للمفكر الاسلامي العلامة السيد صدرالدين القبانجي
اعترف المفسرون بوجود غموض في القران الكريم يحتاج الى كشف وايضاح وبيان يجعل مسألة التفسير مهمة وضرورية رغم الاعتراف بان القران بين المعالم الا ان المفسرين ذكروا من مجالات الغموض ما يوجد في المفردة اللغوية مثال ذلك (الحصير، العرجون، الخنس، الكنس..) او لتعدد المعاني اللغوية للمفردة الواحدة وما يسمى الترادف اللغوي مثال ذلك مفردة القسط التي تأتي حسب سياق الجملة والمعنى العقلي اذ انها تاتي بمعنى الانحراف كما تاتي بمعنى العدل وهكذا مفردة البصير التي تاتي بمعنى الكفيف الاعمى كما تاتي بمعنى الشديد النظر.مما يدل على اعطاء اكثر من معنى للجملة الواحدة وهنا يلعب المفسر دورا هاما في تحديد المعنى الاقرب للاية وسياقاتها وغالبا ما يكون احد المعنيين خاطئا كما في مسالة غسل الرجلين في الوضوء بينما الاصح هو مسحها وهو ما ذهب اليه المذهب الجعفري لكن هناك مجال اخر من مجالات الغموض وهو ان المعاني التي ترد كلها صحيحة ومقصودة ولكن هناك معاني يصعب ادراكها كالامور الغيبية والتي غالبا ما يصعب ادراكها من قبل عامة الناس لذلك فان المفسر يحتاج الى معرفة واسعة في مفردات اللغة وتراكيبها زائدا المعرفة الواسعة في الفقه والاصول لازالة ذلك الغموض في قضايا هامة كرؤية الله جل شأنه وهكذا مسائل كثيرة حيرت العلماء واصحاب المذاهب كخلق القران وجسمانية الله سبحانه وتعالى .. الخ.غير ان تعدد الايات ذات الموضوع الواحد وضعت المفسرين امام مازق حقيقي يحتاج الى الحاح وتجميع لكل الايات ذات الصلة لاكتشاف الرؤية القرانية اضافة لما يتضمنه القران من عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ وظاهر وباطن هذا الموضوع المهم الذي يخص التفسير على مر العصور هو ما جعل العالم الفقيه والمفكر الاسلامي السيد صدر الدين السيد حسن السيد علي القبانجي ان يؤلف كتابا فيه اضافة جديدة من اضافات النور لمكتبتنا الاسلامية بعد ان القى سماحته محاظرات في هذا الشأن واخر القرن الماضي جمعها في كتاب وطبعها لمرتين لاهميتها للمفسرين وطلبه العلوم الاسلامية والمختص منهم بعلوم القران الكريم وتفسيره يضيف الى مجالات الغموض مجالا اخر هو ما يخص التدرج في الايات ونزولها كما في مسالة الخمرة التي نزلت في اية تؤدي معنى عدم التقرب للصلاة اذا كان المصلي مخمورا في حين نسخت لحرمتها المطلقة وهكذا في امور حياتية كثيرة من مجالات الغموض المرتبط بزمن نزول الايات ما يحتاج الى معرفة المفسر باسبقية الايات حيث اشار السيد القبانجي باقتضاب لمفهوم الناسخ والمنسوخ.وبعد ان استعرض المؤلف مجالات الغموض التي اشرنا اليها وضع نظرية سماها(الوضع القراني) ليؤكد ان ايات القران الكريم بينات مبينات.. نظرية الوضوح القراني:يقول المفكر الاسلامي السيد القبانجي ان هناك مستوين من الظهور الاول الابتدائي والثاني العلمي من خلال التدبر والتاكل في مجموع النصوص القرانية لان معاني القران الكريم لا تقف عند حد بل حتى الغموض من شانه ان يفتج مجالات وافاق جديدة لذلك فالحاجة الى التفسير لاجل فك الغموض اللغوي وتعيين المقصود منه ومعرفة التركيب الصحيح للجملة القرانية اضافة الى اكتشاف معاني جديدة اضافية للنص القراني وهو جدير لعظمته وتجاوزه للمستوى الانساني في فهم المعاني نحو تكوين صور اعمق في فهم اسرارها والغور فيها. هل يجوز تفسير القران الكريم؟لقد فند السيد القبانجي اراء البعض القائلين بحرمة التفسير ولجأ الى الاسباب التي اتفق عليها مفسرونا في ضرورة التفسير وهي موجودة عدة مستويات في فهم المعاني القرانية وان نصوص الظهر والبطن القراني لا تمنع في فهم الظاهر القراني وانما تمنع من الوقوف عليه وحده وغلق الباب عما سواه وان هناك نصوص تؤكد ان القران الكريم واضح وهي تؤكد على ضرورة الاعتماد على الايات القرانية والتمسك بها وان القران الكريم نزل يفسر بعضه البعض. شروط التفسير الجائز:وضع الكاتب السيد القبانجي شروطا للتفسير الجائز هي:1-الدراسة الكاملة للموضوع الواحد2-معرفة المقاصد والاهداف القرانية.3- معرفة اللغة العربية وعلومها.4-الاخذ بالسنة الشريفة.5-استنطاق القران الكريم. حرمة التفسير بالرأي:ان المقصود بالتفسير بالرأي كما يقول المؤلف الفقيه السيد القبانجي(دام عزه) هو فرض الرأي على التفسير بعيدا عن الشروط التي ذكرها سماحته اي الاجتهاد الشخصي البعيد عن ا لاحاطة والاعتماد على السنة الشريفة اي التفسير بالظن والوهم والافتراض وهنا تاتي الحرمة الحقيقية . ماهي العلوم التي يجب ان يلم بها المفسرون؟اللغة، النحو، الصرف، الاشتقاق، المعاني، البيان، البديع، القراءة، اصول الدين، اصول الفقه، اسباب النزول، قصص القران الكريم، الناسخ والمنسوخ، الفقه. التاويل:في الفصل الثاني من الكتاب تحدث المؤلف عن التاويل في اللغة وفي مصطلح المفسرين والتاويل هو حمل الكلام على خلاف معناه الظاهر وحمله على المعنى الباطن والتاويل يستند الى الاجتهاد العقلي ولكننا في الحقيقة عندما ندقق نجد ان كلمة التاويل في اللغة بمعنى الاول والعودة الى الاصل.ويقول المؤلف ان التاويل لا يخضع للمعارف اللغوية لانه من اسرار العلوم التي يعرفها الذين افاض الله تعالى عليهم هذه المعرفة وهم اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة والذين اخذوا منهم توصلوا الى هذه الحقائق. المحكم والمتشابه:في الفصل الثالث تحدث الكتاب عن المحكم والمتشابه والحكمة من وجوده والتي هي امتحان للقلوب وتحفيز العقل وباختلاف مستويات الخلق وتاثير القوالب اللفظية والربط بعالم الغيب، وقد اكد المؤلف ان وجود المتشابه يؤكد ضرروة التفسير ولا ينسف الهدف من التنزيل ان اهل البيت (ع) هم الراسخون في العلم والذين يعلمون تاويل الكتاب وان غيرهم لا يحق له ان يدعي علم التاويل واقتحامه باستثناء محاولات لاكتشاف الغموض ان وجد. قواعد اساسية في التفسير:في الفصل الرابع وضع المؤلف عدة قواعد اساسية في تفسير القران الكريم هي:1-قاعدة اعتماد الظهور القراني.2-قاعدة اتباع عموم اللفظ.3-قاعدة اتباع عموم العلة.4-قاعدة اتباع عموم الفكر.5-قاعدة اتباع الاصطلاح القراني.6-قاعدة تفسير القران الكريم بالقران الكريم.7-قاعدة تفسير القران الكريم بالسنة النبوية الشريفة.8-قاعدة الجري والانطباق.9-قاعدة التفسير بالعقل. استظهار المعنى الباطن.في الفصل الخامس تحدث المؤلف عن منهج استظهار المعنى الباطن وتوضيحه ومشرعيه بالدليل القراني وبالسنة الشريفة وبمنهج علماء المسلمين الفقهاء والعرفاء وقال: ان لهذا المنهج مستوى تفسيري ومستوى تطبيقي كما تحدث عن الحدود الصحيحة لهذا المنهج بضوابط هي تكوين الظهور العلمي والثبوت في السنة الصحيحة واكتشاف عموم الفكر. القراءات المتعددة وتأثيرها على عملية التفسير:في الفصل السادس تحدث امام جمعة النجف الاشرف وخطيبها السيد القبانجي عن القراءات المشهورة وصور الاختلاف فيها وقواعد تقييمها وماذا نقبل منها، على اعتبار ان هذا الموضوع له صلة وثيقة لا يمكن استغفالها.كما تحدث في الفصل السابع عن النسخ ووقوعه وشبهاته في حين تحدث في الفصل الثاني عن عدم تحريف القران الكريم وهو ثابت ومتفق عليه(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون). الخلاصة:استطيع ان اعتبر هذه الرسالة العلمية الدقيقة في علم التفسير ومقدماته التي طرحها المؤلف بطريقة ذكية مقبولة بسيطة وموضوعيه هي اضافة لابد منها في ظروف يتعرض لها ديننا الحنيف الى اوهام التكفيريين المتطرفين اعداء اهل البيت (ع) واعداء العراق المؤمن وان المؤلف السيد القبانجي افلح في الحديث عن مقدمات علم التفسير واضاف جهدا للمكتبة الاسلامية لا يمكن ان يغفله والحمد لله كثيرا.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha