وزير عراقي سابق
استمرار سيل الدماء البريئة في شوارع الوطن بالرغم من الجهود والأمكانات التي تبذلها الحكومة العراقية، قد يشير الى خلل في الأستراتيجية الأمنية الوطنية , ومن خلال هذه الدراسة نسعى للمشاركة بجهد متواضع في هذا الملف (وهومن الملفات التي سيتناولها كتابنا القادم الذي سيصدر قريبا أنشاء الله بعنوان "ملفات عراقية "، وتضم الدراسة جزئين، الأول: الاستراتيجية المقترحة، والثاني: منطلقات وخلفيات انبثاق تلك الاستراتيجية).
الخطوط العامة للأستراتيجية الأمنية الوطنية :ــ
بلحاظ محور الصراع الحقيقي في المرحلة الراهنة في العراق والذي أشرنا اليه في الملحق المرفق والخاص بالمنطلقات والرؤى،
وبلحاظ أهمية وخطورة دور الأجهزة الأمنية، والنتائج الكارثية التي يمكن أن تصيب الشعب والكيان السياسي فيما لوتمكنت قوى الاحتلال أو بقايا النظام البعثي البائد أوالدوائر السياسية والأمنية الأقليمية المعادية للعراق من اختراق الأجهزه الأمنية العراقية الوطنية أو الهيمنة على قراراتها وتوجـّهاتها ومفاصلها الأساسية،
وبلحاظ التأثيرات السلبية الكبيرة لاستمرار الخلل والتدهور في الأوضاع الأمنية, على حياة المواطنين وعلى تقديم الخدمات الحكومية لهم وعلى عموم مسيرة الدولة والبناء، لأستمرار التفجيرات والأغتيالات والأوضاع غير الآمنة في العديد من مناطق البلاد،
وبلحاظ تشخيص هوية الأعداء الذي أشرنا اليه،
وأيضا بلحاظ عناصر القوة التي يمتلكها النظام السياسي الجديد في العراق،
أضافة الى استعراضنا لأهم مفردات البيئات الحاضنة التي تمثـّل البنية التحتية لفعل الأجهزة الأمنية ,والتي تعرّف المسؤولين بالجذور العميقة للمشكلات الأمنية ،
وبلحاظ عيش العراق في هذه المرحلة واحدة من أخطر التحديات، المتمثـّلة بسعي قوى خارجية لربط تحقيق الأمن والأمان في العراق بأستمراربقاء أجهزتها ونفوذها في العراق ...و سعيها لأثبات فشل وعجز القوى الوطنية العراقية في هذا الملف ...
وبلحاظ فشل الأستراتيجية الأمنية الأمريكية المطبّـقة في العراق منذ 2003م، والتي كانت تقوم على: إقصاء الطاقات الشعبية الهائلة عن ساحة الصراع (ومحاربة مشروع اللجان الشعبية غير المسلّحة الذي طرحته القوى الوطنية عدة مرات)، وعلى أستبعاد كوادر وأنصار القوى الوطنية العراقيه التي قاومت النظام البعثي لعقود من الزمن ..استبعادها من الأجهزة الأمنية والعسكرية, وعلى السعي لإعادة ضباط وجلاّدي النظام البعثي البائد الى مفاصل المؤسّسة العسكرية و الأجهزة الأمنية، وعلى عدم الجدّية في بناء أجهزة أمنية وعسكرية وطنية جديدة قوية ومســتقلة والسعي لابقاء عناصر القوة الحقيقية في الميدان بيد القوات والأجهزة الأجنبية عامة والأمريكية خاصة, وبيد مرتزقتها من عناصرالشركات الأمنية الأجنبية ذات الممارسات المشبوهة والمثيرة للقلــق. (مصاديق الفشل:أستمرار عمليات القتل والتخريب والأوضاع غير الآمنة في العراق وعدم تدريب العراقيين بالشكل الذي يؤهّلهم لمسك مقاليد مؤسّساتهم الأمنية/كمايقولون هم/ بالرغم من مرور أكثر من تسع سنوات...).
وبلحاظ تعثـّر خطط وسياسات الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003م ولحد الآن، والتي تفتقد الرؤية الصحيحة والعميقة لطبيعة المشكلة وجذورها، وتقوم على منهج ردود الفعل والخضوع لضغوط الدوائر السياسية والأمنية الأجنبية، وتقوم علــى وضع مقدّرات العديد من الأجهزة العسكرية والأمنية الوطنية بيد عناصرغيرمؤهّلة ومشكوك في أخلاص بعضها للنظام السياسي الجديد..وبعضها الآخر منغمس في ملذّاته ومصالحه الشخصيه والفساد الأداري (مثل عقود شراء السلاح وأجهزة كشف المتفجرات الفاسدة التي أهدرت آلاف الأرواح ومئات الملايين من الدولارات)، وعلى المحاصصة الحزبيـــــــة السيئة الصيت، وعلى عدم الاستفادة الجادة من الكفاءات العسكرية الوطنية في المؤسّسة العسكرية السابقة خاصة الذين كان لهم شرف الانشقاق المبكـّـر عن النظام البعثي البائد، وعلى عدم التنفيذ السريع والحازم لأحكام الأعدام الصادرة من القضاء بحق المئات من الأرهابيين بسبب الضغوط الخارجية أو الصفقات السياسية المخجلة ..., وتقوم أيضا على خطط وسياسات تستبعد الرصد المبكـّـر والضربات الأستباقية والردع الفوري والحازم ضد قيادات المجموعات الأرهابية بعد كل عملية أجرامية، واستبعاد المواقف الرادعة الجادة تجاه الحكومات التي تقدّم التسهيلات والدعم المادي والسياسي والإعلامي واللوجستي للعناصر والمجموعات الأرهابية. بلحاظ كل تلك الجوانب ,يمكن أن تكون النقاط التالية، الخطوط العامة للإستراتيجية الأمنية الوطنية المطلوبة لهذه المرحلة:
أولاـ التعبئة الشاملة (المليونية) والسريعة (الفورية) لأبناء الشعب (المتضرر الحقيقي من الإرهاب ومن التدهور الأمني), وتشكيل (اللجان الشعبية غير المسـلّحة) في كل مكان: في كل حيّ وكل شارع وكل دائره حكومية وكل معمل ومزرعة وكل مدرسة ومعهد وكلية وكل قرية وناحية وقضاء ومحافظة وفي كل مناطق الوطن، وفي كل سوق ودار عبادة (كل دور العباده الأسلامية والمسيحية وغيرها)، تشكيلها من أبناء الشعب الطيبين والغيورين الذين يسقط منهم يوميا عشرات القتلى والجرحى بفعل الأرهابيين ...من أبناء الشعب الطامحين الى بناء عراق حـر مستقل دستوري مزدهر والى بناء مجتمع آمن وسعيد ومرفوع الرأس ومحفوظ الكرامة... ومن كل الأنتماءات القومية والدينية والمذهبية والأجتماعية والسياسية ومن أبناء نفس المناطق أو من العاملين في نفس المعامل أو المزارع أوالدوائر الرسمية او الشركات والأسواق الخاصة أومن روّاد دور العباده... وتنهض تلك اللجان الشعبية غير المسلّحة بالمهام المساندة لمهام المؤسّسات الأمنية الحكومية, وأبرز تلك المهام المساندة:
# الرصد الدقيق لأوضاع وأحداث مناطقهم (محلاّت سكنهم أو أماكن عملهم أو عبادتهم أوترفيههم/ متنزّهات وحدائق ومسارح ومطاعم...الخ/) وجمع المعلومات الضرورية وأيصالها, وخاصة عن الظواهر والتحرّكات المريبة والمشبوهة والأشخاص غير المعروفين أومن ذوي التاريخ السيء ...(خاصة جلاّدي النظام البعثي الذين أختفوا عن الأنظارمنذ 2003م).
# تنسيق الجهود وتنظيمها وتحقيق التعاون فيما بينها، لضمان حسن تنفيذ تعليمات الحكومة والأجهزة المختصة الرسمية ,فيما يتعلق بالمحافظة على أمن الوطن والمواطنين ومواجهة الأرهاب والإرهابيين ,وتوعية الناس بمتطلبات ذلك ,وكذلك مراقبة طبيعة أداء الجهات و العناصر الرسمية ذات العلاقه لتشخيص التقصيرأوالقصوروأبلاغها فورا للقيادات لمعالجة ذلك.
# الأستعداد الدائم والجاهزية الدائمة لتنفيذ أية مهام تطلبه الحكومة منها (أي من اللجان) عند الحاجه وأذا أقتضت الضروره,كالمساهمة في حراسة مناطقها أومحلات عملها والدفاع عنها أو إبداء المساعدة عند وقوع عملية أرهابية لا سامح الله..كأخلاء الشهداء والجرحى أو ألقاء القبض على المجرمين أو المشتبه بهم أو المحافظة على ماينفع التحقيق الجنائي من أدله جرمية...وتنفيذ أية مهام أمنية أو تعبوية أو إعلامية أو ثقافية وتربوية تطلبها الحكومه....
على الجميع أن يدرك (وخاصة المسؤولين الكبار في الدولة وفي قيادات القوى الوطنية العراقية ووجهاء المجتمع) أن العراق يتعرّض في هذه المرحلة الحسّاسة ألى أكبر وأخطرهجمة معادية تشترك فيها قوى محلية وأقليمية ودولية حاقدة على العراق وأهله, وخائفة من أستقراره ونهوض شعبه وبروز مدرسته الفكرية والحضارية، ومن تطوّر تجربته الديمقراطية ومن تطور وأزدهار اقتصاده , الهجمة الشاملة الكبيرة لايمكن مواجهتها إلاّ بتعبئة جادّه وشاملة , وليس هذا بدعا في تاريخ الدول وتجارب الشعوب ...علينا (وخاصة المسؤولين منّا) أن لا نخدع أنفسنا أو نريحهــا ببضعة شعارات عاطفية أو تقاريرإعلامية منمّقة تتحدّث بعد كل جريمة أرهابية، عن تطوّرات أمنية أيجابية أوعن محاسبة مسؤولين لتقصيرهم أو عن إجراءات وتعليمات جديدة قادرة على تلافي العمليات الإرهابيه مستقبلا...وعلى بعض أخوتنا من قادة القوى الوطنية (ممّن ربما يعتبر نفسه خارج دائرة قرار الحكومة الحالية) أن لا يعتبرأصداربيان استنكار أو ألقاء خطبة تشخّص المشكلة وتطالب بالعلاج وتطالب بمحاسبة المقصّرين,عملا كافيا مبرئا للّـذمة مع أهميته الكبيرة لأننا أيها الأعــزّاء نعيش كارثة ومأساة مستمرة في العراق..أن قطرة الدم البريئه التي حـرّم الله تعالى سفكها دون وجه حق, والتي يهتز لها عرش الجبار ,تحوّلت في العراق الى أنهار جارية ... ما يجري في العراق هذه الأيام حرب حقيقية غير معلنة، تشنّها دوائر سياسية ومالية ومخابراتية وإعلامية (دولية وأقليمية ومحلية) ومجموعات مرتزقة وظيفتها القتل والتخريب... ولا يمكن مواجهتها وهزيمتها الاّ بتعبئة شعبية شاملة تساند وتكمل دور الأجهزة الرسمية ذات الصلة. أن في القاعدة الشعبية المليونية التي يمتلكها النظام السياسي الجديد في العراق طاقات هائلة ومجانية ومخلصة وذات دوافع مبدئية وقناعة راسخة بدورها، تتمنّى الكثير من حكومات المنطقة والعالم لو كانت عندها واحد بالمائة من تلك الطاقات المخلصة. لا يجوز أن نحشّد الجماهير ونعبّئها وبحماسة للمشاركة في الانتخابات، ومتى ما قامت بإيصالنا الى مقاعدنا في مجلس النواب أوفي مجلس الوزراء أو في مجالس المحافظات، فعندئذ ندير ظهورنا اليها ونعتبر أن دورها قد أنتهى ... بينما الواقع والمنطق يقول أن دورها قد بدأ، فالجماهير المؤمنة المليونية التي أوصلتنا الى مواقع المسؤولية في الدولة والمجتمع هي التي تساندنا فعلا وأكثرمن المجموعات الحزبية التي ننتمي اليها ونتعصّب لها، ورأسمالها في الميدان والموضوع بتصرّفنا أكبر وأنفع على المدى المتوسّط والبعيد من الرأسمال الوهمي الذي تدّعي دوائر دولية بأنه موضوع في حسابنا ,بينما مجريات الواقع تدل على أنه موضوع في حساب أعدائنا..!؟
أن يكون للشعب الدور الأساسي والحقيقي في بناء الدولة وأدارتها ومواجهة مشكلاتها وأزماتها, وبالتالي الأستفادة من خيراتها..هي خلاصة فلسفة الأنظمة الديمقراطية , وكل تجارب التغيير الحقيقية في العالم التي نجحت وأستمرت أنظمتها لفترة طويلة هي التي لعبت فيها الجماهير الدور الأساس والحقيقي...وبالعكس كلما تم تقليص دورالملايين من أبناء الشعب (وبمبررات مختلفه) في الحياة السياسية والأمنية والأقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات كلما أدّى ذلك الى فشل الحكومة في برامجها وخططها ومهامها..أضافة ألى أزدياد نزوعها نحو الدكتاتورية و الارتهان للدوائر الأجنبية ..
يتأكّد دور القاعدة الشعبية المليونية للنظام السياسي الجديد في حل المشكلات والأزمات التي تعصف بالبلاد، عندما نتعرّف على حجم الفساد الأداري في أجهزة الدولة والذي ورثنا جزءا كبيرا منه من العهد البعثي البائد، ولكنه تضاعف في السنوات الأخيرة..وكذلك عندما نتعرّف على أختراقات فلول النظام البعثي السابق للكثير من مفاصل الأدارات الحكومية..وسوف تكون
لنا دراسة مفصّلة قريبا أنشاء الله حول أهمية وكيفية دور القواعد الشعبيه المليونيه في مساعدة الحكومة في إدارة الأزمات ومعالجة المشكلات التي يعيشها العراق في المجالات السياسية والأمنية والأقتصادية والثقافية والأجتماعية وغيرها...المهم أن يؤمن المسؤولون بقيمة ذلك الدور وأهميته وضرورته في هذه المرحلة الحسّاسة, وخاصة في الملف الأمني.
ثانيا ــ فك الأرتباط بين ملف الأمن والدفاع والأجهزة والتشكيلات الأمنية والمؤسّسة العسكرية الوطنية والقادة العسكريين والأمنيين الكبار في العراق وبين السفارات و المؤسّسات والأجهزة والهيئات الأستشارية والشركات العسكرية والأمنية الأجنبية (والأمريكية منها بشكل خاص)، وهو الارتباط الذي نشأ كأحد تداعيات الأجتياح العسكري الأمريكي للعراق عام 2003 م. نحن نعتقد بأن فترة التسع سنوات الماضية كانت كافية جدا للقوات والأجهزة الأمريكية وحلفائها ( لوكانت صادقة) لأن تقدّم للعراق حكومة وشعبا كل ماكان يمكن أن ينفعه في معركة الحرية والاستقلال والبناء والأزدهار، ووصل الحضور الأمريكي والأوربي ذروته في تلك الفترة الانتقالية الى أكثر من مائة وخمسبن ألف عنصر عسكري والآلاف من الضباط والمستشارين الأمنيين والآلاف من الموظفين المدنيين والتخصصين في الحقول المختلفه وعشرات القواعد العسكرية ومراكز الاعتقال والتحقيق والعشرات من الشركات الأمنية المطلقة الصلاحيات والتي لم يستطع أحد أن يحاسبها عندما قام مرتزقتها بقتل سبعة عشر مدنيا عراقيا بريئا بدم بارد لمجرد عدم وقوف سياراتهم (في ساحة النسور قبل ثلاث سنوات) وكذلك عندما أخذت السفارة.. صلاحية أصدارهويات التردد على المنطقة الخضراء ,حيث تقع دوائر الدولة المهمة والبرلمان, (على الأقل للفترة من 2003 وحتى نهاية عام 2008 م ) ومن خلال تلك الصلاحية حصلت السفارة الأمريكية على أكبر قاعدة معلومات تخص كبار مسؤولي الدولة العراقيه والوزراء وأعضاء البرلمان وكبار الضباط وقادة الأحزاب السياسية وأبرز كوادرها(وتشمل حتى البصمة الصوتية التي تتيح فيما بعد فرصة التنصّت على مكالماتهم الهاتفية) ,وكان للمسؤولين السياسيين الأمريكيين اليد الطولى في الكثير من مرافق الدوله الحسّاسة...ويمكن تقييم هذه المرحلة بشكل دقيق, ونعتقد بأنه سوف لن نختلف في سوء الأوضاع التي يعيشها العراق هذه الأيام..سواء في مجال الخدمات او مجال الأمن أو الإعمار والبناء فضلا عن تدهور مكانته الأقليميه والدولية ,و وصلت حالة عدم الثقه بالقوات والأجهزة والسياسيين الأمريكان الى درجتها القصوى..بحيث أصبحنا نقرأ بين يوم وآخر تقاريرا (بعضها في صحف امريكية رصينة) تكشف الدور الخطير الذي كانت تلعبه بعض الشركات الأمنية الأمريكية (المعتمدة من الحكومة الأمريكية)في التدهور الأمني في العراق، حتى وصل الأمر الى أن تقوم خلية الأزمة (الخاصة بالحكومة العراقية) باقرار قيود وضوابط جديدة مشدّدة على الشركات الأمنية الأمريكية والأجنبية ...بالتأكيد الحضــور العسكري والأمني والسياسي الأمريكي الضخم في العراق ليس وحده مسؤولا عن تدهور الخدمات والأمن الاعمار ..بل تتحمل الحكومات العراقية المتعاقبة والقوى السياسية العراقية جزءا من تلك المسؤولية (بسبب خلافاتها وصراعاتها وضعف خبرتها في ادارة الحكم وتورّط بعض مرشـّحيها في الفساد الأداري)،وتتحمّل المجموعات الأرهابية وبقايا النظام البعثي البائد وتدّخلات دوائر أقليمية الجزء الآخر من المسؤولية...ولكنّنا نعتقد أن فك الأرتباط بين ملف الأمن والدفاع والأجهزة الأمنية الوطنية العراقية وبين تدخّلات العناصر و الأجهزة الأجنبية هو السمة (او الشرط) الثاني الذي يجب أن تتميّز بها الأستراتيجيه الوطنيه الأمنيه الجديده في العراق ,وفك الأرتباط هذا يشمل العناصر العراقيه المتعاونه (مع)أوالتابعه للأجهزه الأمريكية (ونعتقد أنها أصبحت معروفه للرأي العام العراقي).أن كل ما أشرنا أليه من مظاهر التدخـّل الأجنبي السلبي في الملف الأمني في العراق (والذي تناولناه تحت عنوان البيئه السياسيه المناسبة), والتي تفقد القرار الوطني العراقي في هذا الملف الخطير أستقلاليته يجب أن تزول وتنتهي مع انتهاء فترة المعاهدة الأمنية .... وحتى لا يبدو موقفنا عاطفيا وشعاراتيا (اذاصح التعبير) فأننا نقول: ان الشعب العراقي وقواه الوطنية تختلف مع الأدارة الأمريكية في هذه المرحلة في رؤاها ومواقفها تجاه ملفات ومواضيع أساسية وهامة , من أبرزها :
# طبيعة النظام السياسي المطلوب بنائه في العراق ,وطبيعة المعادلة السياسية الأجتماعية ومنظومة الأفكار والقيم الأخلاقية التي يجب أن تسود في هذا النظام.
# الموقف من المجموعات الأرهابية وبقايا النظام البعثي السابق التي تقاتل النظام الجديد.
# الموقف من القوى الوطنية والشرائح الشعبية العراقية التي ترفض الوجود الأمريكي في العراق.
# الموقف من السياسات الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة العربية والأسلامية وتجاه دول الجوار العراقي وتجاه الكيان الصهيوني..
أن أغلب مفردات الملفّات والمواضيع المشار اليها أعلاه ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بملف الأمن الداخلي للعراق ,ولايمكن بناء شراكة أمنية حقيقية مع الولايات المتحدة الأمريكية (اومع أية دولة تشاركها نفس رؤاها ومواقفها تجاه العناوين الأربعة اعلاه) باستمرار الخلاف الجذري معها حول تلك المفردات والملفّات ...ولهذا يكون فك الأرتباط معها شرطا أساسيا لنجاح أستراتيجية وطنية جديدة لتحقيق الأمن والأمان في العراق. أمّا ما يثار هذه الأيام حول حاجة العراق الى المدرّبين الأجانب (ومع علمنا بوجود مبالغة في طرح الحاجة بسبب ضغوط خارجية)، فأننا نقول بأن العصر الراهن هوعصر غلبة المال على السياسة بسبب الأزمة الأقتصادية العالمية ,والدولة الغنية التي لديها أموال (كالعراق) سوف لا تجد صعوبة في أيجاد من يبيعها السلاح الجيد والمتطوّر ويزوّدها بالمدرّبين المناسبين...ومن يريد حصر الملف بالعروض الأمريكية، فهو أما جاهـل أو تابع للسياسة الأمريكية...!
9/5/12829
https://telegram.me/buratha