دراسات

تنامي فكرة الخلاص وإنهيار جدار الخوف

6843 19:36:00 2011-02-03

بقلم: الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي

توطئة:تتجذر فكرة الخلاص عميقا في ذهنية الافراد والمجتمعات نتيجة لتراكم عوامل القهر والظلم في المجتمعات والمنظومات السياسية والاجتماعية والفكرية التي ابتعدت كثيرا عن مراكز حاجات الامم والشعوب. وهي بالتالي قد أسست لنزعة انسانية وفكرية تدعو الى الانعتاق والخروج من خلف جدران الصمت او التمني. فقد استطاعت الشعوب على الدوام من ان تجد سبيلها في تقويض منظومة الشر حتى وان جاء الامر متأخرا جدا كما في تصور بعض فلاسفة التاريخ.ومنذ ان وضعت دراساتي في نهاية التاريخ: (الحرب العالمية الثالثة)، (إنهيار نظرية الهيمنة وسقوط الحلفاء)، (الجمرة التي ستوقظ الحرب الاخيرة)، (السعودية وإسرائيل أكبر جرائم التاريخ الحديث)، (السقوط وإنهيار امبراطوريات الزيف)، (سقوط الحضارات المزيفة)، (نظرية الانهيار التسلسلي للانظمة الرأسمالية)، (نظرية تسارع حركة التاريخ وتنامي معطيات الحدث)، (سقوط الملكيات القبلية وظهور الجمهوريات الملكية). والدراسات التي سبقتها في السنوات العشرة الاخيرة وليس آخرها هذه الدراسة، وانا اشير ولا اقول (اتوقع) الى التراكم السلبي للفعل التاريخي والسياسي لكل الانظمة العربية بدون استثناء بما فيها العراق قبل صدام وبعده وقد اشرت الى نهاية بعض هذه الانظمة بسبب نهاية العمر الافتراضي لها (السعودية، مصر الاردن تونس، ليبيا والعراق) وبقية سلسلة الانظمة العربية.إن ما حدث في تونس قبل اسابيع من انتفاضة شعبية اطاحت بدكتاتور تونس وما يحدث من فعل جماهيري يمثل انتفاضة كبرى في مصر الثلاثاء (18/كانون الثاني/2011) وحتى هذه اللحظة انما يعكس حقيقة تردي علاقة الحكومات الدكتاتورية بالشعوب وبحث هذه الاخيرة عن طريقة للخلاص. فالتراكم السلبي للسلطة العسكرية في مصر والاستمرار بالحكم وفق قانون الطواريء:

القانون رقم 162 لسنة 1958 او كما هو معروف بـ( قانون الطوارئ) في الجمهورية العربية المصرية. كان جمال عبد الناصر قد أعلن العمل بقانون الطواريء صبيحة يوم النكسة يوم الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967. واستمر خلفه أنور السادات يمارس حكمه انطلاقا من هذا القانون، ولم يقرر رفعه إلا في مايو/ أيار 1980.. لكن هذه الفترة لم تطل لأكثر من 18 شهرا فقط، إذ سرعان ما عاد حسني مبارك الذي تولى الحكم عقب اغتيال السادات في السادس من تشرين الاول / أكتوبر 1981 لفرض الاحكام العسكرية وحالة الطوارئ على البلاد، واستمر العمل بهذا التشريع منذ ان حكم حسني مبارك مصر بعد السادات وحتى الان.مصر على طريق التحرر والتفاعلات الدولية:ففي وقت تحرك الشعب المصري للقضاء على المنظومة الدكتاتورية واستمرار الشباب المصري بالصمود تجاه محاولات السلطة بالتشبث بالورقة الاخيرة عبر محاولات الايحاء بوجود تغيير سياسي داخل منظومة الحزب الحاكم، في ضوء تلك الاحداث تضبط الحكومات العربية انفاسها على ايقاعات التغيير الشعبي والانتفاضات الشعبية المشتعلة هنا وهناك تطالب بسقوط الدكتاتوريات ونهاية الممالك والجمهوريات الملكية على السواء.في ذات الوقت تحبس الولايات المتحدة انفاسها ويعيش اللاتحاد الاوربي حالة من الترقب الشديد، وأما اسرائيل فانها تعيش حالة من القلق خصوصا في امكانية وصول حكومة مستقلة تلبي حاجات الشعب المصري وتعيد النظر في اتفاقية كامب ديفيد او تلغيها تماما مما يعني قطع العلاقات مع اسرتئيل وطرد سفيرها في القاهرة وربما باغلاق السفارة بشكل نهائي.لاشك ان القلق الامريكي كان واضحا في تردد الرئيس الامريكي في التصريح او تقديم ايضاح حول الموقف الرسمي حتى: (إنتقدت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية في إفتتاحيتها في اليوم الاول بيان الخارجية أميركية حول المظاهرات التي خرجت في مصر ، واصفة قيامها برمي ثقل الإدارة الأميركية خلف الرئيس مبارك بـ"الحماقة).عكس هذا التصور الرسمي للرئيس الامريكي والادارة الامريكية تخلفها عن حقيقة الاحداث في الشرق الاوسط حسب تحليل الواشنطن بوست مشيرة الى انها (اي الادارة الامريكية) لم تستطع توقع الاحداث في تونس قبل ايام من سقوط بن علي.غير ان استمرار تطور الاحداث اوجد تغيرا ولو بسيطا في موقف اوباما حيث عكست التصريحات الاخيرة طروحات جديدة للبيت الابيض تبين بدء الادارة الامريكية في تغيير مواقفها ومساندتها للسلطة المصرية ولحكم مبارك ولو من خلال الالتفاف على موقف الجماهير بتعيين عمر سليما نائبا واجراء بعض التعديلات داخل منظومة الحزب الحاكم للحفاظ على الاقل على جسد الحزب للحفاظ على العلاقات مع امريكا واسرائيل بالخصوص كما اردوا في البدء غير ان التطور المتزايد للاحداث جعل الرئيس الامريكي يقرر سحب البساط من تحت ارجل النظام المصري بشكل تدريجي ومن هنا جاءت الدعوة الى تغيير سلمي للسلطة.من جانب آخر فقد دعت صحيفة هآرتس الاسرائيلية دول العالم الى مساندة النظام المصري والمحافظة عليه من الانهيار وذلك خوفا من ان تأتي حكومة تلغي اتفاقية كامب ديفيد وتعيد ترتيب الاوراق بعيدا عن اي علاقة باسرائيل ويقول باراك رافيلد المراسل الدبلوماسي للصحيفة: " إن إسرائيل خاطبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية تدعوها إلى لجم انتقاداتها لنظام مبارك ". ويؤكد:" أن المخاوف الإسرائيلية من انهيار نظام مبارك تصاعدت بعد صدور تصريحات غربية تؤيد مطالب التغيير في مصر".ومن جانب آخر تسائلت صحيفة الاندبيندينت اليوم قائلة على لسان مراسلها روبيرت فيسك: " إلى متى يستطيع مبارك البقاء في السلطة؟؟ ".

خروج نظام مبارك من المعادلة الامريكية الاسرائيلية:كشفت تصريحات اوباما وزيرة خارجيته ان البيت الابيض سحب البساط من تحت اقدام النظام المصري وان مبارك ونظامه قد خرجا من المعادلة الامريكية الاسرائيلية في الصراع العربي الاسرائيلي، وحتى اسرائيل التي حاولت في الايام الاولى من الانتفاضة ان تعيد الحياة للنظام المصري المحتضر قد فشلت واعلنت سقوطه.لا شك ان خروج النظام المصري بهذا الشكل المهين من المعادلة السياسية الدولية قد اشر الى ان النظام الدولي المعاصر يعيش حالة التفكك وان المنظومة العربية القائمة على الاسس الامريكية الاسرائيلية قد دخلت مراحل متاخرة من الاحتضار خاصة الاردن والسعودية التي شكلت مع النظام المصري منظومة التوجه الاسرائيلي التي باتت تعرف في الاروقة الاسرائيلية - الامريكية بدول الاعتدال.من هنا فان مرحلة ما بعد مبارك ونظامة ستمثل تطورا نوعيا في الصراع الدولي، كما ان العالم العربي سيدخل مرحلة التخلي تماما عن اسرائيل وهو تخلي تدريجي تؤسس له الانتفاضات المتتالية في كل الدول العربية حيث تشهد الساحة العربية تحركات في الاردن والسعودية واليمن والجزائر والمغرب وغيرها.كل ذلك يعني تفكك ما تسمى جزافا بمنظومة الاعتدال فالاردن لاتستطيع البقاء مواجهة التحرك الثوري المعادي لاسرائيل والمال السعودي سيذهب هدرا عندما يتم تنتهي منظومة العنف المنظم والارهاب السياسي والمذهبي الذي قادته مصر والاردن والسعودية بسقوط النموذج الارهابي المصري.

الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتيرئيس ومؤسس الاتحاد الشيعي العالمي (أتشيع)dr-albayati50@hotmail.co.ukhttp://al-muammal.blogspot.comالمملكة المتحدة - لندن

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
2011-02-20
اخي الدكتور شريف العراقي هل تدري لماذا استطاعت دماء 300 قتلهم مبارك في ان تتسبب في الاطاحى به في حين لم تتمكن دماء 300 الف في عام 1991 من الاطاحة بصدام؟ السؤال يجب ان يطرح بهذا الشكل/ انا كنت في الانتفاضة وقتها فهل تدري اننا لم نلق اي دعم داخلي او خارجي حتى اهالينا لم يطيقوا احتمالنا كهاربين نلجأ الى بيوتهم ياسيدي لم يملك الشعب العراقي الاصرار الذي ملكه الشعب المصري وانا مازلت احمل في جسدي وروحي ملايين الجراحات من ظلم صدام ومن ظلم الشعب الذي لم يرحمنا نحن المجاهدين؟ وها انت ترى من يحكم الان؟
الدكتور شريف العراقي
2011-02-13
اذا مبارك قتل 300 فصدام قتل 300 الف عام 1991
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك