عبدالجبار الغراب ||
بالإستراتيجية المناسبة الموضوعة ، وبالدقة العالية المرتبة المرسومة ، وبإختيار المكان للتنفيذ والذي لايمكن أن يتوقعه لا عدو ولا صديق ، وبالخطط المدروسة والمحسوبة لها الف حساب تم إختيار عنصر المفاجأة والمباغته لتبدآ بعدها ساعة الإنطلاق ، ومن كل الجهات والمحاور البرية والجوية والبحرية وبمختلف الأنواع من السلاح التقليدي والادوات والوسائل الممكنة ، انطلقت عملية طوفان الأقصى صباح فجر 7 من اكتوبر حاملين في قلوبهم اعادة لذكرى يوم 6 أكتوبر عام 1973 قبل خمسين عام ، لتخترق قوات المقاومة ورجالها المجاهدين كل المناطق المحتلة التي تم تسميتها بغلاف غزة ، والتي فيها قواعد عسكرية ونقاط أمنية ومعسكرات عديدة للجيش الإسرائيلي وعشرات المستوطنات للغاصبين المحتلين ، وبالمئات من العناصر للمقاومين الفلسطينين لرجال حركة حماس من كتائب القسام ومعهم فصائل من كل المقاومة الفلسطينية تم الإجهاض السريع على كل المعسكرات الإسرائيلية وقتل وجرح المئات منهم وأسر المئات من الجنود الإسرائيلين ، ويستولوا على كمية كبيرة من السلاح ، لينطلق البعض منهم حاملين الأسرى معهم الى داخل القطاع ، ويستمر آخرين متمركزين في اغلب المستوطنات مكبدين العدو خسائر فادحة.
ليشكل يوم السابع من اكتوبر 2023 علاماته الفارقة في تاريخ كل مواجهات الصراع العربي الإسرائيلي بما رفع به الشموخ والاعتزاز والفخر للعرب والمسلمين بما تحقق من انتصار عظيم ، والذي حمل في طياته شواهده الثابتة ومحطاته الخالدة وصناعته الأبداية لكتابة تاريخ عظيم سوف يتم تداوله جيلا بعد جيل وذلك لعظمة الإنتصار والتفوق الأسطوري الذي حققه الشعب الفلسطيني بفعل الكبير والاول من نوعه وعلى مد عقود يتحقق وبهذا الشكل الفضيع للعرب والمسلمين لما صناعته المقاومة الفلسطينية وعلى رآسها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي من هزيمة نكراء وكشفهم لضعف وترهل لجيش تم وصفه بانه لا يقهر وإظهاره بصورة مهزومه جعلهم يطلبوا العون والمساعدة من الأمريكان وعبرة وهم جيش الإحتلال الباسلة حققته المقاومة الفلسطينية في هزيمتها للعدو الصهيوني يومه الخالد لانتصار الشعب الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة على جيش العدو الصهيوني المهزوم وجعله شكلت الضربة القوية التي نجحت فيها كتائب المقاومة الإسلامية في فلسطين وعلى رآسها حركة حماس وضعها الكبير في كشف عورة وترهل وضعف الجيش الصهيوني.
فالذرائع الأمريكية وخلقها للمسميات الموضوعة ودعمها للجماعات الإرهابية مفردات استخدمتها لتحقيق مكاسب وأهداف ، وهي كلها مشهودة عليها بالإحتيال الخبيث للتدخل المباشر وإلحاق الإضرار بهذا البلد او ذاك ، والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة ، فتدخلهم بالعراق بذريعة امتلاك السلاح النووي وافغانستان بسبب طالبان وكلها كان محلها الأكاذيب الباطلة ، ومن هنا تسارع أمريكا في اتخاذ العديد من الإجراءات لمحاولات إنقاذ الكيان الإسرائيلي من ويلات تعرضهم لخسائر كبيرة ومتلاحقة ، وارتباكهم الدائم والسخط الشعبي الموجه لهم من الداخل ، ومخاوف الأمريكان من اقتراب لبداية انهيار وزوال دولة الإحتلال ، فالأمريكان يعلموا ان ما شكلته عملية طوفان الأقصى من نجاحات وتفوق عالي لرجال المقاومة لها دلالاتها الترتيبية القادمة للإسراع في خلق العديد من الوسائل التي تعجل من زوال الكيان الغاصب ، فالنهاية حتمية ووشيكة ولهذا كان لابد من العمل على إرسال الدعم والإسناد والتدخل بالعديد من الطرق لخلق مسارات لعل في ذلك إرجاع جزء من هيبه لجيش الكيان المخذول والمهزوم.
فسيناريو إجتياح غزة هو مطروح والبعض يؤكد ذلك لأسباب ونواحي عديدة ، وقد تتخذه الولايات المتحدة عامل و ذريعه ، والدلائل على ذلك كثيرة فالوجود الامريكي الحالي في سواحل الكيان والقادمة وبسرعة بحاملات الطائرات بإسطولها السادس ووصول العديد من الطائرات المحملة بالسلاح لمطار إسرائيل لدعم جيش العدو وهي صورة أكيدة لعملية قادمة لأخذ قرار إجتياح قطاع غزة ، لانه بعد كل هذه الخسائر والتي تعد الأكبر في تاريخ وبقتلى يتجاوز عددهم ال 800 وبجرحى اكثر من 2600 واسرى بالمئات والأعداد في تزايد وارتفاع بفعل ما تحققه المقاومة من ثبات وتواجد واستمرار في اغلب المواقع والمستوطنات التي استولت عليها في غلاف غزة منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى.
وعلى هذا الشكل الموجود والواقع المفروض يعاني كيان الإحتلال من أوضاع وإرتباك ، فخياراته للرد نفسها في قصفه لقطاع غزة وقتله للمواطنين ، فكيف لهذا الحال ان يستمر وهو بذلك لم يحقق لنفسه شي من إعاده لجزء من كرامته ، لتتضائل عليه عدم القدرة على إستعادة زمام المبادرة من ناحية فشله في تصفية كل المستوطنات من عناصر المقاومة ، ونجاح المقاومين من الدخول والخروج وقتلهم للجنود وأسرهم للآخرين منهم
من هنا فالموقف الأمريكية ينظر ان وجودهم بالقرب من الكيان الإسرائيلي هو إبعاد اي تدخل ومساعدة عسكرية ستكون من إيران او حزب الله ودول محور المقاومة ، وهنا ستترك المجال لجيش الإحتلال للقيام بعملية إجتياح غزة ، وهذا ما يعد فشل في حد ذاته من قبل توقع الإدارة الأمريكية ، لانه كيف يستطيع جيش العدو التقدم داخل القطاع وهو مرتبك ولم يطهر المقاومين المتمركزين في اغلب مواقع داخل غلاف غزة ، أيضاجهله لما تمتلك المقاومة الفلسطينية من وسائل وأدوات قادرة على ضوئها إفشال هذا الإجتياح وإلحاق الهزيمة والعار للعدو ، وإضافه الى ذلك ما لتقدم عليه المقاومة الفلسطينية بقيامها بعملية طوفان الأقصى الا وهي واضعه كل الإحتمالات والسيناريوهات المتوقعة لردود العدو المحتملة بما فيها عملية الإجتياح ، وهنا فإقدام وتهور جيش الإحتلال لأخذ عملية الإجتياح هو مغامرة ستكلفه الخسائر الفضيعة.
واذا نظرنا من جانب ان تتدخل القوات الأمريكية بصورة مباشرة لإسناد جيش الإحتلال بذريعة الدعم والإسناد والتخطيط الإيراني ووقوفهم مع المقاومين الفلسطينين ككذبة واهية هي في الأصل واضحة المعالم والأهداف لسيناريو قديم عفا عليه الزمان وأنكشف وبان لإجرام ومخططات الأمريكان لأجل جعله مبرر لمساعدة الكيان لإجتياح غزة وتنفيذ مخططهم القديم المترتب على إرغام سكان غزة بالنزوح الى سيناء ، وهذا ما تستهدفه طائرات الكيان وبشكل همجي ووحشي وغير مسبوق في قصفهم العشوائي لكل قطاع غزة ، وأيضا ما يتم ملاحظته ما تنشره بعض وسائل الإعلام لمخاطبة السكان في قطاع غزة بإتخاذ اللجوء والمغادرة اسلوب للنجاة ، وهذا من جانب الصهاينة جعله هدف لتدمير كامل القطاع وجعله خالي من السكان وحتى لا يصلح العيش والسكن فيه وهذا ما سيكون فاشلا بالتأكيد لأن دول محور المقاومة يعلمون أنه اذا سكتو وتركو مصير سكان غزة يواجهون المعركة بأنفسهم ستكون العاقبة القادمة وخيمة عليهم ، وهذا أيضا ما يجعل السلطات المصرية في موضع إستخدام رد مباشر سيتطلب الوقوف والإسناد لإفشال مخطط اللجوء والنزوح بإفتعال الصهاينة سوءآ بإستمرار القصف الشديد والهمجي الوحشي العشوائي او اللجوء إلى الإجتياح البري.
فإحتمال النجاح والفشل في حالة تم الإجتياح لقطاع غزة يتوقف على مقدار ما يقدمه الأمريكان لمساعدة الكيان بصورة مباشرة او غير مباشرة وايضا بمقدار الوقوف والإسناد العربي والإسلامي وبالخصوص دول محور المقاومة الإسلامية وصدهم ووقوفهم في وجه الأمريكان والصهاينة ، واذا نظرت أمريكا ان بوجودها العسكري الداعم بصورة غير مباشرة باسطولها البحري والسفن العسكرية العديدة هو تحيد وضغط وإبعاد وإيقاف اي دور لدول محور المقاومة في دعم المقاومة الفلسطينية وترك المجال لجيش الإحتلال لإبادة سكان القطاع وإرتكاب المجازر الفضيعة بحقهم سوءآ بالقصف أو بالإجتياح هي مخطئه في ذلك وهو في الأصل سذاجه أمريكية ، لإن ترك المقاومة الفلسطينية لوحدها لمواجهة الإجتياح او همجية القصف الوحشي العشوائي والذي هو في الأصل مدعوم أمريكيآ وجعله بديل لتحقيق هدف إسرائيلي لإستخدامه سوءآ بشكل تفاوضي او لإنتصار لرد إعتبار جزئي.
والعاقبة للمتقين
https://telegram.me/buratha
