عبود مزهر الكرخي
ونكمل ما بدأنا فيه من ناحية موضع بحثنا حيث من المعلوم أن العلم قد وضعه الله في أعلى المراتب والمنزلة وجعلهم الله الأقرب إليه ولهذا جاء قوله تعالى في محكم كتابه {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر : 28] لتكون الشاهد عن قيمة ومنزلة أصحاب العلم والعبادة وحتى يوجد في منظورنا الشيعي الذي يقول (إن النظر في وجه العالم عبادة) وقد أكد مذهبنا على العلم وطلبه فكيف ونحن نناقش في موضوع بحثنا باب مدينة العلم والحكمة الذي منه يؤتى والوحيد الذي قال من الأولين والآخرين ((سلوني قبل أن تفقدوني)) وهو الذي له منقبة لم يرتقي أليها أحد فهو الذي عنده علم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام وذلك مما من الله سبحانه وتعالى به عليه وعلى رسول الله. وروي عن أمامنا(ع) أنه قال بحضرة الأنصار والمهاجرين (وأشار إلى صدره):كيف مليء علماً، لو وجدت له طالباً،سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول(ص)هذا ما زقني رسول الله(ص)زقاً فاسألوني فإن عندي علم الأولين والآخرين.أما والله لو ثنيت لي الوسادة ثم أجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى ينادي كل كتاب بأن علياً قد حكم فيَّ بحكم الله فيً.(1)
فهو ينبوع العلم والإمام العادل الذي بعلمه يتحقق العدل والمساواة بين الرعية وعدم الظلم وهذا ما نلاحظه حتى في الحياة الواقعية فنجد العلماء الحقيقيين تجدهم أقربهم إلى الله سبحانه وتعالى والأيمان به وأغلبهم يؤمنون بقيم الحق والعدالة والأمثلة كثيرة على ذلك منها عالم الرياضيات العالم الانكليزي أرثر ميلر الذي أستسلم نتيجة إطلاعه وعلمه الواسع وإيمانه بأن الإسلام هو الدين الصحيح ويمثل كل القيم والمبادئ العظيمة والخالدة. ومن هنا جاء في فقه مذهبنا على ضرورة وجود الأمام العادل الذي يمتلك كل مواصفات الأعلمية وتقليد العالم الذي يمتلك كل هذه المواصفات من الاجتهاد وغيرها واعتبارها من المسائل المهمة في تشيع الشيعي وتدينه.ولنأتي إلى مسألة وهي من يكنى بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين يجب أن يكون له من المؤهلات التي تبيح له القدرة على ذلك ولنأتي الى الخليفة الثاني عمر ولنأخذ حادثة معينة عندما جاءه رجل في المسجد النبوي وعندما كان خليفة وسأله عن معنى { وَأَبًّا} الواردة في قوله تعالى {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس : 31]. وكان جالس بجمع من المسلمين فلم يستطيع أن يجاوب ، عندها طلب من الجمع الحاضر أن يجاوبه إذا كان احد يعرف . عندها قام احد الصحابة وقال أبا معناها طعام الأنعام لأنه الآية التي بعدها تقول {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس : 32]. وهذه الحادثة التفسير وهذه الحادثة مذكورة في كل كتب أهل السنة والجماعة .فلا أدري كيف يحكم ويفصل خليفة وهو ليس لديه من العلم والفقه الكثير وقول عمر (لولا علي لهلك عمر)(2) .ولناتي الى حديث عمر بن الخطاب وبالنص :حدثنا : عبد الله ، قثنا : عبيد الله القواريري قال : لنا : مؤمل ، قثنا : إبن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن.(3)ونحن نقول هذا القول ليس بدوافع طائفية والتي من المحتمل أتهامي بها ولكن المنطق والعقل والواقع تثبت حقيقة ذلك وهناك مقوله تقول ((حدث العاقل بما بعقل فأن صدق بما لايليق فلا عقل له)) والتي تفترض أعلمية كل من يجلس على سدة الحكم والتي اثبت الوقائع أن كل من جلسوا وصعدوا إلى الحكم سواء من الخلفاء الراشدين أو من حكام بني أمية أو بني العباس لايوجد على أعلميتهم والحوادث كثيرة تثبت وتقول إنهم كانوا يستعينون بأئمتنا المعصومين( سلام الله عليهم أجمعين) في المعضلات والأسئلة وهي لو سردناها لتحتاج إلى كتب ومجلدات. ونقول هذا القول كشاهد على حديثنا.ولنرجع إلى موضوعنا ولندخل في صلب بحثنا.
الأمام علي والعلم :----------------------ولنبدأ بما قاله أخيه ونبيه محمد(ص) ويقول في الأحاديث التالية عن منزلة علي في العلم حيث يقول (ص) :"قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):1 - لفاطمة الزهراء (عليها السلام) -: زوجتك خير أُمّتي، أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأولهم سلماً.2 - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي أُؤتى منه.3 - وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أقضاكم عليٌّ."(4)ولنستزيد من أحاديث نبينا الأكرم حتى نثبت ونقيم الحجة والتي هي كلها من صحاحهم وأسانيدهم حيث يقول (ص) :وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فأُعطي عليٌّ تسعة أجزاء والناس جزءً واحداً.(5)ومن هذه الأحاديث نعرف أن الذي قال عنه هذه الأحاديث هو نبي الرحمة الذي لاينطق عن الهوى بل كله وحي من رب العالمين وإلا فأن كان ما يقوله نبينا محمد(ص) عبث(حاش لله) فإذن الله أيضاً يفعل نفس الشيء في العبث(أستغفر الله) وهذا ما لاتقوم له السماوات والأرض لأنه كل شيء لدى رب العالمين بمقدار وميزان بل وتوجد المئات من الأحاديث التي تبين مكانة أمير المؤمنين(ع) والتي يصر المكابرين من السلفية والنواصب إنكارها نتيجة حقد أموي متوارث ولحد الآن.ولنقف على هذا العلم المتفجر ولندخل محراب باب مدينة العلم والحكمة والذي سوف نورد أمثلة لذلك لا الحصر لأننا لو أردنا أن نحيط به لاحتجنا إلى مجلدات ولا تحيط بهذا المنهل الصافي لعلم الأمام روحي له الفداء .ولندخل عن ماذا يقول عن نفسه ومن ذلك ما ورد عنه في خطبة الافتخار ، رواها الأصبغ بن نباتة قال : خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال في خطبه :" أنا أخو رسول الله ووارث علمه ، ومعدن حكمه : وصاحب سره ، وما أنزل الله حرفا في كتاب من كتبه إلا وقد صار إلي ، وزاد لي علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، أعطيت علم الأنساب والأسباب ، وأعطيت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب ، ومددت بعلم القدر ، وإن ذلك يجري في الأوصياء من بعدي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وهو خير الوارثين. "(6)وإمامنا روحي له الفداء يؤكد على طلب العلم فهو يعرف أن الله سبحانه وتعالى قد ميز الإنسان عن البهيمة ومعرفته بأن الإنسان ميال إلى سبر أغوار المجهول والاكتشاف ورغبة ملحة في طلب العلم ولا فرق في إن تكون حاكماً أو محكوماً أو معتزلاً أو مندمجاً مع المجتمع. وأن كان يفضل الاندماج مع المجتمع ولهذا تجد يخاطب الناس بهذه المقولات العظيمة والخالدة وهي :((ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن يكثر علمك))((إذا أرذل الله عبداً حظر عليه العلم))و (( ولاشرف كالعلم)) و ((لا فقر أشد من الجهل)) و (((لا كنز أنفع من العلم))و ((العلم وراثة كريمة)) و((العلم يحرسك وأنت تحرس المال)) و ((أن طلب العلم أوجب عليك من طلب المال))ومثل هذا التماسك نجده في شخصية علي أنى اتجهنا فهو أن حثك مثلً على طلب المعرفة أنزل نفسه منك بمنزلة الأب من أبنه الذي يريده على هديه ومزاياه.أو منزلة المرء من ذاته.فإذا بصفة النصيحة تنتقي من نصائحه لتترك المجال إلى التعليم بالسيرة والمثل.ويخاطب الحكام والذين ما أكثرهم من حكام عصرنا الآن فيقول روحي له الفداء (( من أفتى الناس بغير علم لعنته الأرض والسماء)) ويصف الحكام المستبدين والقليلي العلم فيقول ((أقل الناس قيمةً أقلهم علماً)) و ((العلم حي وإن كان ميتاً ، والجاهل ميت وإن كان حياً)) و ((هلك خزّان الموال وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر)) (7)وهذا صحيح فكل حاكم مستبد تجده من اقل الناس علماً واكبر دليل حكامنا العرب وفي مقدمتهم الصنم صدام وغيرهم.وهذه الأحاديث التي قالها سيدي ومولاي أمير المؤمنين(ع) هي ليست فقط للكلام(أستغفر الله) ولنستعرض جملة من الحوادث لأمير المؤمنين والتي وكما قلنا لو أردنا إحصائها للتكوّن مجلدات ولكن نأخذ عينة منها على سبيل المثال لا الحصر والتي سوف نوردها وعلى شكل نقاط وكالآتي :
سرعة الحكم والفصل------------------------عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال له: يا أبا الحسن إنك لتعجل في الحكم والفصل للشيء إذا سئلت عنه!قال: فأبرز علي كفه وقال له: كم هذا؟فقال عمر: خمسة، فقال عجلت أبا حفص؟ ,قال: لم يخف علي، فقال علي (عليه السلام): وأنا أسرع فيما لا يخفى عليمن كتاب (الأمام علي من المهد الى اللحد الليلة الثامنة ، ص119)
وَجَنَّةٍ وَالأَرْضُ. عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ-------------------------------كنت عند عمر بن الخطاب إذ أقبل كعب بن الأشرف و مالك بن الصيفي و حي بن أخطب وهم يهود فقالوا إن في كتابكم " وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ [آل عمران : 133] " إذا كان سعة جنة واحدة كسبع سماوات و سبع أرضين فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون ? فقال عمر : لا أعلم , فبينما هم في ذلك إذ دخل علي (عليه السلام) , فقال : في أي شيء أنتم ? , فالتفت اليهودي و ذكر المسألة , فقال (عليه السلام) لهم : خبروني أن النهار إذا أقبل الليل أين يكون و الليل إذا أقبل النهار أين يكون ? , فقال له : في علم الله يكون ,قال علي : كذلك الجنان تكون في علم الله ,فجاء علي (عليه السلام) إلى النبي (صلّى الله عليه وآله ) و أخبره بذلك فنزل ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )).(مناقب آل أبي طالب :ج2: 352)علي (ع) والهندسة-------------------بينا رجلان جالسان في زمن عمر إذ مر بهما عبد مقيّد ، فقال أحدهما : إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا ، وحلف الآخر بخلاف مقاله ، فسئل مولى العبد أن يحل قيده حتى يعرف وزنه ، فأبى فارتفعا إلى عمر فقال لهما : اعتزلا نساءكما ، وبعث إلى علي عليه السلام وسأله عن ذلك ، فدعا بإجانة فأمر الغلام أن يجعل رجله فيها ثم أمر أن يصب الماء حتى غمر القيد والرجل ثم علم في الإجانة علامة وأمره أن يرفع قيده عن ساقه ، فنزل الماء عن العلامة ، فدعا بالحديد فوضعه في الإجانة حتى تراجع الماء إلى موضعه ، ثم أمر أن يوزن الماء ، فوزن فكان وزنه بمثل وزن القيد ، وأخرج القيد فوزن فكان مثل ذلك ، فعجب عمر .(بحار الأنوار:ج40: 165)
لغات الملائكة------------روى سعيد بن طريف عن الصادق و روى أبو إمامة الباهلي كلاهما عن النبي في خبر طويل و اللفظ لأبي إمامة : إن الناس دخلوا على النبي(ص) و هنئوه بمولوده ,ثم قام رجل في وسط الناس , فقال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله رأينا من علي عجبا في هذا اليوم ,قال : و ما رأيتم ? قال : أتيناك لنسلم عليك و نهنيك بمولودك الحسين (عليه السلام) , فحجبنا عنك , و أعلمنا أنه هبط عليك مائة ألف ملك و أربعة و عشرون ألف ملك , فعجبنا من إحصائه و عده الملائكة . فقال النبي(ص) : و أقبل بوجهه إليه متبسما , ما علمك أنه هبط علي مائة و أربعة و عشرون ألف ملك ? ,قال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله , سمعت مائة ألف لغة و أربعة و عشرين ألف لغة , فعلمت أنهم مائة و أربعة و عشرون ألف ملك ,قال : زادك الله علما و حلما يا أبا الحسن. (مناقب آل أبي طالب:ج2: 55)الحجر الأسود--------------1635 - أخبرناه : أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى العدل ، من أصل كتابه ، ثنا : محمد بن صالح الكيليني ، ثنا : محمد بن يحيى بن أبي عمرو العدني ، ثنا : عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري (ر) ، قال : حججنا مع عمر بن الخطاب ، فلما دخل الطواف إستقبل الحجر ، فقال : إني أعلم أنك حجر لا تضر ، ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله (ص) قبلك ما قبلتك ، ثم قبله ، فقال له علي بن أبي طالب : بلى يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع قال : ثم قال : بكتاب الله تبارك وتعالى قال : وأين ذلك من كتاب الله ؟ ، قال : قال الله عز وجل : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى ، خلق الله آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب ، وإنهم العبيد ، وأخذ عهودهم ومواثيقهم ، وكتب ذلك في رق ، وكان لهذا الحجر عينان ولسان ، فقال له : إفتح فاك قال : ففتح فاه فألقمه ذلك الرق وقال : أشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة ، وإني أشهد لسمعت رسول الله (ص) : يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود ، وله لسان ذلق ، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع ، فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن.الحاكم - المستدرك - أول كتاب المناسك -
كلب أم شاة؟--------------روي الشيخ البهائي أن إعرابيا سأل علياً (عليه السلام) فقال : رأيت كلباً وطئ شاة فأولدها ، فما حكم ذلك في الحل؟ ، فقال (ع) : اعتبره في الأكل فأن أكل لحماً فهو كلب ، وأن رأيته يأكل علفاً فهو شاة.فقال الأعرابي : رأيته يأكل هذا ويأكل هذا تارة ، فقال (ع) : أعتبره في الشرب فإن كرع فهو شاة وأن ولغ فهو كلب. فقال الأعرابي : وجدته يلغ تارة ويكرع تارة أخرى.فقال (عليه السلام) : أعتبره في المشي مع الماشية فإن تأخر فهو كلب ، وأن تقدم أو توسط فهو شاة.فقال وجدته هكذا ومرة هكذا.فقال (عليه السلام ): أعتبره في الجلوس فإن برك فهو شاة وإن أقعى فهو كلب. قال وجدته مرة هكذا ومرة هكذا.فقال(عليه السلام): أذبحه فإن كان له كرش فهو شاة، وإن كان له أمعاء فهو كلب.فبهت الأعرابي من علم أمير المؤمنين وصدق من قال ((سلوني قبل أن تفقدوني))(مناقب آل أبي طالب : ج 2 : ص363)
قضاؤه وحكمته، ومناقبه------------------------تزوّج رجل في زمانه (عليه السلام) بامرأتين فولدتا في ليلة مظلمة، فأتت واحدة بصبي والأخرى بأُنثى، فاختصمتا في الصبي إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فأمر كلّ واحدة أن تحلب من لبنها شيئاً ثمّ وزن اللبنيين، فرجح أحدهما، فحكم لصاحبه الراجح بالصبي.فقيل: من أين أخذت هذا؟ قال: من قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء : 11]) فإنَّ الله تعالى قد فضَّل الذكر في كلّ شيء حتّى في غذائه(8).والى هنا اختم بحثي المتواضع وكنت أروم البحث في قضاء الإمام علي(ع) ولكن طول البحث وطلباً للتركيز أردت فقط أن أبحث في هذه المواضيع والتي سوف أكتب في قضاء الإمام روحي في مبحث أخر أن شاء الله أن كان لنا في العمر بقية ولكن قبل أن أنهيه لأذكر لكم هذه الحادثة لأبين عظمة أمير المؤمنين وتبيان مدى زهده وورعه وعدله والتي لايختلف عليها اثنان والتي تجري مع أخيه :عن حُميد بن هلال، أنّ عقيلاً سأل عليّاً(عليه السلام) فقال: أنّي محتاج وفقير.فقال: حتّى يخرج عطائي.فقال له عقيل: بيوت المال بيدك وأنت تسوّفني بعطائك.فقال: أتامرني أن أدفع إليك أموال المسلمين قد ائتمنوني عليها؟! فألحّ عليه، فقال لرجل: خذ بيده وانطلق به إلى الحوانيت، فقل: دقّ الإقفال وخذ مافي الحوانيت.وبعبارة أُخرى: قال له: انطلق فخذ مافي حوانيت الناس.فقال: تريد أن تتخذني سارقاً.قال: وأنت تريد أن تتخذني سارقاً! وأُعطيك أموال الناس؟فقال: لأتين معاوية. قال لخ (ع): أنت وذاك.فأتى معاوية، فأعطاه مائة ألف، ثمَّ قال: اصعد على المنبر فاذكر ما أولاك علي، وما أوليتك.قال: فصعد المنبر، فحمد الله ثمَّ قال: أيّها الناس، إنّي أُخبركم أنّي أردت عليّاً على دينه فاختار دينه عليَّ، وأردت معاوية على دينه فاختارني على دينه.فقال معاوية: هذا الذي تزعم قريش أنّه أحمق!وهذه الحادثة مذكورة في كل كتبهم وأسانيدهم المعتبرة للعامة. ولأسوق لكم ماذا قال أبن أبي الحديد في مقدمته على شرح النهج وما أقول في رجل أقر له اعداؤه وخصومه بالفضل ؟ ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله ؟ فقد علمت أنه استولى بكل حيلة في اطفاء نوره ن والتحريف عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، جميع المنابر وتوعدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ومنعوا من راوية حديث يتضمن له فضيلة أو يرفع له ذكراً ، حتى حضروا(منعوا) أن يسمى أحد بإسمه ، فما زاده ذلك إلا رفهة وسمواً ، وكان كالمسك كلما ستر أنتشر عرفه وكلما كتم تضوع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.وما اقول في رجل تُعزى(تنسب) أليه كل فضيلة ؟وتنتمي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ،فهو رئيس الفضائل وينبوعها وابو عذرها وسابق مضمارها ،ومجلي حلبتها.وكل من بزغ فيها بعده فمنه اخذ ، وله اقتفى ن وعلى مثاله احتذى ...وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية والفضائل النفسية والدينية وجدته أبن جلاها ، وطلاع ثناياها.(9)وأخيراً أقدم بحثي يا سيدي ومولاي أمير المؤمنين الذي هو يصغر أمام عظمتكم في فيض بحر جودك وكرمك وعلمك المتفجر من ينبوع الحكمة والعدالة والعدل وكل القيم العظيمة والتي خصك بها الله سبحانه وتعالى ونهلتها من أخيك وأبن عمك رسول محمد (ص) عسى وبهذه الكلمات المتواضعة أن تكون لي شفيعاً عند الله وأن نسير خلف لواءك لواء الحمد وتدخلنا الجنة والتي قالها لك نبينا الأكرم محمد(ص) في حديثه الشريف ((ياعلي ! أنت وشيعتك الفائزون والعابرون يوم القيامة ))و ((تأتي أنت شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضاباً مقمحين)).فالسلام عليك ياسيدي ومولاي يا أمير المؤمنين يوم ولدت في بيت الله (الكعبة) والسلام عليك يوم تقلدت الإمامة والسلام يوم استشهدت في بيت الله وفي محرابك والسلام عليك يوم تبعث حياً.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.-----------------------------------------------------------------------------------------------------المصادر :1 ـ بحار الأنوار . ج 40 ، ص 135.2 _ رواه الگنجي في كفاية الطالب ص 190.3 ـ سنن أبي داود - الحدود - في المجنون يسرق أو يصيب حداًً - رقم الحديث : ( 3823)الرابط :http://www.sonnaonline.com/Hadith.aspx?HadithID=129626
4 ـ رواه في الاستيعاب ج2 ص 28، والمواقف للايجي ج2 ص 276 وشرح ابن أبي الحديد ج2 ص 235، مطالب السؤول ص 23، تمييز الطيب من الخبيث ص 25، كفاية الشنقيطي ص 46.
5 ـ حلية الاولياء ج1 ص 65، أسنى المطالب ص 14، وللحديث مصادر أُخرى كثيرة مذكورة في إحقاق الحق ج 5 ص 516 - 521 و ج 16 ص 310 - 314.
6 ـ باختصار في عيون الحكم والمواعظ 167 ط دار الحديث للواسطي ‹ هامش ص 258 ›
7 ـ المصدر : الإمام علي صوت العدالة الإنسانية . علي والثورة الفرنسية ن تأليف جورج جرداق . دار ومكتبة صعصعة ، جدّحفص ـ ممكلكة البحرين.http://arab-unity.net/forums/index.php8 ـ روى ذلك العلاّمة الصفوري في «نزهة المجالس» ج2 ص 211 ط القاهرة، ونقلناه من كتاب إحقاق الحق ج 8 ص 81.9 ـ الأمام علي من المهد على اللحد ، للعلامة الخطيب السيد محمد كاظم القزويني .منشورات النور للمطبوعات بيروت ، لبنان. الطبعة الثانية . باب علي والفضائل النفسية ص135
https://telegram.me/buratha