مركز الرافدين للدرسات والبحوث الاستراتيجية
المقدمةكشف السفير الاميركي السابق في العراق كرستوفر هيل معلومات مهمة وحساسة حول الدور السعودي في دعم الارهاب في العراق، وقال انها تمثل التحدي الأكبر والمشكلة المعقدة بالنسبة الى الساسة العراقيين، وكانت تلك التصريحات التي ادلى بها السفير الاميركي السابق في العراق كرستوفر هيل قد كشفت بالدليل عن ضلوع السعودية بشكل مباشر في دعم الجماعات الارهابية المسلحة، وتمويل عملياتها الاجرامية في العراق تستخدم في ذلك العديد من الوسائل مرة الاموال، واخرى الورقة الطائفية الى جانب احتضانها للشخصيات المطلوبة قضائيا في العراق، او بواسطة اطلاقها الفتاوى التي تحرض على القتل والعنف، بهدف اشاعة الفوضى واذكاء الفتنة الطائفية في البلاد واسقاط المشروع الوطني واجهاض عمليات المصالحة الوطنيه.ان تصريحات السفير الاميركي السابق وتقارير الامم المتحدة بشأن دعم دول مجاورة للعراق خصوصا السعودية للجماعات الارهابية ما هو الا رسالة لتحميل تلك الدول مسؤولية الجرائم والابادة الجماعية التي ترتكب يوميا بحق العراقيين وفضح مخططاتها الرامية الى افشال العملية السياسية في البلاد.وكان ابرز التصريحات التي لاحظتها من المسؤولين العراقيين هو تعليقات عضو اللجنة القانونية البرلمانية النائب عن ائتلاف دولة القانون، محمود الحسن، "ان تصريحات السفير الاميركي السابق( كريستوفر هيل) تجيز للحكومة العراقية الطلب من المحكمة الجنائية الدولية اتخاذ الإجراءات التحقيقية اللازمة مع السلطات السعودية. وحث الحسن في تصريح لـ (المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي) على ضرورة ان يكون للقضاء دور حاسم بذلك، لاسيما ان الوصف القانوني للجرائم الإرهابية التي تقف بعض الدول خلفها تعد جرائم دولية وإبادة جماعية، استنادا الى الاتفاقية الدولية الخاصة بنظام روما الأساسي التي عقدتها الأمم المتحدة عام 1998.بدوره، أيد النائب عن كتلة الاحرار حاكم الزاملي، ما ذهب اليه الحسن باهمية رفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية لادانة التدخل السعودي في عمليات دعم الارهاب الذي ضرب العراق خلال الفترات السابقة.ولفت الزاملي في حديث لـ" المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي " الى ان الدماء العراقية هي دماء طاهرة وعلى الجميع المساهمة بالدفاع عنها، لاسيما انهم ضحوا بانفسهم من اجل تقويم العملية السياسية وتصحيح مساراتها، منوها بان " العراق قادر على ان يأخذ حق مواطنيه من خلال المحاكم الدولية لانه ذو سيادة وطنية ولا يقبل ان تمتد له يد الارهاب من اي دولة كانت، قريبة ام بعيدة" .وتوعد النائب " بملاحقة كل من تورط بسفك دماء العراقيين، وان طال الزمان، ومن حق العراق ان يلجأ الى القانون الدولي في اخذ حقه من البلدان التي حرضت وارسلت ارهابيين الى داخل العراق" .مشيرا الى ان " العراق يرفض اي تدخل اجنبي في شأنه الداخلي ومن حقه اللجوء الى القضاء والمحاكم الدولية وعبر كل القنوات الدبلوماسية او القانونية، داعيا " جميع السياسيين الى الاصطفاف بوجه الارهاب وبوجه اي دولة تحاول ان تدخل ارهابيين عبر الحدود العراقية".الى ذلك، اعلنت لجنة الامن والدفاع انها بصدد اعداد ستراتيجية لمكافحة الارهاب في العراق، داعية الى ضرورة ان ينفتح البلد تجاه الدول المجاورة للقضاء على الجماعات الارهابية التي تعيث خراباً فيه".انتهىوفي مقال للنائب ياسين مجيد في جريدة البيان العراقية تحت عنوان وثيقة هيل : الخص منه النقاط التالية:" لم تحظ وثيقة السفير الاميركي السابق في العراق كريستوفرهيل بشأن تورط السعودية في العنف الطائفي الاهتمام الذي تستحقه ، وكأن الوثيقة الاميركية تتحدث عن دول اميركا اللاتينية أو الدول الافريقية النائية التي يطحنها العنف والجوع .فوزارة الخارجية التي يفترض أنها اطلعت على وثيقة السفيرهيل ، كان من المتوقع ان تبادرالى اتخاذ مجموعة من الاجراءات ومن بينهااولا استدعاء سفيرنا في الرياض للتشاور وإغلاق القنصلية العراقية في جدة .وثانيا يعقد السيد الوزيراجتماعا طارئا مع كبار معاونيه لمناقشة هذه الوثيقة التي لايشك أحد في صدقيتها بإعتبار ان واشنطن لايمكن بأي حال ان تكذب على حليفتها الاستراتيجية الرياض.وثالثا ان يقوم السيد وزير الخارجية ، كما هو متعارف عليه في جميع دول العالم باطلاع مجلس الوزراء ومجلس النواب على هذه الوثيقة التي تهدد الامن القومي للبلاد والعلاقات الثنائية بين البلدين ،اما الخطوة الرابعة فهي تحتم على الوزارة تقديم شكوى الى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والامم المتحدة ضد السعودية باعتبارها مسؤولة عن سفك دماء العراقيين والتدخل في الشؤون الداخلية للعراق ، لكن المفارقة الكبرى هي ان وزارة الخارجية لم تكلف نفسها عناء مجرد اصدار بيان بشأن الوثيقة الاميركية .
رئاسة مجلس النواب التزمت جانب الصمت المطبق ازاء وثيقة هيل ، وكأن هذه الوثيقة ليست مسؤولة عن دماء العراقيين التي تسيل أنهارا منذ سقوط النظام الدكتاتوري ، كما يفترض على رئاسة البرلمان ان توجه رسائل الى اتحاد البرلمانات العربية والبرلمان العربي - الافريقي والاتحاد الاوربي والامم المتحدة حول وثيقة السفير هيل ، لكن ماحدث هو ان وثيقة هيل ضاعت في ادراج رئاسة البرلمان كما ضاعت في وزارة الخارجية باعتبار ان البرلمان قد تحول منذ زمان الى (جهة سياسية) تهتم اولا بالصراع السياسي والتخلي نهائيا عن مسؤوليته في الرقابة والتشريع .
ولم يكن حال القوى السياسية، بأحسن من وزارة الخارجية والبرلمان ، يتعلق الامر بوثيقة تفضح دور(دولة شقيقة) في سفك دماء العراقيين ، فان الوثيقة ستكون محل نظر وتأمل ، فالعلاقة مع (الاشقاء) أغلى من دماء ابناء الوطن !! .
ان وسائل الاعلام الوطنية وتحديدا شبكة الاعلام العراقية التي تمثل الدولة العراقية ، كانت غائبة تماما عن متابعة هذه الوثيقة التي كان يمكن ان تتحول الى فضيحة كبرى في علاقات السعودية مع العراق وباقي دول المنطقة في حال اعطت وسائل الاعلام العراقية اهتماما استثنائيا بالوثيقة الاميركية وان تكون تداعياتها اخطر بكثير مما كشف عنه سنودن عن قيام المخابرات المركزية بالتجسس على دول العالم وتحديدا دول الاتحاد الاوربي ، خاصة وان هناك الاف الوثائق التي تدعم وثيقة هيل في تورط السعودية بالقتل الطائفي في العراق والمنطقة ومن بينها فتاوى قتل الشيعة في العراق التي صدرت وماتزال من المسجد الحرام والمسجد النبوي الى جانب مئات الانتحاريين السعوديين الذين قاموا بتفجير انفسهم في سيارات مفخخة في المحافظات العراقية واكثر من ذلك من الذين القى القبض عليهم وهم ينوون تفجير انفسهم في المساجد والاماكن العامة فضلا عن عمليات تبييض الاموال التي تقوم بها الشركات السعودية من خلال البضائع التي تصدرها للعراق وتشكل اكبر تمويل للمنظمات الارهابية .
ولم يتوقف السكوت على وثيقة هيل عند الخارجية والبرلمان والقوى السياسية وعدم اهتمام وسائل الاعلام ، بل تعداه الى خطباء الجمعة الذين لم يكلفوا انفسهم عناء الاشارة اليها ، مع ان هولاء الخطباء الذين يجلدون القوات الامنية ليل نهار ، ولست في محل الدفاع عنها ، يعرفون جيدا الدور الذي تقوم به السعودية في تأجيج العنف الطائفي في العراق وسوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن وافعانستان وباكستان وباقي الدول العربية والاسلامية .
ومع ان الوثيقة الاميركية لا تمثل اية مفاجئة للعراقيين على الاطلاق ، فانها تؤشر على ان (الخزانة السرية) لوزارة الخارجية الاميركية والمخابرات المركزية تحتوي على وثائق اخطر بكثير من (وثيقة هيل) التي كتبها في عام 2009 ، حول الدور السري الذي تقوم به السعودية في عمليات القتل الطائفي والتدمير المنظم للبنى التحتية على مدى السنوات الماضية وهو ما يستدعي وقفة وطنية حازمة لايقاف هذا التدخل الخطير الذي في حال استمراره ، فان العراق سيدخل على خط التدمير الشامل على الطريقة السورية برعاية سعودية وباشراف بندر بن سلطان".انتهى
الخفايا الستراتيجية للسياسة الخارجية السعودية مع العراق
لقد امتنعت الحكومة السعودية عن التدخل بشكل علني في الشأن العراقي عسكريا وسياسيا بالرغم من التهديد الذي يشكله عدم الاستقرار العراقي على الأمن الوطني السعودي،وتبقى رغبة رجال الدين المؤثرين والأثرياء والشباب في تقديم الدعم المعنوي والمالي والمادي للذين يذهبون للقتال في العراق من التحديات الملحة في الوضع العراقي، وبالخصوص ظاهرة توجه الشباب السعودي للقتال في العراق إلى جانب المقاتلين الأجانب التي أصبحت من المخاطر الأمنية المزمنة. وجهة النظر الرسمية والشعبية السعودية تعكس قلقا كبيرا من تقوية الحكومة الشيعية في العراق ومن التغلغل الإيراني المتنامي في العراق وفي المنطقة العربية بشكل عام، وقد أعرب عن ذلك وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل قائلا «لقد سلمنا العراق برمته لإيران بدون سبب» كما حذر من تزايد العنف الطائفي بين السنة والشيعة.
إن العلاقات المتوترة بين الأغلبية العربية السنية في السعودية والأقلية الشيعية هناك يزيد من تعقيد الموقف، حيث رحب كثير من الشيعة السعوديين بتقوية الشيعة العرب العراقيين واتخذوا من رجال الدين الشيعة العراقيين قادة لهم ، في المقابل اعتبر المتشددون السنة السعوديين أن الشيعة السعوديين ضالين دينيا وخونة سياسيا.
العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية:
هناك مخاوف طائفية واستراتيجية تمنع الحكومة السعودية من إقامة علاقات تجارية قوية مع الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة، وهذه المخاوف أيضا تحول دون منع الدعم والتشجيع الذي يقدمه رجال الدين والمواطنين السعوديين للتمرد السني في العراق. فبالرغم من أن الحكومة السعودية دأبت على عقد لقاءات منتظمة مع كبار المسؤولين العراقيين ورجال الدين والرموز السياسية العراقية إلا أنها لحد الآن لم تعين لها سفيرا في العراق.ظلت مسألة إسقاط الديون من القضايا المهمة في العلاقات السعودية - العراقية، فقد أعلن العراق أنه مدين للسعودية بمبلغ 9 مليون دولار (معظم هذه الديون ترتبت على العراق أبان الحرب العراقية الإيرانية في عقد الثمانينيات)، فيما تقول البنوك والمؤسسات السعودية أن حجم الديون العراقية هو 19 بليون دولار. اتفق الطرفان على عقد المزيد من المباحثات بهذه الخصوص، لقد حث الأمريكان كل من المملكة العربية السعودية والكويت على إسقاط ديونهم المترتبة على العراق وذلك من أجل دعم جهود إعادة الاعمار وإنعاش الاقتصاد العراقي.
ردود الأفعال المحتملة:
إن سياسة السعودية من عدم التدخل العلني في الصراع الدائر في العراق تتقاطع مع تصريحات السفير كرستوفر هيل والتقارير التي تشير إلى أن هناك دعم سعودي خاص للهجمات التي تستهدف القوات العراقية والتجمعات المدنية الشيعية، لكن السعودية تمتنع من تقديم الدعم المباشر للمتمردين السنة لسببين.الأول:أنها تخشى المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية.والثاني:أنها تخشى عواقب سقوط الحكومة العراقية الذي سيقوي الإرهاب المعادي للعائلة المالكة في السعودية والذي يتخذ من العراق قاعدة له، يوجد اليوم رجال دين وشخصيات بارزة سعودية تطالب السعوديين بتقديم الدعم السياسي والأمني للسنة العرب العراقيين في مواجهة ما يسمونه التدخل الإيراني في المنطقة. وأبرز مثال على ذلك التوجه هو ما جاء في مقال نشرته صحيفة الوشنطن بوست، صاحب المقال «نواف عبيد» وهو محلل سياسي وكان مستشارا للحكومة السعودية آنذاك، كشف المقال عن النوايا السعودية فيما يتعلق بالعراق. بالرغم من أنه أعلن أن هذا المقال لا يمثل السياسة السعودية إلا أن استنتاجه كان جالبا للانتباه، حيث قال:«إن غض الطرف عن المجازر التي ترتكب بحق السنة في العراق هي بمثابة تخل عن المبادئ التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، كما أنه سيضعف مصداقية المملكة في العالم السني وسيكون بمثابة استسلام أمام النشاطات العسكرية الإيرانية في المنطقة. من المؤكد أن التدخل السعودي في العراق ينطوي على مخاطر كبيرة، لكن الأمر يستحق ذلك لأن عواقب عدم التدخل ستكون أسوأ بكثير»انتهى.على الرغم من تأكيد المسؤولين السعوديين على أن ما جاء في المقال لا يمثل السياسة السعودية، إلا أن مراقبين أمريكان فسروا ما جاء في المقال على أنها إشارات على وجود عدم اتفاق داخل المؤسسة الأمنية السعودية بخصوص سياسة المملكة تجاه العراق ، إن الاهتمام السعودي اليوم ينصب على إيجاد طريقة لتقليص أو منع رجوع المقاتلين السعوديين إلى المملكة.
شيعة الجنوب والوسط وقود الحرب السعودية الايرانية؟
كثيرا ما يحاول الاعلام تجيير ما يحدث في الجنوب الشيعي من "تدخلات ايرانية" ـ صدقا ام كذبا ـ لصالح اجندة دول معينة في المنطقة لا تريد لشيعة العراق خيرا لا تقل خطورتها عن ما تفعلها ايران من اجل مصالحها القومية وليس كما يتصور البعض من اجل مبادئ "دينية " او ثورية او "مذهبية" ‘ فمثل ما ان ايران مهتمة بمصالحها وهي على استعداد ان تضحي بمصالح الشيعة في كل مكان وان على حساب ما تدعي "المبادئ الشيعية" او الثورية كما حدث في اذربيجان التي وقفت ايران خلال الحرب بين الارمن المسيحيين وبين الاذريين المسلمين الشيعة في صف الدولة الارمنية، تلك الحرب التي راحت ضحيتها العشرات الالاف من الشيعة واستولى الارمن على مساحات شاسعة من الاراضي الاذرية ‘ فان الانظمة العربية في المنطقة وخاصة في الخليج مهتمة بمصالحها وهي تسعى لتخريب العملية السياسية في العراق واضعاف الشيعة من خلال تحريض جماعات العنف السلفية والوهابية على ممارسة القتل والارهاب ضد الشيعة كي يبقى العراق رهنا بايدي اجندتهم الطائفية والارهابية..مع ذلك لو قارنا بين الخطر الايراني والخطر العربي خاصة السعودي ‘الذي لا يقل تدخله في الشأن العراقي عن التدخل الايراني ‘ لوجدنا ان الخطر السعوي (العربي) على العراق وشيعته في الجنوب هو الاكبر والاعظم لما يحمله من مشاريع تصفوية استئصالية بدوافع "طائفية" تزرع بذور الارهاب وتنميها لتحرق الاخضر واليابس ولتقضي على ما تبقى من الحياة في العراق ..الخطر السعودي تجلى في كثير من المواقع والمواقف وفي عدد كبير من البلدان وخاصة في احداث 11 سبتمبر التي قادتها مجموعات سعودية منتمية لتنظيم القاعدة ومحسوبة على التيار السلفي الوهابي، تلك المجموعات التي تلقت التمويل والتثقيف على ايدي شيوخ وعلماء السعوديين الوهابيين والذين بدورهم لحد هذا اليوم يحظون بدعم وتشجيع الحكومة السعودية ويحرضون اتباعهم على الذهاب الى العراق لجهاد "الكفار" ـ اي الشيعة الروافض ـ ولتنفيذ العمليات الانتحارية التي في الاغلب يقوم بها سعوديون ..
التدخل السعودي في الشأن العراقي يتركز على بعدين
البعد السياسيالتصريح علنا ضد العملية السياسية وضد تسلم الشيعة الحكم والنفوذ في العراق كون انهم اغلبية، ولعل التدخل في البعد السياسي تجلى بوضوح في تصريح وزير خارجية النظام السعودي سعود الفيصل امام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك والذي اراد من خلال ما قاله "ان سياسة الولايات المتحدة في العراق تعمق الانقسامات الطائفية في العراق الى حد انها تسلم البلاد فعليا لايران" !! كما لم يغفل وزير النظام السعودي من الانحياز لسنة العراق لقد اراد ايصال رسالة خاطئة الى الامريكيين ناسيا ان بلاده هي السبب في ابتلاء العالم بداء الارهاب الذي يقود السنة السلفيون والوهابيون.
والبعد الثاني هو البعد الارهابيمن خلال التسيب في مراقبة الحدود تعمدا حيث تحولت مساجد والاندية الرياضية السعودية الى مراكز تجنيد للارهابيين السلفيين الوهابيين وارسالهم الى العراق عبر الحدود مباشرة او عبر سوريا او الاردن بعد ان امتد النفوذ السعودي فيها من خلال دعم الجيش الحر والمجاميع الارهابية التي تقاتل الحكومة السورية ويتولى الامر فريق من عناصر البعث العراقي الارهابي الموالي للنظام السابق ..
تعظيم الخطر الايراني امام الامريكيين
رغم اننا لا ننكر بوجود تهور ايراني في القضية العراقية، وخاصة فيما يخص شيعة العراق الذين حولتهم الحكومات العراقية السابقة السنية الى حطب الحروب العبثية وحاول الايرانيون زجهم عبثا في مواجهة الامريكيين سابقا والان اهدافا سهلة لمصيدة الارهاب من خلال المزيدات المذهبية او افتعال الشعائرالدينية.
الاغلبية الشيعية العراقية ترى في سياسة ايران خطرا على الكيان الشيعي في الجنوب خصوصا، وتثير مخاوفهم من ان تؤدي الى تعظيم الدور السني في العراق وتدخل اوسع لدول الجوار العربية في الشأن العراقي.ان الجنوب الشيعي في العراق غدى اليوم بين نارين بين مطرقة الاعراب ونخص السعودية وبين سندان الايرانيين ..
صحيح ان الايرانيين لا يصدرون للعراق الارهاب والانتحاريين الا انهم يصدرون النفوذ ويعطون الاخرين مبررا للتدخل ولضرب مصالح شيعة العراق كما انهم يريدون للشيعة ان يكونون مطية لاهدافهم وورقة في صراعاتهم مع الاخرين وخاصة في مايخص الملف النووي وهو امر بلاشك يرفضه شيعة العراق من خلالهم تحالفهم الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية.
الخطر الاكبر الذي يهدد العراق هو التدخل السعودي السلفي الوهابي
مازال السعوديون يتدخلون ويزايدون على الفتنة الطائفية واثارة الحرب المذهبية من خلال تصريحات ومواقفهم العدائية ازاء الاغلبية الشيعية وضد الاكراد، ومازلوا يحالون باي شكل من الاشكال التأثير على شكل الدولة التي يريد العراقيون صياغتها لبلدهم بعيدا عن ديكتاتوريات الانظمة العربية ومخلفات الفكر السلفي العربي الذي تستمد تلك الانظمة منه صيرورتها ونهجها السياسي في التعاطي مع الاحداث والقضايا . ويصدرون اليوم للعراق الموت والارهاب والانتحاريين والسيارات المفخخة ويحاولون اظهار الخطر الايراني للتغطية على حجم خطرهم الاعظم الذي لو نجحوا في تنفيذه وتحقيقه في العراق سوف يهدد العالم كله للخطر من خلال سيل الارهابيين الذين سوف يصدرونهم للعالم وللمجتمعات البشرية كاالجراد ..بالطبع ان شيعة العراق لا يريدون معاداة ايران ولا يريدونها في نفس الوقت التدخل في شؤونهم ويتمنون لها ان تحذوا حذو عقال الشيعة في العراق والدخول في حوار العقلاء مع العالم لحل الازمة القائمة بينها وبين الغرب وامريكا وانهاء مشكلة الملف النووي . كما يتمنون لها ان لا تزج بهم في اتون الصراعات الدولية والاقليمية التي ملّ العراقيون الشيعة منها ويريدون اعمار مناطقهم والعيش بسلام وحرية وامان ..
الدور السعودي المتنامي في المثلث السني
افاد اكثر من مصدر سياسي وامني ان اسباب التدهور الكبير والخطير الذي يشهدة العراق اليوم الاخير وخاصة في بغداد وديالى والموصل وعموم المثلث السني تعود الى تدخل سعودي فاضح في الشأن العراقي وتريد السعودية ان تضع يدها على العراق كاملة من خلال "سيل" من الامول التي تم توزيعها على الاطراف السياسية الموالية لها وخاصة البعثية وجماعات القاعدة .
ان السعوديين تمكنوا و عبر علاقة اجهزتهم الاستخباراتية بتنظيم القاعدة الدولي من ايجاد نوع من التنسيق بين نشاطات هذه الاخيرة في افغانستان ومثيلاتها في العراق واوعزوا الى مشايخ الدين في السعودية باصدار فتاوي سرية محدود التداول تحرض الوهابيين على القيام بواجب الجهاد المقدس في العراق لتخليصه من خطر "الرافضة" بعد ان انسحبت القوات الامريكية منه،
والعمل على ايجاد خطاب تحريضي طائفي بان "السنة" في العراق اصبحوا يواجهون خطر الابادة والانتهاء في العرق؟ان السعودية قد انفقت لحد هذه اللحظة في دعم مشروع اطلق عليه سريا "خطط اعادة العراق لعمقه العربي "! اكثر من 75 مليارد دولار .
ومما يؤكد على هذا الامر ان النظام السعودي اوعز الى تنظيم القاعدة بضرورة التنسيق مع خلايا البعث والقيام في المرحلة الاولي بعملية تطهير واسع ضد الشيعة وعدم التعرض في الوقت الحاضر للكورد، لان ذلك قد يقلب عليهم بعض الاوراق وتركوا الامر للمستقبل، وبعد ن يتم القضاء كليا على الوجود الشيعي في المثلث السني وتتوضح صورة الخارطة السياسية في المرحلة المقبل.وبتوفير التغطية الاعلامية عبر قنوات الخليج النافذة - العربية السعودية - وقناة الجزيرة القطرية اضافة الى انشاء منظومة فضائيات عراقية تسير وفق الاملاءات السعوديه - اضافة الى قنوات الفتنة المذهبية التي تدار من قبل المخابرات السعودية كافضل منبر لهم بشكل يبعد اي شبهة عن دورهم في التصعيد الامني الاخير ومخططهم في استهداف الابرياء وتدمير الممتلكات وابادة قرى شيعية باكملها وتقوم تلك القنوات الفضائية بنشر وقائع وتقارير محرفة عن التفجيرات بعد ان تتطعم برؤى بعثية تعطي للرأي العام صورة عن الاحداث مغايرة عن تلك التي تجري في المشهد العراقي.
الحكومة العراقية والغياب التام والاكتفاء بالتنديدان الحكومة العراقية مازالت غائبة وبشكل كلي عن المشهد الدموي في بغداد والموصل وتكريت وديالى ولانبار ، والمحافضات الجنوبية التي ضربها الرهاب مؤخرا وعن كل ما يجريفي المناطق التي تعرف بالمناطق الساخنة هناك من تحضيرات لتصعيد اعمال القتل والارهاب خاصة وان التقارير تتحدث ان "محافظة الموصل" اصبحت وكرا وبؤر للارهاب والارهابيين من تنظيم القاعدة والبعثيين المتحالفين معهم و يتمتعون بكامل الحرية في التحرك وتنظيم صفوفهم وتشكيل خلايا مسلحة واعداد المفخخات والشاحنات الملغمة وارسالها الى المحافظات الاخرى، وهناك تواطؤ واضح من قبل بعض المؤسسات الامنية والعسكرية التي تغض الطرف عنهم دون القيام باي عمل او اجراء لحماية المدنيين واعتقال الارهابيين.
كما ان الامريكيين يرون ويراقبون بدقة كل شاردة وواردة الا انهم ولاجندة خاصة بهم لا يتدخلون بل وفي احيانا اخرى يقدمون بعض التسهيلات لهم.لقد نجح السعوديون حتى الان باستغلال التحول الاميركي الذي يرغب بتجنب التورط المكلف، وبالتفرغ للازمة الاقتصادية فضلا عن تواجد عدد كبير من البراغماتيين داخل الادارة الجديدة، والرسالة الرئيسية هي ان على اميركا ان تعالج "الخطأ" الذي ارتكبته بتمكين ايران اقليميا في مقابل دور سعودي بتنفيس الازمة المالية الاميركية والانفتاح على اسرائيل.20 مليار دولار هو قيمة صفقة الاسلحة التي تم الاتفاق عليها بين اميركا والسعودية مؤخرا وهي الرشوة التي تدفعها السعودية لضمان الدعم الاميركي لسياستها في العراق لاسيما بعد المخاوف التي استشعرتها من احتمال حوار ايراني-اميركي. وبالفعل اخذ التغلغل السعودي يتكشف اكثر من خلال فتح قنوات مع العديد من السياسيين العراقيين السنة والشيعة والاكراد.خيارات الايرانيينخيارات الايرانيين محدودة ما لم يجر تغيير شامل للخطاب السياسي والتوقف عن معاداة الغرب واسرائيل، لقد نجح النظام السعودي في تغيير الاجندة عبر تحالفه الوثيق مع اميركا ونفاذه لمعظم مراكز القوى في واشنطن الامر الذي حال دون معاقبته بعد 11 سبتمبر، ولأن الكيان السعودي قائم على تصدير نوعين من المنتجات، النفط والتطرف الديني المتمثل بالوهابية وانه لايستطيع الصمود اذا ما اتجه الى فك تحالفه مع المؤسسة الوهابية فقد تم اتباع استراتيجية استبدال العدو.فالوهابية حركة تطهيرية ترى ان استمراريتها مرهونة بوجود الاخر "الكافر" الذي تنبغي محاربته، ولأن هذا الآخر لابد وأن يكون خصما مناسبا لتطلعات العائلة الحاكمة وتحالفات النظام فقد تمت اعادة انتاج العدو عبر شيطنة الشيعة وتحويلهم الى الخصم الرئيسي الاخطر حتى من "اليهود"، وقد نجحت الآلة الاعلامية الضخمة لآل سعود في خلق معادلة قوامها ان ايران هي الخطر الاكبر جيوسياسيا والشيعة هم الخطر الاكبر ايديولوجيا وان تكون مقترنة باختراع ازمة خارجية تلفت الانظار وخطر وشيك يستوجب القاء المعارضين بالسجن وليس هناك انسب اليوم من تهمة التشيع او العمالة الى ايران._________________________المصادر1- كريستوفر إم بلانجرد.Iraq: Regional Perspectives and U.S Policy(CRS) CRS Report for Congres2- شبكة النبأ المعلوماتية - الجنوب الشيعي بين الخطر السعودي والتهور الايراني.3- شبكة العراق الثقافية - اسعد راشد- سلام العيسى- السيناريو السعودي لإسقاط المالكي.
4 - الموقع الرسمي لشبكة الاعلام العراقي.
5- جريدة البيان العراقية العدد1235 - الصادر في تاريخ 21-08-13.______________________اعداد- القسم السياسي
مركز الرافدين للدرسات والبحوث الاستراتيجية
https://telegram.me/buratha