دراسات

التلاعب بملامح الشيطان


جاسم الصافي

كيف تكون الشيطان في المخيلة الجمعية للعقل البشري , حتى اجمعنا على صورة واحدة جمعت فيها كل الشرور , الامر يحتاج الى بعض الحفر لقيم ومعاير تكونت فوجدنا لها ابائنا صاغرين عابدين , لكن حين تخرج تلك المفاهيم والمعاير عن الحد الطبيعي , لتكون تنين او ماردا يهدد المصير والحياة اجمع ومع هذا لا نبالي بها , بل نعتبره نبوءة ايقظها التراث وروج له الدجالون , هنا نواقيس الانتباه يجب ان تقرع , ومجسات الترقب والبحث والتحري آن لها ان تستفيق , فما الدافع في ان نخرب بلادنا ؟ وكأننا فاتحين , ونقتل اخوتنا ؟ ونحن فخورين , ونفعل ما لا يمكن للعقل ان يقبله , نصدق الاكاذيب ويمتزج الزيت بالماء فيضيع الحابل بالنابل , ولا نتوقف للحظة واحدة لنقول كيف صدقنا ؟ كيف قبلنا ؟ كيف فعلنا ؟

مؤكد اننا ماكنا نقبل ان يصل بنا الحال لهذا المقام , والسؤال الاهم ماهي السلطة او القدرة التي استطاعت التحكم بنا ودفعنا لفعل ما لا نريد فعله ؟ ولم يسيطر علينا الاحباط والشك ونكران الاخر والتكذيب والتخوين وكل ما من شأنه ان يزرع الفرق والتشتت والفوضى , خصوصا بعد ان خرجنا من تجربة الحروب مع الجيران الى الاقتتال فيما بيننا , هل هذا هو الوضع الطبيعي ام هناك من يدفع بهذا الاتجاه  , قبل ان اكون حكما دون دليل كما نفعل جميعا هذه الايام , لنتتبع خطوات الشيطان خطوة خطوة , هل سمعت يوما عن الرسائل الا ادراكية نعم مؤكد انكم سمعت عنه , فهي تعني بشكل مختصر الوجود والعمل خارج مستوى الادراكي والوعي , فقد بحث العلماء عن سلطة يمكنها ان تسيطر على العقل البشري للتحكم به , واملائه بما يشاء اصحاب الارادة , وكان البحث اجتماعي تجاري قبل ان يكون سياسي اقتصادي , اذ يقسم علماء النفس العقل البشري الى قسمين القسم الصغير وهو قسم الوعي المنطق والرياضيات والواقع والقسم الاكبر هو اللاوعي وهو الخيال والبرزخ الذي يفصل ما بين هذين القسمين هو كمرك حدودي يدعى الحلم وهو سر هذه السلطة التي تسيطر على البشر فالإنسان يميل الى الانجذاب للصوت السلطوي من العقل , فكيف يأتي هذا الصوت السلطوي , انه حصان طروادة الذي يتسلل بالحلم المتستر بصوت الضمير الناصح من اللاوعي الى الوعي , ان الامر متعلق بالكيفية التي تمكننا من السيطرة على الحلم , مع العلم ان الخيال هو متنفس وفضاء هذا الحلم ولا يوجد خيال بلا تصور ولا تصور بلا انطباع , بالتالي تتكون الطريقة المثلى التي لا يمكن تجاوز مراحلها , وهي ان نترك للخيال انطباعا يصور الحلم هكذا بكل بساطة , بأدوات الصوت والصورة والعامل النفسي للزمان والمكان وبآليات كثيرة , اولها التوحش , وهي عملية لتحريك الحيوان البشري المدجن بنظم المدينة واستنهاض نوازع الجنس والغنيمة وهذا يحدث في الحروب بكل انواعها والتي تنتشر اليوم في العالم الثاني والثالث هكذا هم يصنفوننا , وبحلم التوحش هذا , تخلق عجينة اراء هجينة تجمع فيه عناصر الخيال والتصور لنفوذ تلك السلطة  الى الوعي واجتياح بحر ممانعته بالحجج المقدس والتراث والقيم الموجودة في كل مجتمع بادعاء انها اصيلة , وهكذا يمكن للوعي ان يستسلم لسلطة دخيلة فيطوع لآراء وقضايا مؤدلجة وموجة بقصدية , نعم ان حلول موسم الخوف يشل المنطق والواقع ويحرك فينا الخيال لترطيب الاستسلام والخنوع , فيكون التوحش سيدا على الوعي . وثانيا فوضى الديماغوجية وهذا يبنى على قاعدة ان الوعي لا يستطيع التميز بسهوله بين الموجب والسالب الا عبر وقت محدد فلو ارسل هذا الموجب مع السالب في وقت واحد من غير ان يترك مجال للزمن ان يركز ويستوضح الامور او يصححها للعقل نكون قد فرضت الامر الواقع والسلطة الغاشمة , عبر ايحاء او رمز او صورة او صوت او حتى كلمة غير ذات اهمية على ان تكرر بالنسبة للمتلقي في فضاء خيال اللاوعي , فهي تكفي لتحقيق المغلوط او المخلوط  دون ان يكون من متبنيات الوعي سابقا , مع العلم بان السلب اذا جاء عبر اللاوعي فهو يحقق نتيجة افضل حتى من الامور الايجابية التي تأتي عبر الوعي , بل يحقق منها قناعة كاملة واكبر تأثير من غيرها , فمجرد اغنية تمتلك لحن شجي تتسلل كلماتها المسيئة الى العقل من دون ان يستنكرها او صورة بإيحاء لمنتج ما يمكن ان تحقق بث لمعتقد سلبي يغزوا فضاء الوعي فيكون هاجس للانحراف الاخلاقي , وهذا ما حصل في اغاني الروك في امريكا او لعبة الكترونية مثل الحوت الازرق وغيرها والتي حفزت القناعة عند الاطفال الى حد الانتحار , الحقيقة التي لا يمكن تنكرها ان العقول تبحث في الاشياء عن معنى , حتى وان لم يكن لهذه الاشياء معنى اساسا , وهذه نقطة ارتكازية مهمة في بث معنى معكوس او ايحاء او تلميح مغلوط فالمهمة للخيال في تصوير وتقديم المبتكر من العقل البشري , ولو لاحظنا ان كل الاليات تحتاج الى وسائل الاتصال والاعلام لتسهل عملية تحقيق الغاية , ونعلم جميعا ان الاعلام اليوم تقوده مؤسسات ضخمة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة , لهذا ليس غريب ان يظلل الراي العام ويؤدلج العقل البشري نحو الاستهلاك والحروب وان تتوجه البوصلة من الحق الى الباطل فيكون الباطل جسورا , من الله الى الشيطان فيكون الرب كفورا , وليس غريب ان نحتفظ ببعض من الحص ونحن في موسم الحج لا لنرميها على الشطان بل لدخارها مودة به وعربون صداقة دائم لباقي العمر , مع علمنا بقول السيد المسيح عليه السلام " لا تعني لا ونعم تعني نعم والبقية من صنع الشطان " نعم البقية هي الفضاء الفوضوي الذي نحياه وهي السلطة المتحكم بنا جميعا هي المدير لكل المصطلحات والمفاهيم فالحرامي شاطر والمتجاوز حواسم والكاذب ذكي والطيب غبي وهي المغير لكل المبادئ والقيم , المسلم ارهابي والصديق عدو والحشد مليشات والعمالة صداقة والقتل مصلحة والطائفية وطنية انها الوجه الذي يغير ملامحه كل يوم دون انتباه منا بما نغذي عقولنا بقيم مغلوطة ومخلوطة بدماء الانسانية , وتحت مسمى كبير لتشريع المصالح العليا منظمات الامم المتحدة المساعدات والمنح الامريكية او فنان يمسح على رؤوس الايتام النازحة من ديارها والتي قتل ابائهم بحروب الشيطان كلها صور لتلميع وجه الشيطان وتحسين ملامحه لتقارب وجه الرحمن فداعش جاء ليدخلنا الجنة فعيشنا جحيم وامريكا تسقط ملوك وتبني عروش وتثور شعوب لتترك ورائها بعد ذلك دمار الحروب في العراق في سوريا في اليمن في ليبيا والغرب هو مؤسس الانسانية الرب الحافظ لقيم البشر والرجل الارستقراطي والانسان المثقف لرفعة ابنائه والبقية الى الجحيم والعدم اسرائيل الكيان الغاصب بوثيقة اسطورة المعاد وشعب الله المدلل الموعود بحائط المبكى وتابوته المزعوم وابناء الهولوكوست المساكين لست في كل ما تقدم احمل فكرا عنصريا وكراهية ضد تلك الشعوب بل ما اريد قوله ان ما نعيشه من بؤس وقهر وقتل وتشريد ليس لان مسلمين ولا لأننا متخلفين بل لان سياسة وافكار الغرب تعتمد في بناء مجتمعاتها على خراب شعوبنا ودولنا فهم مدركون ان لا دوام لرخائه الا بشقائنا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك