لا يختلف اثنان في علمية آل البيت الأطهار من أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين وسيد البلاغة وسيد الفصاحة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي قال الرسول الأعظم بعلمه، أعلمكم علي وأقضاكم علي.. ثم إن الأئمة الأطهار الذين كانوا يفتون للأمة ويحلون مشاكلها وكل المعضلات التي تواجهها سواء كانت الفقهية أو السياسية أو العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية...إلخ ؛
ومن سيرة الإمام الحسن العسكري التي وردت في الروايات والأخبار التي تتحدث عن سيرته وعبادته وعلمه وزهده.. 1- شهادة خصمه عبيدالله بن خاقان لابنه أحمد، فقد قال له، وهو يصف الإمام العسكري (عليه السلام) (لو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره، لفضله وعفافه، وصومه، وصلاته، وصيانته، وزهده وجميع أخلاقه (1). 2- قال محمد الشاكري: كان(ع) يجلس في المحراب ويسجد فنام وانتبه وهو ساجد(2). 3- قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: كان الحسن يصوم في السجن فاذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في غراوة مختومة (3). 4- قال محمد بن إسماعيل: أنَه وهو في السجن كان يصوم النهار، ويقوم الليل كله،لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة(4). 5- روى الشيخ المفيد، فقال: (إن الإمام في أحد سجونه سلم إلى نحرير، وكان يضيق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته: إتق الله، فأنت لا تدري من في منزلك، وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت: إني أخاف عليك.. 6- ونقل الشيخ الكليني رواية أخرى تتحدث عن عبادة الإمام وزهده وإمضاء وقت السجن في الذكر والعبادة والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى مما جعله يؤثر فيمن وكل بسجنه وتعذيبه.. فكان مصباحاً يضيء ما حوله، وشجرة مثمرة ينتفع بها ساقيها (دخل العباسيون على صالح بن وصيف، ودخل عليه صالح بن علي وغيرهم من المنحرفين عن هذه الناحية عندما حبس أبو محمد (عليه السلام) فقال له: ضيق عليه ولا توسع. فقال لهم صالح: ما أصنع به، وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صار من العبادة والصلاة إلى أمر عظيم ثم أمر بإحضار الموكلين به، فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا له: ما تقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كله، لا يتكلم ،ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظَر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا مالانملكه من أنفسنا، فلما سمع ذلك العباسيون انصرفوا). إن توظيف هذه السيرة العطرة في الثقافة والوعي الجمعي والإعلام والدراما التلفزيونية والسينمائية يجعل الشباب والمتلقي يلتصق برموزه هؤلاء الأفذاذ العظام في سلوكهم العبادي والأخلاقي،- كما شاهدنا بفلم الرسالة- قبل أكثر من ثلاثين عاما وكم ساهم بنشر الإسلام عالميا حينما اطلع العالم على أخلاق المصطفى الخاتم وأهل بيته وصحبه الأبرار، فترجمة تلك السيرة العطرة وتوظيفها بكل وسائل التعبير الجمالي في المسرح والتشكيل والمناهج التربوية يعد ضرورة لا مناص من الأخذ بها لإيصال الخطاب الإسلامي من خلال الإعلام وبوسائله المختلفة إلى كل أنحاء العالم، فما فائدة هذه المناقب العبقة والعطرة حبيسة التراث الذي لا يقلبه إلا ذو الاختصاص أو عشاقه.. لقد اتخذ الأئمة الأطهار مناهج متعددة في أدوار حياتهم المختلفة ورغم تعدد الأدوار ووحدة الهدف فقد بلغوا ما جاء فيهم بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وتراوحت أساليب عملهم الجهادي والعقائدي 1- عن طريق النصح للحكام والولاة وتوعية القواعد الشعبية والجماهيرية بحقوقها. 2- عن طريق الثورة والكفاح، كثورة الإمام الحسين... وثورات عدة تلتها كالتوابين وثورة المختار وثورة زيد بن علي وثورة الحسين صاحب فخ وجميع الثورات بالتأريخ الإسلامي ضد الطغاة... ربما هناك تساؤل هل حقق الأئمة كل أهدافهم التي يصبون إليها وفق الشريعة المقدسة؟!.. بالطبع للإجابة عن مثل هذا التساؤل الإحاطة بكل الإفرازات للظروف التاريخية والموضوعية وطبيعة الصراع والمجتمعات التي وقفت معهم أو بالضد من إمامتهم بسياق الناس على دين ملوكها،
ورغم القهر التاريخي لبني أمية وبني العباس إلا أن الهدف الأسمى الكلي هو الحفاظ على الرسالة وخطها المحمدي الذي حاول الطغاة من معاوية ويزيد إلى عصرنا هذا الضاج بالفتن، بسبب أصحاب البدع والانحراف والظلمة من الطواغيت إلا أنه لازال الفكر المحمدي المهدوي ومشروع الإصلاح الإسلامي للإنسانية بقيادة العدل المنتظر ومنقذ البشرية من الضلال والكفر يعد هو المنهج الأصوب والمنار الذي يهتدى به ويبقى الدرب الذي سار عليه الصحب الأبرار للنبي وآل النبي وأنصارهم ومحبيهم والعلماء والشهداء مثالا وخطا تحتذى به الإنسانية. إن تفعيل الدور الإعلامي لنصرة آل محمد من خلال الامتثال لفقههم المستقى من جدهم الذي رسمه القرآن الكريم وتجسيد سيرتهم في الإعلام يجعل الأجيال على تماس دائم بهم... إن من شروط ظهور الإمام التكامل في الوعي والإيمان الحقيقي برسالة الإسلام المناهضة للظلم التي تتمثل بسرقة المال العام، والاختلاس، والتزوير،وتفشي النفاق، والظواهر المدمرة كالكذب، والغيبة كل تلك الظواهر تحاول تفكيك المجتمع، وانعدام الثقة فيه، الإيمان الحقيقي يستطيع أن يزرعه الإعلام – بأنواعه - في جسد المجتمع لما له من دور في تشكيل الوعي البنيوي في المجتمعات ولما له من رسالة أخلاقية ومهنية تتسم بالموضوعية والشفافية والمصداقية لنشر القيم الصحيحة. حتى يستخلف الله المؤمنين في الأرض فلا بد من اشتراط الإصلاح، وللإعلام الدور المؤثر في الإصلاح كما أسلفت بالأسطر السابقة ليمكن الله للمؤمنين كما ذكر القرآن الكريم (ليستخلفنهم في الأرض وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا)... 1- (مما لا يتطرق إليه الريب أن أهل البيت (عليهم السلام) بمجموعهم ركزوا على مسألة الإمام المهدي والاعتقاد به قبل أن يولد، وذلك تبعا للرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم- وبشارته به.. ولا يختلف اثنان في هذا المعنى وفي أنهم أكدوا- من خلال الروايات الكثيرة - عنصر الانتظار الذي يجب أن يتحلى به المسلم في غيبة الإمام...).
فجميع الأئمة أكدوا ترقب ظهور الإمام الحتمي، وإلا كيف تطبق أحكام الله ويعيد الإسلام إلى فجره كما جاء عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من تلك الحقيقة نبني تصورنا ومفهومنا الإعلامي أن الإمام يحقق حلم الأنبياء والرسل وإرادة السماء بتطبيق القرآن الكريم على الأرض وتحقيق العدالة الإنسانية التي سعت البشرية إليها ولم تدركها طيلة القرون المنصرمة.....
10/5/13121
https://telegram.me/buratha