النجف الاشرف / الاء الشمري
بدا حياته الأدبية والشعرية باكرا فحصد عدة جوائز ، أعلن رفضه لمبادئ حزب البعث الحاكم وتعرض إلى الاعتقال بعد إلقائه قصيدته (ورقة من صندوق الشكاوى)، ساهم في تشكيل المقاومة العراقية في اهوار الجنوب وجبال كردستان ، أقدم النظام البائد على إعدام أخويه الشهيد عباس والشهيد حسن إضافة إلى عمه وأبناء عمومته كما أقدم على اعتقال والدته وتعذيبها لعدة مرات ، تعرض لعدة محاولات لاغتياله من قبل النظام البائد في بيروت وتركيا وإيران ، نال التكريم في البحرين وبيروت ، ومهرجان صور الدولي ، ومهرجان أصيلة في المغرب ، ومهرجان سوسه في تونس ، ومنح درع الثقافة السورية ، وكرم من قبل وزارة الثقافة العراقية ، وزينته مدينة النجف بأرفع وسام تمنحه لأحد من أبنائها ، انه المرشح عن الائتلاف الوطني العراقي في محافظة النجف الاشرف الدكتور جابر الجابري الذي التقاه المركز الإعلامي للبلاغ ليتحاور معه.
وفي ما يأتي نص الحوار:
ما هي البطاقة الشخصية للدكتور جابر الجابري ؟
الدكتور جابر محمد عباس الجابري ، من مواليد النجف الاشرف عام 1958، حصلت على شهادة الماجستير من الجامعة اللبنانية ، وقدمت أطروحتي في الدكتوراه بعنوان (رهاب السلطة في الشعر العراقي)، انتخبت نائبا لرئيس الاتحاد العام للكتاب والصحفيين العراقيين عام 2000 في عمان ، وانتخبت عن التيار الإسلامي في رئاسة المجلس المركزي للمؤتمر الوطني العراقي عام 2001، تسنمت منصب الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة أبان مجلس الحكم ولأربع حكومات متتالية ، ساهمت في انجاز مشروع ثقافة العراق الجديد من خلال مباحثاتي مع المنظمات العالمية التي أعادت الروح إلى المؤسسات الثقافية العراقية ومن أبرزها اختيار النجف عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2012، وبغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013، وعودة العراق إلى معهد العالم العربي واستعادة الآثار المسروقة ، وإدخال سامراء والحضر وآشور إلى لائحة التراث العالمي.
رغم ملاحقة البعث لجابر الجابري وعائلته إلا أننا نلاحظ وجود تعتيم إعلامي للمسيرة الجهادية وتلك الملاحقة فما السبب في ذلك؟
شرف كبير لأسرة جابر الجابري أن تواجه منظمة حزبية تحكم قبضتها على البلد فبالتأكيد هذا واحد من الأوسمة التي اختارها الله لبعض الناس الذين يستحقونها ، فالإمام علي (عليه السلام) يقول: (الجهاد باب من أبواب الجنة منحه الله لخاصة أوليائه) وهذه الخاصية كانت للذين يقفون بوجه الطواغيت والجبابرة ، وكان لدينا أشبه بالإنذار المبكر فقد وعينا سياسيا منذ طفولتنا بحكم أجواء البيت وتربيته وتهذيبه لنا وحكايات التاريخ التي كان الوالد والوالدة ينقلوها لنا من بطولة المجاهدين والشهداء والخارجين على الأنظمة والحكام الطغاة ، هذه الأمور والحكايات كانت تستهوينا بالإضافة إلى الطريقة الانقلابية الدموية التي جاء بها حزب البعث إلى السلطة والتي حصلت في عام 1968 ،صحيح نحن في وقتها كنا أطفال لكننا تنبئنا بحصول جريمة كبرى بحق هذا البلد من خلال النظام الذي جاء باسم حزب البعث فبعد 13 يوم من انقلابهم الأبيض كما أسموّه قاموا بتصفية الأشخاص الذين أوصلوهم إلى القصر الجمهوري ، ثم أن هناك ملف اسود لهذا الحزب عام 1963 وقد قراناه وسمعناه من أشخاص عاصروا تلك الفترة ، فالصورة التي نقلت ألينا كانت مرعبة عن ما فعله حزب البعث وكنا أطفال نتلقفها بسرعة لذلك كانت لدي عقدة من البعث بشكل فطري، بلا وعي، بعقلي الباطن ، ثم ظهرت إلى سلوكي الخارجي من خلال أول قصيدة شعرية ألقيتها في الإعدادية كانت ضد حزب البعث وكان عنوانها (ورقة من صندوق الشكاوى) في عام 1978 أي بعد عشر سنوات من استيلاء البعث على السلطة في العراق ، والله سبحانه وتعالى عندما ألهمنا مقاومة السلطة في البلاد وعدم الخضوع والانحناء والاستسلام أمام مشروعهم لا نريد أن نجعل من هذا الأمر طريق لتحقيق مجد شخصي ولا نريد أن نتحول إلى أبطال جامدة مجرد أن يقول الناس هؤلاء جاهدوا وضحوا، لذلك الناس كانوا لا يعرفون من يقاوم ومن يقف أمام الطغاة وأمام دكتاتورية صدام ، إضافة إلى ذلك كان هناك تعتيم إعلامي هائل بحيث أن الشارع الموازي لشارع بيتنا لم يكن ساكنيه يعرفون ماذا يدور في شارعنا ، وإذا تداول الخبر بين الأشخاص يعدمون بالجملة هم وعوائلهم ، فالخوف والرعب الذي كان يسيطر على الناس جعلهم لا يعرفون أن هناك بطولات ومقاومة وجهاد، فقد كان النظام يمتلك كل وسائل الدعاية والإعلام المضاد وهذا احد أسباب إخماد أنفاس الشعب العراقي.
فالشعب العراقي شعب جبار لكن النظام كان لديه خبرة واسعة حكم أكثر من مرة ووصلوا معه خبراء لسايكلوجية الشعوب وسايكولوجية الشعب العراقي فهم أتوا بقطار أمريكي وحمل معه خبراء كبار للقمع والقسوة في التعامل مع الشعب العراقي وخاصة في المناطق الشيعية كانت السلطة متخذة إجراءات خاصة لمدينة النجف خلافا لبقية المدن والمحافظات وهذا ما جعل المدينة محاصرة دائما.
ما هي الشريحة التي ستركزون عليها من شرائح الشعب العراقي وتجدونها أكثر مظلومية وبحاجة إلى التفاتة؟
نحن من الطبقة الفقيرة المعدومة وليس المعدم اقصد به من الناحية المادية فوالدي كان عالم دين وخطيب والكل يعلم أن هذه الطبقة كانت من الأغنياء لكن الحرمان بمعنى العفة، نحن عائلة عاشت الحرمان والفقر لذلك نحن أكثر الناس شعورا بهذه الطبقة، فانا اعرف كيف يعاني اليتيم لأني شعرت بمرارة اليتم والفقر، واعرف كيف يعاني الفقير واعرف كيف يعاني المحروم لأني ذقت الحرمان ، وأريد أن انتصف لهذه الشريحة بكل ما تستحق ، لان العراق كله موارد وهو بلد ثري لكن هذه الثروة مغتصبة من قبل أيدي حقيرة تسرقها وسأسعى إلى قطع تلك الأيادي لان لي ثائر مزمن معها ولكي لا تغتصب حقوق المحرومين.
ما هي النقطة التي تجدوها أكثر أهمية وأولوية في تحقيقها من برنامج الائتلاف الوطني العراقي ؟
العراق مر بكوارث متعددة وأهمها كوارث الحروب التي دخلها العراق خلفت وراءها ماسي كبيرة قسم منها مرئي واضح لكن ما خفي أعظم هنالك أزمات افتعلها النظام وعمل عليها بدقة على مدى 35 سنة لكي تتفاقم هذه الأزمات وتتوالد وتسبب انشغال دائم للعراقيين ليبقون فاقدين وعيهم بانشغالهم بحلها فهذا الأمر الخطر الذي يحتاج إلى معالجات.
أما أهم أمر فهو نقل الثروة الطبيعية من يد الحكومة إلى يد الشعب فلدينا أكثر من (2800000 برميل نفط) بدون عدادات يخرج إلى النقالات العملاقة ، وان المصادر الأخرى الطبيعية مثل الزئبق الأحمر في العمارة حملت منه شاحنات في حين أن الغرام الواحد يعادل مئات الآلاف من الدولارات والشعب لا يعلم بما يحصل ، وان شاء الله سيتحول برنامج الائتلاف إلى برنامج حكومي تنفيذي وليس شعارات ، اليوم فرضنا على الحكومة المصادقة على الموازنة ونحن لم نصل إلى السلطة بعد ، وفرضنا على السلطة أن تعطي لمناطق الثروات المعدنية دولار واحد لكل برميل نفط ، فما تنتجه البصرة والعمارة يوميا من النفط سيخصص دولار واحد عن كل برميل ليدخل في ميزانية المحافظة وهذا سينعش المحافظات المحرومة ، والمدن السياحية ستفرض ضريبة على كل زائر وهذا سينعش المدن السياحية مثل النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية وإعادة الأعمار فيها ، وكذلك المنافع الاجتماعية التي تعطى للرئاسات العليا في الدولة بمبلغ (16000000 دولار) لكل شخص، فيأخذ هذه الأموال ليعطيها لحزبه أو أي جهة يختارها ، اليوم هذه الأموال ستوزع على ميزانية المحافظات ، والحكومات المحلية أطلقنا لها تخويل صرف نسبة (60%) من مصروفاتها ، وهذا كله نقل للثروة من الحكومة إلى الشعب.
أنت كمثقف وإعلامي ما هي الأمور التي تراها مهمشة في الثقافة والإعلام العراقي وستضع لها حلول تطبق على ارض الواقع؟
أهم شيء المصادقة على قانون حماية الصحفيين ، وقانون الإعلام ، فالإعلام اليوم بلا قانون والموضوع منذ مدة موجود في إدراج مجلس النواب، وبالنسبة للصحفيين فاني طالبت مسبقا بان يحمل الصحفي السلاح إلى أن يسن قانون حماية الصحفيين وتلزم الحكومة بحمايتهم ، فانا أول من طالب بذلك ، فاليوم الأطباء يحملون تراخيص حمل السلاح ومن غير المعقول ألا يحمل الصحفيين والإعلاميين والأدباء السلاح.
لماذا اهتم الشعب العراقي بالسياسة وأهمل الثقافة؟
اعتقد أن الحديث المتداول في الأوساط الشعبية والمجتمعات العراقية اتجه إلى السياسة لكون العراقيين كانوا محرومين من هذا التداول فكان قائد الضرورة وحدة حرية اشتراكية وأجهزة قمعية ولن يستطيع أي احد الاعتراض وقول غير ذلك ، اليوم أصبحت هناك حرية مطلقة حرية المواطن في أن ينتقد حكومته في الشارع وفي سيارة الأجرة وفي كل مكان ، ويتلفظ بما يعجبه بدون حدود أو خوف ، ولكل جديد لذة ويوما ما سيقلل العراقي من اهتمامه الكبير بالسياسة ، فالعراق مهد الحضارات ولدى شعبه موروث ثقافي ينتقل بالجينات من سابع جد أو ثامن جد وهكذا لذلك هذا خزين جمده على جنب ، فقد طرأت على حياة العراقي شيء جديد اسمه سياسة يتدخل بالدستور وبالتصويت وهذا النائب قال كذا ووزير ظهرت عليه تهمة اختلاس فبدا العراقي يتلذذ بالحرية ، وأنا مرتاح جدا لهذا الوضع الحر.
لماذا لم توصل وزارة الثقافة مشروعها الثقافي إلى المواطن؟
وزارة الثقافة ليست الوحيدة المعنية بهذا الموضوع ، فالمثقفين أنفسهم نأوا بأنفسهم عن دورهم السياسي ، وأنا شخصيا لا أجد هناك فاصل بين شيء اسمه سياسة وشيء اسمه ثقافة ، واعتقد أن العملية السياسية إذا لم تكن مع عملية ثقافية فهي عرجاء ، فبعض السياسيين الموجودين حاليا أرادوا أن يمشوا على رجل واحدة وهي السياسة لذلك لم ينجحوا وتلكأت العملية السياسية ، والحمد لله أن الطبقة السياسية في العراق حاليا مطعمة بمثقفين ، فالمشكلة تكمن بشركاء العملية السياسية الذين قفزوا على الغنيمة، حيث أن المحاصصة السياسية جلبت الجهلة والأميين والقتلة والسياسيين الذين جلبوهم يعلمون ذلك لكنهم سعوا إلى هدم العملية السياسية.
محافظة النجف تستعد لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية في العالم عام 2012 ، ما هي مشاريعك المستقبلية لذلك؟
أول همي وأول عملي الذي سأقوم به فيما لو اختارني أهل النجف لأكون ممثلا عنهم ، هو فتح ملف النجف عاصمة الثقافة فهم الآن يفتحوه بخجل ، وهناك بعض القيادات المحسوبة على الشيعة يشعرون بعقدة النقص فبمجرد ما تصل إلى المنصب تنسى مذهبها ودينها وانتمائها على قاعدة صلى وصام لأمر كان يطلبه لما انتهى الأمر لا الطلاب ولا الطالب ومن العيب أن يمثلوا هؤلاء النجف فهم مخجلين ، ونحن نريد أن يكون هنا نجفي في الحكومة المحلية وهناك نجفي في البرلمان.
الناخب العراقي أصبحت لديه ردة فعل سيئة من الأوضاع في العراق ما جعل البعض يؤكدون على عدم الخروج للإدلاء بأصواتهم فما تعليقك؟
توجد تعبئة إعلامية تحرض الناخب الشيعي بالتحديد على عدم الذهاب إلى مراكز الاقتراع ، والقصد من ذلك هو لتعبئة ساحتهم وهم من يذهب إلى الانتخاب والشيعة لا يخرجون ، فيشكلوا بذلك الأغلبية ، فالمواطن مخطئ في امتناعه عن الخروج والدليل أن المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني (دام ظله) كان في كل دورة انتخابية يؤيد الخروج إلى الانتخابات قبل موعد الانتخابات بيومين ، أما في هذه الدورة أيد الخروج إلى الانتخاب منذ أكثر من عشرين يوم قبل يوم الانتخاب ، وهذا دليل واضح على إدراكه لخطورة ما يظنه الناخب في عدم استفادته من الخروج للإدلاء بصوته.
كلمة توجهها للناخب؟
جلوسك في البيت لن يحقق لك ما تصبوا إليه ولا يغير السيئ إلى جيد ، بل إن ذهابك إلى صندوق الاقتراع هو الذي سيغير ما دام التغيير بيدك تحرك ولا تيأس واختر من تريد ، فالستارة ستنسدل عليك والقلم بيدك وبينك وبين الله.
https://telegram.me/buratha