دراسات

أهم الاسباب التي أدت الى تلكؤ الصناعة النفطية في العراق **

4327 08:30:00 2014-01-02

 

 

عندما نتحدث عن الصناعة النفطية  في العراق، نحن نقصد قطاع التصفية والبتروكيمياويات وما ينتج من مشتقات نفطية للوصول الى الهدف المرجو وهو مليون وخمسمائة ألف برميل يومياً من المنتجات وتطوير...

عندما نتحدث عن الصناعة النفطية  في العراق، نحن نقصد قطاع التصفية والبتروكيمياويات وما ينتج من مشتقات نفطية للوصول الى الهدف المرجو وهو مليون وخمسمائة ألف برميل يومياً من المنتجات وتطوير صناعة البتروكيمياويات لتصل حد التنافس مع المملكة العربية السعودية، فضلاً عن تطوير المواد اللقيمة للقطاعات الاخرى. لكن للأسف، ان الحديث عن الاستثمار في مجال التصفية عقيم و متأخر، وذلك لسببين رئيسيين:

عقيم: لأن فلسفة الدولة العراقية ابتدأت مشوارها في تطوير هذا القطاع الهام بارتجال بعيد عن الواقع. حيث قامت الحكومة وبرلمانها بتقديم قانون استثمار المصافي (وما تبعه من تعديلات) بخصم 1٪ صعوداً الى 5٪ وكأنها تجرب حظها مع المستثمرين دون النظر الى عنصر الزمن وخسائره الفادحة التي تقدر بعشرات المليارات سنوياً بسبب غياب الطاقة والمواد الاولية اللقيمة للقطاعات الغير مخدومة فضلاً عن اعتماد استيراد المشتقات ومسألة حرق الغاز المصاحب. في حين كان عليها دراسة الحوافز المتعارف عليها عالمياً فيما توفره الدول الصناعية الامنة والخالية من التعقيدات التي اتصفت بها الحالة العراقية، ومن ثم تضيف لهذه الحوافز، باقة حوافز اخرى تعويضاً لعنصر المخاطرة (بسبب الوضع الامني) مع ضمانات عدم عرقلة المشاريع (بسبب السياقات البيروقراطية). علماً ان نسبة الخصم بحسب رأي بعض الخبراء في قطاع التصفية الذين استشرتهم يجب ان تتراوح بين 10٪ الى 13٪  حسب حجم وتصميم المشروع.

متأخر: لأن الحكومة أقدمت على عرض الاستثمارات في القطاع الاستخراجي وخصوصاً فيما يتعلق بالحقول المنتجة والمكتشفة (Brown and Green Fields) دون ربطها بمشاريع المصافي ومشاريع الطاقة والبنى التحتية الاخرى من خلال مشاريع متكاملة (Integrated Projects). علماً ان الاحتياطي المثبت والمخزونات القابلة للاستخراج (موضوعة التعاقد) والتي تجاوزت الـ 85 مليار برميل من الخام فضلاً عن مشروع الغاز المصاحب العملاق، والذي ذهب الى شركة واحدة بالتفاوض المباشر والتي لم ولن يكن همها سوى الاستخراج والانتاج لسد المصاريف وجني الارباح بأسرع وقت ممكن وبأية وسيلة، وهذا ما رسخ السياسة الريعية لبلد يعاني من أزمة حقيقية في عدم تنويع مصادر دخله، فضلاً عن موروث السياقات الادارية ونمطية التفكير في رسم السياسات البالية. والدليل هو ان موازنة عام 2004 التي كانت بحدود 19 مليار دولار قد تضاعفت الى 119 مليار دولار عام 2013، في حين ما زال حجم الواردات النفطية يشكل 95٪ من دخل الموازنة الاتحادية، كما ان المصاريف التشغيلية ما زالت تشكل بحدود 70٪ للأعوام العشر السالفة، علماً ان النسمة السكانية للعراق لم تتضاعف، لكن ما زاد الطين بلة، هو اثقال الموازنة بالعمالة المُقنّعَة، وهذا موضوع آخر ليس هذا مورده.

ما زلت أتذكر توجيهات الرؤساء التنفيذيين للشركات العالمية بين الاعوام 2004-2008 عندما كنت أعمل في إحدى الشركات العالمية الكبرى كمستشار أقدم، وقد كنت حينها أشارك في الاجتماعات المشتركة مع الشركات العالمية الاخرى لمراجعة خطط دخول الشركات الى العراق. كانت التوجيهات لكوادر الشركات واضحة:

وتفسير هذا التوجيه لدوائر تطوير الاعمال والخطط، باختصار، هو:

أولاً: التركيز على القطاع الاستخراجي المربح فقط.

ثانياً: في حال اجبار الشركات على الدخول في أي مشروع له علاقة بالصناعات النفطية والطاقة (تصفية أو بتروكيمياويات أو محطات الكهرباء)، فيجب ان تكون اقتصاديات هذه المشاريع مرتبطة بمشاريع الاستخراج.

حقيقة لقد حاولت جاهداً منذ عام 2008 باقناع أصحاب القرار في وضع منهجية علمية لتطوير الصناعة النفطية من خلال الربط بين قطاع الاستخراج وقطاعات الطاقة الاخرى بما فيها المصافي ومحطات الكهرباء وشبكات الانابيب …الخ ، حيث بعثت برسائل مباشرة ومقالات منشورة في صحف الصباح والزمان والمدى، لكن وزارة النفط ارتأت التوجه نحو تطوير قطاع الاستخراج بمعزل عن باقي القطاعات وذلك لسهولة رسم الصيغ التعاقدية (التي كلفت العراق أكثر من 20 مليار دولار لحد هذه اللحظة بواقع زيادة 700 ألف برميل يومياً)، علماً ان العراق كان بإمكانه فرض أي شرط من خلال صيغ تعاقدية محفزة للشروع بتطوير هكذا مشاريع عملاقة وبالتوازي مع تطوير قطاع الاستخراج، خاصة وان أصغر الحقول التي تعاقد عليها العراق تعتبر عملاقة بالمقاييس العالمية، فضلاً عن كونها منتجة ودون أي مخاطر فنية.

لذا أجد لزاماً على مجلس النواب العراقي ان يُوَلِد قوة ضغط على الشركات العالمية لتستجيب الى اعادة رسم الخارطة من جديد، من خلال اعادة التفاوض هدفاً لاستمرارية تعاقداتها وضمان سلامة مشاريعها لربع قرن (فترة التعاقد)، وأنا متأكد من أن الشركات سترضخ لهذه السياسة، خاصة اذا كان عنصر الضغط مصدره الشعب وليس الجهة التنفيذية المتعاقدة معها. كما لا بد ان نُذَكِر بأن هذه التعاقدات قد قامت دون اشراك المحافظات المنتجة كما يقتضيه الدستور في المادة 112، مما دفع بالمحافظات بالحديث عن البترودولار دون أي مسوغ دستوري، لأن المادة 106 من الدستور كفيلة بتشريع قانون توزيع الواردات الاتحادية (النفطية والغير نفطية). أما فيما يخص التعويضات عن الاضرار التي لحقت بالمحافظات المنتجة، فهذه تحلها تخصيصات الموازنة الاتحادية وتحت باب مستقل دون عنونتها بالبترودولار، لأن الاخيرة تصطدم بالدستور.

على الشعب العراقي ان يشكر الاوضاع السياسية السيئة التي يمر بها الشرق الاوسط، والتي أدت الى رفع اسعار النفط أكثر من أربعة أضعاف مقارنة بعام 2003، وهذا هو السبب الرئيسي في زيادة مدخولات الدولة. لذا، فإنه من السذاجة بمكان ان نتحدث عن مسيرة تطوير مشاريع الطاقة في العراق، وفي الواقع ان تطوير قطاع الاستخراج اليوم ليس له علاقة بالصناعات النفطية والغازية ومحطات الطاقة.

ما زلت اتذكر أيام صغري كيف كان أصحاب المحلات والبقالين يجبرون الزبون على شراء بضائع لا يحتاجونها مع ما يقصده المستهلك من بضاعة بغرض تمشية ما عندهم من مؤن قد تكون عالة أو لا سوق لها، حتى وصل الامر ببيع كتب “خيرلله طلفاح” التي كانت تفرض مع گلوص سگائر سومر.

**) مداخلة حوارية في منتدى شبكة الإقتصاديين العراقيين حول قضية مشروع بناء مصفى نيسان ومذكرة التفاهم مع الشركة السويسرية ساتارم

29/5/140102

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
خليل إسماعيل
2014-01-05
كلام لؤي الخطيب يبدو لي منطقي ويستند الى الحقائق البسيطه والمهمه في ذات الوقت لذا من يريد ان يعقب على كلامه فعليه ان ياتي بما يقنع القارىء .
عاصم الحلي
2014-01-05
لؤي الخطيب افاق ونهاز فرص حاله حال كثير من متسكعي حواري السيدة ودرابين كوجه مروي وناصر خسرو ودولة اباد ...ارجعوا الى شخصيات معهد الطاقة ستجدون ان هنالك عناصر بعثية كصلاح الشيخلي وعدنان الجنابي وغيرهم
عبد ليث
2014-01-03
المداخلة جيدة، ولكن السيد لؤي نسى ان اقتراحه يصلح في الظروف الاعتيادية والطبيعية واحب التذكير ان العراق ورث صناعة نفطية متهالكة ومكامن الحقول المنتجة متهالكة نتيجة للسياسات الانتاج الرعناء من قبل النظام السابق وسوء إدارة المكامن وكانت هنالك أولويات المهم والاهم . والتذكير ان عقود الخدمة التي وقعتها الوزارة مع الشركات النفطية باعتراف الجميع كانت تميل لصالح الوزارة نتيجة للشروط الصارمة التي وضعتها الوزارة، وخير دليل على ذلك محدودية عددالشركات التي ساهمت في الفوز بالعقود.وزيادة الانتاج الملحوظ.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك