لم تكمل مجالس المحافظات عامها الأوّل، في أوّل عودةٍ لها بعد سباتها الّذي دام 5 أعوام منذ 2019 نتيجة تفكيكها إثر تظاهرات تشرين، لكنّها دخلت بتصدعاتٍ سياسية في بداية مشوارها، لتُثبت من جديد للشارع بأنّ الخصومة معها كانت على صواب، فمجالس المحافظات كانت الخصم الأوّل للمتظاهرين وأوّل من كتب على جدرانها مغلق بأمر الشعب.
بعد حلّ مجالس المحافظات في 2019، وتفرّد الحكومات المحلية بالقرار والساحة السياسية حتى سجلت بعض المحافظات نجاحات قيل أنّها ناجمة من حرية العمل التي تمتعت بها الحكومات المحلية بعد أن كانت رهينة الابتزاز والعرقلة السياسية من مجالس المحافظات، الأمر الّذي فتح النقاش عن مدى لا جدوى مجالس المحافظات ولاحاجة عودتها، لكن القوى السياسية قادت حملة واسعة لترسيخ أهمية وضرورة مجالس المحافظات ليكون تنظيم انتخاباتها وعودتها أحد أبرز أثمان تشكيل الحكومة الحالية.
عودة مجالس المحافظات بعد غياب 5 سنوات كانت اعلانا رسميا لهزيمة تشرين
وعادت مجالس المحافظات، بانتخابات نظمتها الحكومة في كانون الأول/ ديسمبر 2023، وبعد مرور عام واحد فقط على عمر الحكومة الجديدة، وكان ذلك اليوم هو أول عودة لمجالس المحافظات بعد غياب لخمس سنوات، وأول انتخابات محلية منذ 10 سنوات، وكان ذلك اليوم أيضًا بمثابة أول إعلان على هزيمة تظاهرات تشرين ونسف أكبر منجز حققه المتظاهرون، كما يرى المتظاهرون ذاتهم.
مجالس المحافظات تتجاهل اختبار 2019 وتعود لفشل الاداء وتفشي الداء
وبين نقاش لا جدوى مجالس المحافظات، وضرورة عودتها، تقدم مجالس المحافظات اليوم الدرس الأول في أول عام من عمرها، لتثبت مجددًا انتصار الاعتقاد بكونها حلقة زائدة أو لحمة زائدة في جسد النظام السياسي، ولم يخطئ الرأي السياسي باستئصالها في 2019، فالمجالس اليوم عادت وكأنها لم تكن في اختبار بالأمس القريب لتمارس انقلابات سياسية وصراعات في التشكيل والاداء ومدى تفشي الداء الذي لا ينفعه دواء.
6 محافظات غير مستقرة من أصل 15 محافظة
في ديالى وصلاح الدين وذي قار وكركوك والموصل وبغداد حتى، تمارس مجالس المحافظات صخبا سياسيا لم يمارسه حتى المحترفين في العملية السياسية المركزية بالبرلمان واروقة المكاتب السياسية التي تقود النظام، في كركوك لا تزال دعوى الطعن بتشكيل الحكومة المحلية أمام أنظار المحكمة الاتحادية بعد تشكيل الحكومة خلسة في فندق الرشيد، وبنفس الطريقة تمّ تشكيل حكومة ديالى.
استبدال مباغت لرؤساء مجالس وانقلاب على الاتفاقات السياسية
ولم تقتصر مشاكل ديالى على طريقة تشكيل المجلس بل قاد مجلس المحافظة قبل ايام عملية إقالة مباغتة لرئيس المجلس عمر الكروي وتنصيب رئيس جديد بدلا عنه، قبل أن يوقف القضاء الاداري هذه الاجراءات بأمر ولائي لحين النظر بقانونية اقالة الكروي،وفي صلاح الدين، تمت اقالة رئيس مجلس المحافظة ايضًا في الاسبوع الماضي وتنصيب بديل عنه من حزب آخر، وهو ما اعتبره رئيس المجلس انقلابا على الاتفاقات السياسية وقرر اللجوء الى القضاء.
ذي قار.. اعضاء مجالس هاربون و14 سؤالا تنتظر المحافظ
وفي ذي قار، لا تزال أصداء الصراع بين المحافظ ومجلس المحافظة مستمرة، فالمغامرات التي شهدها المجلس غير مسبوقة قادت الى هرب احد اعضاء المجلس بعد اتهامه بقيادة شبكة ابتزاز لتصوير فضيحة للمحافظ ليرد بطريقة عكسية وملاحقة الشبكة واعضاء المجلس باجراءات قانونية، والان يستعد مجلس المحافظة لاستجواب المحافظ حيث ينتظر المحافظ 14 سؤالا مطلوب منه الاجابة عليها امام المجلس.
الموصل.. إنفراد بتغيير شامل لرؤساء وحدات إدارية
والى الموصل.. شهد مجلس المحافظة انفرادا لبعض القوى السياسية المختلفة لقيادة عملية تغيير واسعة بالمناصب المحلية واقالة وتعيين رؤساء وحدات ادارية واقضية مختلفة اعتبرها جزء من الاحزاب الكردية والسنية بأنها "عملية انقلاب" لتغيير المناصب وتوزيعها بين اطراف كردية وشيعية معينة وسنية محددة.
انقلابات مجالس المحافظات مرتبطة بتغير خارطة التحالفات السياسية في بغداد
ووسط هذه الجولة، كانت الأجواء تتصاعد نحو تغييرات محتملة في مجلس محافظة بغداد الا انها تعود لتخفت سريعًا لكن التوقعات تشير الى تغيير مرتقب في رئاسة مجلس المحافظة او المحافظ ذاته.. وعمومًا فإن جميع هذه الاقالات والاستبدالات جاءت مخالفة للاتفاقات السياسية التي شكلت مجالس المحافظات بدايةً، كما ان جميع هذه التغييرات ليست منفصلة عن بعضها، بل مرتبطة بهدف سياسي واحد يرسم في بغداد نتيجة تغير خارطة التحالفات.. وبمشهد عام يقف العزم والسيادة والديمقراطي الكردستاني في جهة.. مقابل الاطار والاتحاد الوطني الكردستاني وتقدم بجهة أخرى وتقود جميع هذه التغييرات في الخارطة السياسية.
https://telegram.me/buratha