دراسات

دراسة تحليلية تاريخية سياسية اجتماعية لقبسات من رسالات بلاد الرافدين وفريد حضارتها السمحاء ( الجزء الثامن )

4449 05:26:00 2007-01-16

( بقلم : هلال آل فخر الدين )

 مشروع الامام في تطبيق العدالة

ان المشروع الذي اختطه الامام علي (ع) لتطبيق العدالة واقرار المساوات بين الجميع ورفع الحيف عن هذه الشعوب وارجاع حقوقها المهتظمة واشعارها بكرامتها لهو مشروع اساسي متكامل نابع من معاييرالاسلام من تطبيق اسس المساوات على الجميع ومن غير محاباة او تفضيل فئة على اخرى او جماعة على حساب اخرى فهذه الامور مرفوضة في منهج ابن ابي طالب فالناس كلهم عنده سواء من تمتعهم بانسانيتها اولا وثانيا:باستحقاق حقوقهم كاملة وثالثا:الاسلام يساوي بين الجميع ولافرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى

ويذكر المؤرخون ان امرأةً من اهل الذمه من (الموالى) اي غير العرب جاءت الى الامام في خلافته وهو جالس في مسجد الكوفه ، وقالت اني: معوزه فاعطاها برا( طحين الحنطه) ونقودا وجاءته امره اخرى عربيه مسلمه وقالت: نفس قول سابقتها فأعطاها نفس مقدارعطاء السابقه فقامت غاضبه وقالت: يا أمير المؤمنين لقد سويت بيني وبين هذه الذميه وغير العربيه فقال :لها مصارحا وبمنطق العداله !! لقد اطلعت على كتاب الله فلم ارى فرق بين ابناء اسماعيل وابناء اسحاق !! وكلكم لاادم وادم من تراب !!

وانه لم يفرق بين السيد والعبد في العطاء فلكل سواسية كاسنان المشط والكل عباد الله ولافضل ولا تفاضل الا بالعمل الصالح وهو عند الله مذخور وهو الجازى والمثوب عليه ويذكر الكليني في الكافي ج8 ص69 ان احد من الانصار اعترض على الامام لانه ساواه في العطاء مع عبده الذي اعتقه منذ فترة قليلة حيث اعطى الامام كلاهما ثلاثة دنانير فاحتج المولى على هذه المساوات قائلا (ياأمير المؤمنين هذا غلام اعتقته بالامس تجعلني واياه سواء فقال :اني نظرت في كتاب الله فلم اجد لولد اسماعيل على ولد اسحاق فضلا )

فقد اثر الامام على منذو الساعة الاولى لتسنمه مسئولية (الخلافة) في نشر قيم الحرية والمساواة والاخوة والعدالة بين الرعية من غير تميز او تفرقة بين احد وفي اطار الغاء موروث العبودية والعنصرية والطبقيه ..مشددا على توطيد بناء التساوي في المجتمع الانساني المدني المنفتح المتسامح لان منبع الاصل البشري واحد من الاب (ادم) وفي هذا الصدد يؤكد الامام قائلا :(ياأيها الناس ان ادم لم يلدا عبدا ولا امة ان الناس كلهم احرارو فيه ولكن الله خول بعضكم بعضا فمن كان له بلاء فصبر في الخير فلا يمن به على الله عزوجل إلاوقد حضر شيء ونحن مسون فيه بين الاسود والاحمر ) فقد كان الامام ينطلق من السنة النبوية الشريفة في اقامة العدل والتسوية في العطاء بين الجميع واخذ بنهج التغيري الاصلاحي فلافرق عنده بين قرشي او اعجمي فالكل سواسية في الانسانية وان التمايز في الخير والايمان فذاك جزائه عند الله وهو القائل :(لاينتفع عند الله تعالى بالارحام ولا بالولادات وليس الدنيا دار جزاء فلافرق بين هاشمي وعربي وعجمي وحبشي وابن زنجية والكرم والفوز لمن اتقى الله ) لهذا نقمة عليه رؤساءقريش وزعماء قبائل الاعراب لان هذا يتعارض اولا :مع مالفوه سابقا من العطاء الطبقي المميز للسادات والمشايخ وثانيا :انه سوى بين الجميع بين الجميع في العطاء فلافرق بين زعيم كبير وبين فرد وضيع الكل ياخذ نفس العطاء وهذ انسب بدوره على الحقوق الاخرى والواجبات فلكل سواسية كاسنان المشط

مشروع الامام في سياسة العباد

ويصف الامام علي (ع) نفحات نفسه القدسية وسموا مبادئه الاخلاقه في سياسة العباد قائلا:(واعذروا من لاحجة لكم عليه –وهو انا- ألم أعمل فيكم بالثقل الاكبر وأترك فيكم الثقل الاصغر ! قد ركزت فيكم راية الايمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام وألبستكم العافية من عدلي وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي وأريتكم كرائم الاخلاق من نفسي فلا تستعملوا الراي فيما لايدرك قعرالبصر ولاتتغلغل إليه الفكر)

ويؤكد الامام على معاني انسانية رفيعة في الممارسة السياسية والاجتماعية للحاكم يجب التحلي بها اولا :ان يتجنب الحاكم للبرية ليس فقط مكذوب الثناء وزائف المدح بل وكل ما يشعر بالفخر والزهو والعجب ويوكد الامام على ان تكون العلاقات سليمة وموضوعية وشفافة بين القائد والامة من غير بهارج اعلامية وتزلف وملق واطراء مستهجن ويستنكر التكبر والتفاخر وان تكون العلاقة بينهم من غير مصانعة متكلفة او خوف ورهبة واتقاء شر ويطلب من الامة ان لاتكل ولاتمل من النقد الهادف البناء من غي خشية او تكلف ان اخطاء او سهى وفي اروع صور لعلاقة بين الحاكم الرحيم الرؤف العطوف وشعبه الواعي المدرك :(وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر ..فلا تثنوا علي بجميل ثناء ..فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولاتتحفظوا مني بما يتحفظ به عند البادرة ولاتخالطوني بالمصانعة ولاتظنوا بي استثقالا في حق قيل لي فانهمن استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما اثقل عليه فلاتكفوا عن مقالة الحق او مشورة بعدل فاني لست بنفسي بفوق أن أوخطيء ولا امن ذلك من فعلي )..فهذ يظهر بكل جلاء فكر الامام الرائد وايمانه الراسخ فيما يجب ان تتبناه الجماهير في مجال النقد والمحاسبة و فيما يجب ان تفعله الرعية حيال الحاكم حتى وان كان الخليفة امير المؤمنين (الامام علي) فانه قد يخطيء في مسيره لذلك شجع واكد على ان يكون هناك صمام امان يراقب وينقد الحاكم حتى الايتمادى في الاستبداد او الاستاثاروالتسلط على الرعية ..وان الذي يثير دهشتي واستغرابي اني لم اضفر بقول الاحد قادة العالم ولا لاحد من الخلفاء وحكام المسلمين قاطبة لاقديما والاحديثا قولا صريحا واضحا كقول ابن ابي طالب هذا حتى من احتمال (خطاء) الحاكم ..بل الملاحظ في مدرسة السقيفة ان الحاكم الجائر مهما تعسف وارتكب من الفضائع فهو معصوم مبراء من الخطاء وان اخطاء فهو مأجور لانه (اجتهد)وان ارتكب الجرائم وعمل الشنائع

ثانيا:من الابتعاد عن استعمال وسائل العنف والرعب والارهاب والقسوة على الناس جميعا

ثالثا:ان يجانب محابات طائفة على اخرى ا ومن تميز نوع على نوع او تغليب دين على دين وان يشمل الجميع بالحب والعطف والشفافية والتسامح والود في وصيته لمالك الاشتر عندما ولاه مصر: (واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم والالفة لديهم ولا تكن عليهم سبعا ضاريا تغتنم اكلهم فإنهم صنفا :إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) فالامام يرى في الحاكم اولا ان يستشعر قلبه العطف والرحمة على ابناء شعبه جميعا وثانيا : ان يكون الكل في ذلك سواسية ومن دون تفريق او تميز وان يعامل الجميع وفق هذا المنظور الانساني لافرق بين مسلم وغيره

يرى الامام ان تكون اساس العلاقة التي تربط بين الحاكم وشعبه علاقة مبنية على اساس الحقوق والواجبات المتكافئة بين الطارفين ومد جسور الحوار والتكاشف الممتزج بالرفق والمودة والاحسان بعيدا عن الغل والنفور والاستعباد والخوف فهو ينظر نظرة واقعية موضوعية سامية لما يجب ان تكون عليه العلاقة بين الحاكم والشعب من خلال التكافل المتوازن بينهما وليس من منطلق الفوقية الفرعونية او الندية التسلطية قائلا :(من حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافأ في وجوهها ويوجب بعضها بعضا )

رابعا:الملاحظ على الامام علي هو تاكيد ه على التزام الحاكم لمهامه ومسئولياته حيال شعبه و النزول من برجه العاجي الى ساحة الامة والانفتاح عليها للتعرف على احوالها ومشاكلهاعن كثب وسماع شكاواهم وحل مشكلاتها وتلبية طلباتها قائلا(فلاتطولن احتجابك عن الرعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من ضيق وقلة علم )

فتلاحظ الى اي مدى وصل ابن ابي طالب في صيانة وحفظ الحقوق وكان الامام يؤكد هذه المفاهيم ويوصي بها ولاة الاقاليم من معايشة نوازل العباد وحلها والتحسس بالامهم ومعاناتهم

خامسا:ويرى الامام ضرورة الحوار والنقد بين الحاكم والرعية ومواصلة التعاون يؤكد عليها قائلا:( فعليكم بالتناصح في ذلك وحسن التعاون عليه ) ..

سادسا: ويسن الامام قاعدة انسانية في التعامل مع الجمهور من منظور الحب والرفق (على استعمال الامانة والرفق بالرعية ) علماان هذه القاعدة الانسانية (الرفق) بالناس والتعامل معهم (بالمودة )و(الاحسان) هي اعلى مراتب ماوصلت اليه البشرية في التعامل مع رعاياها بعيدا عن المصالح الانتخابية اوفرقعات الدعاية الاعلامية

وما يقرره الامام علي فانه نابع من انفاس روحه العلوية وسمو سيرته المحمدية في تاكيده على اقامة العدل واشاعة الالفة والسلم لكونه هدف وقرة عين الحاكم الصالح قائلا :(وان أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور مودة الرعية وانهم لاتظهر مودتهم الابسلامة صدورهم ..)ومن خلال نفوذ الامام الى مكامن النفوس في تشجع المحسن وتأنيب المسيء ومعاقبة المجرم لابراز الصالح من الطالح حتى تستقيم الاحوال ( فافسح في أمالهم وأوصل في حسن الثناء عليهم وتعديد ما أبلى ذووا البلاء منهم فإن كثرة الذكر الحسن فعالهم تهز الشجاع وتحرض النكال –الجبان- انشاء الله) واشاعة مفاهيم التعددية والتسامح بشكل تحن اليه والى الان البشرية لتطبيقه ..وهذا ما اشرة اليه في المعارضة السياسية واسس التسامح ويؤكد الامام على قائلا(فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب ان يعطيك الله من عفوه وصفحه) ويؤكد الامام على مفهوم (الرفق بالرعية ) و(الاحسان)ان هذه القاعدة الانسانية الرفق بالناس والاحسان اليهم هي اعلى مراتب ماوصلت اليه البشرية في التعامل مع رعاياها وشعوبها ...

وليست مداراه الناس والشفقة بهم مقصوره على المسلمين وحدهم دون سواهم فقد ورد عن الامام علي (ع) انه صاحب رجلا من غير المسلمين-اهل الكتاب- جمعهما طريق مشترك نحو الكوفه وحين وصل الرجل غير المسلم الى نقطه يفترق طريقه بها عن طريق الامام مشى معه الامام هنيئه ليشيعه-اي يوصله- قبل افتراقه عنه فساله الرجل عن سبب ذلك فاجابه الامام (هذا من تمام الصحبه ان يشيع الرجل صاحبه هنيئه اذا فارقه وكذلك امرنا نبينا ) فاسلم الرجل لذلك. تفصيل وسائل الشيعه 12-135

بهذا الاسلوب الخلقي ارفيع- يتعامل قائد الدوله الاسلاميه(خليفة المسلمين ) مع انسان عادي وغير مسلم - من الخلق الرفيع والادب الاسلامي في احترام الجميع (لادميته).

ويلاحظ ان الامام رغم تبنيه المعاير والقيم الانسانية في التعامل الا انه لم غفل من اقامة الحق ووتطبيق العدالة على الجميع فالامام يوصي ولاة الاقاليم الاخذ بهذه الخيارات تبعا لاهلها (سس خيار الناس بالمودة وسفلتهم بالاخافة وامزج العامة رهبة برغبه ) حتى يرتدع المجرم وينقمع الاجرام ويعم السلام

ريادة الامام علي في تشريع مفهوم (التسامح)

في البداية اعتذر عن عدم شرح هذا المفهوم الحضاري الجليل واكتفي بنماذج فقط مما طبقة ابن ابي طالب لهذا المفهوم العظيم قبل ان تتعاطى المجتمعات المتحضرة لنتف منه تسيقها في مجال التبجح والتعالي وبما يخدم سياسيتها بعيدا عن النظرة الواقعية لحقوق الانسان ومفهوم التسامح وهذا ما ساتناوله في حلقات قادمة انشاء الله مع تكرار الاعتذار ومن سعة افاق الامام وسماحته الانسانية العظيمة في تعامله مع الناس كافة بروح السماحة المطلقة والعدالة والمساوات في العيش المشترك حتى تمنى الامام علي ان تصفوا له امورالحكم لكي يقضي بين اهل كل ملة بشريعتهم فقد قال قولة المشهورة :(لو ثنية لي الوسادة لافتية اهل التوراة بتوراتهم واهل الزبور بزبورهم واهل الانجيل بانجيلهم حتى يقول الناس لقد عدل بيننا ابن ابي طالب )

ان منظورالنظريةالاسلامية الكلية للتسامح في اطارها الانساني الواسع ومن خلال التشريعات الاسلامية ومنظومة القوانين الاساسية الاصلاحية التي نادى بها الامام وتبناها وطبقها عمليا والنابعة من مفاهيم ومباديء الرسالة السماوية ومن اسس منهاج الدين الخاتم للرسالات والمبشر بالهدى والرحمة للناس جميعا ..ووفق من خلال وثيقة القوانين الاصلاحية الاساسية التي تبناها الامام في منح الحقوق الانسانية الكاملة واعطاء العهود لابناء الاديان المختلفة بممارسة طقوسهم وعباداتهم بكل حرية والحفاظ على اديرتهم وصوامعهم وكنائسهم وعليهم والدفاع عنهم اسوة بالمسلمين

وكانت الكوفة الحاضرة الشرقية الكبرى لبلاد الاسلام فهي تزخر باطياف من الاثنيات والجاليات والاديان والوانا من الثقافات والمعتقدات والمقالات وقد توافد على الامام احبار اليهود واساقفة النصارى وكهنة المعابد والحكماء والفلاسفة و اصحاب الملل والنحل والاديان المختلفة للمناظرة والجدل والنقاش في اسس العقائد والاديان وفلسفة الخلق والمعاد ...الخ فكان الامام يحاورهم ويناقشهم بالتي هي احسن وبكل احترام ..والرد على اشكالياتهم وشبههم وبكل شفافية وموضوعيةواقناع وهذا ماتزخر به الكتب والمصنفات

يذكر المؤرخون القدامى كالطبري وابن الاثير وغيرهما وكذا يذكر ايضا المستشرق الفرنسي (ماسنيون )في مؤلفه التحقيقي الضخم خطط الكوفة الذي يشير فيه الى العدد الكبير من الاديرة والكنائس والصوامع في الكوفة في خلافه الامام علي (ع) في عاصمته الكوفه حيث كتب عهدا الى النصارى واليهود واهل الاديان الاخرى في الدوله الاسلاميه في ضمان حقوقهم وفي اقامة شعائرهم في بيعهم وصوامعهم وكنائسهم وانهم في حماية الدولة ولا يحق لااحد اكراههم على تغيير معتقداتهم او التعرض لهم بسوء وهم احرار ومصونون وان اديرتهم ومعابدهم وكنائسهم مكفولة ومحفوظة من الهدم والاعتداء .وقد قامت بترجمة هذه الوثيقه الى اللغه الانكليزيه الكنيسه الارمنيه في جلفا في اصفهان في ايران ونشرته .

ويؤكد المفكر والاديب المسيحي جورج جرداق في كتابه ( الامام علي صوة العدالة الانسانية ) ...الذي جاء فيه :(فليس من أساس بوثيقة حقوق الانسان التي نشرتها الامم المتحدة إلا وتجد له مثيلا في دستور ابن ابي طالب ثم تجد دستوره يعلوا ويزيد ..) وهذا يقود الى اسمى ما وصل اليه التطبيق العملي للنظريه الاسلاميه من الاحترام والتعامل والانفتاح والتسامح حيال الاديان ومعتنقيها والاقليات الاخرى في ظل عنفوان الدوله الاسلاميه وقوتها فحسب بل اصبح نبراسا يستضاء به ونهجا يقتدى ومصدرا اساسيا لكل من ينشد ان يحرر دستورا وقانونا يحمي به حقوق الانسان وقيم العدالة ومفهوم التسامح . ..

مفاهيم ضمان حقوق الانسان

هنا لابد ان اشير الى مفاهيم ضمان حقوق الانسان ونموذج من تطبيقاتها وذلك للضرورة الملحة للتعاسة التي تعيشها البشرية وما تقاسيه الانسانية المعذبة اليوم تحت غائلة الشعارات الكاذبة لحقوق الانسان رغم ان الانسان اليوم لاينشد سوى احترام حقوقه المهدورة وكرامته المستباحة وبالخصوص شعبنا العراقي الذبيح المضطهد ..

و رغم كل الفتن والاضطرابات التي حدثة حيال خلافة الامام علي والتي اشعل فتيلها اعداء الانسانية من انصار الجاهلية والهمج الرعاع وما اصدم به الامام من ركام اخطاء سياسات من سبقوه وما قام به من حزمة من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية لكنه لم يغفل جوانب حقوق الانسان حيث كان ماانجزه من ممارسات لحقوق الانسان كان ثورة انسانية تحقق فيها ما اصبح وشما في ذاكرة الامة تتمنى ان يعود وتتفيء في ظل اجوائه كما واصبح منارا يستلهمه الاخرون يهتدون به والسير على اثره ..وارى من الجدير ان اتعرض لذكر فترة معينة قصيرة عاشت الامة كلها نعيمها وشمل عطائها الناس كافة وهي فترة خلافة الامام على في الكوفة التي شملت الناس جميعا رحمة وتسامحا وعدالة ورغم ماتميزة به الدولة من احتضان اجناس واتباع اديان وثقافات مختلفة انصهرت وتمازجة وفي هذا مؤشر له دلالاته ومعانيه وفي مقدمتها تلك الروح عالية والنفس السامية واليد العادلة التي ليس فقط لم تحف ولم تجور بل ولم تحابي او تصانع مع احد على احد ..فقد كان كل افراد الرعية عنده سواسية ويحترمهم الادميتهم وانسانيتهم وهذا ما يحدثنا به التاريخ الاسلامي في اسنى ايامه واروع صوره مما لم تعرفه البشرية طوال تاريخها له مثلا والا ارى انها تستطيع ان تجاريه او تصل اليه مهما تزعمه من دفاع عن حقوق البشر وتطبيق العدالة ..!

فقد سبق الامام علي زمانه سبقا كبيرا من خلال ماسنه من تشريعات حقوق الانسان وتطبيق العدالة وتعامله بها وجسده تطبيقا عمليا على ارض الواقع وعلى يديه شخصيا مع مفردات الناس كافة على اختلاف الوانهم ومللهم وهو قائد ورئيس لاعظم دولة في عصره ..

فما انجزه الامام وشاعه من قيم ومباديء حقوق الانسان وعلى كافة شعوب دولة الاسلام الكبرى قد اثار دهشة وانبهار كافة تلك الشعوب بمالم تسمع به وتألفه من هذا الون من القيم النبيلة والمثل المنيفه من عدم التميز والتفرقة والتنعم بالحرية ..وتبقى هذه القيم والمباديء الانسانية العالية التي غرسها الامام اولا في العراق مصدر اشعاع وانتشار بعد ذلك شرقا وغربا بفضل من اخذ بتعاليم الامام وتربى عليها وكافح من اجل تثبيتها وبثها رغم الاضطهاد والمطاردة من الظلمة واعوانهم ..

حيث نعمة في ظل حكمه كل الامم والشعوب والاقوام بالحرية والامان والمساوات سواء في اجراء شعائرهم طقوسهم ام في تعاملاتهم الاجتماعية وحقوق التملك والمتاجرة والتنقل وادارة الاعمال التجارية والصيرفية والاستثمارية في كافة ارجاء الدولة وبكل حرية وامان

مبادرة الامام في سن الضمان الاجتماعي وتكفل العجزة

ويذكر الشيخ الطوسي المتوفي قبل اكثر من الف سنه في التهذيب 6-292 (مر شيخ مكفوف كبير يسال- يستجدي-فقال امير المؤمنين ما هذا؟ فقالوا ياأمير المؤمنين: نصراني فقال أميرالمؤمنين: تستعملونه حتى اذا كبر وعجز منعتموه انفقوا عليه من بيت المال ). وهذا يعد سبقا تاريخيا لقوانين الضمان الاجتماعي المعمول بها في الدول الغربيه الان .وحيث لم يميز الامام بين المسلم وغير حقوق المسلم في الدوله الاسلاميه.

فقد اثر الامام على منذو الساعة الاولى في تسنمه مسؤلية (الخلافة) في نشر قيم الحرية والمساواة والاخوة والعدالة بين الرعية من غير تميز او تفرقة بين احد وفي اطار الغاء موروث العبودية والعنصرية والطبقيه ..مشددا على توطيد بناء التساوي في المجتمع الانساني المدني المنفتح المتسامح لان منبع الاصل البشري واحد من الاب (ادم) وفي هذا الصدد يؤكد الامام قائلا :(ياأيها الناس ان ادم لم يلدا عبدا ولا امة ان الناس كلهم احرارو فيه ولكن الله خول بعضكم بعضا فمن كان له بلاء فصبر في الخير فلا يمن به على الله عزوجل إلاوقد حضر شيء ونحن مسون فيه بين الاسود والاحمر ) فقد كان الامام ينطلق من السنة النبوية الشريفة في اقامة العدل والتسوية في العطاء بين الجميع واخذ بنهج التغيري الاصلاحي فلافرق عنده بين قرشي او اعجمي فالكل سواسية في الانسانية وان التمايز في الخير والايمان فذاك جزائه عند الله وهو القائل :(لاينتفع عند الله تعالى بالارحام ولا بالولادات وليس الدنيا دار جزاء فلافرق بين هاشمي وعربي وعجمي وحبشي وابن زنجية والكرم والفوز لمن اتقى الله ) لهذا نقمة عليه رؤساءقريش وزعماء قبائل الاعراب لان هذا يتعارض اولا :مع مالفوه سابقا من العطاء الطبقي المميز للسادات والمشايخ وثانيا :انه سوى بين الجميع بين الجميع في العطاء فلافرق بين زعيم كبير وبين فرد وضيع الكل ياخذ نفس العطاء وهذ انسب بدوره على الحقوق الاخرى والواجبات فلكل سواسية كاسنان المشط

هلال آل فخرالدين

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك