يتصدر المشهد السوري بتفصيلاته وتشعباته وتعقيداته عناوين الأحداث والاهتمامات والمتابعات والمواقف على مدار الساعة محلياً وإقليمياً وعربياً ودولياً.
وقد كشفت وأكدت هذه المشهدية دينامية وحيوية السوريين وقدرتهم على الصبر والصمود والحركة على كل الجبهات من خلال تلاحم شعبي قلّ نظيره مكّن القيادة السورية من البدء بـ ''ليّ'' أذرع المؤامرة الأخطبوطية التي استشرست واستشرت، الذراع تلو الآخر! ولعل المتابع يدرك أن ما تعرضت وتتعرض له سورية والسوريين لم يسبق أن تعرضت له دولة ولا شعب، حاضراً ولا ماضياً!
هنالك حساب يتراكم منذ سنوات وعقود والولايات المتحدة ترتب لتصفيته مع سورية.
السبب مواقفها المشهودة في تعطيل أو عرقلة العديد من المشاريع الصهيو ـ أميركية في المنطقة.
فقد منعت سوريا تفكيك لبنان وتوطين الفلسطينيين: كان من شأن تحققهما أن يقرّب تصفية القضية الفلسطينية من نقطة النهاية، خصوصاً بعد الاعتراف بالكيان الصهيوني وإقامة مختلف أنواع العلاقات معه من قبل معظم الأنظمة العربية.
ولم تكتف بذلك. دعمها للمقاومة في لبنان وفلسطين شكّل ضربة قاسية لأداة الهيمنة والقهر الأكثر فعالية في المنطقة: الجيش الإسرائيلي الذي طالما اعتبر جيشاً لا يقهر، قبل دحره من لبنان وعجزه أمام أبواب غزة.
دعمها للمقاومة في العراق أسهم بشكل رئيسي في إذلال الاحتلال وأجبر الجيش الأميركي، أقوى جيش في العالم، على الانسحاب مع جيوش أخرى حليفة بينها جيوش قوى عظمى كبريطانيا. ولا شك أن هزيمة أميركا في العراق قد رسمت معالم هزيمتها الأكيدة في أفغانستان وباكستان.
وقبل ذلك، لعبت سوريا دوراً هاماً في دعم الثورة الإسلامية في إيران يوم فرض عليها الحصار والحرب الكونية عبر بوابة صدام حسين. والمعروف أن ضرب تلك الثورة كان وما يزال بين أعز الأماني التي يتوق معسكر الشر الأميركي إلى تحقيقها، ليس فقط لأنها أطاحت بالنظام الشاهنشاهي بصفته واحداً من أهم مرتكزات الهيمنة الأميركية في المنطقة، بل أيضاً لأنها كانت، منذ لحظاتها الأولى، واضحة في العمل من أجل أن تشكل، في قلب حالة التشتت والاضطراب في العالمين الإسلامي والثالث، نموذجاً يحتذى في التنمية والتحرر على جميع الصعد الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ولأن حكام الخليج وحراس آبار النفط والغاز، رفضوا ويرفضون الخروج من تحت لفافة رأس مسيلمة الكذاب وأبي جهل، وحصروا أدمغتهم المسطحة بأفكار ماتت منذ آلاف السنين، ولا زالوا يعتقدون أنه بإمكانهم أن يعيدوا من جديد دهاءهم، ويبثون سمومهم في عقول الشعب العربي، متناسين أنهم عاجزون ولا يمكنهم أن يمثلوا أدوار أبي جهل ولا مسيلمة الكذاب... فقد تميز الاثنان بالدهاء والخبث، أما ملوك الملح وعربان المضارب، فلا يملكون عقلاً ولا ذكاء وإنما تأتيهم التعليمات معلبة، حتى إنها منتهية الصلاحية، ومدفوعة الأجر وما عليهم سوى التهامها وبنهمٍ رغم فسادها.
فقد اثبت هؤلاء العربان من خلال دورهم الهدام في المجتمع العربي بالمشاركة مع من يدعمه من دول الغرب بخاصة من واشنطن ودول أوروبية، مدى حقدهم وكرههم للدور النضالي الذي تقوم به سورية ذات التاريخ العريق في مجابهة الاستعمار وقوى الهيمنة العالمية التي تحاول بكل الوسائل السيطرة على الثروات الطبيعية في العالم العربي، وفرض نوع من الحماية والأمان للكيان الإسرائيلي الذي يحتل أرض الأقداس فلسطين.
ففي كل يوم يتكشف فصل جديد من فصول مؤامرة هؤلاء الخونة الحاقدين على سورية، ومن بين هذه الفصول ما هو معلن وما هو مخفي، ولكن ما إن يتكشف حتى يبادر هؤلاء العربان إلى تبنيه، من قبل سعود ''الهزاز'' وشريكه في المؤامرة بن جاسم القَطَري، وخير مثال ما تكشف مؤخراً من هذه فضائح هذا الدعم الخليجي بإرسال مرتزقة من دولهم للقتال ضد الشعب السوري والدولة السورية، وذلك تزامناً مع إطلاق هذه العواصم لدعوات معلنة عن فشل خطة المبعوث الأممي كوفي أنان إلى سورية، والتركيز على ضرورة الانتقال إلى الفصل السابع في مجلس الأمن الدولي للضغط على سورية.
عبر التاريخ القديم والحديث كان موقع سورية الإستراتيجي معروفاً فهي قلب العالم وبوابته الرئيسية بين أوروبا وآسيا من خلال تموضعها على الساحل الشرقي لحوض البحر الأبيض المتوسط وكانت منذ القدم امتداداً للطريق التجاري العالمي القديم الذي يصل إلى حدود الصين (طريق الحرير).
إضافة لذلك يجب أن نذكر أن سورية تقع على حدود فلسطين أي إنها على تماس مع الكيان الصهيوني الغاصب وهذا ما أدى إلى الصراع الدائم مع هذا الكيان منذ نشأته وحتى اليوم ولم تهادنه في أي وقت من الأوقات بل ناصبته العداء على الدوام ما أقض مضجع إسرائيل وجعلها في قلق دائم ومستمر فكان لزاماً عليها أن تعمل كل ما في وسعها لإضعاف سورية والقضاء عليها، فاستخدمت الصراع المسلح ولأكثر من مرة ولم تفلح وحاولت أن تعقد معاهدات سلام على طريقتها ولم تنجح.
هنا جاء الدور الأميركي حليف إسرائيل يأخذ أبعاده ويعمل بالتعاون مع حلفائه الآخرين على إنهاء هذه المعضلة التي إسمها سورية.
بدأ التآمر على سورية باختلاق تهم كاذبة وباطلة وإلصاقها بها بهدف التحرش بسورية والتدخل بشؤونها للقضاء عليها. فاتهمت بإيواء الإرهابيين على أرضها وبأنها تسعى إلى امتلاك الطاقة النووية واتهمت بمقتل رفيق الحريري في لبنان ثم انتقلت إلى أسلوب الإملاءات فطلبت منها التخلي عن دعم المقاومات في العراق ولبنان وفلسطين وفك الارتباط مع إيران وحزب الله وإبعاد القيادات الفلسطينية من سورية ثم بدأت بفرض عقوبات اقتصادية متعددة، كل ذلك بهدف عزل سورية وإضعافها وكسر شوكتها أمام إسرائيل.
لم يفلح هذا الأسلوب مع سورية وبقيت صامدة على سياستها ومواقفها الوطنية والقومية فكان لابد للولايات المتحدة الأميركية من تغيير لهجتها وسياستها تجاه سورية واستخدام العنف بكل أشكاله للقضاء عليها، فوضع سيناريو الحرب الكونية على سورية على الطاولة للبدء بتنفيذه ثم تجييش العالم على هذا القطر وبدأ الحراك الشعبي والمسلح يظهر في بعض المناطق السورية.
ثم أخذت تتسع رقعته بعد أن بدأت الحرب الإعلامية والنفسية انطلاقتها في تضليل الرأي العام العالمي.
استغلت أميركا هذا الحراك لتوظيفه في الأمم المتحدة واتخاذ القرار المناسب بحق سورية تجاه ما سموه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين السوريين المعارضين للنظام من قتل وإبادة، فتقدمت بمشروع قرار إلى مجلس الأمن تدعمه فرنسا وبريطانيا يدين الانتهاكات السورية لحقوق الإنسان حسب زعمهم ويؤسس لتدخل عسكري أممي بهدف حماية المدنيين من بطش السلطة. بعد نقاش مرير وحاد أسفر عن إخفاق المشروع الغربي بعدما استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لمشروع القرار المقدم، وهذا ما أصاب دول الاستكبار بالصدمة وخيبة الأمل.
من هنا بدأ عهد جديد في مجلس الأمن شعاره (توقف العبث بمصير الشعوب) لم تيئس أميركا وحلفاؤها فتوجهت أنظارها نحو الجامعة العربية علها تستطيع تمرير هذا المشروع من خلالها ويكون قراراً عربياً أكثر تقبلاً من شعوب المنطقة وبعيداً عن التدويل الخارجي، فأوعزت إلى قطر لتبني هذه الخطة.
تحركت قطر واشترت رئاسة الجامعة العربية من فلسطين لتستطيع إدارة جلسات وزراء خارجية العرب وتمرير مخطط التآمر على سورية. بدأت تجيّش الدول العربية واتبعت سياسة الترهيب والترغيب، وكيف لا وهي العصا الغليظة بيد الأميركي وبنك التمويل الدولي للرشاوى والفساد وشراء الضمائر ونجحت في خطتها بالضغط على الدول العربية لإصدار قرار يدين سورية ويعلق عضويتها في الجامعة العربية.
هذه الإجراءات أثارت ضجة عند بعض الدول العربية ودول أخرى مثل روسيا والصين وبعض النخب السياسية والأحزاب القومية ما اضطر الجامعة إلى التريث في تنفيذ إجراءات الادانة والعقوبات إلى ما بعد صدور تقرير المراقبين العرب الذي ذهب إلى سورية لمراقبة ما يجري فيها، وكانت النتيجة مخيبة لآمالهم ما آثار حفيظة المتآمرين وقرروا إعادة الملف السوري إلى مجلس الأمن لتدويل القضية السورية من جديد.
فشل المشروع العربي الغربي في إدانة سورية مرة أخرى بسبب الفيتو الروسي والصيني وهكذا بقيت الأمور معلقة دون أي قرار من مجلس الأمن يدين سورية أو يسمح بالتدخل العسكري فيها.
وعلى التوازي مع المسار السياسي كان هناك تحرك دبلوماسي واسع لهذه الدول للتأثير في الجسم الدبلوماسي السوري أينما وجد من خلال تشويه صورة هؤلاء الدبلوماسيين ومحاولة شرائهم إما بالضغط والترهيب وإما بالإغراء والترغيب، كما تم حشد بعض التجمعات المعارضة أمام السفارات السورية في كثير من العواصم العالمية للتهجم على العاملين فيها والإساءة إلى النظام وتشويه صورته، كما قاموا بفبركات إعلامية لبعض السفراء السوريين تعلن انشقاقاتهم عن الدولة كما حصل مع السفيرة في باريس. كل هذا الحراك لم يفلح في كسب الحرب السياسية والدبلوماسية المعلنة على سورية.
كما أسلفنا سابقاً بدأت بوادر الأعمال المسلحة تظهر في بعض المدن والأرياف السورية من بعض المسلحين وبأعداد محدودة في بداية الأزمة ثم بدأت بالتزايد والانتشار بالعديد والعدد ثم أصبحت تأخذ طابع التنظيمات الإرهابية التكفيرية من حيث الأسلوب الذي اتبعوه بالتقتيل والترويع واستهداف عناصر الأمن والشرطة والتنكيل بجثثهم وتقطيع أوصالهم ثم استهداف المراكز والمقرات الحكومية والأمنية والبنى التحتية على اختلاف أنواعها.
أصبحت أعداد المسلحين بالمئات بل بالآلاف وهنا يجب أن نقول إن السلطات تأخرت في حسم الموقف منذ البداية ما أدى إلى التزايد السريع وتنوعت أسلحتهم وتطورت بشكل خطر فمنها الأسلحة المتوسطة والمضادة للدروع والمضادة للطائرات ومدافع الهاون وقاذفات الـ(ر. ب. ج). تبين في ما بعد أن هدف هذه المجموعات الإرهابية إقامة ما يسمى الإمارات الإسلامية في بعض المدن والمناطق الحدودية كما حصل في درعا وبانياس وتلكلخ وجسر الشغور وغيرها لتسهل مهمة التدخل الخارجي وإنشاء مناطق عازلة تكون منطلقاً للتوغل إلى الداخل، ما اضطر القيادة استخدام بعض الوحدات العسكرية إلى جانب قوات الأمن وحفظ النظام للقضاء على هذه التجمعات المسلحة حيثما وجدت ونجحت بتفكيكها إلى حد كبير وما زالت بعض فلولها مشتتة ومتوارية عن الأنظار، وتقوم بهجمات محدودة على بعض نقاط الحراسة والمنشآت والمدنيين. بعد ذلك بدأت المجموعات الإرهابية تتركز في بعض أحياء مدينة حمص وريفها وفي محافظة إدلب الحدوديتين مع (تركيا ولبنان).
في حمص استطاع الإرهابيون تثبيت أقدامهم في بعض أحيائها مثل بابا عمرو وباب السباع وحي النازحين وترويع سكانها وممارسة القتل والخطف والاغتصاب وخاصة للطوائف الأخرى التي تقطن تلك المناطق بغرض خلق الفتنة الطائفية اللعينة ونجحت بشكل محدود في إذكائها، واستمرت العصابات المسلحة في إجرامها والتمترس في الأحياء وبين منازل السكان ومنعتهم الحركة وعاثت فيهم فساداً وأصبحت بابا عمرو على لسان أوباما وساركوزي وكأنها مقر للثورة التي يزعمونها وبنوا عليها آمالهم. هنا كان لابد للقيادة من أن تتصرف حيال هذا الوضع القائم لإعادة الأمور إلى طبيعتها فاتخذ قرار الحسم مع هذه العصابات المسلحة داخل سورية وخارجها رغم صعوبة تنفيذ هذا القرار في الأحياء المكتظة بالسكان، فبدأت بحسم المظاهر المسلحة في ريف دمشق وقضت على بؤر الإرهاب والمسلحين فيه وإعادة الوضع في هذه المناطق إلى حالته العادية والحياة الطبيعية للسكان.
ثم انتقلت وحدات الجيش إلى حي بابا عمرو ومن خلال عمليات نوعية متميزة استطاع الجيش القضاء على عصابات الإجرام وتنظيف الحي من شرورها مع الحرص الشديد على عدم تأذي سكان الحي المقيمين فيه.
فكانت ضربة ساحقة للإرهابيين وجيشهم الحر وعلى من يقف خلفهم ويدعمهم بالخارج وقد تبين من خلال القتلى والجرحى والمقبوض عليهم أنهم من جنسيات مختلفة عربية وغربية تسللت إلى هذه المنطقة من جهات متعددة من الدول المجاورة بعدها انطلقت وحدات الجيش إلى محافظة إدلب التي عاث المسلحون فيها دماراً وتخريباً في معظم مناطقها وتم القضاء عليهم وعاد المهجرون إلى ديارهم الذين فروا من بطش وجور هؤلاء الإرهابيون، ولا تزال وحدات الجيش تلاحق فلولهم في جبل الزاوية وعلى الحدود التركية.
بشكل عام نستطيع أن نقول الآن إن الوضع الأمني ضمن البلاد أصبح أكثر أماناً وممسوكاً بشكل جيد من السلطات المختصة رغم وجود بعض الخلايا المسلحة في بعض القرى والمتوارية عن الأنظار.
يبقى السؤال الآن من أين أتى ويأتي هذا السلاح الهائل إلى هؤلاء الإرهابيين؟ ومن أين جاؤوا؟ وما نوعية الأسلحة المستخدمة؟
إن الحدود الدولية مع سورية كافة بدءاً من تركيا إلى لبنان والأردن والعراق هي مسرح لدخول المسلحين والأسلحة المتنوعة إلى داخل سورية قبل الأحداث وبعدها، فالمؤامرة تحاك ضد سورية من زمن وعيون بعض الجهات الأمنية والمراكز الحدودية كانت نائمة وربما بعضها تعامل مع المتآمرين، ولا شك أيضاً أن ضبط الحدود ليس بالأمر السهل كما سيظن فهذه الحدود قد يصل طولها إلى آلاف الكيلو مترات.
أما مصادر هذه الأسلحة فهي متعددة فمنها عربية ومنها غربية وحتى إسرائيلية.
إضافة إلى تجار السلاح في المنطقة، يتم إدخالها إلى سورية من الدول المجاورة (تركيا ـ لبنان ـ الأردن ـ العراق) عبر المنافذ الحدودية أحياناً وبشكل مموه في آليات جهزت لهذا الخصوص أو عبر منافذ غير نظامية سربت بوساطة الأشخاص أو على الدراجات النارية وعلى الدواب أحياناً... وقد تم ضبط أعداد هائلة من هذه الأسلحة في مناطق متعددة من سورية.
بقي أن نعرف نوعية هذه الأسلحة والذخائر والأعتدة الحربية الأخرى المستخدمة، تبدأ بالمسدسات مختلفة الأعيرة والأنواع إلى البنادق الآلية الروسية والأميركية والقناصات المزودة بمناظير والبامباكشن إلى الرشاشات الخفيفة والمتوسطة ومدافع الهاون مختلفة الأعيرة والبازركا والآربي جي وقاذفات الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات المحمولة على الكتف، قنابل دفاعية وهجومية متنوعة، ألغام فردية ومضادة للدروع، عبوات ناسفة مختلفة الأحجام والأوزان.
أما ما يثير الدهشة دخول أسلحة إسرائيلية الصنع كالبارودة عوزي والرشاشات والقنابل اليدوية. أما الذخائر فكانت بكميات كبيرة جداً ولكل أنواع الأسلحة من الطلقات مختلفة الأعيرة إلى قذائف الهاون والقذائف المضادة للدروع والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات.
أما الأعتدة الحربية الأخرى فتنوعت ومنها ماهو متطور جداً ولم يسبق استخدامه سابقاً، فهناك أجهزة اتصال حديثة وبخاصة جداً تعمل عبر الأقمار الصناعية وغير متوفرة في الأسواق، وأجهزة تنصت واستطلاع ومناظير ليلية وهواتف نقالة فريدة من نوعها كالثريا، إضافة إلى أقنعة الغاز والألبسة العسكرية المشابهة للباس الجيش السوري ومختلف رتب الضباط، كما تم تزويدهم بمشاف ميدانية كاملة مع الأدوية اللازمة في كل منطقة.
بقي أن نتعرف إلى هوية العناصر المسلحة التي تشكل قوام المجموعات الإرهابية داخل القطر وخارجه، فالقسم الأكبر منهم هو من الجنسية السورية الذين تم تسليحهم وتدريبهم في سورية أو خارجها وتم توزيعهم على مجموعات صغيرة وتكليفهم مهام قتالية وتخريبية في مناطق حضورهم، أما القسم الآخر فهو من جنسيات مختلفة عربية وغير عربية كما أسلفنا سابقاً وهم عناصر مدربة ولها خبرات قتالية سابقة تم تمويلها وتسليحها في الخارج وقد تسللت إلى الداخل السوري من عدة اتجاهات دولية وتقوم بأعمال العنف بشتى أنواعه وأشكاله حيثما وجدت، إضافة إلى هؤلاء المسلحين داخل سورية هناك أعداد كبيرة تتجمع على الحدود التركية واللبنانية وغيرها تتدرب على أيدي مدربين أجانب وتتهيأ للعبور إلى الداخل وهم أيضاً من جنسيات مختلفة وعلى رأسهم عناصر ما يسمى الجيش الحر.
أخيراً يجب التنويه أن عناصر من تنظيم القاعدة تسللت إلى سورية عبر الحدود العراقية واللبنانية لتشارك في أعمال العنف والإبادة الجماعية من خلال السيارات المفخخة والانتحاريين التي يفجرونها ضمن أحياء المدن السورية أما الذراع الرئيسية لهذه الحرب فهي حلف الناتو الذي لم يشارك بعد في الأعمال القتالية الجارية في سورية ولكنه على أهبة الاستعداد للتدخل العسكري إذا لزم الأمر وعند تهيؤ الظروف المناسبة لذلك وقد أعد خططه مسبقاً بانتظار إشارة البدء.
اعتمد المخطط الغربي لتدمير سورية واحتلالها على الإرهاب والإعلام طريقاً لمواصلة حربه القذرة تلك فلجأ من ضمن وسائله الخبيثة إلى الإعلام خصوصاً فكان هناك خط تزويري فتنوي من خلال إعلامه المشبوه للتحريض والتعمية على الحقائق دون أدنى اعتبار للموضوعية ولقواعد القانون والأخلاق وخط قمعي إقصائي يتمثل بمحاولة خنق الإعلام الوطني السوري لمنعه من إيصال الحقائق للشعب لتسهيل إسقاط مناعته ولمنع تحصينه أمام العدوان الإعلامي المعادي.
ونستعرض بعض هذه الوسائل الإعلامية التي تشارك في الحرب على سورية وتساهم في سفك الدم السوري.
وعلى سبيل المثال لا الحصر القنوات الفضائية التلفزيونية وهي الأخطر (قناة الجزيرة ـ قناة العربية ـ البي بي سي ـ فرانس 24 ـ أورينت ـ صفا ـ الوصال ـ بردى وعدد من القنوات اللبنانية) إضافة إلى المئات من الأقنية الفضائية العالمية.
هدفها الأساسي إشعال نار الفتنة الطائفية في المجتمع السوري والترويج لها ـ قلب الحقائق على الأرض تزييفها العمل على مبدأ أكذب أكذب حتى يصدقك الناس.
تضخيم بعض التظاهرات المحدودة الداعية إلى إسقاط النظام واختلاق تظاهرات لاوجود لها أصلاً وإدخال شعارات عليها معادية لسورية.
تصوير أفلام (فيديو كليب) لتشويه صورة النظام لاتمت للواقع بصلة.
اختراع شهود عيان مزيفين لدعم أكاذيبهم المفضوحة. المراكز الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك ـ اليوتيوب) ومئات المواقع الإلكترونية المنتشرة في العالم التي عززت نهج الأقنية الفضائية وساعدت على ترويجها وأسهمت في نقل صورة مغايرة للواقع في سورية.
وكالات الأنباء العربية والعالمية معظمها اعتمدت قناة الجزيرة مصدراً لمعلوماتها حول الوضع في سورية فوقع في شركها وحبائلها. الصحف والمجلات المأجورة الصادرة في لبنان والخليج [الفارسي] ودول غربية أخرى تجاوز عددها الألف، قامت بنشر الأكاذيب وتلفيق الوقائع عما يجري في سورية دون أي رادع أخلاقي أو مهني.
يقول أحد الباحثين إن أميركا والناتو ومعهما حكومات السعودية وقطر وتركيا وظفوا مليارات الدولارات وجندوا إمبراطوريات إعلامية كبرى لترويج الأكاذيب وفبركة الأفلام بل واستعادوا أفلاماً وصوراً عن أحداث خارج سورية من أجل تضليل الرأي العام المحلي والغربي والعالمي وتكوين صورة افتراضية معتمة تشوه حقيقة ما يجري في سورية: كما استهدفوا الإعلام الوطني السوري بعقوبات أميركية ثم أوروبية وحركوا مجلس الجامعة العربية ليطلب وقف القنوات الفضائية السورية ثم أوعزوا لإرهابيهم لاقتحام وتدمير الإخبارية السورية وتصفية العاملين فيها في جريمة موصوفة بشعة وغير مسبوقة، لكن كل هذه المؤامرات لم تنل من إرادة الإعلام السوري الوطني وكما يؤكد خبير مرموق فإن الإعلام السوري خطا خطوات جبارة وسريعة في النهوض لمقاومة العدوان وكسب التحدي، فقد أظهر الإعلاميون السوريون ديناميكية عالية في القدرة على التكيف وتميزوا بحس وطني يستحق الاحترام والتقدير... وقدموا ويقدمون دماءهم ويتحدون الخطر في سبيل وطنهم.
ومع ذلك فإن الحرب الإعلامية والنفسية العالمية ما زالت مستمرة وتزداد حقداً وشراسة علها تنال من عزم الشعب السوري ووحدته الوطنية وتثنيه عن المضي وراء قيادته في مسيرة التغيير والإصلاح.
كان لابد للمتآمرين والمخططين لهذه الحرب من استكمال عناصرها ومكوناتها وشل حركة الاقتصاد الوطني لإحكام الطوق حول سورية وإنجاح مخططهم الإجرامي. فالاقتصاد يعتبر من أهم مكونات الدولة فمتى يكن الاقتصاد قوياً تكن الدولة قوية.
بناء على ذلك أعلنت الحرب الاقتصادية على سورية فاتخذت القرارات الجائرة بحقها من الدول المتآمرة بهدف ضرب الاقتصاد السوري وإجهاضه وذلك من خلال فرض حصار اقتصادي عالمي وتطبيق عقوبات اقتصادية وشل حركة التجارة الخارجية.
فأعلنت الولايات المتحدة الأميركية عزمها على تنفيذ تلك الإجراءات علماً بأنها تفرض على سورية مثل هذه العقوبات منذ عدة عقود ثم تبعتها فرنسا وبريطانيا ومعظم الدول الأوروبية ثم أوعزت إلى الدول العربية وتركيا بتطبيق تلك الإجراءات الظالمة.
وهكذا بدأ الضغط على سورية يزداد حدة إضافة لما تعانيه من ضغوط سياسية وعسكرية وإعلامية ظناً منهم أن الاقتصاد سينهار وأن الشعب سيجوع ويثور على قيادته، لكنه خيب أملهم وبقيت سورية صامدة رغم تأثير هذه العقوبات في حركة الاقتصاد في الداخل والخارج ورغم تأثيرها في حياة المواطن ولقمة عيشه وعلى قيمة صرف الليرة السورية. فقوة صمود الاقتصاد الوطني تجاه هذه الحملة المسعورة يأتي من خلال:
الاعتماد على المنتجات الوطنية أساساً والعمل بنظرية الاكتفاء الذاتي.
عدم وجود ديون خارجية على الدولة السورية ذات قيمة تذكر.
إيجاد أسواق تجارية بديلة مثل إيران ـ العراق ـ روسيا وغيرهم.
وجود رصيد احتياطي كبير من العملات الصعبة تفي باحتياجات الدولة.
تضامن الشعب مع قيادته لإفشال المؤامرة.
نستطيع أن نقول الآن إن جزءاً من هذا الحصار قد أخفق عندما رفضت بعض الدول العربية وهي المحيطة بسورية مثل لبنان والأردن والعراق الإجراءات الاقتصادية المفروضة على سورية لأن ذلك سيكون له تأثير كبير في اقتصاد هذه الدول، أيضاً إضافة لموقفها المبدئي تجاه دولة شقيقة تتعرض لحرب عالمية.
أما تركيا فكان تأثرها بالعقوبات المفروضة على سورية أكثر ضرراً مما أصاب سورية وذلك بسبب الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة السورية مع تركيا في مجال معاهدة التجارة الحرة بين البلدين.
ومع كل ذلك يتعالى السوريون على الجراح ويعضون عليها أمام المشهد الدامي اليومي الذي يراق فيه الدم السوري البريء وتنتهك فيه الأعراض ويقتل فيه الأطفال تفادياً لنار الطائفية التي إن أضرمت فلن تبقي ولن تذر... ومهما اقترفوا من جرائم بحق السوريين وممتلكاتهم التي بنوها طيلة عقود وعهود فلن ينالوا من عزيمة هذا الشعب الأبي الذي صمم أكثر من أي وقت مضى على التصدي للمؤامرة وإسقاطها والإجهاز عليها بدم أبنائه وأحبته لأن ''المنية ولا الدنية'' ثقافة يتناقلها ويحفظها السوريون عن ظهر قلب فعلاً لا قولاً...
وها هي أوراق خزيهم وتآمرهم تتكشف وتتساقط الواحدة تلو الأخرى... وها هي جرائمهم التي يندى لها جبين الإنسانية تحكي عن حريتهم وديمقراطيتهم. ولن تستطيع ''المملكة ولا الأُمَيْرة'' ومشيختهما الوهابية السعودية والحمدية القطرية المارقة ولا دولارات وريالات ودينارات غازهما وبترولهما ولا عربان الخليج كلها ولا الجامعة العربية أن يوقفوا قلب العروبة النابض أبداً... وكما فشلوا في امتطاء صهوة المراقبين العرب الذين أتوا بهم ليكونوا مطية لأحلامهم الشيطانية الخبيثة في تدويل الأزمة السورية فسيفشلون في الانقضاض على سورية من منصة مجلس الأمن الذي ''يتمردغون'' على عتباته وعند أقدام سادتهم لاستصدار قرار أممي يضرب سورية وتدميرها كما فعلوا في ليبيا، حرصاً على مصلحة الشعب السوري كما يتخابثون ويروغون... بسبب أن مجلس الأمن ليس كله أميركا، وليس كله فرنسا، وليس كله بريطانيا، وليس كله ألمانيا، وليس كله أوروبا وحسب... فلازال هناك شرفاء في هذا العالم سيجعلونهم يعودون محملين بالخيبة وسواد الوجوه...
وأخيراً وليس آخر، فسورية أثبتت أنها أقوى من المؤامرة وستخرج منها أكثر قوة. والأكيد أن النتائج لن تقتصر على احتراق أصابع المتآمرين، كبارهم وصغارهم.
فهذه المرة ستطّلع النيران على الأفئدة... في الدوحة المزهوة المغرورة، والرياض المرتجفة المنخورة، وتل أبيب المنكسرة المقهورة، وواشنطن اليائسة المدحورة.
12/5/910 تح علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha