عباس الكتبي
قيل:(سميت هذه الزيارة بالأربعين لأنها تمثل مرور أربعين يوما من أستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة.
كما إن هذه الزيارة توافق في يوم العشرين من صفر الخير وهو اليوم الذي ورد فيه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري إلى المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام فكان أول من زاره من الناس.
وفي هذا اليوم أيضاً وافق رجوع عيال الإمام الحسين عليه السلام من الشام إلى كربلاء مرة أخرى بقيادة الإمام زين العابدين عليه السلام فالتقى بجابر عليه السلام.
من هنا بدأت زيارة الأربعين الإمام الحسين عليه السلام كما أنه اليوم الذي رجعت فيه رؤوس لأهل البيت عليهم السلام إلى أبدانهم في كربلاء ).
أكّدت أحاديث الأئمّة عليهم السّلام على أهميّة زيارة الأربعين،حتى جعلها الإمام حسن بن عليّ العسكريّ عليه السّلام من سيماء المؤمن فقال: علامات المؤمن خمس:صلاة إحدى وخمسين،وزيارة الأربعين،والتّختّم باليمين،وتعفير الجبين.
يقول الشيخ المحقق،باقر شريف القرشي"ره":(زيارة الاربعين من المستحبات التي هي من اعظم الزيارات،ومن أكثرها تجمّعاً،فقد فاقت حج بيت الله الحرام،فقد بلغ عدد الزائرين في سنة 1431 هجرية ما يزيد على 15 مليون زائر،ومعظمهم مشياُ على الاقدام من العراق وخارجه،وقد اندهش لها الرأي العالمي،وهي في كل سنة تزداد،وقد ذكرت هذه الزيارة في عمدة الزائر).
قيل أيضاً:(مسيرة الأربعين عنوان يطلق على تظاهرة شيعية،ينطلق خلالها ملايين من الشيعة باتجاه كربلاء،لزيارة الحسين بن علي بن أبي طالب في العشرين من صفر من كل عام،حيث يتقاطر الشيعة من شتّى المدن والقرى العراقية،تشاركهم في ذلك الوفود الكثيرة من أتباع مدرسة أهل البيت من شتّى البلدان،كإيران والبحرين والكويت ولبنان وباكستان و...،ويعتبر أکبر تجمع بشري سنوي وأضخم مسيرة راجلة في العالم).
الذين كتبوا في زيارة الأربعين قالوا عنها:(بعد قدوم جابر الأنصاريّ كربلاء وزيارته قبر الحسين عليه السّلام، أضحت زيارة سيّد الشّهداء سنّة متّبعة على مدار العام،وتحديداً في عاشوراء وفي العشرين من صفر من كلّ عام. وعلى الرّغم من القمع ومحاولة منع النّاس من إتيان مشهده في العصر الأمويّ،وتَفاوُت ذلك في العصر العبّاسيّ بحسب علاقة الحّكام العبّاسيّين بالطّالبيّين،فإنّ الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) والعارفين حقّهم وكرامتهم،ظلّوا يفدون إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) إلى أن هدم القبر ومُنع النّاس من الاقتراب من ذلك الموضع الشّريف،وبعد موت المتوكّل أعيد بناؤه،وأخذ الناس يزورونه زرافات زرافات، ولا سيّما أنّ الأئمّة عليهم السّلام أكّدوا على زيارته، وأقوالهم في ذلك كثيرة،منها على سبيل المثال:
-عن أبي عبد الله (ع) قال:”زوروا كربلاء ولا تقطعوه فإنّ خير أولاد الأنبياء ضمنته ألا وإنّ الملائكة زارت كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جدّي الحسين (عليه السلام) وما من ليلة تمضي إلاّ وجبرئيل وميكائيل يزورانه فاجتهد يا يحيى ألاّ تفقد من ذلك الموطن).
((تحولت هذه الزيارة في السنين الأخيرة،التي تلت سقوط نظام البعث في العراق سنة 2003م -الذي صبّ جام غضبه على الشعائر الحسينية طيلة فترة حكمه-إلى تظاهرة مليونية يتحرك فيها شيعة العراق من جميع النواحي والقرى والمدن الصغيرة والكبيرة،ويشكلون شبكة بشرية- لا مثيل لها في العالم- أخذت بالانتشار والتوسع،من ثلاثة ملايين إلى أن تجاوزت العشرة ملايين في السنين الأخيرة.
وقد بلغت حشود الزائرين في عام 1435 هـ ق/ 2013م حسب تقديرات أکثر من 17 مليون،وفي عام 1436 هـ ق/ 2014 مـ أکثر من 20 مليون زائر توجهوا صوب كربلاء)).
((شاركت في مسيرة الأربعین من النجف الی الکربلا،مختلف شرائح الشعب العراقي،من السنة، والشيعة، وتركمان،وأكراد،ومسيحيين،وايزديين،و أعلن عن تضامنهم وتعاطفهم وتوحيد صفوفهم)).
((في سنة 2014 شكلت في الطريق الرابط بين محافظتي كربلاء والنجف، إقامة صلاة جماعة الزوار المتجهين الي كربلاء لإحياء مراسيم زيارة اربعينية للحسين،وبتوجيه المرجع الديني السيد علي السيستاني،اكبر صلاة جماعة في العالم،حيث امتدت لنحو 30 كم بمشاركة آلاف المصلين والزائرين)).
يقول الشيخ القرشي في(زيارات الحسين نصر للإسلام):((نعرض الى الذين منعوا زيارة قبر الحسين عليه السلام،لأنه كان ثورة على الظلم والجور في حياته،وبعد شهادته،وكان الظلمة من حكّام الأمويّين والعباسيّين ،وغيرهم عبر الأجيال الصاعدة يفزعون من قيم الحسين عليه السلام،ومبادئه، فلذا أعلنوا الحرب القاسية على زائريه ومحبيه،ومن هؤلاء:
هارون الرشيد:الذي ضاق ذرعاً حينما سمع جماهير المسلمين تتهافت بشوق على زيارة مرقد ريحانة رسول الله"صلى الله عليه وآله"...فأمر بهدم المرقد العظيم،وهدم الدور المجاورة له… كما أمر بحرث أرض كربلاء ليمحوا بذلك كل أثر للقبر الشريف،وقد أنتقم الله تعالى منه،فلم يدر عليه الحول حتى هلك فيخراسان.
المتوكل العباسي:منع الطاغية من زيارة ريحانة رسول الله"ص"وسيد شباب أهل الجنة،واقام المسالح والمراصد لملاحقة الزائرين،وإنزال اقسى العقوبات الصارمة بهم من القتل وقطع الأيدي.
لقد أراد الطاغية محوا قبر سيد الشهداء،وإزالة آثاره ومنع زواره،ولكنه باء بالعار والخزي،فقد أصرّ المسلمون على زيارته في عهده،ومضى الى المرقد الشريف آلآف الأشخاص وقالوا: لو قتلنا عن آخرنا لما أمتنعنا من زيارته.
لقد وافته المنيّة وهو غارق بشرب الخمر،وقد عمّ الأوساط الشعبية الفرح والسرور بهلاكه، وقد أعلن ابن المتوكل السماح بزيارة قبر الحسين عليه السلام،فازدحمت كربلاء بالزائرين حتى صارت كالقيامة من كثرتهم.
صدام التكريتي:سلك مسلك المتوكل العبّاسي في المنع عن زيارة سيّد الشهداء،وأشاع الخوف والإرهاب ونشر القتل وملأ السجون بالزائرين،شباباً وشيوخاً،ونساءً وأطفالاً.
في زيارة الأربعين جمع محافظ النجف عيون أهل النجف… وأهل المواكب وقرأ عليهم المرسوم الجمهوري في المنع من زيارة الإمام الحسين عليه مشياً على كربلاء،فتصدى له بطل من أبناء النجف،وقال له:اسمع القرار الذي أتخذناه نحن صباحاً،سنرفع الأعلام، ونمضي الى سيد الشهداء،ولا يهمنا أمر هذا المرسوم.
في اليوم الثاني انطلقت المسيرة صباحاً،وقد رفعوا العلم،وقد كتب عليه نصر من الله وفتح قريب،ولا حقتهم القوات الصدامية في منتصف الطريق، بأنواع الأسلحة الثقيلة والطائرات والدبابات… فأعدمت كوكبة من الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم في خدمة الإمام الحسين عليه السلام.
وقد انتقم الله منه شرّ انتقام… فقد سلّط عليه أمريكا… فأنهزم الطاغية الى مكان حفر فيه حفرة لا يتمكن الكلب أن يعيش فيها… وتم قتل أولاده،وهربت بناته الى خارج العراق… فأخرجوه من تلك الحفرة مهان الجانب، قبيح الشكل،وقدّم للمحاكمة فحكمت عليه بالإعدام… ثم دفن وأخرجه من قبره أرحام حسين كامل فداسوه بأحذيتهم،ثم أحرقوه،وكانت هذه النتيجة جزاء له على ما فرط في زوّار الإمام الحسين عليه السلام.
إنّ الله تعالى بالمرصاد لكّل من عادى الإمام الحسين عليه السلام،وأنّه سينال سخط الله وانتقامه في الدنيا قبل الآخرة))،والعاقبة للإمام الحسين عليه السلام،ولزيارته.
https://telegram.me/buratha