهم سيشكلون للمستثمر فرصة إستثنائية للعمل في هذا القطاع المهم؛ حتى مع شحة المياه التي يعاني منها البلد.
ماذا نحتاج لجذب المستثمر للإستثمار في هذه الفرص الكبيرة؟
ما نحتاجه ليس صعب المنال، فقط يحتاج الى وجود نية صادقة لدى من بيده سلطة إتخاذ القرار، وأن يكون همه على مصلحة البلد، بغض النظر عن الجواز الذي يحمله من أي بلد صدر هذا الجواز.
هل نرى ذلك؟
https://telegram.me/buratha