حامد اللامي
المقدمة:ان اختياري لموضوع حقوق الانسان في العراق لما اصبح هذ الوضوع من اهمية بالغة في وقتنا المعاصر وارى ان الكتابة والتوضيح عنه يحتاج الى الكثير من المقالات والبحوث كما يتعطش ويحتاج العراق الى تطبيق عملي لمبادئ حقوق الانسان...لذلك ان موضوع حقوق الانسان في العراق مر بظروف استثنائية قد يختلف عن غيره , فهو البلد الذي نشأت فيه قوانين الحقوق الانسانية منذ حمورابي ومرورا بالدين الاسلامي الحنيف والذي وفر الحاجات الاساسية للانسان ....فبعد ان تخلوا الحكام عن الدافع الديني والانساني , تم تحويل البلد الى لعبة بيد الطغاة والهيمنة على السلطة واقرار القوانين بما تتناسب وتوجهاتهم ومصالحهم السلطوية.فأن انتهاكات حقوق الانسان العراقي في ظل النظام البعثي لاتعد ولاتحصى ولما لحقها في زمن الاحتلال الحديث الذي ادى الى دولة الفوضى ومستنقع الارهاب والجرائم ...لاننسى فبعد المرارة من الاثنين نتج من ذلك المخاض دولة حديثة عهد بالديمقراطية وحقوق الانسان....لذا نرى تطور هذا المبدا في ظرف استثائي في المجتمع العراقي معتمدا على دستوره الجديد والارادة العراقية الحرة.فوضعنا هذ البحث ان اصح التعبيرفي ابواب وعلى النحو التالي: 1ـ حقوق الانسان ونشأته2ـ الانتهاكات في حكم صدام ومابعده3ـ تطور مبدأ حقوق الانسان4ـ الحاجة والمعالجات
1ـ حقوق الانسان ونشأته
ان حقوق الانسان والحريات الاساسية هي حقوق فردية مشتقة من حاجات الانسان وطاقاته ويشكل الدفاع عن حقوق الانسان تقدم اخلاقي وانساني ... فهي نشأت منذ الخلق الاول وتطورت مع تطور الحضارة فلا يوجد احد يجزم ببداية فكرة حقوق الانسان ولها تاريخ في الصين والهند والتي تم تناولها عبر فلسفة الاخلاق واحترام حقوق الاخرين .اما في العراق حضارة وادي الرافدين فقد وثقت اقدم قانون مدون في تأريخ البشرية والمتمثل بشريعة حمورابي اشهر ملوك بابل الفين عام قبل الميلاد حيث يقول ( ان حمورابي ملك القانون واياي وهبني اله الشمس القوانين ) وهنا يؤكد ان هذه المدونة تتضمن مجموعة من التقاليد القانونية ترجع الى عهد اقدم من التـأريخ الذي وضعت فيه , حيث حرصت شريعة حمورابي على توفير الحماية لكل مواطني الشعب البابلي , وركزت على السرقة والزراعة واتلاف الممتلكات وحقوق المرأة وحقوق الاطفال وحقوق العبيد وغيرها .وكذالك نجد لفكرة حقوق الانسان اساسا متينا في جوهر الدين الاسلامي حيث اسست الشريعة الاسلامية مرجعية قانونية وشرعية لحقوق الانسان من خلال نصوص القرءان الكريم وسنة النبي محمد (ص) حيث قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه المجيد(ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )وما اكده الرسول الاكرم (ص) (ايها الناس , ان ربكم واحد وان اباكم واحد , كلكم لادم وادم من تراب , ان اكرمكم عند الله اتقاكم , ليس لعربي على اعجمي , ولا لأعجمي على عربي , ولا احمر على ابيض ولا ابيض على احمر فضل, الا بالتقوى , الا هل بغت؟ اللهم فاشهد.ان الشريعة الاسلامية قررت للمسلمين حقوقا للافراد والمجتمع بما يصون كرامة الانسان ويكفل حقوقه وحرياته بمافيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .كما اقر الاسلام حق المساوات والعدالة وعدم ممارسة السلطة التعسفية والحماية من التعذيب حيث اتخذت تلك النصوص التي لاتحصى لحماية حقوق الانسان على انها اوامر تشريعية وضمان تنفيذها .لذلك ان الشريعة الاسلامية صالحة لكل زمان ومكان لانها تهدف الى توفير الحاجات الاساسية للانسان في حفظ العقل والنفس والدين والنسل والمال وتحقيق العدالة التي امر بها الله سبحانه وتعالى .لكن بعد زوال الدافع الديني والاخلاقي والانساني من حكام الدول الاسلامية وانتشار اساليب القمع والاستبداد والقمع وانتهاكات حقوق الانسان حيث تحول الحكام الى مالكين للسلطة واقرار القوانين حسب رغباتهم وبما يخدم مصالحهم السلطوية وعدم مراعات انتهاكات حقوق الانسان.
2ـ الانتهاكات في حكم صدام ومابعدهان نظام صدام حسين وطيلة فترة حكمه, اعتبر الكلام عن حقوق الانسان في العراق انما هو من صنع الاجنبي ,ومؤامرة كبرى وتدخل في الشؤون الداخلية ومساس بالسيادة العراقية , فبهذه العبارات حرم صدام الشعب من ممارسة حقه ... بل وضع القوانين التي تنتهك حقه من التعذيب المستمر من قبل ذلك النظام الاستبدادي في انتهاكات حقوق الانسان من القمع والاضطهاد يعززه عبر التمييز والارهاب بكثرة الاعدامات ,واعتقالات تعسفية واغتيالات سياسية وتنفيذ عقوبات لم يعرف عنها من قبل مثل قطع الاذان واللسان ووشم الجباه وقلع الاضافر ... انتهاكات لاتعد ولاتحصى وبشتى الطرق والاساليب الوحشية اضافة الى قمع الحريات من الفكر والاعلام والتجمع, وتكوين مؤسسات وتجمعات وحتى حركة النقل , ناهيك عن التهجير الجماعي والاستيلاء على املاك المهجرين وممتلكاتهم واسقاط الجنسية العراقية , ولاننسى الفاجعة الكبرى في استخدامه المواد الكيمياوية السامة في ضرب الشعب العراقي في الشمال كما حدث في حلبجه.قام بأنشاء دوائر قمعية كثيرة كلها تهدف الى ارهاب الشعب والسيطرة عليه والقبض على السلطة ومنها ميليشيات حزب البعث , شرطة الاجرام, استخبارات عسكرية ومدنية, مخابرات , الشرطة , الامن , فدائيو صدام وغيرها .اما الحديث مابعد صدام وخاصة بداية سنوات الاحتلال فكانت انتهاكات لاتغتفر بحق الشعب العراقي, وانتهاك صريح لمبادئ حقوق الانسان وبمساهمة ماتبقى من المجرمين والقتلة من ازلام النظام السابق , وما خلفه النظام من كوارث اجتماعية وانسانية واقتصادية وانعكاساتها على المجتمع ...كالحروب الداخلية والخارجية واساليب القمع والاضطهاد التي رافقت حكمه .فما خلفه ذلك النظام الدموي من جرائم بحق الانسانية والاحتلال والصراع الطائفي والارهاب كلها شواهد على مخلفات البعث ونظامه .اما الاحتلال فكان دوره منذ اللحظة الاولى هي اشاعة الفوضى وانفلات امني وبمساهمة المجرمين من بقايا النظام وحتى المجرمين من السجناء رافقها فتح الحدود وعدم ضبطها مما سهل دخول الارهابين من القاعدة وغيرها ... فكانت انتهاكات حقوق الانسان العراقي لاتعد ولاتحصى من قبيل تحركات الجيش المحتل وقطع الطرق مع عدم وجود اي قوانين تضبط تحركات الجيوش وطريقة عملها ونفوذها ومارافقه من قتل واعتقالات ومداهمات وسجون بغياب العدالة والقانون... وكان الدور الاكبر للارهابين وبقايا النظام في القتل والاختطاف والسلب والتعذيب والتهجير فجعلها الاحتلال فوضى بمعنى الكلمة .
3ـ تطور مبدأ حقوق الانسان
اخذ الارهاب مأخذا كبيرا من ابناء العراق بنسائه ورجاله باطفاله وشيوخه , مماجعل العراقيين يعتمدون على انفسهم بنسيجهم الاجتماعي والعشائري والديني للتضامن فيما بينهم, لبناء عراق جديد مبني على الاخوة والتسامح ونبذ العنف والاستفادة من المنجزات التي رافقت هذه الازمة وهي اسقاط النظام والتأسيس لدولة ديمقراطية ودستورية... بالرغم من انتشار الفساد في مؤسسات الدولة وماتسسبه في عرقلة استحقاقات المواطن واخذ حقه قانونيا .فبسبب الموروث الاجتماعي وقلة الخبرات وعدم تطبيق الدستور في اوجه معينة مما جعل ضعف تطور مبادئ حقوق الانسان في العراق على الصورة المرجوة مع اعتبارات واهمية بالغة من قبل ابناء العراق بمبادئ حقوق الانسان وموضوعاته وخصوصا الباحثين والدارسين في العديد من فروع العلم , وان ارجاع هذا الاهتمام المتزايد بحقوق الانسان والحريات الاساسية على اعتبارات كثيرة من بينها تنامي الافكار والقيم الديمقراطية سواء على الصعيد الداخلي او العالمي , حيث تطور فكرة الدولة , والدولة والديمقراطية والفصل بين السلطات وتطور منظمات المجتمع المدني كلها عوامل مؤثرة على فكرة ومبادئ حقوق الانسان .فنلاحظ اتفاق دائرة الاهتمام بماهية حقوق الانسان من قبل المنظمات والدراسات الحقوقية والمهنية حتى بعض الاحزاب السياسية لتسليط الضوء على واقع حقوق الانسان والاهتمام به وتطويره ونشر الوعي الاجتماعي .وتعزيزا لتلك التوجهات وقوة الدستور الجديد الصادرفي عام 2005 في المادة 37 الفقرة(أ) :(حرية الانسان كرامة مصونة) وجاء في الفقرة (ب) :(لايجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب امر قضائي ) وكذلك الفقرة (ج) : (يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية ولاعبرة بأي اعتراف انتزع بالاكراه او التهديد او التعذيب) .والقبول بتداول السلطة سلميا وانتشار حرية الرأي وحرية الاحزاب وحرية المجتمع المدني وحرية التظاهر والتجمع وحرية الاعلام والانتخابات ورغم محدوديتها الا انها ساهمت في تطوير وتعزيز مبادئ حقوق الانسان .والذي يرجى منه بناء مجتمع يقوم على اساس الاحترام والمساوات من خلال الاسرة والمؤسسات الاخرى وتاثيراتها النفسية والاجتماعية وبالنتيجة بلورة مجتمع ناجح وانساني .
4ـ الحاجة والمعالجاتمن خلال ماتقدم والحاجة الملحة لابناء العراق في التزام حقوق الانسان منهجا لهم في بناء علاقاتهم الاجتماعية يتطلب المتابعة والاهتمام بالامور التالية:1ـ ضرورة تدريس مبادئ حقوق الانسان على كل المستويات التعليمية والمؤسسات الحكومية والعامة .2ـ نشر وعي حقوق الانسان في المجتمع بصورة عامة.3ـ تأسيس مؤسسات ومراكز حكومية ومجتمع مدني تقوم على عاتقها نشر وعي حقوق الانسان وفضح الانتهاكات التي تحدث في المجتمع ورفضها بواسطة الاعلام والطرق التكنلوجية الحديثة.4ـ تكوين مجتمع ديمقراطي متحضر يقبل الاخر.5ـ نشر روح المساوات بين افراد المجتمع وتعزيزها بالقانون.6ـ توعيه المجتمع العراقي للمطالبة بالمظاهرات او اعتصامات او حملات اعلامية من خلال الدستور العراقي الذي يضمن لهم تلك النشاطات للدفاع عن حقوق الانسان .7ـ جعل مبادئ حقوق الانسان وسيلة للضغط على السلطات لممارسة حقوقهم وتطبيق حقوق الانسان بالافعال على الارض.8ـ بث روح الوطنية والمواطنة والالتزام بالقوانين.9ـ رفض اي تمييز بين ابناء المجتمع العراقي على اساس الدين او المذهب او الطائفة وغيرها وهو ما اكده الدستور العراقي الجديد ._____________________________
المصادر:1. عدنان السعدي ـ الحوار المتمدن.2. عبد الحسين شعبان ـ الحوار المتمدن.3. حسين فاخر علي ـ من بحوث الاكاديمية العربية /الدنمارك4. ويكيبيديا ـ المسوعة الحرة.
https://telegram.me/buratha